علي الرغم من أن مصر لم تكن أولي الدول التي تنطلق منها ثورات الربيع العربي, إلا أن المصريين قرروا أن يكونوا المصححين لمسارها في المنطقة باكملها, وذلك بعد أن أدركو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي ضغطت, إبان ثورة25 يناير2011, لتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك والمجئ بالاخوان المسلمين, التي قامت باعدادهم وتجهيزهم من قبل لهذا الدور. ويشير المفكر الفرنسي تيري ميسان إلي أن الرئيس المعزول محمد مرسي يعلم جيدا ان إجراء انتخابات لا يعني بالضرورة نزاهة العملية الانتخابية, ويعلم أيضا أن الولاياتالمتحدة وجهت الانتخابات الرئاسية لصالح الاخوان المسلمين, لأن واشنطن استعدت لها جيدا وكانت هي الموجه الخفي لها, مثلما فعلت في السنغال وكوت ديفوار, وأدت الانتخابات في نهاية الأمر في ساحل العاج إلي تدخل القوات الفرنسية تحت مظلة الأممالمتحدة. وفيما يتعلق بالأحداث التي تشهدها مصر منذ مطلع الشهر الجاري وعزل محمد مرسي, فان تدخل الجيش, حسبما ذكر ميسان, جاء في الوقت المناسب, فعلي مستوي الشأن الداخلي, كانت سياسة الرئيس المعزول ستؤدي حتما إلي حرب أهلية لأن مرسي كان يعمل لصالح جماعته, دون مراعاة للمصالح الوطنية, كما سعي لخصخصة قناة السويس وهي رمز الاستقلال الوطني المصري. وعلي الصعيد الخارجي, دعا الرئيس المعزول إلي الجهاد في سوريا وقطع علاقاته الدبلوماسية معها. وتزامن نفاد صبر الشعب و الجيش المصري من جماعة الاخوان مع نجاح حركة تمرد في جمع أكثر من22 مليون توقيع لعزل مرسي, الذي ليس فقط يحمل الجنسية الأمريكية ولكن, علي حد قول ميسان, عميل أمريكي و له الحق في الدخول والاطلاع علي أسرار وزارة الدفاع الأمريكية. ورأي وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن مصر مقبلة علي حرب أهلية, وأنه حان الوقت للتدخل, خاصة بعد أن امتلأت ميادين مصر بحشود غفيرة تطالب برحيل مرسي, ومن ثم قرر عزله بناء علي المطالب الشعبية وليس سعيا وراء سلطة, وتجلت حنكته في اختيار توقيت الثالث من يوليو مساء لإلقاء البيان الذي تزامن مع اغلاق مكاتب واشنطن استعدادا لعيدها القومي. لقد كان الربيع العربي في بدايته أشبه بالحمل الكاذب, فبمجرد ان اندلعت الثورة التونسية ثم المصرية وبداية ما يسمي الربيع العربي, حتي عملت اجهزة الاستخبارات الغربية, وخاصة الفرنسية والبريطانية,علي تأجيج الأحداث في كل من ليبيا وسوريا, وذلك بمساعدة تيارات الإسلام السياسي. ويشير ميسان إلي انه علي الرغم من عدم وجود استقرار وتدني المستوي الثقافي في منطقة الشرق الأوسط, إلا أن هذه الأسباب لا تكفي لنشوب الربيع العربي في المنطقة مرة واحدة, وأن الغرب أعد العدة من قبل لتنصيب الاخوان المسلمين في تونس و مصر وليبيا وكان من المفترض معهم سوريا أيضا. وشبه ميسان وضع الاخوان المسلمين في المنطقة كوضع مجموعة التروتسكية نسبة إلي ليون تروتسكي الذين يعملون لحساب جهات أجنبية وليس لمصالح أوطانهم, وان جماعة الاخوان تستخدم الدين لخدمة مصالح شخصية وليس لرفعة الاسلام, ولأنهم لا يمتلكون برامج سياسية فاكتفوا برفع شعار الاسلام هو الحل واختبأوا خلفه. والحقيقة أن ثورة30 يونيو أحدثت صدمة للولايات المتحدةالأمريكية والغرب بشكل عام لأن المصريين أجهضوا ما رتب له الغرب علي مدار عقد كامل, وأن توابع زلزال30 يونيو ستمتد إلي تونس وليبيا وبالتأكيد تركيا وستثلج صدر سوريا.