رئيس المخابرات الفرنسية الذي أخبرنا قبل أيام أن الشرق الأوسط الذي نعرفه قد انتهي إلي غير رجعة!! يعرف الآن مثل أي قارئ للأحداث ان الأوضاع في فرنسا وأوروبا والعالم كله لن تكون كما كانت قبل ليلة 13 نوفمبر المشئومة!! كل مشاعرنا بالطبع مع شعب فرنسا الصديق الذي عاش هذه المحنة، وفقد - حتي كتابة هذه السطور - أكثر من مائة وعشرين ضحية كان من الممكن أن يتضاعفوا لو أن الإرهابيين الأوغاد نجحوا في اقتحام ملعب الكرة حيث كان ثمانون ألفا يشاهدون مباراة فرنسا مع المانيا في حضور الرئيس الفرنسي. حيث يبدو أن هذه كانت الخبطة الأساسية التي كان يعد لها الإرهابيون بتفجير أنفسهم داخل الملعب ليقتلوا ما يستطيعون ويتركوا الباقين في جحيم الفوضي. ورغم فشل هذا الجزء من الخطة، فإن الجريمة بشعة ومشهد العصابات الاجرامية وهي توزع الموت في شوارع باريس أمر لا ينبغي أن يبرح الذاكرة الانسانية، ليذكرنا بمسئولية العالم كله في مواجهة هذا الوباء واستئصال الإرهاب من جذوره. وهنا لابد من مواجهة اسئلة لم يعد ممكنا لبعض القوي الكبري أن تتهرب منها. ولعل أولها هو: هل آن الأوان للاعتراف بالفشل الكامل لهذه الاستراتيجية!! التي أعلنها الرئيس الأمريكي أوباما بعد الظهور المفاجئ لتنظيم داعش والتي أقام علي أساسها ما اسماه «أكبر تحالف عالمي لمواجهة الإرهاب»؟! وهل أصبح واجبا أن يدرك العالم حقيقة هذه الحرب الوهمية التي قيل لنا إنها ستقتصر علي داعش العراق فقط، لتترك لها ولغيرها من الجماعات الإرهابية أن تفعل ما تشاء خارج المنطقة التي يخطط لاقتطاعها من العراق؟! وهل أصبح واضحا أن القضاء علي الإرهاب لا يتم بينما الإدارة الأمريكية تفاوض «طالبان» في قطر، وتدعم «الإخوان» في مصر، وتترك بلادا عربية بالكامل يتم تدميرها، أو تركها تحت إرهاب الدواعش أو تحت تهديد ايران أو غيرها من القوي الاقليمية غير العربية؟ وهل سقطت الآن وللأبد، الفكرة التي تم ترويجها في الغرب، بأن ترك عصابات الإرهاب الداعشي تمارس جرائمها في الوطن العربي، سوف يبعد الخطر عن أوروبا وأمريكا؟ وهل يقر الجميع الآن بصحة ما كانت تقول به مصر من البداية بأن الإرهاب واحد، وأن الخطر لن يترك شرقا أو غربا، وأن الحرب عليه لابد أن تكون شاملة لكل عصابات الإرهاب مهما كانت اللافتات التي ترفعها، والشعارات الكاذبة التي تطلقها؟! كل المساندة لفرنسا وكل العزاء لشعبها الصديق.. من شعب حارب الإرهاب حتي حين كان يفعل ذلك وحيدا!! ودفع الثمن - ومازال - مؤمنا أن الحقيقة ستنتصر، وأن العالم سيدرك حجم الخطر الذي لن يكون أحد بعيدا عنه إذا تقاعس العالم عن المواجهة، وإذا استمر هناك من يظن أن هناك إرهابا «معتدلا»!! يمكن التعامل معه.. وإذا استمر هناك من يستخدمون الإرهاب لتحقيق مصالحهم وجعل ضحاياه هم من يدفعون الثمن.. كما حدث مع مصر بعد حادث الطائرة الروسية!! هل يكون ما حدث في باريس هو البداية للحرب الشاملة ضد كل عصابات الإرهاب.. أم أن البعض سيظل علي رهاناته الخائبة؟! سؤال لم يعد في إمكان أحد أن يتهرب من الاجابة عليه بعد الآن!!