قرابة مليوني أمريكي احتشدوا في مثل هذا اليوم العام الماضي احتفالا بتنصيب أوباما رئيسا للبلاد بعد ثماني سنوات عجافاً حل فيها جورج بوش ضيفا ثقيلا علي البيت الأبيض مما ساهم في وصول شعبية أول رئيس أسود للبلاد الي أوجها حيث كان 70٪ من الأمريكيين يوافقون علي أدائه حتي قبل أن يتولي مقاليد الحكم، لكن هذا الرضا الداخلي لم يدم طويلا وسقط أوباما من مربع الامتياز الي أقل من درجة المقبول إذ تشير استطلاعات الرأي الي أن شعبيته لا تزيد علي 50٪. ربما يكون هذا مدعاة للقلق، لكن النجاح الرئاسي لأوباما في الكونجرس لا يضاهيه مثيل وهو ما عكسه نجاحه في إقرار مشروع قانون إصلاح الرعاية الصحية وأكدته دراسة "كونجرشونال كوارترلي" التي قالت ان أوباما حصد أكبر تأييد رئاسي حصل عليه أي رئيس أمريكي سابق خلال أكثر من نصف قرن. الدراسة التي جاءت بمثابة هدية الذكري الأولي للتنصيب كانت مفاجأة للكثيرين خاصة أن الرئيس الديمقراطي خاض معارك تشريعية شرسة حول قانون اصلاح الرعاية الصحية وحول خطة التحفيز الاقتصادي وفي كليهما انتصر الحمير ( شعار الحزب الديمقراطي) علي الأفيال ( شعار الحزب الجمهوري) تحت قبة الكونجرس. وتعتبر نجاحات أوباما داخل الكونجرس هي الانجاز الأبرز الذي يميز عامه الرئاسي الأول، الا أن تقريرا بمعهد بروكنجز الأمريكي قلل من أهمية هذا النجاح باعتبار أن الغالبية في المجلسين النواب والشيوخ هم من الديمقراطيين (حتي وان كان 39 نائبا من بين 215 معارضاً لمشروع الرعاية ديمقراطيين). وحتي أن سلمنا بأن السلطة التشريعية بات تأييدها للرئيس مضمونا عقب نجاح أوباما في تحقيق هدف استعصي تحقيقه علي رؤساء الولاياتالمتحدة خلال عقود ماضية (قانون الرعاية الصحية)، فان هناك شبه اجماع داخل الولاياتالمتحدة علي أن أداء الرئيس لم يكن علي قدر مستوي التوقعات التي رفع سقفها حين دخل البيت الأبيض. الانجاز الثاني الذي حققه في الكونجرس كان خطة التحفيز الاقتصادية التي أقرت في فبراير الماضي وتصل قيمتها الي 787 مليار دولار وساهمت في الحفاظ علي 1.1 مليون وظيفة، الا أن استطلاعات الرأي تشير الي أنها لم تؤت ثمارها بعد، في حين أن أوباما يؤكد أنه لولاها لكان الوضع أسوأ كثيرا. ورغم إصرار فريق أوباما علي أن سياساته أدت إلي تحسن نسبي في أوضاع الاقتصاد الأمريكي، إلا أنهم يقرون بأن مشكلة البطالة التي وصلت إلي 9.7٪ - وهو أعلي معدل لها منذ 27 عاما - لن تحل بسهولة، بينما ينتظر مراقبون أن ترتفع نسبة البطالة الأمريكية إلي نحو 10٪ في 2011 وهو إن كان يعد تحديا كبيرا لأوباما في الوقت الحالي، خاصة أنه تسلم مهامه في ذروة الأزمة الاقتصادية، الا انه قد يتحول لاخفاق من العيار الثقيل لاحقا عندما يفشل في التعامل معه. إلا أن التحدي الأكبر الذي ينتظر أوباما عام 2010 داخليا هو احتمال فقدان الاغلبية بالكونجرس بحلول نوفمبر القادم عندما تجري انتخابات التجديد النصفي، حيث يأمل الجمهوريون في تحسين أو يسيطر الأفيال علي حساب الحمير.