يعد كتاب صحيح مسلم أحد أهم كتب الحديث والذي يتمتع بمصداقية وثقة لدي كل من يبحث عن الأحاديث الصحيحة للنبي صلي الله عليه وسلم, وقد اكتسب مكانته العظيمة وثقته الكبيرة التي أجمع عليهما أساتذة الحديث وفقهاء السنة من قوة حجته وتدليله وتنسيبه ودقة روايته ومسنده والذي بذل في جمعه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري جهدا بلا حدود وحسب مؤرخين فقد استغرق الإمام مسلم في تأليفه وجمعه وتصنيفه ما يزيد علي خمس عشرة سنة. ولعل أهم ما يميز صحيح مسلم أنه لم يترك شاردة ولا واردة إلا وأحصاها جمعا وتصنيفا وسندا وانعكس ذلك علي ما تضمنه الصحيح الذي جمع3033 حديثا بغير المكرر, واشترط فيها الصحة من ثلاث مئة ألف حديث مسموعة, واختار منها3 آلاف و33 حديثا فقط قطع بصحتها بعد فحص ومتابعة للرواة ومقارنتها بروايات مسموعة عديدة اختار أدقها ودون أصدقها وصنف أصدقها وجمع أقواها رواية وسندا.. وكتاب رواه مسلم قسمه شراح الحديث النبوي إلي كتب, وكل كتاب قسم إلي أبواب, وتم ترتيبها علي الأبواب الفقهية, وعدد كتبه54 كتابا أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير. وقد أجمع علماء الإسلام علي صحته واعتبروه في عالم الحديث النبوي ثاني الصحيحين مع صحيح الإمام البخاري. وصحيح مسلم كتاب جامع للأحكام, والآداب, والأخلاق, والعقائد ولا تخلو أبوابه من أي شيء يتعلق بتلك الأمور ويحتل المكانة السامية بعد القرآن الكريم مصداقا لقول النبي صلي الله عليه وسلم: تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي فالسنة النبوية يجدها المسلم الباحث عن صحيح الحديث النبوي في كتاب صحيح مسلم وبالتالي يكون كتاب الإمام مسلم في المكانة التي تلي القرآن الكريم كترجمة صحية ورصد دقيق وجمع علمي للحديث النبوي الشريف. ويحتل صحيح مسلم مكانة مرموقة وسط كتب الحديث النبوي ويكفي أن الإمام النووي قال عنه: من حقق نظره في صحيح مسلم رحمه الله واطلع علي ما أودعه في أسانيده وترتيبه وحسن سياقه وبديع طريقته من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق وأنواع الورع والاحتياط والتحري في الرواية وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها وانتشارها وكثرة إطلاعه واتساع روايته وغير ذلك ما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرات والخفيات علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقال عنه ابن حجر العسقلاني: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله بحيث أن بعض الناس كان يفضله علي صحيح محمد بن إسماعيل وذلك لما اختص به من جميع الطرق وجودة السياق والمحافظة علي أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعني وقد نسج علي منواله خلق عن النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج علي مسلم فسبحان المعطي الوهاب.