وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعى

أصله من مدينة طرابلس فى لبنان، أما فرع أسرة الرافعى فى مصر فقد أسسه الشيخ محمد الطاهر الرافعى الذى وفد إلى مصر سنة 1827 ليتولى قضاء المذهب الحنفى، وتتابع نزوح آل الرافعى بعد ذلك.
 يقول محمد سعيد العريان فى كتابه «حياة الرافعى» إن القضاء الشرعى كان العمل الرئيسى لرجال أسرة الرافعى حتى وصل الأمر بوصول نحو أربعين قاضياً من آل الرافعى فى مختلف المحاكم الشرعية المصرية، وأوشكت وظائف القضاء والفتوى أن تكون حكراً عليهم، وأثبت اللورد كرومر هذه الملاحظة فى تقاريره.
أما مصطفى فقد ولد فى أول يناير سنة 1880 فى بيت جده لأمه فى قرية بهتيم، فيما عاش حياته فى طنطا وحصل على الابتدائية، ثم أصيب بمرض أقعده فى سريره لشهور، وخرج من هذا المرض مصاباً فى أذنيه، وظل المرض يزيد عليه حتى فقد سمعه،
 لم يحصل الرافعى فى تعليمه النظامى سوى على الشهادة الابتدائية، غير أن هذا القدر من التعليم وإصابته بالصمم لم يفتا فى عزمه وأخذ نفسه بالجد وعلم نفسه بنفسه، حتى استطاع أن يكتسب ثقافة رفيعة وضعته فى الصف الأول من أدباء عصره ومفكريه، عمل فى عام 1899 ككاتب محكمة فى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقى فيها حتى توفى.
 لم يستمر الرافعى فى كتابة الشعر حيث انصرف إلى الكتابة النثرية وانخرط فى مجال الدراسات الأدبية وأهمها كان كتابه عن «تاريخ آداب اللغة العربية» وهو كتاب بالغ القيمة، ولعله كان أول كتاب فى موضوعه يظهر فى العصر الحديث لأنه ظهر فى أوائل القرن العشرين وبالتحديد سنة 1911. ثم كتب الرافعى بعد ذلك كتابه المشهور «تحت راية القرآن» وفيه يتحدث عن إعجاز القرآن.
ويرد على آراء الدكتور طه حسين فى كتابه المعروف باسم «الشعر الجاهلى». كما كتب المقال الذى أخلص له فى الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه إبداعاً عجيباً، وهذه المقالات التى جمعها الرافعى فى كتابه «وحى القلم»، وفى يوم الاثنين فى فجر مثل هذا اليوم العاشر من مايو 1937، وبعد أن أدى صلاة الفجر وجلس لقراءة القرآن، شعر بألم فى معدته، فتناول الدواء وعاد إلى مصلاه ثم نهض وسار، فلما كان فى الردهة سقط على الأرض وصعدت روحه إلى بارئها ودفن فى طنطا.