رغم هروبها من موجة ثورات الربيع العربي عام 2011 بفضل قبضة حكامها العسكريين من جنرالات الجيش، إلا أن الصدام الداخلي في هرم السلطة بها "الرئاسة والمخابرات" وضعها أمام رياح التغيير.. إنها الجزائر التي تشهد أراضيها احتجاجات شعبية يتزامن معها صراع في هرم السلطة. فالجزائر الدولة التي يغلب عليها طابع الحكم العسكري، يحكمها رئيس يجلس على كرسي الإعاقة، وحكومة يسيطر عليها العواجيز عجزت في التعامل مع احتجاجات الجنوب لأزمة الغاز الصخري، وغياب للتعديلات الدستورية ودعوات لانتخابات مبكرة، وبدأت تئن وجعًا من كثرة أزماتها بين سياسية وعسكرية واقتصادية. المخابرات العسكرية فمع تفاقم الأزمات في الجزائر في الأيام الأخيرة، عاد ملف الصراع بين مؤسسة الرئاسة وجهاز المخابرات ليتصدر المشهد السياسي ويثير الجدل من جديد بعد تصريحات رئيس الوزراء عبدالمالك سلال الأخيرة التي نفى فيها وجود انقسام داخل الحكومة بين موالين للرئيس بوتفليقة وموالين للجنرال توفيق قائد جهاز المخابرات العسكرية، لتزيد من ارتباك الجزائريين. احتجاجات الجزائر فالجزائر البلد العربي الذي أطاح ببعض الأنظمة المستبدة في السنوات السابقة، بدأ يدق أبوابه الأزمات، فمن أزمة وزيرة التعليم بن غبريط وإصرارها على تفعيل اللغة العامية، إلى أزمة مطالبة المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة وكذلك تدني مستوى المعيشة، وصولاً إلى أزمة الصراع داخل هرم السلطة. حد اللاعودة ومنذ أن أصيب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية العام قبل الماضي، لم تهدأ مطالب المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة، تلك المطالب ازدادت في الآونة الأخيرة لتضع الجزائر في خيار هو الأصعب.
الأزمة الجزائرية ازدادت سوءا في الأيام الأخيرة، بعد إقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعدد من قيادات جهاز المخابرات بعدما بلغت الخلافات بينهما حد اللاعودة. احتجاجات غرداية فيما تأتي سلسلة التغييرات التي طالت شخصيات قيادية في الاستخبارات وأمن الرئاسة، لتؤكد الصراع داخل أروقة صناع القرار الجزائري، خصوصاً وأن الإقالات شملت إقالة مسؤول الأمن الرئاسي، الفريق جمال كحال مجدوب، وإحالته إلى التقاعد، وتعيين ناصر حبشي مسؤولاً عن الأمن الرئاسي.
الحرس الجمهوري وكذلك إقالة اللواء أحمد ملياني من قيادة الحرس الجمهوري، وتعيين الفريق بن علي بن علي خلفاً له، وأيضاً إلحاق مديرية الأمن والحماية الرئاسية بالحرس الجمهوري، بعدما كانت تتبع جهاز الاستخبارات.
هذه القرارات، كانت قد سبقتها قرارات أخرى تضمّنت فصل مديرية أمن الجيش عن جهاز الاستخبارات، وإلغاء قوات التدخّل، وهي وحدات كانت مكلفة تنفيذَ عمليات أمنية مسلحة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى إلغاء مصلحة التوثيق ومراقبة الصحافة التي كانت تمثّل الذراع القوية التي تدير بواسطتها الاستخبارات الصحافة والرأي العام.
وفي الفترة ذاتها، أقال بوتفليقة الرجل القوي في جهاز الاستخبارات المكلف بملفَ محاربة الإرهاب المعروف بالجنرال حسان، ليخرج الصراع بعدها إلى العلن بعد إلقاء القبض عليه، ليكون بذلك تقليمًا لأظافر الجنرال توفيق. الجيش الجزائري وبعد أيام من الخلافات داخل هرم السلطة بالجزائر، وصلت إلى حد التهديد خاصة مع الجنرال توفيق الذي ظل على رأس جهاز المخابرات الجزائري منذ عام1990، تم دفعه مؤخرا نحو الانسحاب، و هو ما يؤشر على تأزم العلاقة مع بوتفليقة، وينبئ بإعادة تشكيل المشهد السياسي الجزائري.
يذكر أن عبد العزيز بوتفليقة، هو الرئيس الثامن للجزائر، منذ الاستقلال، والبالغ من العمر77 عامًا، والذي ولد بمدينة وجدة المغربية عام 1937، وتنتهي فترة ولايته بانتهاء عام 2019.
فالرئيس الجزائري يقضي فترة ولايته الرابعة قعيدا على كرسي الإعاقة، وحالته الصحية تتدهور يومًا تلو الآخر، آخرها حينما تعرض لغيبوبة، منذ فترة. "مصر العربية" تقدم لقرائها ملفًا هامًا ترصد فيه ما يدور داخل أروقة صناع القرار الجزائريين.