وهي بحق فكرة عملاقة، أنشأها منذ عام مجموعة من الشباب المحب والعاشق للثقافة والأدب، الهدف، الحفاظ علي تراث المجلات المصورة القديمة من الاندثار الأسبوع الماضي وفي ذكري وفاة الكاتب والمفكر الإسلامي والشاعر والأديب العملاق عبدالرحمن الشرقاوي دُعيت من المهندس مجدي الفرماوي المشرف علي الأرشيف الأدبي علي «تويتر»، للتحدث في ندوة الأرشيف بساقية الصاوي، في البداية ترددت كثيراً، فعلاقتي بالأدب علاقة خاصة جداً من خلال مكتبتي الخاصة وقراءاتي علي مدي سنوات عمري، أما خلال عملي الصحفي، فقليلة هي الموضوعات الأدبية التي تناولتها بالكتابة. ومع الإصرار علي وجودي كأحد المشاركين الأوائل علي حساب الأرشيف الأدبي بتويتر، ذهبت إلي الندوة لا أدري ماذا سأقول، وكيف سأجيب عن أسئلة الحاضرين، بالقطع هم جمهور خاص جداً، فمنذ ولي الشباب ومع تسارع الأزمات الحياتية في السنوات الأخيرة والعمل الصحفي المرهق، قليلاً ما اقتربت من الحياة الأدبية في الشارع المصري، وإن كنت أتابعها من حين لآخر، ولكني ومنذ أن جلست علي المنصة، وكأن السنوات الماضية لم تفصلني عن تكويني الأدبي والفكري الذي تأصل فيّ صغيرة، وكأن السنوات الماضية بمرارتها قد زالت، فقط تذكرت أني قرأت في طفولتي وشبابي لكبار الكتاب والأدباء العرب، وتسارعت الذكريات في ذهني لأجدني أتذكر كل شيء عن عبد الرحمن الشرقاوي وكأنه حاضر أمامي بالأمس، ومثله العشرات بل المئات امتلأت بهم الحياة الثقافية والأدبية بما قدموه وأثروا به المكتبة العربية، وتركوا إرثاً ساهم في التكوين الفكري والثقافي لأجيال متتابعة، أعتقد أنها انتهت بجيل السبعينيات الذي عاصرته شابة، لتتسارع الحياة وتأتي أجيال قلَّ أن تقرأ ما قرأته الأجيال السابقة، ولتأتي فكرة الأرشيف الأدبي الأكتروني، وهي بحق فكرة عملاقة، أنشأها منذ عام مجموعة من الشباب المحب والعاشق للثقافة والأدب، الهدف، الحفاظ علي تراث المجلات المصورة القديمة من الاندثار، وما تحويه من مقالات فكرية وأدبية وشعرية بقلم كبار الكتاب والشعراء والمثقفين والمفكرين علي مدي ثلاثة قرون من الزمان مضت، وتم حفظها علي حساب التواصل الاجتماعي «تويتر» مصورة وليست منقولة، فالأرشيف يمتلئ بالمجلات المصرية والعربية المصورة، منذ القرن الثامن عشر حتي الآن، وهي المجلات التي أنشأها رواد الأدب والفكر في الوطن العربي وكانت مصر حاضنة لأكثريتها، وامتلأت بكتاباتهم ومقالاتهم التي حين نعيد قراءتها نشعر بمدي الاضمحلال الفكري والأدبي الذي نعيشه الآن، مجلات أسسها وأصدرها رواد أمثال سلامة موسي، فرح أنطون، زكي نجيب محمود، يعقوب صروف، جورجي زيدان، عباس العقاد، أنطون جميل، الشيخ محمد رشيد رضا، والعشرات غيرهم ممن أفردوا صفحات مجلاتهم لمقالات الكتاب والأدباء والشعراء، إضافة لإحياء الأعمال النادرة مثل تراث زكريا الحجاوي، وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم، هذه أمثلة فقط، والمتصفح لموقع الأرشيف الألكتروني سيجد ما لا يخطر علي باله من مجلات وموضوعات ومقالات وقراءات. عبد الرحمن الشرقاوي صاحب الرواية الشهيرة «الأرض» التي تحولت لعمل سينمائي، يعد من أهم الأفلام في تاريخ السينيما المصرية والعربية للمخرج الراحل يوسف شاهين أحد الأدباء والمفكرين العمالقة الذين تركوا إرثاً أدبياً وفكرياً، وأحد أعمدة المسرحية الشعرية، كما ترك تراثاً إسلامياً يشتمل علي كل معاني الحرية والإنسانية، قل أن يجود به زماننا الحالي، ويمتلئ بها الأرشيف الالكتروني. تحية للمهندس مجدي الفرماوي المشرف علي الأرشيف الأدبي ولكل من فكر في هذه المشروع الرائع الذي بالقطع سيسهل علي الدارسين والباحثين مشقة البحث عن هذا الأرشيف في دور الكتب العربية، ويسهل لمحبي القراءة من الشباب الذين لم يعاصروا هذه الحقب الاطلاع علي تراثنا الثقافي والفكري والأدبي، والتواصل معهم ليس عبر الأرشيف الألكتروني فقط، بل من خلال الندوات الثقافية الدورية بساقية الصاوي.