انتخابات الرئاسة قد تفرز فرعوناً جديداً لأن أبناء الأنهار يحنون دائماً لحكم الفراعين، وأن صراع القوى السياسية منح الإخوان فرصة الفوز بكعكة الثورة، وأن الأداء البرلمانى لنواب الشعب ينطوى على إساءة بالغة فى استخدام السلطة، وأرفض حل مجلس الشورى حتى لا تتكرر ظاهرة سلق القوانين. وأضاف الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ صلاح عيسى فى حديثه لأكتوبر قائلاً: إن حزب الحرية والعدالة صباع صغير فى يد الجماعة، وليس الذراع السياسية كما يقولون، وأن الذين يروجون لثورة ثانية يبحثون عن الفوضى، وأن الكفاح المسلح الذى يتكلم عنه البعض نوع من التهويش السياسى، ونفى عيسى أن يكون أحمد فهمى مثل صفوت الشريف أو أن التغييرات الصحفية تتأثر بالشكاوى الكيدية، مع التأكيد بأن لغة التشويه والتخوين ميراث قديم من أيام الفلاح الفصيح. حوار خاص، يحتاج إلى قارئ أكثر خصوصية..* الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ صلاح عيسى.. هل أنت راض عن أداء التيار السياسى تحت القبة؟ ** لست راضياً لا الآن ولا سابقاً، ولكن هذا لا يعنى أننى فقدت الأمل فى الإخوان أو السلفيين وأن هناك بارقة أمل، لأن الذى يدعو للتفاؤل هو أن تلك التيارات جزء من القوى الوطنية الفاعلة من أيام الحملة الفرنسية، وما تلاها من انتصارات وانكسارات، وأنها ستلعب فى النور وستحول تلك الأفكار المثالية التى كانت تحلم بها إلى واقع، والتفاعل مع المشاكل الحقيقية فى المجتمع، ومواءمة الأفكار الإسلامية بما يتوافق مع ضرورة الدولة المدنية والديمقراطية. * قلت بإنك لست راضياً عن تيار الإسلام السياسى لا الآن ولا سابقاً.. فما السبب؟ ** لأن جماعة الإخوان روجت واهتمت فقط بفريضة الجهاد، وتجاهلت أو لم تمارس الفريضة الغائبة وهى الاجتهاد الذى تم إغلاقه عن عمد منذ القرن الرابع الهجرى، وعندما ظهر نجم المرحوم حسن البنا، توقع الكثير أنه سيفتح هذا الباب، ولكنه اهتم بتشكيلات الجماعة، والتركيز على سياسة الحشد والتنظيم، وتجميع المسلمين حول مبادئ الدين البسيطة، بإقامة الشعائر الدينية، والالتزام بالأخلاقيات وعندما طالب التيار اليسارى فى نهاية الأربعينيات بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للمواطنين، طلب شباب الإخوان أن يكون لهم رأى فى مثل تلك القضايا التى ترتبط بحياة الناس فكلف الشيخ حسن البنا الشيخ بهى الخولى بالنظر فى موضوع العدالة الاجتماعية التى ينادى بها البعض وانتهى فى دراسته بالتركيز على شعائر الإسلام دون النظر إلى الأنظمة الاقتصادية الأخرى سواء كانت رأسمالية أو شيوعية.. وتمر الأيام ويتم اغتيال حسن البنا، وينشغل الخلفاء والأتباع فى الصراع على السلطة، والصدام مع أنظمة الحكم، ونسى الإخوان فريضة الاجتهاد فى خضم المطاردات والاعتقالات التى نالت جزءاً كبيراً منهم لرغبتهم الجارفة فى الوصول إلى الحكم، وتحويل الرسالة الدعوية إلى تطلعات سياسية، وقد كان هذا مربط الفرس قبل الثورة. * ما سر لغة التصعيد أو الصدام مع الحكومة التى يتعمدها حزب الحرية والعدالة تحت القبة؟ ** هذا جزء من الخطأ الذى وقع فيه الإخوان، وأن أغلب ما يحدث تحت القبة الآن بغرض تحقيق مكاسب سياسية، ولا علاقة لها بمشاكل الشعب، باستثناء بعض التشريعات كالحد الأقصى والأدنى، ومشروع الثانوية العامة، وتعيين العمالة المؤقتة، أما حكاية العزل السياسى، وتطهير القضاء، وتشكيل المحكمة الدستورية وفصل جهاز الأمن الوطنى عن وزارة الداخلية، فهذه قضايا عليها علامات استفهام كثيرة. * ولكن د. الكتاتنى يقول إننا نريد المشاركة وليس المغالبة مما يعنى أن الرجل يريد التعاون مع الجميع؟ ** هذا الكلام ليس جديداً لأن الإخوان قالوا فى 2005 نريد المشاركة وليس المغالبة، وكانوا فى ذلك الوقت يسعون للاعتراف بهم كتيار سياسى مدنى يؤمن بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.. ولكن فى 2007 طالبوا بتأسيس لجنة من رجال الدين أو هيئة كبار العلماء لتعرض عليها التشريعات قبل إقرارها من البرلمان لمعرفة مدى مطابقتها للشريعة الإسلامية.. وبعد مهاجمة الفكرة شطبوها من برنامج الجماعة وبعد الثورة شطبوها من برنامج حزب الحرية والعدالة لأنها ستكون عقبة أمامهم فى الوصول إلى كرسى الحكم. المرشد الأعلى * ومن أين جاءوا بفكرة لجنة كبار العلماء؟ ** لجنة كبار العلماء، أو لجنة رجال الدين، موجودة فى نظام الملالى الإيرانى، وهى أن تكون ولاية الفقيه أعلى سلطة فى البلاد، وأطلقوا عليها هناك هيئة تشخيص النظام التى يترأسها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى إيران أمثال الخومينى سابقاً أو خامنئى لاحقاً، وهو المرجعية الأولى فى البلاد. * وماذا عن الإخوان الآن؟ ** عندما فاز الإخوان بالأغلبية الكاسحة فى الانتخابات البرلمانية نشأ فى داخلهم تيار القفز مرة واحدة، وبعد أن كانوا يسعون للمشاركة بدأوا يمارسون سياسة المغالبة ففقدوا تعاطف الرأى العام، وثوار يناير على السواء، بعد أن تأكد للعامة أن الجماعة تسعى للفوز بمنصب رئيس الحكومة، وتهميش المحكمة الدستورية، وإصدار قوانين تفصيل كالتى كانت تصدر أيام الحزب الوطنى، وإقصاء التيارات الأخرى، مع أن تلك المناصب التى يسعون إليها، تحتاج إلى خبرات ومهارات ومؤهلات خاصة ربما تكون بعيدة عن ثقافتهم بشكل نهائى. تعطيل الدستور * هل تعتقد أن فكرة المغالبة هى التى دفعت د.الكتاتنى لتعطيل الدستور حتى الآن؟ ** من الظلم أن نقول إن د. الكتاتنى هو المسئول وحده عن تعطيل الدستور، وإن كان أحد الأضلاع المهمة فى مثلث التعطيل، يشاركه فى ذلك باقى الفصائل السياسية، مع التأكيد على أن حزب الحرية والعدالة يقاتل حتى يكون له نصيب الأسد عند تشكيل لجنة المائة. * هناك من يهدد بالكفاح المسلح إذا فاز أحمد شفيق أو عمرو موسى بالرئاسة.. وهناك من يدعو لثورة ثانية.. فما قراءة المفكر الكبير صلاح عيسى لهذا المشهد؟ ** هذا الكلام يدخل فى باب التهويش السياسى، و«شايع» عنا نحن المصريين لغة التهويل، كما يقول الواحد لغريمه فى الشارع أو المصنع «هافشفشك.. «هأضحضحك».. «هاكسرك» و«ساعة الجد تلاقيه فنجرى بق».. وأعتقد أن كل هذه بالونات اختبار ومحاولة للتأثير على اختيارات الآخرين، مع التأكيد أن الانتخابات ستمر بسلام مع التزام المشير طنطاوى بتأمين الانتخابات، مع ضرورة الإيمان بنتيجة الصناديق أياً كانت فى ظل رغبة أكيدة على أن تكون نزيهة، وفى ظل رقابة دولية ومحلية وشعبية. * وهل تتوقع قيام ثورة ثانية كما يردد البعض؟ ** لابد أن ينتبه من يردد هذا الكلام بأن التحالف أو العقد الذى نجح فى إسقاط النظام السابق قد انفرط، ولن يكتمل مرة أخرى، بل لن يتم تجميعه، والسبب فى ذلك أن رأس النظام قد سقط، وتم انتخاب رئيس جديد للبلاد فى انتخابات حرة نزيهة بنسبة تصويت 50 + 1 معنى هذا أن الرئيس الجديد جاء بإرادة شعبية تجاوزت ال 50%، وبالتالى فلن يجد من يرددون هذا الكلام أى دعم شعبى اللهم إذا كانوا يسعون للفوضى، كما أن التهديد بثورة ثانية يعد انقلاباً على ثورة يناير التى أرست مبادئ الديمقراطية، وقبول الرأى والرأى الآخر. * المفكر الكبير رجائى عطية قال فى أحد اللقاءات، إن المشروع المقترح بالنظر فى إنشاء وهيكلة المحكمة الدستورية العليا خرج من مجلس شورى الجماعة قبل الإعلان عنه فى مجلس الشعب بخمسة أيام مما يوحى بأن جماعة الإخوان هى من تضع القوانين وأن سيد قراره ما هو إلا أداة للتنفيذ.. فما رأيك فى هذا الكلام؟ ** أنا لم أسمع المستشار رجائى عطية، ولكن إذا كان هذا الكلام قد قيل.. فهذا يعد خطورة بالغة على مستقبل مصر، وعلى استقلالية المجلس التشريعى، والذى فيما يبدو بناء على كلام المستشار رجائى عطية يأخذ تعليماته من مكتب الإرشاد. كارت إرهاب * ولكن ألا تعتقد أن مشروع قانون المحكمة الدستورية الذى قدمه النائب عامر عبدالمنعم، وهو ينتمى لتيار الإسلام السياسى بمثابة كارت إرهاب لجميع الهيئات القضائية وليس المحكمة الدستورية فحسب؟ ** بلا شك فإن أغلب مشاريع القوانين التى خرجت من عباءة تيار الإسلام السياسى بغرض تحقيق مكاسب شخصية كما قلت سلفاً.. وبات واضحاً أنه توجد إساءة لاستخدام سلطة التشريع فى البرلمان كأن تظهر تشريعات من أجل شخص بعينه، أو لمواجهة قضية مرفوعة ضد مرشح ما، وبالتالى فإن العمل البرلمانى الآن ينطوى على شطط وعدم احترام القانون والدستور بدعوى الشرعية الثورية وغيرها من الشعارات التى ينكرها الثوار على الإخوان، وينكرها الإخوان على الثوار، كما أصبح أداء بعض النواب بمثابة عبء تشريعى، ومكايدات قضائية وعلى العقلاء فى حزب الحرية والعدالة ألا يتمادوا فى هذا المسلك، لأن هذا سيكون مشكلة لنا جميعاً. * وهل تتوقع حل مجلس الشعب؟ ** السوابق القضائية أكدت لنا أن المحكمة الدستورية تأخذ بمبدأ المواءمة السياسية فى القوانين التى يطعن فيها بعدم دستوريتها، ففى عام 84 مثلاً طعن فى القانون الذى أجريت بشأنه الانتخابات أمام المحكمة الدستورية العليا، ولم يفصل فى الطعن إلا سنة 87، فتم حل مجلس الشعب ووضع قانون جديد فى دورة برلمانية جديدة أجريت بمقتضاه انتخابات 87.. وبعدها طعن فى الانتخابات أيضاً فلم يفصل فيها إلا عام 1990، وفى الحالتين وضع اعتبار المواءمة السياسية - كما قال المستشار المرحوم عوض المر رئيس المحكمة الدستورية العليا - فيما بعد، إذ ليس من المعقول أن يتم حل مجلس الشعب بعد شهور قليلة من إجراء الانتخابات، لأن هذا يحدث نوعاً من التوتر السياسى فى البلاد. * وماذا عن حل مجلس الشورى؟ ** أولاً لابد من الاعتراف بأن الإعلان الدستورى الحالى «قصقص ريش» مجلس الشورى وأصبح غير ذى معنى، وسمح لمجلس الشعب أن يسلق القوانين كما كان يحدث أيام الحزب الوطنى.. ومع كل هذه السلبيات التى لحقت بمجلس الشورى فى ظل الإعلان الدستورى لست مع حل المجلس، ولكن أطالب بتحويله إلى غرفة ثانية بالبرلمان، أى يكون بنفس واختصاصات مجلس الشعب، ومنها حق اقتراح مشروعات القوانين وممارسة كافة أشكال الرقابة على الحكومة بتقديم الاستجوابات، وطلبات الإحاطة، والأسئلة، وتشكيل لجان تقصى الحقائق. * ولكن ما فائدة مجلس الشورى إذا كانت سلطاته هى نفس سلطات مجلس الشعب؟ ** كل الدول المتقدمة والعريقة تأخذ بالبرلمان ذى الغرفتين، بمنطق أن التشريع يمر على نواب مجلس الشعب؛ ثم ينتقل التشريع إلى مجلس الشورى، وإذا حدث خلاف بين المجلسين يتم تحكيم الدستور بصفته «أبوالقوانين» كما أن مجلس الشعب يمثل جيل الشباب بعد أن نزل سن الترشح إلى 25 عاما، وبالتالى يعنى المستقبل والاستمرار، فيما يمثل مجلس الشورى جيل الحكماء لأن سن المرشح لا يقل عن 45 عاما كما ينضم إليه عن طريق التعيين من تخطتهم الانتخابات أو من يعزفون عن دخولها، كالحائزين على جوائز الدولة التقديرية ونوبل ورؤساء الطوائف والمؤسسات الدينية ورجال القوات المسلحة المتقاعدين ومن هنا تلتقى الخبرة والحكمة مع آمال وتطلعات الشباب، وبالتالى يتم التخلص من ظاهرة سلق القوانين وهى ظاهرة مستفزة نعانى منها منذ أمد ومازالت صفة متأصلة فى البرلمان الحالى.. والذى أطلقوا عليه برلمان الثورة. الصباع السياسية* الكاتب الصحفى الكبير جلال دويدار قال: إن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان يعد الوريث الشرعى للحزب الوطنى.. مدى قبول الأستاذ صلاح عيسى لهذا الرأى؟ ** هذا الكلام صحيح مائة فى المائة.. ولا أكون مبالغًا إذا قلت إن حزب الحرية والعدالة أسوأ من الحزب الوطنى، فالوطنى المنحل لم تكن له رؤية سياسة واضحة؛ والحرية والعدالة يفتقد إلى تلك الرؤية والدليل أن حزب الحرية والعدالة ليس الذراع السياسية للإخوان كما يدعى البعض، ولكنه أصبع صغير فى يد الجماعة، ولم يصل إلى الذراع بعد، لأن الذى يتكلم فى المسائل السياسية الكبرى شخصيات لها علاقة بالجماعة وليس الحزب، ومدى تأثير المرشد على القرار السياسى داخل الحرية والعدالة فيما يوحى بأن قيادات الحزب لم تستطع التخلص من تبعية المرشد، والفصل بين ما هو دعوى، وما هو سياسى، مع التأكيد بضرورة عدم المزج بين عضوية الحزب وعضوية الجماعة لأن الخلط بين الخطاب الدينى والخطاب السياسى يؤثر على مصداقية كل منهما. عشق الفراعين * هل تتوقع أن تفرز الانتخابات القادمة ديكتاتورا جديداا؟ ** طبعا من الممكن، وهذا هو الأرجح، لأن الثورة دواء ولكنه دواء مر فالانفلات الأمنى والأخلاقى وحالة الفوضى التى يعيش فيها المجتمع حاليا تحتاج إلى يد قوية لتقضى على مظاهر البلطجة والفوضى فى الشارع وإذا كان المصريون قد تخلصوا من فرعون ظالم، فإنهم فيما يبدو فى شوق وحنين إلى فرعون عادل، مع أن الفرعون لا يكون عادلا أبدًا، وأضاف مازحًا، إنه يوجد مزاج فرعونى لدى المصريين إلى حكم الفراعين لأن طبيعة حضارات الوديان والأنهار، ومنها حضارة وادى النيل طبعًا تحتاج إلى سلطة تنفيذية قوية لضبط النهر وعدم التعدى عليه أو تلويثه. * وهل يوجد فراعين ضمن مرشحى الرئاسة؟ ** بعض مرشحى الرئاسة فراعين ويمتلكون مؤهلات الفرعون وكما قال الدكتور أحمد عكاشة مؤخرًا بأن مصر تحتاج إلى فرعون سواء من الثوار أو من الفلول. * هل وضع الدستور يمثل مشكلة حتى يتأخر كل هذا الوقت؟ ** دستور مصر ليس مشكلة، ولكنه معضلة كبرى والمشكلة أن البرلمان ليست عنده نية وضع دستور توافقى، والدليل أن الهيئة التاسيسية الأولى كان نصف أعضائها من الإخوان، والآن لم تجتمع القوى السياسية على قلب رجل واحد، وحكاية أن الدستور الجديد سيتم وضعه ليستمر مائة عام مثلا كلام فارغ لأننا سنخرج من مرحلة الانتقال الأولى إلى مرحلة الانتقال الثانية، وعندها يمكن إعداد دستور يليق بمكانة مصر. * وماذا عن النظام الرئاسى فى الدستور المرتقب؟ ** أطلق د. فتحى سرور على عهد مبارك أنه نظام مختلط شبه رئاسى وكانت فيه الغلبة للرئيس وصلاحيات الرئيس كانت أقوى من سلطة البرلمان، ومن جانبى أفضل فى هذه المرحلة الآن أن يكون النظام الرئاسى شبه مختلط وأن تكون الغلبة فيه للبرلمان، وأن يستمر هذا الوضع لدورتين حتى تقوى الأحزاب الوليدة، وبعدها يتم تعديل النظام إلى نظام برلمانى صرف حتى لانصنع ديكتاتورا جديدا. * لماذا لم يصدر مجلس الشعب قانونًا بتنظيم التظاهر؟ ** ربما يكون التأخير لحاجة فى نفس يعقوب وبعيدًا عن المصالح الشخصية أو المستفيدين من الفوضى فإن الواقع يحتم ضرورة إصدار مثل هذا القانون، وأن يوضع تقنين لممارسة الحقوق الديمقراطية، ومنها بالطبع حق التظاهر، وحق الاضراب، وحق الاعتصام، شريطة الاّ يمس هذا التنظيم أصل الحق أو مصادرة أصحاب الحق، هذا وقد تعودنا منذ أيام دستور 23 الذى يكفل حق التظاهر ان تقوم الشرطة بمصادرة الحقوق والواجبات، وتمنع التظاهر، على أن يكون الأصل هو التظاهر أو التعبير السلمى، وبالطرق المشروعة بعيدًا عن أشكال العنف وقطع الطرق العامة أو إحراق منشآت الدولة والمساس بالممتلكات. شهداء الخبز * هل تتوقع حدوث ثورة جياع فى المجتمع؟ ** عندنا بالفعل بوادر أو ملامح ثورة جياع والدليل تلك المظاهرات الفئوية، وأصحاب الحقوق المهضومة، والوقفات الاحتجاجية فى شارع مجلس الوزراء وأمام مجلس الشعب الذى تحول إلى مبكى، كما تدخل عمليات قطع الطريق وشهداء الخبز والغاز فى باب ثورة الجياع، وغياب العدالة الاجتماعية التى ينشدها اليسار منذ 70 عامُا ولا مجيب، ولذلك آمل من الرئيس القادم أن يعالج المشاكل الاجتماعية حتى لاتتضاعف هموم المجتمع. أما حكاية ثورة جياع بأن تعم فوضى شاملة ويتم فيها الاعتداء على الحرمات والممتلكات الخاصة والعامة على نطاق واسع فإن الشعب المصرى حساس تجاه هذه النقطة لأنه يكره العنف بطبعه. * من وجهة نظرك.. هل تعتقد أن الثورة تم اختطافها؟ ** إذا كنت تقصد أن الإخوان المسلمين خطفوا الثورة فمن الطبيعى جدًا أن يحصل الإخوان على الجزء الكبير من الكعكة، لأنهم إذا تمت مقارنتهم بموازين القوى الأخرى التى أشعلت شرارة الثورة نجد أنهم أكثر تلك القوى رؤية وإرادة أما باقى الأطراف فهى غير منظمة، كما أنها أقل خبرة ورؤية وإرادة وهذا لا يعنى ان التيارات الليبرالية واليسارية والاشتراكية الداعية بالدولة المدنية قليلة ولكن أؤكد أنها أغلبية ولكنها متفرقة، ومن المعلوم أن أية أقلية منظمة يمكن ان تهزم أية أغلبية غير منظمة أو غير موحدة فى الرؤية والإرادة، وبالمناسبة فإن الذين قاموا بالثورات على مر التاريخ لم يستفيدوا او يحكموا بعد الثورات وخير دليل ماحدث فى ثورة 1919. * متى يتخلص المجلس الأعلى للصحافة من هيمنة ووصاية مجلس الشورى؟ ** لا توجد وصاية من الأساس، وأن الشخصيات الموجودة بالأعلى للصحافة هى شخصيات مستقلة، وفى المقابل لا يوجد أحد فى مجلس الشورى يسعى للهيمنة، لأن د. أحمد فهمى رئيس المجلس ليس صفوت الشريف، كما أن الظروف التى نمر بها فى المجلس الأعلى للصحافة باتت أكثر تحررًا وأصبحت غير الظروف التى مر بها الزملاء أعضاء المجلس السابق. * وماذا عن التغييرات الصحفية المرتقبة؟ ** هناك بالفعل تغييرات صحفية مرتقبة ستشمل بعض رؤساء التحرير، وبعض رؤساء مجالس الإدارات ومجلس الشورى قرر أن يتم النظر فى رؤساء تحرير الصحف كل 3 سنوات و4 سنوات لرؤساء مجالس الإدارات. * وإذا كانت حركة التغييرات الأولى قد تمت فى مارس 2009 فكان يجب أن تتم حركة التغييرات الثانية فى مارس 2012. ** هذا صحيح، ولكن ليس كل من انتهت مدته سيتم تغييره، بل يمكن التجديد له إذا اتفق مع المعايير التى سيتم الاتفاق عليها فى مجلس الشورى. ** وماذا عن تلك المعايير؟ ** أن تكون تلك المعايير موضوعية، بعيدًا عن المحسوبية وكروت التوصية وأن يتوافر فى المتقدم لمنصب رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة الخبرة الكافية فى ممارسة العمل لصحفى وأصول الإدارة والكفاءة المهنية والأقدمية وأن يكون له قبول بين الزملاء. مواصفات القيادة * معنى هذا أن الانتخاب سيكون له دور؟ ** القبول شئ مهم حيث سيتم الاستفتاء عليه من قبل الزملاء وإذا كان القبول شرطًا مهمًا فإنه ليس الشرط الأساسى عند اختيار القيادات الصحفية. * وما هو الشرط الأساسى؟ ** لابد أولا أن تكون المواصفات مكملة لبعضها البعض ويشترط فى رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة نظافة اليد والسمعة الطيبة وطهارة اللسان وأن يكون مثالاً يحتذى لأجيال الشباب لأن الصحفيين يتطلعون إلى قيادات خرجت من رحم 25 يناير. * سؤال أخير إلى المفكر الكبير الأستاذ صلاح عيسى.. وهو هل تؤثر الشكاوى الكيدية فى اختيارات القيادات الصحفية؟ ** يبادر قائلاً: ماكنش حد غلب.. الشكاوى الكيدية ميراث فرعونى قديم عندما كان يجلس الفلاح الفصيح بالأيام والليالى ليكتب شكوى ضد زميله حتى يتقرب من الفرعون أو الملك. * وهل د. أحمد فهمى يعرف ذلك خاصة أنه حديث العهد بالصحافة والصحفيين؟ ** د. أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى «فهم الفولة» من أول يوم لأن أغلب الشكاوى عبارة عن شكاوى كيدية وشخصية ولا تحمل إلاّ توقيع صاحبها، صاحب المصلحة الأولى فى كتابة الشكوى..