إن الشئ الغريب والعجيب في أمر هذه الحياة الدنيا هو في وجود حياة علي هذه الأرض التي نعيش فيها فقط, بالرغم من صغر حجمها وبالرغم من عدم وجود مقارنة بينها وبين أصغر كوكب أو نجم في الكون الواسع علي إمتداده فما بالك بمجموعات الكواكب والمجرات الضخمة التي تعتبر الأرض بجانبها شئ لا يذكر في المساحة والحجم. وبالرغم من ذلك إختص الله سبحانه وتعاليالكرة الأرضية بحضانة الإنسان والحفاظ علي حياته وضمه إليها وفي بطنها بعد مماته, فوضع فيها كل أسباب الحياة التي تمكن الإنسان من إستكمال مسيرته علي الأرض بخيرها وشرها وبحلوها ومرها إلي أجل معين. وتتبدي مظاهر عظمة الخالق سبحانه وتعالي في خلق الإنسان بيده الكريمتين ثم تطويع كل شئ في الحياة من أجله فيكون طوع أمره ورهن إرادته من أجل أن يحفظ الإنسان ويحافظ علي حياته في هذه الفترة المحدودة من عمره علي الأرض. وإذا كان خلق الإنسان في حد ذاته يشكل معجزة كبري بكل المقاييس العلمية والعقلية عوضا عن بعدها الديني خاصة بعد إلتقاء الجزء النوراني بشكل تلقائي متمثلا في الروح مع الجزء الترابي المعتم متمثلا في الجسد فيكون المزيج نفس إنسانية كاملة فيها يمتزج الضددين النوراني والمعتم فيكون المنتج بشر سويا بشكل متصل في سلسلة متصلة الحلقات منذ خلق أدم ومع نهاية الحياة دون وجود منافسة حقيقية في بعدها البشري لإنتاج هذه النفس المتكاملة بهذا الشكل المعجز. بل والأغرب والأعجب من كل ذلك أن يتوافق الضدان الروح والجسد فيعشقان بعضهما البعض عن حب ومودة ورحمة ويلتقيان بالرغم من إختلاف إصلهما علي هدف واحد وهو حماية النفس الإنسانية والحفاظ عليها من كل ما ينغص عليها حياتها ويجعلها تعيش أمنة مطمئنة بالرغم من إختلاف مصدر التكوين والضد في التكوين في كل من الروح والجسد. وهذا الإشتباك القائم بين الروح والجسد هو الذي يمنح النفس الإنسانية نكهة خاصة لو إستقامت علي أمر خالقها وجدت وأجتهدت في طاعته واإلتزمت أوامره وانتهت عما نهي عنه لأدركت أن كل ذلك يصب في نهاية المطاف في مصلحة هذا الإنسان المكرم ويطبب ميزانه في دنياه قبل آخرته بالحق والعدل والمساواة. وإدراك الإنسان لفضل الله عليه ومنه وكرمه يجعله دائما مراقبا لربه وهذا يجعله أمنا مطمئنا في دنياه وأخرته فتمنحه الحياة قوة وعزيمة تجعله حتما ينتصر علي شهواته وغرائزه ويطوعها طبقا لأوامر الله ونواهيه والتي تصب في نهاية المطاف ليس في صالحه وحسب ولكنها تصحب في صالح الناس أجمعين, فيتغلب علي متاعب الحياة ومشاق الدنيا في وجود رباط وثيق بين الأخوة الإيمانية والإخوة في الإنسانية فيعيش الناس جميعا في أمن وأمان وسلام علي وجه هذه الأرض, دون أن يشعر أحدهمبالكلل أو الملل أو الضجر من الناس منحوله أو حتي من وجوده في الحياة. رابط دائم :