سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس اليوم هل ينجح الجمهوريون في حصار أوباما؟
«داعش» .. «بوكو حرام» .. التدخل الروسي في أوكرانيا .. توحد الحزبين الأمريكيين
دائما ما يحمل يوم الرابع من نوفمبر تغييرا كبيرا في خارطة السياسة العالمية يقرره الناخب الأمريكي الذي يختار في هذا التاريخ أما رئيسا جديدا أو يغير دفة الحكم بين الحزبين المسيطرين علي المشهد السياسي الامريكي وهما الحزبان الديمقراطي والجمهوري. واليوم أصبح الجميع ينتظر بما فيهم الرئيس الامريكي أوباما - الذي يقال عنه البطة العرجاء منذ سيطر الجمهوريون علي مجلس النواب في الانتخابات الماضية- ماذا سيحدث في انتخابات التجديد النصفي لمجلسي النواب والشيوخ.. هل سيقف أوباما وحيدا في السنتين المتبقيتين له في الرئاسة اذا سيطر الجمهوريون علي مجلس الشيوخ هذه المرة ليتحول إلي بطة مشلولة أم سيحافظ الديمقراطيون علي سيطرتهم علي أحد المجلسين؟. سؤال سيجيب عنه ملايين من الناخبين الامريكيين اليوم الذين يتوجهون إلي صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونجرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) وتشمل جميع أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوا وثلث أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عدده100 عضو بالإضافة لانتخاب 36 حاكم ولاية من الولاياتالأمريكية. ومن المتوقع أن تسفر الانتخابات عن سيناريوهين لا ثالث لهما: إما أن يفوز الجمهوريون بعدد إضافي من المقاعد في مجلس النواب الذي يسيطرون عليه بالفعل بالإضافة إلي السيطرة علي مجلس الشيوخ وانتزاع الأغلبية من الديمقراطيين ولكن بأغلبية ضئيلة. والسيناريو الثاني أن يفوز الجمهوريون بعدد إضافي من مقاعد مجلس النواب مع احتفاظ الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس الشيوخ ولكن بنسبة لا تزيد عن 51 مقعدا وبالتالي يري البعض أن أيا من الحزبين وفقا لأي من السيناريوهين لن يتمكن من ان يقوم بدور فعال في مجلس الشيوخ وستظل الكلمة العليا للرئيس أوباما. لكن الواقع أنه من المرجح فوز الجمهوريين بالمقاعد الستة اللازمة للسيطرة علي مجلس الشيوخ، حيث تنخفض شعبية الرئيس اوباما وفقا لاخر استطلاعات للرأي التي اشارت الي أن 53٪ من الناخبين غير راضين عن أدائه بينما يؤيده 42٪ فقط وهي النتيجة الأسوأ علي الاطلاق لأوباما منذ فوزه التاريخي بانتخابات الرئاسة عام 2008. هذا التراجع في شعبية أوباما نتيجة فشله في العديد من الملفات التي تهم الناخب الأمريكي وأولها الاقتصاد والبطالة والرعاية الصحية واخيرا سياسته الخارجية التي لم تختلف كثيرا عن سياسة جورج بوش الذي ادخل امريكا في حربين وجاء اوباما ليكمل مسيرته بل ويوسع من دائرة الحروب بدلا من إنهائها وهو السبب الجوهري الذي جعل الجمهوريين يخسرون انتخابات عام 2008. ويركز الجمهوريون علي ولايات ساوث داكوتا وويست فيرچينيا ومونتانا بعد تقاعد أعضائها الديموقراطيين وهي الولايات التي خسرها أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2012 ، أما بالنسبة للولايات الأخري مثل نورث كارولينا والاسكا واركنساس ولويزيانا فهي معروفة أنها معاقل للجمهوريين. وقد بدأت بالفعل عملية التصويت المبكر حيث ادلي ما يقرب من مليون ناخب امريكي باصواتهم بالفعل في عدد من الولايات وتشير التقديرات الي ان 42.5 % ممن ادلوا باصواتهم هم من الديموقراطيين وعلي رأسهم الرئيس الامريكي الذي ادلي بصوته الأسبوع الماضي في مسقط راسه في شيكاغو بولاية الينوي وذلك لتشجيع الناخبين علي الإدلاء بأصواتهم مبكراً ويحسب له أنه اول رئيس امريكي يصوت مبكرا في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012. بلغت ميزانية الحملات الانتخابية هذا العام ما يزيد علي 4 مليارات دولار وهو مستوي انفاق غير مسبوق في تاريخ حملات التجديد النصفي. وتفوق الجمهوريون علي نظرائهم الديموقراطيين في الإنفاق اذ يقدر اجمالي انفاق الجمهوريين بنحو 1.92 مليار دولار مقابل 1.76 مليار دولار للديموقراطيين، بالاضافة الي 300 مليون دولار اخري مصروفات ادارية سينفقها الجانبان ليبلغ اجمالي نفقات انتخابات 2014 نحو 4 مليارات دولار. ومن المتوقع أن يقل حجم الناخبين بنسبة 20٪ عما كان عليه خلال الانتخابات الرئاسية التي وصلت نسبة المشاركة فيها إلي 60٪ كما أن تركيبة الناخبين مختلفة تماما عن الانتخابات الرئاسية حيث ترتفع نسبة كبار السن والمتزوجين أكثر من نسبة الأصغر سنا والأقليات لذا فإن العامل الديموجرافي يصب في مصلحة الجمهوريين. ورقة رابحة تأتي قضية الإقتصاد علي رأس القضايا التي تهم الناخب الأمريكي ورغم التحسن في النمو الإقتصادي الأمريكي الذي أعلن عنه عدد من خبراء الإقتصاد في البيت الأبيض قبل ايام من بدء الإنتخابات كورقة رابحة للمعسكر الديمقراطي في ظل اهتمام الناخب الأمريكي بالتوظيف والبطالة. وللمرة الأولي منذ ست سنوات، يتراجع معدل البطالة في أمريكا، ليصل إلي نسبة 5.9%، بحسب التقرير الدوري لوزارة العمل الأمريكية الذي أعلنته بداية الشهر الحالي. وكان الاقتصاد الأمريكي قد شهد نمواً واستوعب السوق الامريكي ربع مليون وظيفة جديدة في شهر سبتمبر الماضي. وأدي الارتفاع في حجم الصادرات مقابل الواردات إلي انخفاض في العجز التجاري الذي وصل إلي 4.1 مليار دولار، مقابل عجز وصل إلي 4.3 مليار دولار في شهر يوليو الماضي. ورغم ذلك مازال الشباب الامريكي يواجه وقتا صعبا لبدء حياته العملية في حين يجد الامريكيون المتقدمون في السن مشاكل لايجاد معاش مناسب عند التقاعد. ويري 81% من الناخبين أن الإقتصاد هو اهم قضية انتخابية ويعول الديمقراطيون كثيرا علي التحسن الذي طرأ علي الاقتصاد الأمريكي مؤخرا كي يعيد سيطرته علي مجلس النواب. لكن تشير الاحصائيات إلي أن زيادة معدلات البطالة وانخفاض معدلات التوظيف عن الأعوام السابقة ستصب في مصلحة الجمهوريين الذين وضعوا في المقابل خطة لانعاش الاقتصاد من خلال تعديل قوانين الضرائب وتشجيع الشركات العالمية علي الاستثمار في امريكا والتوقيع علي اتفاقيات انشاء مناطق تجارة حرة. قضية المهاجرين المهاجرون كانوا ورقة أوباما الرابحة في الانتخابات الرئاسية التي خاضها عامي 2008 و2012 فهم يمثلون كتلة تصويتية كبيرة حيث يبلغ عددهم نحو 11.3 مليون، بينهم عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين. وبالتالي فإن من يحق لهم التصويت من الافارقة والهايسبانيك يعتبرون الهجرة قضية جوهرية للحكم علي أي مرشح. ورغم تأييد المهاجرين الجارف لأوباما في الانتخابات الماضية الا انهم يتهمونه الان بالتخاذل في حل مشاكلهم العالقة حيث تشير الأرقام ان أمريكا رحلت 5 ملايين مهاجر غير شرعي منذ عام 1996حتي العام الماضي وان اكثر فترة شهدت ترحيلا لهم كانت في عهد أوباما. كما انه انفق ما يقرب 187 مليون دولار لدعم حرس الحدود. ووعد اوباما اكثر من مرة باصلاح نظام الهجرة ولكنه لم يفعل. ووعد أن يجري تعديلات علي هذا النظام عقب إنتخابات التجديد النصفي كي لا يضر بمصلحة مرشحي الحزب الديمقراطي. ولا يزال قانون الهجرة عالقا منذ أكثر من عام في الكونجرس بسبب معارضة الجمهوريين الذين يشكلون غالبية مجلس النواب. كذلك، تواجه الولاياتالمتحدة منذ أشهر تدفق عشرات الآلاف من عمال المناجم في أمريكا الوسطي. ويتهم المحافظون إدارة أوباما بالوقوف وراء هذه الموجة من الهجرة غير الشرعية. أوباما كير تركزت نحو 42% من الدعايات الانتخابية حول قانون الرعاية الصحية المعروف بقانون «أوباما كير»، والذي لا يلاقي استحسانا شعبيا، ما دفع مرشحي الحزب الجمهوري إلي استخدامه في الدعاية المضادة لاوباما وحزبه الديمقراطي، وقد تم إقرارهذا القانون في مارس 2010، وبدأ تطبيقه الفعلي مع بداية 2014.ويعد التعديل الأكبر علي نظام الرعاية الصحية الذي تشهده أمريكا منذ عام 1965. ويهدف القانون إلي: تقليل تكاليف الرعاية الصحية، وإدخال المزيد من المواطنين الأمريكيين تحت مظلة الرعاية الصحية الحكومية أو الخاصة. وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة وتسريح عدد كبير من العمالة أصبح عدد كبير منهم بلا تأمين وأصبح أكثر من 30 مليون أمريكي خارج مظلة الرعاية الصحية وحاول الجمهوريون إلغاءه 47 مرة، وفشلوا. وكانت إستراتيجية الجمهوريين خلال الاعوام الأربعة الماضية في معارضة «أوباما كير» تهدف إلي إسقاط القانون، لكن بعد كل تلك المحاولات أصبح من الواضح الآن أن الحل الوحيد أمام الجمهوريين هو إسقاط القانون مع تقديم بديل مناسب بشرط استمرار السيطرة علي أغلبية مجلس الشيوخ، والحصول علي أغلبية مجلس النواب، والأهم؛ إضعاف قدرة الحزب الديمقراطي علي تقديم مرشح رئاسي قوي يكسب كرسي الرئاسة في الانتخابات المقبلة. تهديدات داعش تزايد تهديدات داعش هي القضية التي وحدت الحزبين حيث جعلتهم اكثر تشددا تجاه قضايا الامن القومي الامريكي ومواجهة الارهاب. وقد اصبحت القضايا الخارجية الأكثر اهتماما هي التصدي لتنظيم داعش والتدخل الروسي في اوكرانيا ووقف اطلاق النار في غزة وتهديدات جماعة بوكوحرام في نيجيريا. وهي القضايا الخارجية التي تحدث عنها المرشحون من الحزبين في حملاتهم الانتخابية والتي صبت جميعها في خانة مواجهة اكثر حسما لتنظيم داعش. وبينما يرفض أوباما فكرة التدخل الأمريكي البري بشكل موسع، كما جري في العراق عام 2003، يختلف المشهد مع الجمهوريين. الشرق الأوسط أمام التوجه الأكثر تشددا من الجمهوريين فإنه في حالة سيطرتهم علي الاغلبية في المجلسين النواب والشيوخ سترتفع دقات طبول الحرب من جديد وسيزيد التواجد العسكري الامريكي في المنطقة بشكل أكبر حتي يتجنب اوباما الصدام مع الجمهوريين في السنتين المتبقيتين له في الرئاسة. فضلا عن ان الأمر لن يتوقف عند حد الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهو ما سيبدا باستخدام الفيتو ضد حق اقامة الدولة الفلسطينية وينتهي باستحالة تحقق حل دائم للصراع في عهد أوباما كما كان يفترض البعض. وقد يكشف هذا عن سبب توجه الناخبين العرب والمسلمين في اية انتخابات امريكية نحو المعسكر الديمقراطي في حين انهم حقا يختارون في كل مرة بين السيئ والأسوأ.