يجب استهداف تحقيق مختلف المزايا والإعانات ومستوياتها الواردة في اتفاقية الحد الأدني لمستويات الضمان الاجتماعي الصادرة عن منظمة العمل الدولية برقم 102 لعام 1952 من المتفق عليه الاهتمام بوضع وتنفيذ سياسات طويلة الأجل لكي تمتد نظم الضمان الاجتماعي تدريجيا لجميع قطاعات العاملين من خلال الحوار المجتمعي الفعال.. وينبغي لهذه السياسات الوطنية أن تتابع حقوق التقاعد بمراعاة تكامل سياسات الحماية الاجتماعية كعنصر أساسي في نظم الضمان الاجتماعي يلزم توفيرها لجميع قطاعات المجتمع وفقا للقدرات الاقتصادية والمالية للدولة، وبما يتفق مع أهداف السياسات الوطنية.. مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ علي القيمة الحقيقية للمعاشات.. جاء ذلك في ورقة العمل التي تقدم بها الأستاذ الدكتور سامي نجيب الخبير التأميني المصري إلي الندوة القومية حول أرضيات الحماية الاجتماعية للعمال المتقاعدين العرب التي نظمها المركز العربي للتأمينات الاجتماعية وإدارة الحماية الاجتماعية بالتعاون مع إتحاد العمال المتقاعدين العرب في القاهرة خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر الجاري.. وكان الهدف من هذا الكلام أن تكون هناك رؤية واستراتيجية للضمان الاجتماعي في مصر.. وقبل أن نغير ونعدل في مواد قانون استجابة وكردود أفعال للمشكلات التي يسفر عنها التطبيق العملي للقانون، يجب أولا الاهتمام بهذه الاستراتيجيات في ضوء أحدث ما وصل إليه العالم في هذا المجال.. فالمواطن المصري يستحق الكثير من وسائل الحماية الاجتماعية بعد سنوات طويلة من القهر والظلم الذي انعكس في شعارات ثورة يناير 2011 عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ولتكن من أهم أولويات العمل في قطاع الضمان الاجتماعي (التضامن الاجتماعي) وضع استراتيجية لامتداد الحماية الاجتماعية إلي جميع قطاعات المجتمع.. تكفل حقوقا تضمن مستوي معيشة كريم للمواطن.. استراتيجية لتحقيق نظام قومي للضمان الاجتماعي، وليس نظاما فئويا كما هو الآن.. يمتد بالحماية إلي العاملين في الاقتصاد الرسمي المنظم وغير المنظم.. والحد من خروج العاملين إلي مجالات العمالة غير المنظمة بالقضاء علي أسباب ذلك.. وأملي أن يتحقق هذا الإنجاز في عهد الرئيس السيسي علي يد وزيرة التضامن الشابة غادة والي.. والتي تخصصت – علي حد علمي – في سياسات تخفيف حدة الفقر وعلاج البطالة.. ويكون ذلك من خلال متابعة التدرج في تطبيق الضمان الاجتماعي وامتداد نطاقه وتحسين مزاياه.. من خلال آليات مناسبة محددة علي المستوي الوطني بالتشاور مع منظمات مماثلة لأصحاب العمل وللعمال مع المنظمات الأخري ذات الصلة والممثلة للأطراف المختلفة في المجتمع لتحقيق المشاركة المجتمعية في هذا المجال.. يجب ألا تكون صياغة الرؤية الوطنية للضمان الاجتماعي من خلال مجموعة القانونيين العاملين في أجهزة التأمينات والشئون الاجتماعية.. فالمطلوب الخروج إلي المجتمع بكل فئاته لمعرفة احتياجاته الأساسية.. الخروج من أطر لجان الموظفين إلي الشعب.. المستفيد الأول من هذه الرؤية الوطنية للضمان الاجتماعي.. وأملي ألا تتكرر تجارب سيئة كإصدار القانون 135 لسنة 2010، والقانون 120 لسنة 2014.. فيجب استهداف تحقيق مختلف المزايا والإعانات ومستوياتها الواردة في اتفاقية الحد الأدني لمستويات الضمان الاجتماعي الصادرة عن منظمة العمل الدولية برقم 102 لعام 1952 وغيرها من الاتفاقيات والتوصيات الأخري بشأن الضمان الاجتماعي والتي تحدد معايير أكثر تطورا.. ويتعين متابعة التدرج في تطبيق الضمان الاجتماعي وتطوير المزايا علي نحو منتظم بعقد مشاورات وطنية بغية تقييم التقدم الذي تم إحرازه ومناقشة السياسات التي تستهدف امتداد نطاق الضمان الاجتماعي أفقيا ورأسيا باعتبار أن لسياسات الحماية الاجتماعية دورها الحاسم في تفعيل حق الإنسان في الضمان الاجتماعي وللحد من الفقر وعدم المساواة ودعم النمو الشامل من خلال تعزيز رأس المال البشري والانتاجية ودعم الطلب المحلي علي السلع والخدمات وتيسير التحول الهيكلي للاقتصادات الوطنية..