د. محمد حسن هيكل محمد حسين هيكل قامة أدبية وفكرية كبيرة ، تنوع عطاؤه الأدبي شأن العديد من صناع النهضة في بدايات القرن العشرين بين الفكر والإبداع والعمل بالصحافة، استقرت روايته "زينب" 4191 بوصفها أول رواية عربية، وقد كشف التاريخ الادبي عن روايات اسبق لآخرين ، لكن زينب ظلت بداية المفهوم الحديث للرواية. "ثورة الادب " كتاب لمحمد حسين هيكل اهدته مجلة الدوحة لقرائها هذا الشهر ليمثل جانبا مهما من عطاء كاتبنا الكبير في النقد والتحليل للظواهر الادبية، في الكتاب يقرأ المؤلف آثار خمسين عاما من الكتابة دونما التزام متزمت بفكرة أو مذهب بقدر ما يضع مبادئ ثقافية تنتصر للحرية والحوار وضرورة الاستفادة مما وصل اليه الآخرون ايمانا منه بوحدة الثقافة الانسانية. في اولي صفحات الكتاب يهدي الكاتب الكبير كتابه الي الشباب.. رجاء الغد وأمل المستقبل.. ثم يتبعه بمقدمة يؤكد فيها علي ان الادب في ثورة متصلة ، ثورة توازي الثورة السياسية المتصلة في مسيرها ايضا ثم تقديم بقلم الناقد شعبان يوسف.. الكتاب يطرح في الفصل الاول رسالة شديدة اللهجة لكل من تسول له سلطته وقوته وإرادته ان يقف في وجه القلم وعنوان هذا الفصل دال وحاد"الطغاة وحرية القلم "يكتب هيكل: في عصور الظلمة التي تمر بالأمم آنا بعد آن يعمد الباطشون البغاة الي تقييد حرية القول والكتابة وفي سبيل هذا التقييد يصلون ارباب الاقلام حربا لا رحمة فيها ولا هوادة فمن ارهاق الي سجن الي نفي وتشريد وهم في حربهم هذه يندفعون ضد الكتاب كاشرة انيابهم ، محمرة عيونهم، ويستطرد في هذا الفصل خطورة القلم الذي هز مقاعد العرش، هذه العروش المهتزة اصلا، ويؤكد كاتبنا علي أن الاديب صاحب القلم لابد ان يكون شجاعا وعلي دراية ومعرفة وعلم وثقافة وهذا موضوع الفصل الثاني الذي أكد فيه علي أن الأدب فن جميل غايته تبليغ رسالة ما في الحياة والوجود من حق جميل بواسطة الكلام ويستطرد هيكل علي ضرورة أن يتعرف الأديب بشكل عميق علي ثقافة الآخر حتي يتمكن من مخاطبته، وينتهي هذا الفصل بما يشبه التوجيه لنقل علوم وفلسفة الآخر الي اللغة العربية بشكل واسع حتي تكون لنا مذاهب في العلم والفلسفة والادب تقف الي جانب مذاهب الغرب قديمها وحديثها. وعندما يتطرق هيكل للمقارنة بين الشعر والنثر ينتصر للنثر علي حساب الشعر ويعدد عددا من المعوقات الي يضعها المتكلسون امام تطور هذا الشعر، ويستشهد بفقرة موحية من قاسم أمين يقول فيها: كلما اراد الانسان ان يعبر عن احساس حقيقي رأي بعد طول الجهد وكثرة الكلام انه قال شيئا عاديا اقل مما كان ينتظر، ووجد أن أحسن ما في نفسه بقي فيها مختفيا لتصوير احساس كامل. وعلي هذه الوتيرة يطالب هيكل الأجيال القادمة بتجاوز هذه المعوقات لان الاجيال القديمة غير قادرة علي التطوير والتجديد لأنها أجيال تكلست وتكونت علي فكرة تقليدية وأن السبب في جمود الشعر وقوف بعض الشعراء في وجه كل تجديد. كتاب الدكتور هيكل كما جاء في مقدمته للناقد شعبان يوسف: لا يطرح تزمتا ولا تعصبا لفكرة ما او لمذهب معين بقدر ما هو كتاب ينتصر للحرية الايجابية.. وهذا الكتاب رغم مرور سنوات علي صدوره إلا انه يناسب الحقبة التاريخية الفارقة التي تعيشها البلاد.