قد تختلف أو تتفق حول زيد أو عبيد من رؤساء ومسئولي الجهاز المصرفي، لكنك أمام شخصية مثل هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري تجد نفسك أمام خط أحمر لا يمكن تجاوزه. هذا الرجل ليس في حاجة الي شهادتي، هو أكبر من هذا.. وتاريخه لا يحتاج الي ترديد، إنه أنصع من قول هنا أو هناك، وسيرته ليست بيضاء فقط بل إنها في قمة النقاء. والقول بغير ذلك هو نوع من الهراء أو ربما عدم المعرفة بمثل هذه الشخصيات التي حافظت علي قوة البنوك المصرية طوال العامين الماضيين رغم الهزة العنيفة والأزمة الطاحنة التي عاني منها الاقتصاد المصري وما يزال. وأنا شخصيا في هذا الصدد سوف أخالف البعض حين يتعرضون لشخص ما بالقول انهم لا يدافعون عن هذا الشخص فهو قادر علي الدفاع عن نفسه. أنا أقولها صراحة انني أدافع عن هشام رامز لكونه مصرفيا مصريا أصيلا وافق علي قبول منصب محافظ البنك المركزي في ظروف بالغة الدقة والصعوبة ولم يهرب من المسئولية. وأقولها مدافعا عنه من الذين ربطوا بدون وجه حق بين القرار الذي أصدره رئيس الجمهورية منذ فترة بحظر التجول في محافظات القناة الثلاث ردا علي احتجاجات عنيفة انطلقت وقتها من بورسعيد في أعقاب الحكم بادانة عدد من أبنائها في قضية المذبحة الشهيرة، وبين الادعاء -زورا- بحظر مماثل فرضه هشام رامز يقضي بعدم تسديد مديونية عملاء البنوك بالجنيه المصري إذا كانت المديونية بالدولار! صديقي سليمان جودة كتب -بحسن نية- في المصري اليوم قائلا انه اذا كنت مدينا لجهة من الجهات بالدولار ثم ذهبت من تلقاء نفسك الي البنك الذي تتعامل معه لتسدد مديونيتك فإن البنك لسبب غير مفهوم وغير معقول يرفض أن يقبل منك قيمة المديونية بالجنيه المصري، الذي هو عملة البلد الوطنية ويصمم علي أن تأتي له بقيمة المديونية بالدولار!.. وقال ان هذا أمر غريب وعجيب حقا ولم يسمع عنه من قبل وزاد الطين بلة بالقول انه »لا يمكن أن تتخيل أن تصل اهانة العملة الوطنية في بنوكنا الي هذا الحد.. وكأننا امام حظر من نوع مختلف فرضه هشام رامز فيما يتعلق بالدولار وسعره«! هذا ما قاله سليمان جودة.. وأنا أقول له -ولغيره- إن هشام رامز لم يقرر حظرا ولا يحزنون فتلك هي القواعد المصرفية المعمول بها في مصر وكل دول العالم، فالذي يقترض بالجنيه يسدد بذات العملة والذي اقترض بالدولار يسدد بنفس الدولار، وهكذا الأمر بالنسبة لليورو والاسترليني! أضف الي ذلك أن البنوك في مصر لا تقرض عميلا بالدولار، إلا بعد التأكد من قدرته علي سداد مديونيته بنفس العملة، وان لم يفعل البنك ذلك فانه يقع في مخاطرة ائتمانية ومخالفة لقواعد أسعار صرف العملات الأجنبية! أما الخطر الأكبر فانه يتمثل في صورة أخري من صور التلاعب والاتجار بالعملة ، حيث يمكن -فرضا- أن يحصل شخص ما علي قرض بالدولار ثم يضارب به في السوق السوداء ثم يطلب تسديده بالجنيه المصري، مثلما الحال فيما حدث قبيل قرار تعويم الجنيه المصري أيام د. عاطف عبيد، ولعل الجميع يعلم حجم الأرباح الحرام التي حققها كبار اللصوص من هذا القرار الذي كان مفاجئا للمصريين ومعلوما للقلة من هؤلاء اللصوص الذين اقترضوا الملايين من الجنيهات المصرية من البنوك واشتروا بها دولارات بأسعار ما قبل التعويم ثم باعوها مرة أخري بأسعار مضاعفة بعد تعويم الجنيه وعادو ليسددوا للبنوك، ما اقترضوه بالجنيه! أنا هنا أدافع عن هشام رامز بعد ما رأيت العجب العجاب من بعض الصحف التي راحت تطرح أسعارا للدولار وأوصلته الي أرقام فلكية غير طبيعية وكأن بعض الصحفيين يتعاملون صراحة مع تجار العملة! بنجاح باهر إجتاز الفريق شفيق إختبار اللهجة الخليجية خلال حديث له أول أمس مع قناة القاهرة والناس .. قالها باقتدار »كييييييف؟!« متساءلا عن الأوضاع في مصر!. انتظروه في حديث قادم يضع »الغترة والعقال « فوق رأسه حتي يرضي عنه خرفان الرومي !.