محمد مدين ما زالت اصداء خبر اقالة محمد مدين رئيس المخابرات الجزائرية الذي يعد اقدم رجل مخابرات في العالم تحير الرأي العام الجزائري خاصة أن مدين الذي يعرف ب «الجنرال توفيق» كان بمثابة الحارس الامين للرئيس الجزائري بوتفليقة. والجميع يتساءل ما الذي دفع الرئيس لإقالة احد اهم معاونيه فجأة وفي هذا التوقيت؟ تسير التكهنات في اتجاهين احدهما يعتبر الاقالة جزءا من خطة اكبر معنية بالترتيبات الخاصة بالاعداد لمرحلة ما بعد بوتفليقة مع تدهور حالته الصحية ولضمان انتقال سلس للسلطة حيث يتم التعامل مع الاشخاص الذين قد يسببون قلاقل بابعادهم عن الصورة واخرهم الجنرال توفيق صاحب النفوذ القوي في المخابرات. تلك الخطة المستمرة منذ عامين والتي تم بموجبها التخلص من كبار جنرالات الحرب الاهلية من رجال مخابرات وعسكرين «مسيسين» واستبدالهم بجيل جديد. أما الطريق الآخر فهو يرجع الاقالة إلي توتر العلاقة بين الرئيس بوتفليقة ومدين بعد معارضة الاخير ترشح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة نظرا لعدم استقرار حالته الصحية مما اثار حفيظة الحزب الحاكم الذي وصف الأمر بأنه تدخل من المخابرات في شئون الحزب. ويبدو انه لم يشفع لمدين وفاؤه للرئيس بوتفليقة ورفضه لمحاولات كثيرة للقفز علي السلطة بينما كان الرئيس يعالج خارج الجزائر لتكون هذه نهاية اقوي رجل مخابرات في الدولة الجزائرية. وقد تم سحب الكثير من اختصاصات مدين قبل اقالته منها سلطة الضبطية القضائية التي كانت تسمح له بالتحقيق في قضايا الفساد ومديرية امن الجيش ومديرية الاعلام. وتم تحويل كل هذه المهام لرئيس اركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق قايد صالح. ويري مراقبون أن بوتفليقة يبعد رجال الجيش والمخابرات عن الساحة السياسية لتحجيم دور مؤسسة المخابرات التي طالما مارست نفوذها علي الحكم من خلف الكواليس. في حين ينتقد المعارضون لتلك القرارات الآثار المحتملة التي ستنتج عن تصدع العلاقة بين الرئيس واجهزة الجيش والمخابرات في هذا الوقت الحرج الذي تواجه فيه الجزائر مخاطر عودة الارهاب خاصة مع تدهور الاوضاع الامنية في ليبيا. ويتخوف آخرون من ان يسيطر رجال الأعمال علي مؤسسة الرئاسة أو أن تخضع الجزائر لحلفاء أجانب وعلي رأسهم فرنسا. تلقي الفريق مدين (76 سنة) تدريبه في المخابرات السوفيتية في الستينيات، وتولي منصب رئيس المخابرات الجزائرية عام 1990 اي قبل قدوم الرئيس بوتفليقة للحكم. ولعبت المخابرات دورا مهما في الحرب الأهلية التي وقعت بعد الغاء الجيش لنتائج الانتخابات التي اسفرت عن فوز الاسلاميين. وهو رجل خفي لا يظهر في الاعلام ولا في المناسبات الرسمية، حتي ان اغلب الجزائريين لا يعرفون شكله. ولكنهم بالتأكيد كانوا يستشعرون نفوذه. وقبل أن تنتهي فترة بوتفليقة الرئاسية الرابعة عام 2019 من المتوقع ان تخلق هذه التغييرات الجذرية صراعا بين المؤسسات الأمنية المنقسمة حتي الآن بشأن ايجاد خليفة لبوتفليقة.