شهر مارس يحمل بين طياته احتفالات متعددة بالمرأة ودائما ما كنا نشعر نحن النساء بسعادة غامرة عند حلول هذا الشهر الذي نحتفل فيه بعيد الام ويوم المرأة المصرية ويوم المرأة العالمي.. ولكن يأتي شهر مارس هذا العام حاملا تخوفات عديدة للمرأة المصرية. ان المناخ العام الذي تعيشه مصر الآن يجعل المرأة المصرية تعيش حالة من القلق علي حقوقها وعلي ما اكتسبته خلال ما يقرب من مائة عام منذ حركة تحرر المرأة المصرية وحتي الآن والتي نالت خلال مسيرتها العديد من حقوقها الاسرية والقانونية، والآن نجد ان هناك من ينادي بإلغاء بعض أو أكثر تلك الحقوق بدعوي انها تتعارض مع الشريعة أو انها دخيلة علي المجتمع المصري وعاداته وتقاليده، ويجب ان يتم التخلص منها فورا، وتعالت الاصوات ونادت بإلغاء بعض تلك القوانين التي اكتسبتها المرأة وخاصة قانون الاحوال الشخصية، وقانون الخلع، وغيرهما من القوانين التي اكتسبتها المرأة علي مر العصور، بل زاد من حجم القلق للمرأة المصرية ما يحدث الآن في الشارع المصري وهو زيادة جرائم التحرش التي تواجهها المرأة المصرية والتي يصاحبها في بعض الاحيان عنف متعمد لادخال الرعب والخوف في قلوب النساء.. والمصيبة ان بعض تلك الجرائم تتم في وضح النهار وأحيانا كثيرة يتم اختطاف فتاة او التحرش بها وسط جموع من المواطنين، ولا نجد من يساعدهن، وكأن من يقوم بذلك عصابات منظمة لا يستطيع أحد الوقوف امامها.. ولا نجد الشرطة التي كانت تدخل الرعب في قلوب البلطجية من قبل وتمنع حدوث كوارث عديدة. إن تلك الجرائم، وخاصة التحرش والعنف لا يمكن السكوت عليها ويجب ان تقوم الداخلية بدورها المطلوب في تلك الايام لاستعادة الطمأنينة للمرأة والفتاة المصرية. وعودة مرة أخري الي شهر مارس والاحتفالات التي كانت تتم خلاله لتدخل البهجة والسعادة في قلوب الامهات المصريات بصفة خاصة وكل النساء بصفة عامة، وكنا جميعا نتفاءل في هذا الشهر، فهو ايضا بداية الربيع الذي يدخل البهجة علي الجميع. ولكن للأسف.. أتي شهر مارس.. ومرت الاحتفالات بيوم المرأة وعيد الام، وكأننا في حالة حزن، وليست فرحة، فالوضع العام في مصر لا يدخل البهجة او الفرحة الي قلب احد، فالصراعات والقتل والعنف في كل مكان من ارض الوطن الحبيب، وغابت الشرطة وأصبح قانون الغاب يحكمنا، وأصبح الجميع يأخذ حقه بيديه، فإذا غاب العقل والحكمة، وغابت الحماية والأمان خرج العنف ليحكم ويتحكم. وأصبح العنف والتحرش بصورة كبيرة وكأنه تحد للمرأة المصرية أو رسالة لها، لتخويفها، حتي لا تشارك في العمل العام أو تخرج الي الشارع، وأن تفكر جديا قبل ان تخوض العمل السياسي أو حتي الاجتماعي.. فهل يرضي ذلك القائمين علي أمور البلاد؟ وهل يمكن ان تقف المرأة مكتوفة الايدي، لا حول لها ولا قوة امام ذلك الطوفان الجارف الذي يأخذ معه الاخضر واليابس والذي يحاول ان يقضي علي كل مكسب للمرأة المصرية وكل تقدم؟. اننا لن نخاف، وسنحاول بكل جهدنا ان نحافظ علي كل مكسب اكتسبناه، وسوف نشارك في الحياة العملية والسياسية، ولن نقف مكتوفي الايدي امام ما يحدث من ارهاب للمرأة والفتاة المصرية. واذا كانت الاحتفالات هذا العام لم تحمل بين طياتها سعادة أو فرحة الا ان 12 مارس الذي يوافق عيد الأم دائما يحمل ذكريات سعيدة عند كل فتاة وامرأة مصرية فهو يحمل حبا لا يمكن ان ينسي او يتلاشي بالازمات وهو حب الام التي تهب لأولادها كل الحب والحنان، فالام لن تنسي ابدا، ودائما ما اشتاق لأمي رحمها الله وإلي حنانها وحبها الذي لا يمكن ان تقف امامه عقبات أو صعاب او حتي ظروف اجتماعية أو اقتصادية..