سبعة تحديات رئيسية واجهت الموازنة الجديدة للعام المالي 2015 – 2016 أثناء مرحلة صياغتها قبل عرضها علي الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أيام ، هذا ما أكده تقرير رسمي أصدرته وزارة المالية تضمن توضيحا لتوجهات الموازنة الجديدة وإلقاء الضوء علي الوضع المالي الحالي للبلاد. المناورة المالية ذكر التقرير أن أهم التحديات التي واجهت الوزارة عند صياغة الموازنة الجديدة تمثلت في محدودية فرص المناورة المالية حيث تتحمل الموازنة العامة للدولة مصروفات حتمية تحد من القدرة علي الوفاء بالالتزامات الجديدة دون زيادة أعباء الدين العام.. ولفت التقرير إلي أن مشروع الموازنة العامة للعام الجديد يتحمل أعباء بعض المصروفات المترتبة علي القرارات التي تم اتخاذها خلال السنوات الماضية مثل زيادة مصروفات الأجور وزيادات المعاشات التي تلتزم بها الخزانة العامة تجاه صندوقي التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاع الحكومي والقطاعين العام والخاص، بالإضافة إلي ارتفاع مدفوعات الفوائد عن الدين العام نتيجة ارتفاع عجز الموازنة العامة بشكل ملحوظ خلال الأعوام السابقة، وتقدر قيمة هذه الالتزامات وحدها بأكثر من نصف تريليون جنيه خلال العام المالي القادم وهو ما يمثل ما يقرب من 90% من الإيرادات المتوقعة بالموازنة العامة وما يقرب من 60% من جملة الإنفاق المتوقع بالموازنة العامة ونحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع، كما تلتهم الزيادة المتوقعة في تلك البنود في العام المالي القادم نحو 90% من الإيرادات المحققة من الإصلاحات المالية التي قامت بها الحكومة. تمويل الالتزامات ومن أهم التحديات المالية التي واجهت الموازنة تمويل الالتزامات الدستورية القادمة علي الصحة والتعليم والبحث العلمي، والالتزام بتنفيذ أجندة الإصلاح حيث وضعت الحكومة خطة إصلاحية تهدف إلي توفير موارد جديدة لتغطية تكلفة الإنفاق علي البرامج الاجتماعية المختلفة، وتشمل الترشيد التدريجي لدعم الطاقة، وتوسيع القاعدة الضريبية، وشدد التقرير علي أن الوفر المحقق من هذه الإصلاحات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنفيذها في المواعيد المقررة ودون تأجيل حتي يتحقق المستهدف منها. توفير الطاقة وفي مقدمة التحديات السبعة جاءت اشكالية توفير الطاقة اللازمة لمواصلة النمو سواء لسد احتياجات الاستهلاك المنزلي وانهاء مشكلة انقطاع التيار الكهربائي أوالاستهلاك التجاري والصناعي، الأمر الذي اضطر الحكومة لزيادة حجم الاستثمارات الإضافية في قطاع الطاقة بشكل كبير سواء من خلال زيادة محطات توليد الكهرباء أو زيادة الاستثمارات في قطاعي البترول والغاز الطبيعي وبما يساهم في توفير احتياجات محطات الكهرباء من الوقود، وتقدر التكلفة الاستثمارية التي يجري تدبيرها خلال العام المالي الحالي نحو 14 إلي 15 مليار جنيه.. كما شكل تفاقم أعباء نظام المعاشات تحديا رئيسيا للموازنة خاصة ان المعاشات المنصرفة من خلال صندوقي المعاشات تشهد زيادة بما يفوق قيمة الاشتراكات المحصلة والعائد الذي تحققه هذه الصناديق، وهو ما يستلزم مواجهة هذه المشكلة بشكل جذري عن طريق إعداد نظام جديد للمعاشات يتسم بالاستدامة بحيث يساهم بشكل فعال في زيادة المدخرات وتلبية احتياجات أرباب المعاشات دون تحميل الموازنة العامة للدولة بأعباء قد تؤثر بشكل كبير علي سلامة المالية العامة علي المدي المتوسط.. كما تضمنت التحديات حجم التغيرات في الأسعار العالمية للسلع الرئيسية، فقد شهد العام المالي الحالي انخفاض أسعار معظم السلع الرئيسية في الأسواق العالمية مقارنة بالعام السابق، وذلك في ضوء توقع استمرار تزايد الإنتاج وتحسن المعروض العالمي بما يفوق الطلب متأثراً بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. وتفترض تقديرات مشروع موازنة العام المالي الجديد عودة الارتفاع التدريجي في أسعار بعض السلع وبحيث يرتفع متوسط سعر البترول (خام برنت) إلي نحو 75 دولارا للبرميل مقابل 55إلي 65 في الوقت الحالي، وأن يبلغ متوسط سعر القمح 248 دولارا للطن بعد إضافة تكلفة الشحن والتفريغ وهذه التطورات أثناء العام المالي قد تؤثر علي أداء الموازنة العامة خاصة علي فاتورتي دعم المواد البترولية والسلع الغذائية. الاقتصاد العالمي أما التحدي الأخير فتمثل في أداء الاقتصاد العالمي، وتفترض تقديرات مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2015-2016 أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي ما بين 3.2و3.4% خلال عامي 2015 و2016 علي التوالي، ارتفاعاً من متوسط معدل نمو قدره 2.6% خلال العامين السابقين طبقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي في يناير 2015. وبرر تقرير المالية ارتفاع معدل النمو بتوقعات استمرار أسعار النفط العالمية عند مستويات منخفضة وما يصاحبها من تراجع لأسعار السلع الأولية والمعادن بما يساهم في تحسين القوة الشرائية والطلب في البلدان المستوردة، وانخفاض تكاليف إنتاج السلع التامة الصنع وتحسين ميزان المدفوعات نتيجة انخفاض فاتورة استيراد المنتجات البترولية، والذي قد يخلق حيزاً مالياً محدوداً يمكن استخدامه في تصحيح أوضاع المالية العامة لدعم النشاط في هذه الدول ومن بينها مصر.