بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر في هذه الفترة الانتقالية الصعبة إلا أن الدكتور جمال سلامة أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس متفائل ويأسف لأن هذه الرؤية غابت بعد 25 يناير ولم تتبلور بعد 30 يونيو..ويري في خارطة الفريق السيسي البداية الصحيحة.. ويختلف مع المعترضين .. مؤكدا أن مصر اليوم في حاجة لدستور جديد تصوغه لجنة تأسيسية منتخبة من كل تيارات المجتمع وتكلف أيضاً بوضع قانون الانتخابات البرلمانية.. ويرفض الإبقاء علي دستور 2012 إرضاء للجماعات التي تعمل تحت شعار ديني.. ويطمئن بأن سيناريو الجزائر لن يتكرر في مصر والتلويح به مجرد"تهويش".. ويشدد علي ضرورة مدّ أيادينا للإخوان رافضاً فكرة الإقصاء أو العزل لأي تيار كان.. وإلي التفاصيل في حوار مع (الأخبار).. إلي أين يتجه المستقبل السياسي المصري ؟ بداية لابد أن نكون متفائلين فالتفاؤل في حد ذاته يحتاج لرؤية سياسية وهذه الرؤية كانت غائبة للأسف منذ 25 يناير 2011 حتي يومنا هذا أما بعد 30 يونيو 2013 فالرؤية السياسية لم تتبلور بعد ولكنها تتجه اليوم نحو إعادة العمل لمؤساسات الدولة أما رؤية البناء فلم تتضح بعد.. لكن ربما يكون مفيدا في هذه التجربة أننا نتعلم من أخطائنا بعد 25 يناير فنحن لم نتجه لبناء مؤسسة سليمة وقد بح صوتنا في البداية بأنه لابد أن نبدأ بالدستور قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية لكن التيار كان جارفاً جداَ وكان هناك من السياسيين والمحللين والصحفيين الذين يسيرون مع ذلك التيار بحجة عصفور في اليد خير من 10 علي الشجرة معتقدين بذلك أن وجود برلمان ثم رئيس جمهورية سيقطع خط العودة علي من يحاول صناعة حكم ديكتاتوري أو حكم عسكري وهذه كانت رؤية خاطئة..لكن أعتقد أن البداية الصحيحة هي التي نمر بها الآن والتي جاءت بعد بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي. أيهما أفضل تعديل الدستور أم كتابة دستور جديد؟ أعتقد أننا لا نحتاج لتعديل بعض مواد الدستور فنحن في مرحلة تحتاج لدستور جديد تضعه جمعية تأسيسية منتخبة لقطع خط الرجعة لإستئثار حزب أو فصيل بعينه كما حدث في السابق..لكن الإعلان الدستوري الذي صدر عن المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت تضمن تشكيل لجنة لمراجعة المواد الخلافية بدستور 2012 ثم تعرضها علي لجنة أخري مشكلة من مختلف أطياف المجتمع وهذا معناه الإبقاء علي دستور 2012 الذي قيل ما قيل فيه حتي أن النظام السابق الذي حاول أن يصيغ الدستور لصالحه اكتشف الكثير من العوار عندما حاول إصدار بعض القوانين لأن اللجنة التي صاغته لاتمتلك صلاحية أو كفاءة وهو نفس الدستور أيضاً الذي أصدرت المحكمة الدستورية حكماً ببطلان معايير اختيار اللجنة التأسيسية التي صاغته لأن بها عوار ولكن مع الإبقاء عليه..فهل هذا إرضاء للجماعات الدينية أوالتي تعمل تحت شعارات دينية كحزب النور.لكن فيما يتعلق بالتطبيقات الأمر يختلف لأنها مناهج فكر.. وبالتالي أن الإبقاء علي دستور 2012 وتعطيله ليست بداية صائبة. ومن وجهة نظرك كيف يتم تشكيل الجمعية التأسيسية ؟ إذا كنا نتحدث عن جمعية تأسيسية من 50 أو 100 عضو فعلي التيارات التي ترفع شعارات دينية وكذلك التيارات الليبرالية بمختلف شعاراتها وتوجهاتها ترشيح قائمة منتقاه من 50 أو 100 شخصية لها مركز أدبي أو اجتماعي أو سياسي فنحن بصدد البحث عن الكفاءة ثم علي الشعب أن يختار وعلي حسب القوة التصويتية لكل تيار يحصل علي نسبة..بمعني إذا حصل تيار ما علي 20٪ من أصوات المستفتين إذن فليقدم 20 شخصية..وأعتقد أن هذه الطريقة هي الصحيحة لكن فكرة تشكيل لجنة أعتقد أنها ستثير الكثير من الخلافات. أعترضت بعض التيارات والأحزاب بسبب مادتي التشريع والطوارئ.. فما تعليقك؟ في بعض الأحيان قد يكون هناك حاجة لإصدار بعض القوانين و علي سبيل المثال قانون الانتخابات وانا أفضل أن تكون اللجنة المنتخبة هي التي تضع الدستور الذي سيتم الإستفتاء عليه وتضع أيضاً قوانين الإنتخابات البرلمانية سواء اخذنا بمجلس شعب وشوري أو مجلسي نواب وشيوخ وفي هذه الحالة لن نكون في حاجة إلي تشريع فنحن لدينا كم هائل من القوانين تصلح لتسيير أمورالبلاد بما فيها قانون العقوبات وقانون الإجرءات الجنائية وأراهما أفضل من قانون الطوارئ لأن فرض حالة الطوارئ أو إعلان الأحكام العرفية ليس لها محل الآن لأنه إذا لم يتم الإلتزام بها فهذا فيه إساءة للدولة كما حدث في بور سعيد ما تقييمك لموقف حزب النور خلال الفترة السابقة؟ حزب النور مثل الكثير من السياسيين يطالب بأشياء معينة وعندما يحدث عنف يطالب بشكل مغاير عما كان يطالب به وأنا أري من الناحية العملية أن حزب النور لا يجب أن يتحدث عن سلوك جامد أو ثابت لموقف ليس جامداً وأنا ألتمس له العذر. هل تعتقد أن حزب الحرية والعدالة سيقبل بالمصالحة ؟ كنوع من التقية حسب فكرهم ممكن إنما حقيقة أظن أنه سيكون صعباً في هذا التوقيت ربما بعد أن تستقر الأوضاع بعد عامين أو ثلاثة يمكن أن نتحدث عن قبول اندماج جماعة الإخوان في الحياة السياسية بقواعدها الجديدة التي لم تتبلور حتي الآن لكنهم حتي الآن لديهم طموحات بأن الشارع المصري مازال معهم ولكن مما لاشك فيه أنها كانت تجربة خاطئة. هل تتوقع تصاعد موجة العنف خلال الأيام القادمة؟ أعتقد أن العنف سيكون عشوائياً في بعض الأحيان ومن سيمارسه هم التنظيمات التكفيرية أو الجماعات العبثية الجاهلة التي لا تفهم شيئاً لكن الإخوان لديهم نوع من البراجماتية وأعضاء الجماعة يعملون بوظائف مرموقة ويعملون بشركات كبيرة ولكنهم يستقطبون بعض التيارات الجاهلة لتمارس العنف نيابة عنهم والدليل علي ذلك من إعتلوا الأسطح وألقوا بالشباب من علي الأسطح وأرفض تماماً أن نطلق عليهم أنهم جهاديين ..هؤلاء تكفيريون لكن الإخوان يوحون للبعض بممارسة العنف ثم يبدأون في الصورة أنهم قادرون علي إيقاف هذا العنف وبالتالي فهم لا يمارسوا العنف بأنفسهم ولا سيما أن المرتبطين بالإخوان لا يمارسوا العنف إلا بأوامر وليس لديهم تلقائية في التصرف مثل التيارات العبثية والتكفيرية وهذا شئ غير موجود عند الإخوان لأن هذا الأمر يرتبط بفكر تسلسلي وتنظيمي فإذا أرادوا ممارسة عنف فهذا سيكون مدبرا، ثم أنهم يخافون من أن يندثروا لأن ممارستهم للعنف ستكون ضد المجتمع وهم كانوا يزعمون بأنهم مضطهدون من النظم الحاكمة السابقة بداية من العهد الملكي وحتي عهد مبارك وبالتالي فهم يقاومون ظلم حاكم وكانوا يجدون تعاطفاً من بعض الناس وعلي الرغم من كل الإجراءات التي أتخذت ضدهم إلا انهم مازالوا موجودين ولم يختفوا.. لكن اليوم مع أول ممارسة للعنف - وهذا قد حدث - فالنتيجة ستكون إنتحارهم لأنهم سيواجهون شعب مصر كله وبالتالي فمستقبلهم السياسي ليس وحده الذي سيضيع.. سيناريو الجزائر لن يتكرر في مصر وإذا كانوا يلوحون بهذا فذلك نوع من التهويش واللجوء للعنف سيجعلهم يختفون كحركة سياسية وكحركة تنظيمية أيضاً ولا يجب أن ينسوا أن عددهم محدود و300 ألف لا يستطيعون مقاومة 90 مليون.. أظن أن دماء ستسفك وسيتكبد المجتمع جراحا عميقة لكن في النهاية سيخسرون. كيف تري حركة تمرد وشبابها؟ شباب تمرد صنع فكرة جيدة والبعض لم يكن يتصور أنها ستلقي كل هذا النجاح والتأييد.. في النهاية هم شباب أبدعوا ولا مانع من أن يحصلوا علي مناصب تتناسب مع خبراتهم أو أن يكون أحدهم وزيراً للشباب والرياضة إذا كان القانون يسمح لمن في أعمارهم بأن يتقلدوا منصباً كهذا.. وتولي المسئولية لا يشترط أن تكون وزيراً لأن المسئولية درجات وهناك فرق كبير بين أن تقود ثورة وأن تقود دولة.. وهذا يذكرني بفكرة عبء الهدم وغرم البناء بمعني أنه من الممكن أن أتحمل عبء الهدم بطاقة جبارة لكن عندما يطلب مني البناء فهذا يحتاج جهد قد لا أستطيع تحمله.