لم يكن فاروق إبراهيم إنسانا عادياً، أو مصوراً تقوده كاميرا، أو صحفياً تفوق بالصدفة، ولكنه كان عبقرية تنطوي علي إنسان اسمه فاروق ابراهيم. هكذا الدنيا تودع من تحب في وقت غررت بك بازدياد حبك لإنسان التفت القلوب حوله، فقد عاش فاروق ابراهيم، كمجموعة تناقضات، وتوليفة مشاعر، لم يرد من الحياة إلا السعادة، وكانت سعادته تكتمل في سعادة الآخرين، وكان مؤمنا بأن العمر لحظة، وأن أعظم تلك اللحظات هو صنع ابتسامة علي شفاه من حولك. فاروق إبراهيم صنع لنفسه فلسفته، لم يكن منظراً، أو أكاديمياً، بل كان أستاذا تعلم في جامعة الحياة، ليرسي مدرسة فاروق إبراهيم الانسانية، قبل أن يضع اسس ومباديء جامعة فاروق إبراهيم عاشق الكاميرا، كبير مصوري أخبار اليوم، ومصر، والعالم العربي، بل الشرق الأوسط، بل إنه عميد المصورين، الذي سعد بامتداد عمره ليري ثورة 52 يناير، وكان في الصفوف الأولي للمصورين، يسجل بعينه ثورة شعب، قاده شبابه، بثورة تصنع المستقبل. سعد فاروق ابراهيم بالثورة، وكان كثير الحديث عن أمنياته أن يمد الله في عمره حتي يري اليوم الذي ينتخب فيه رئيس جمهورية مصر، من خلال انتخابات نزيهة، لا تشوبها شائبة، أو شك، وكان يؤكد ان عينه التي سجلت صورا لرؤساء مصر الثلاثة السابقين، ستكون أكثر سعادة ومتعة حين تسجل لحظة حلف اليمين لرئيس الجمهورية المنتخب بإرادة كاملة للشعب بعيدا عن أي شبهة تزوير. رحمك الله يا عم فاروق لقد ظللت جندياً في ميدان التصوير، حتي الدقائق الأخيرة من عمرك، عفواً ان اقول »جنديا« وانت القائد المتوج، والزعيم لكل من حمل علي كتفه كاميرا، وكل من تجرأ ونظر للحياة من خلف عدستها. تلك هي الدنيا، يملأها غدر لحظة الفراق، ولوعة ومرارة رحيل العزيز، لذا ظلت الدنيا هي الدنيا من التدني، وستظل هكذا، مهما حملت من سعادة زائفة، فهي إلي حين، ولن يبقي للإنسان منها إلا صالح الأعمال، والسيرة العطرة التي يتركها الانسان لكل من عرفوه، وجميع من تناقلوا سيرته لآخرين، اعتمرت حياتهم بمثله وذكراه. لم يكن فاروق ابراهيم قد وجد في هذه الحياة ليصول ويجول فيها كيفما شاء، ولا كما تمني، لتأخذه مؤكدة انه عبقرية انسان أدرك قدراته وسيطر علي تلابيبها، ليكون نجم النجوم، الذي انعم الله عليه بموهبة تفوق بها علي اقرانه، ومنحه مقدرة علي صنع النجوم، سواء كانوا نجوم فن، أو نجوم مجتمع، حتي الرؤساء تألقوا بعدسته، فكان فاروق عبقرية تكمن في عدسة تصوير. رحم الله فاروق ابراهيم، وألهم اسرته واحباءه وزملاءه وتلاميذه الصبر والسلوان، ولتظل ذكراه ومثله واخلاقه المرشد لأجيال قادمة تجد فيه القدوة.