سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    عصام العرجاني باحتفالية مجلس القبائل: شكرا للرئيس السيسى على التنمية في سيناء    اللواء عادل العمدة: لولا الشهداء ما استطعنا استرداد الأرض والكرامة    منسق مبادرة المقاطعة: الحملة تشمل الأسماك واللحوم والدواجن بسبب جشع التجار    أخبار الاقتصاد اليوم: تراجع أسعار الذهب.. وتوقف محافظ الكاش عن العمل في هذا التوقيت.. ارتفاع عجز الميزان التجاري الأمريكي    البنتاجون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات    شوبير يحرس مرمي الأهلي أمام مازيمبى    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية (صور)    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    «اِنْتزَعت بعض أحشائه».. استجواب المتهمين في واقعة العثور على جثمان طفل في شقة بشبرا    «ليه موبايلك مش هيقدم الساعة».. سر رفض هاتفك لضبط التوقيت الصيفي تلقائيا    بيان من النيابة العامة في واقعة العثور على جثة طفل داخل شقة بالقليوبية    بحوث ودراسات الإعلام يشارك بمؤتمر «الثقافة الإعلامية من أجل السلام العالمي»    4 أبراج فلكية يحب مواليدها فصل الصيف.. «بينتظرونه بفارغ الصبر»    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    لهذا السبب.. مصطفى خاطر يتذكر الفنان الراحل محمد البطاوي    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان رائداً لابناء الأقاليم : معارك الرافعي مع طه حسين والحكيم وسلامة موسي
عاش طول عمره في الأقاليم وكان يؤمن أنها تفيد الأدباء
نشر في أخبار الأدب يوم 10 - 11 - 2012

حياة الأقاليم تفيد الأدباء بسبب البعد عن ضجيج وصخب العواصم وتوافر الوقت والهدوء الذي يؤدي إلي التمعن والتبصر حتي الوصول إلي درجة التميز والابتكار التي تؤهل للنجاح والشهرة، هذه خبرة قديمة يعرفها المبدعون أنفسهم وكذلك الباحثون والدارسون العاكفون علي قراءة سيرهم الذاتية والإبداعية، ولذلك يسعي كل مبدع فور شعوره بالنجاح والتميز إلي الإقامة بالعاصمة. التي بدورها تستقبل كل من يتألق ويتفوق ، و جرت العادة أنه لا أحد ينقش اسمه في سجلات الأوائل وكشوف الرواد دون النزوح إلي العواصم حيث مركز دائرة المجد والنقطة الفعلية للانطلاق إلي القمة وذيوع الصيت وإلي الشهرة بسبب قرب المسافة المكانية والزمنية بين المبدع وبين القنوات التي يصب فيها إبداعه ليصل وبأقصي سرعة إلي أهم و أكبر قاعدة من قواعد التلقي و يترتب علي ذلك أيضاً التواصل مع مركز قيادة الأمة وحكومتها وبؤرة صنع الأحداث .
الكل كان كذلك ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا قليل من المبدعين منهم الأديب الكبير مصطفي صادق الرافعي . الذي اتسعت شهرته في الأوساط الأدبية و الثقافية رغم عدم زيارته للقاهرة عاصمة موطنه مصر إلا مرات قليلة ، لأن إقامته الدائمة كانت في مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية وهي مدينة بعيدة كل البعد عن العاصمة ، لكن موهبته الأدبية الكبيرة والقائمة علي أسس لغوية رصينة لم تقبل الخضوع لتلك البؤرة الجغرافية المحدودة وتجاوزتها إلي مساحة لا نهائية من فكر ووجدان الإنسانية .
معاركة مع الصحافة
اشتبك الرافعي أدبياً مع فطاحل الأدب من أمثال طه حسين وعباس العقاد وزكي مبارك وسلامة موسي وعبد الله عفيفي ، وكلها أسماء كبيرة يعكس صدامه معها مدي تحيزه للفكر والأدب ويؤكد ثقته الشخصية في موهبته وقدراته الأدبية .
ولد (الرافعي) في بهتيم إحدي قري محافظة القليوبية في يناير عام1880م كانت نشأته دينية قويمة حيث أتم القرآن حفظاً وهو دون العاشرة بفضل رعاية والده الشيخ عبد الرازق سعيد الرافعي الذي كان رجلاً صالحاً سوري الجنسية يعمل رئيساً للمحاكم الشرعية سليل الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .
استهل الرافعي حياته الأدبية عام 1899م بكتابة الشعر و نشره بالصحف والدوريات وكان لم يتجاوز بعد التاسعة عشرة من العمر وبعدها بعدة أعوام أخرج ديوان »النظرات« ثم أخرج أول مؤلفاته الإسلامية في ( إعجاز القرآن ) والبلاغة النبوية وهو كتاب "تاريخ آداب العرب" وتلتها كتبه الرائعة مثل ( تحت راية القرآن ) ، و( وحي القلم ) ، و ( أوراق الورد ) .
وأضاف الرافعي إلي الآداب العربية فناً جديداً من فنون النثر لم يسبقه إليه أحد وهو فن الرسالة الأدبية وذلك بكتبه الثلاثة »رسائل الأحزان« ، و »السحاب الأحمر»، و» أوراق الورد« .
أغلب الظن أن يكون للعوامل الوراثية أكبر الأثر في سيطرة النخوة الدينية والحمية الإسلامية ( العمرية ) علي سلوك الرافعي وأدبه وكتاباته، حيث نزع إلي سلوك جده الخليفة العادل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كما تتضح في عموم كتاباته »تحت راية القرآن« ، و »إعجاز القرآن« ، ومقالاته الكثيرة بعنوان»من وحي القرآن«لدواعيها وظروفها الدينية والأدبية وكذلك كانت معاركه في سبيل الحق وهو ما تميز وعرف به ، حتي كان يهرع إليه زمرة الكتاب والمثقفين لنجدتهم إذا ما اعتدي أحد علي معني أو قيمة من القيم الدينية أو الأصول الأدبية وعجزوا عن صده أو رده .
فذات صباح جاءه البريد برسالة من صديقه الأديب الكبير محمد محمود شاكر يرجوه أن يرد علي مقال منشور بجريدة ( كوكب الشرق ) يفضل فيه صاحبه تعبير (القتل أنفي للقتل) علي قوله تعالي ( ولكم في القصاص حياة ) وبكل غيرة وحزم وجدية كتب الرافعي مقالته في الرد تحت عنوان ( كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة ) وانطلق يدفع هذا الزيغ في العقيدة وهذا الخلل في المنطق بأساليب القابض علي مفاتيح اللغة العربية والعارف بمواطن الإعجاز في القرآن الكريم .
السليقة والإمام
كان الرافعي ضالعاً بالأساليب العربية قادراً علي ردها إلي أصولها وإلي عصورها وجوها النفسي والأدبي كاشفاً للزمان والمكان بوحي السليقة وبحاسة الإلهام، لذلك كشف للناس مواطن الإعجاز وسمو التعبير الدقيق في الآية الكريمة السابقة والذي تقاصر من دونه عقول البشر.. فبعد استهلال بارع جامع مانع استخرج الرافعي من الآية الكريمة ثلاثة عشر وجهاً من وجوه البيان المعجز مؤكداً في آخر الرد، أن هذا يعني إسقاط الكلمة الغريبة والدعوي المستند إليها ثلاث عشرة مرة، ولم تتلق المصادر الأدبية والدينية أي رد أو تعقيب من صاحب المقال أو غيره علي أقوال الرافعي وإنما زادت ثقة أهل الثقافة وأهل الذكر والرأي به وبموهبته ومكانته.
معاركه مع طه حسين
ومن المعارك التي خاضها الرافعي معاركه مع الكاتب والأديب الشهير طه حسين الذي قرأ كتاب »تاريخ آداب العرب« للرافعي وهو ما يزال طالباً للعلم بالأزهر ثم نشر مقالاً بأنه لم يفهم من هذا الكتاب حرفاً واحداً فأسرها الرافعي في نفسه ولم يشفع لطه حسين عنده أنه عاد بعد أربعة عشر عاماً أي عام 1926م وقال عن ذات الكتاب ( الرافعي قد فطن في كتابه لما يمكن أن يكون عليه تأثير القصص وانتحال الشعر عند القدماء ، كما فطن لأشياء أخري قيمة .. ) لأن طه حسين عاود الكرة وهجم مرة أخري ينتقد كتاب الرافعي »رسائل الأحزان« قائلاً ( إن كل جملة في هذا الكتاب تبعث في نفسي شعوراً مؤلما).. وكان الألم الحقيقي هو ما أصاب طه حسين من قلم الرافعي الذي اندفع إلي الثأر وكتب لطه حسين ساخراً يقول ( لقد كتبت الرسائل في ستة وعشرين يوماً فاكتب أنت مثلها في ستة وعشرين شهراً وأنت فارغ لهذا العمل وأنا مشغول بأعمال كثيرة لا تدع لي من النشاط ولا من الوقت إلا قليلاً ، هأنذا أتحداك أن تأتي بمثلها أو بأفضل من مثلها ..) وحمل الرافعي علي عاتقه بعد ذلك عبء نقد كل ما ينشر لطه حسين ولذلك عندما أصدر طه حسين كتابه ( الشعر الجاهلي ) فنده الرافعي كلمة كلمة وفصلاً فصلا ثم جمع كل الفصول في كتاب بعنوان ( تحت راية القرآن ) .
هو والمسرح
المسرح عند الرافعي لم يكن له حضور بارز في المطالعة المبدئية لأعماله ، مجرد تلميحات لم ترصدها بعناية البحوث والدراسات الكثيرة التي اهتمت بإنتاجه الأدبي البديع ، و كانت عبارة عن إعجابه بالمسرحي الإنجليزي العالمي الشهير »وليم شكسبير« الموجود في كتابه وحي القرآن ( ولقد يخطر لي عندما أقرأ بعض المعاني الجميلة لذهن من الأذهان الملهمة كشكسبير .....)
و في موضع آخر من الكتاب نفسه يعلن مصطفي صادق الرافعي إعجابه بمسرحية "محمد" صلي الله عليه وسلم من تأليف : توفيق الحكيم وذلك علي عكس كثير من الآراء المتحفظة في شأن اتجاه المسرح لمعالجة التراث الإسلامي، تلك الآراء التي كانت ولا زالت تعارض بشدة مسألة تشخيص الأنبياء والمرسلين في الأعمال المسرحية ومشتقاتها الدرامية بأنواعها ، وهو ما حال بالطبع ولا زال يحول دون تنفيذ هذا النص المسرحي بعكس أغلب كتابات الحكيم المسرحية التي يعتبر هذا النص المسرحي من أهمها من حيث المستوي الناضج والصياغة المؤثرة لمواقف عظيمة من حياة سيد المرسلين »محمد« صلي الله عليه وسلم وقد أفاض الرافعي في الحديث عن ذلك في كتابه وحي القلم بقوله ( عمل الأستاذ توفيق الحكيم في تصنيف هذا الكتاب أشبه شيء بعمل "كريستوف كولمب" في الكشف عن أمريكا و إظهارها من الدنيا للدنيا ، لم يخلق وجودها ، ولكنه أوجدها في التاريخ البشري وذهب إليها ، فقيل : جاء بها إلي العالم ، وكانت معجزته أنه رآها بالعين في عقله ، ثم وضع بينه وبين الصبر والمعاناة والحذق والعلم حتي انتهي عليها حقيقة ماثلة ، قرأ الأستاذ كتب السيرة وما تناولها من كتب التاريخ والطبقات والحديث والشمائل بقريحة غير قريحة المؤرخ ، وفكرة غير فكرة الفقيه ، وطريقة غير طريقة المحدث ، وخيال غير خيال القاص وعقل غير عقل الزندقة ، وطبيعة غير طبيعة الرأي ، وقصد غير قصد الجدل ، فخلص له الفن الجميل الذي فيها ، إذ قرأها بقريحته الفنية المشبوبة ، وأمرَّها علي إحساسه الشاعر المتوثب ، واستلهمها من التاريخ بهذه القريحة وهذا الإحساس كما هي في طبيعتها السامية متجهة إلي غرضها
الإلهي محققة عجائبها الروحية المعجزة
اختتم الرافعي حديثه عن نص »محمد« صلي الله عليه وسلم بقوله ( وحسب المؤلف أن يقال بعد اليوم في تاريخ الأدب العربي : إن ابن هشام كان أول من هذب السيرة تهذيباً تاريخياً علي نظم التاريخ وأن توفيق الحكيم كان أول من هذبها تهذيباً فنياً علي نسق الفن).
الأداء الدرامي
والمطالع لبلاغة الصياغة وحلاوة العبارة في كلمات أديبنا الكبير مصطفي صادق الرافعي عن المسرح لابد أن يلمح فيها بذور القبول للأداء الدرامي وسهولة في الأداء والإلقاء وقدرة علي التحول من الكتابية إلي الشفهية لذلك لم يكن هناك مجال للدهشة أو عدم التصديق عندما نشرت دورية »جذور« الصادرة عن النادي الأدبي الثقافي بجدة في عددها الثالث والعشرين صفر 1427ه مسرحية مكتشفة من تأليف "مصطفي صادق الرافعي »عثر عليها« مصطفي يعقوب عبد النبي« في بعض دور الكتب المصرية القديمة وكانت عبارة عن كتاب من القطع الصغير مكتوب علي غلافه »رواية حسام الدين الأندلسي« وهي رواية تشخيصية أدبية غرامية حماسية ذات ستة فصول تأليف حضرة الفاضل الشيخ " مصطفي الرافعي »الكاتب بمحكمة مصر الشرعية« وتلك جميعها علامات تتصل بشخصية الرافعي كما نعرفها فهو لم يكمل تعليمه النظامي لظروف الإعاقة السمعية التي أصيب بها في مستهل حياته فلم يكمل تعليمه النظامي ولذلك اضطر إلي العمل بهذه الوظيفة المكتبية البسيطة علي عكس ما كان والده وأعمامه من رواد القضاء في مصر .
ونص (حسام الدين الأندلسي) إذا أخضعناه لمعايير النقد الحالية وجدنا به العديد من الثقوب الدرامية إلا أنه بمقياس زمانه يعتبر تحفة مسرحية نادرة بوحدات القياس التي كانت تنتشر عند طبعه للمرة الأولي عام 1905م حيث لم يكن أحد من فحول المسرح العربي قد تواجد إيجابياً علي سطح المشهد المسرحي وهو ما يشف عن معالم الثقافة المسرحية لصاحبه التي اعتمدت علي الأدب اليوناني في تكوين خلفيتها الدرامية كمنبع رئيسي تواكب مع مطالعة الرافعي لأعمال المسرحي الإنجليزي الأشهر بالعالم (وليم شكسبير) وأثمر ذلك عن إيمان بضرورة وأهمية الدراما للإنسانية وخلو إنجازها من موانع شرعية ولذلك كتب مصطفي صادق الرافعي هذه المحاولة لإيجاد نص مسرحي يتماس مع التراث العربي ملتزماً بالهدف الذي اكتشفت لأجله الدراما وهو الدعوة إلي الأخلاق والعمل الصالح الطيب لأنها تصل بصاحبها في النهاية إلي التقدم والنجاح والفلاح و يدعو إلي نبذ الشرور كالحقد والغل والخيانة.
مع سلامة موسي والعقاد
وتتواصل المعارك الأدبية للرافعي عندما انتقد سلامة موسي المترجم الشهير، ورئيس تحرير مجلة الهلال كتابه (السحاب الأحمر) فكان رد فعل ذلك قول الرافعي (إنه فقاقيع مجلات ، وفي نقده جعل المجلة أشبه بالمدارس الأهلية التي تفتح للتجارة بحجة التعليم فتعطي قليلاً من العلم وتفسد كثيراً من الأخلاق) .
وقال إن المجلة كانت لها ماض مشرف في الأدب والتاريخ ففقدتهما وقامت تستر عجزها بالحجج السخيفة من مثل قولها .. لسان حال النهضة العصرية والمذهب الجديد .. وقال أيضاً »إن سخافة واحدة لا تزيد تاريخ السخافات« .
ومن معارك الرافعي الأدبية والفكرية كذلك ما جري بينه وبين الكاتب والشاعر عباس محمود العقاد ، فقد تناوله الرافعي في عموده الذي كان ينشر بمجلة »العصور« تحت عنوان (السفود) وقد كان العقاد هو البادئ عندما اتهم الرافعي بأنه هو كاتب »التقريظ« أي الثناء والمديح الذي كتبه الزعيم سعد زغلول عن كتابه ( إعجاز القرآن) بقوله ..( إنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم ) ليروج الكتاب بين القراء ، وقد دافع الرافعي عن ذلك قائلاً (وهل تظن أن قوة علي الأرض تستطيع أن تسخر سعد لقول ما قال لولا أن هذا اعتقاده) ثم أرجع الرافعي اتهام العقاد له بسبب أنه كاتب حزب الوفد الأول وأن سعد زغلول سبق وأطلق عليه (جبار القلم) ولذلك فهو لا يقبل له منافساً في حب سعد وإيثاره له وثنائه عليه ، ثم اشتعلت المعركة بينهما واتخذت طابعها العنيف حينما شن العقاد حملة علي الرافعي في كتاب (الديوان) الصادر عام 1921م متناولاً فيه أدب الرافعي بالنقد والتجريح ومجرداً إياه من كل قيمة أو ميزة ، وشمر الرافعي عن ساعده وتناول العقاد بسلسلة من مقالاته (علي السفود) الحادة الأسلوب وظلت المعركة حامية الوطيس بينهما لا تكاد تفتر حتي يشعلها واحد من أصحاب المصلحة في إثارة المياه الراكدة في بركة الأدب والصحافة بدافع من الرغبة في التوزيع والربح ، مثل ما فعله الزيات صاحب جريدة الرسالة الذي نشر رأياً للرافعي في العقاد كان يحتفظ به من سنوات بمجرد أن هدأت الخصومة بينهما فأشعلها من جديد.
وحدث ذات مرة أن كتب العقاد نشيداً قومياً ليقوله شبان الوفد بدلاً من نشيد » اسلمي يا مصر« الذي كتبه الرافعي والذي كان النشيد القومي الرسمي لعموم شباب مصر، ويقول الرافعي في رسالة إلي تلميذه وصديقه أبي رية عن هذه الواقعة ( إن الشباب حاول بالفعل حفظ النشيد وإلقاءه فلم يستطيعوا والنصر من الله ) .
والظاهر أن كلا من العقاد والرافعي كان مدركاً لحقيقة خصمه مقدراً له في الخفاء ولو هاجمه في العلن ، فقد كتب العقاد كلمات هامة في الثناء علي الرافعي بعد وفاته قال فيها (إني كتبت عن الرافعي مرات أن له أسلوباً جزلاً ، وأن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولي من كتاب العربية المنشئين) وكان ذلك بعد اطلاع العقاد علي رأي الرافعي فيه بعيداً عن الخصومة التي كانت قد اشتعلت واشتهرت بينهما حيث قال الرافعي (أقول الحق أما العقاد فأحترمه وأكرهه ، لأنه شديد الاعتداد بنفسه ، قليل الإنصاف لغيره ، ولعله أعلم الناس بمكاني من الأدب ، احترمه لأنه أديب استمسك أداة الأدب ، وباحث قد استكمل عدة البحث فصير عمره علي القراءة والكتابة فلا ينفك كتاب وقلم) .وقد حظي الرافعي بالإعجاب والتقدير في حياته وبعد مماته من كبار مفكري عصره مثل الشيخ محمد عبده الذي كتب للرافعي وعنه يقول ( ولدنا الأديب مصطفي أفندي صادق الرافعي زاده الله أدباً لله ما أثمر أدبك ، ولله ما ضمن لي قلبك ، لا أقرضك ثناء بثناء ، فليس ذلك شأن الآباء مع الأبناء ولكني أعدك من خلص الأولياء وأقدم صفك علي صف الأقرباء ، وأسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل ، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل والسلام ) .
مابعد الموت
شعر الرافعي بدنو أجله وقرب وفاته التي كانت في التاسع والعشرين من إبريل عام1937م عن عمر يناهز الثمانية وخمسين عاماً فأعلن نهاية المعارك الفكرية والأدبية في آخر مقالاته بعنوان ( بعد الموت ماذا أريد أن يقال عني ) والتي قال في متنها ( بعد الموت يقول الناس أقوال ضمائرهم لا أقوال ألسنتهم إذ تنقطع مادة العداوة بذهاب من كان عدواً وتخلص معاني الصداقة بفقد الصديق ويرتفع الحسد بموت المحسود وتبطل المجاملة باختفاء من يجاملونه ، وتبقي الأعمال تنبه إلي قيمة عاملها ويفرغ المكان فيدل علي قدر من كان فيه ، وينتزع من الزمن ليل الميت ونهاره فيذهب اسمه عن شخصه ويبقي علي أعماله ومن هنا كان الموت أصدق ما يعرف الناس بالناس ) .في الأقاليم عاش الرافعي طوال حياته الفكرية والأدبية الصاخبة ومنها رحل دون أن يسجل بسيرته الذاتية أو الأدبية ما يدل علي الإقامة بالعاصمة ولو لفترة وجيزة ليحصل لنفسه وهو من هو من أعلام الأدب العربي بلقب جديد يضاف إلي الألقاب العديدة التي لقب بها في حياته وبعد مماته وهو لقب »رائد أدباء الأقاليم« .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.