كثر الجدل حول اعتبار قرار لجنة الانتخابات الرئاسية نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء. فهناك بعض الآراء التي تري في ذلك شبهة الوقوع في حومة المخالفة الدستورية وخاصة نص المادة 97 من الدستور والتي تحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. وأري أن هذا الرأي مرجعه الخلط حول طبيعة لجنة الانتخابات الرئاسية والقرارات الصادرة عنها وأصحاب هذا الرأي يرون أن لجنة الانتخابات الرئاسية لجنة إدارية وبالتالي تعتبر قراراتها إدارية بما يتعارض مع نص المادة 97 من الدستور. وأري خلافا لهذا الرأي أن لجنة الانتخابات الرئاسية لجنة قضائية وبالتالي تعتبر أعمالها من الأعمال القضائية حتي لو لم ينص الدستور أو قانون الانتخابات الرئاسية علي وصفها بأنها لجنة قضائية.. وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا ذلك بقضائها في الدعوي رقم 57 لسنة 34 قضائية دستورية بجلسة 14 يونيو 2012 والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 24 تابع أ في ذات التاريخ. وجاء بأسباب حكمها أن التمييز بين الأعمال القضائية وبين غيرها من الأعمال التي تلتبس بها إنما يقوم علي إبراز الخصائص الرئيسية للعمل القضائي ولما يعد جهة قضاء ومن بينها أن إسباغ الصفة القضائية علي أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون وليس بأداة تشريعية أدني، وأن يغلب علي تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال وأن يعهد إليها بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة دون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها والتي تقوم في جوهرها علي اتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع اطرافها وتمحيص ادعاءاتهم ولما كان تشكيل اللجنة يقتصر علي العناصر القضائية فإنه تكون قد توافرت في هذا التشكيل ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال لكونه مقصورا علي عناصر قضائية خالصة تم اختيارها ليس علي أساس شخص وإنما بحكم مناصبهم الوظيفية وان اختصاصاتها الإدارية والقضائية فصلتها مواد قانون الانتخابات الرئاسية وان اللجنة تتمتع في ممارسة جميع اختصاصاتها بالاستقلال ولها شخصية اعتبارية عامة وموازنة خاصة تدرج ضمن الموازنة العامة للدولة وتبت اللجنة في الأنزعة القضائية التي تدخل في اختصاصها ممثلة في التظلم المقدم ممن لم تقبل أوراق ترشيحه والطعون المقدمة من المرشحين في قرارات اللجنة العامة بعد سماع أقوال المتظلم أو الطاعن بما يوفر الضمانات القضائية الرئيسية من خلال اتاحة الفرص المتكافئة للمرشحين في التظلم والطعن وتحقيق دفاعهم أمام اللجنة، وترتيبا علي ما تقدم فإن لجنة الانتخابات الرئاسية في خصوص اختصاصها القضائي يتوافر فيها المعياران الشكلي والموضوعي لما يعد هيئة ذات اختصاص قضائي علي النحو الذي عناه المشرع في نص المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا. ولما كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا سالف البيان قد انتهي إلي أن لجنة الانتخابات الرئاسية هيئة ذات اختصاص قضائي ومن ثم تكون قراراتها منها ما هو إداري وما هو قضائي.. ولما كان تشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 22 لسنة 2014 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 مكرر في 8 مارس 2014 قد تضمن ذات الاختصاصات المخولة للجنة الانتخابات الرئاسية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2012 وكذلك ذات تشكيلها القضائي الخالص ومن ثم تعد هيئة ذات اختصاص قضائي بمعياريها الشكلي والموضوعي وبالتالي تكون قراراتها قضائية وليس في تحصين قراراتها ما يشوب أعمالها إذا أجاز المشرع الطعن أمامها وأتاح الفرصة للمتظلم أو الطاعن بالمثول وإبداء دفاعه ودفوعه أمامها وان عدم جواز الطعون علي قراراتها أمام أية جهة أو التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء لا يجعل نص المادة 7 من قانون الانتخابات الرئاسية يحمل بين طياته شبهة المخالفة الدستورية، أي عدم تعارض أحكامها مع نص المادة 97 والخاصة بالقرارات الإدارية.. وأخيرا فإن طبيعة الانتخابات الرئاسية لا تتحمل إجراءات الطعن في قرارات اللجنة لما تحتويه من إجراءات تتعلق بالرد والمخاصمة وطلبات وقف التنفيذ أو الدفع بعدم الدستورية وهو ما يؤدي إلي زعزعة الاستقرار لعدم تمكين رئيس الجمهورية المنتخب من مباشرة مهام سلطته لمدة قد تصل إلي أكثر من سنة وبالتالي يجوز للمشرع أن يؤكد علي نفاذ قرارات اللجنة وعدم قابليتها للطعن أو وقف التنفيذ أو الإلغاء لاعتبارات المصلحة والأمن القومي للبلاد..