والموت هو موت الجسد وعدم وجوده , فالموت هو عدم وجود جسد حي والحياة تكون بالروح، فالروح بلا جسد موت , والروح مع جسد حي هي وجود. الله الأول والآخر والظاهر والباطن الأول: لو لم يكن الله أول ما دان له الوجود. الآخر: لو لم يكن الله الآخر ما بقي الوجود. الظاهر: لو لم يكن الله ظاهرا في خلقه ما كان إيمان. الباطن: لو لم يكن الله باطنا لما كان كفر. فالحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا. الموت يظن البعض أن الموت نهاية المطاف لهم وللعالم , وهم من لا يؤمنون بالبعث والحساب. لكن كل من يدين بدين سماوي لابد أن يؤمن بالبعث والحساب لابد أن يؤمن بأن الموت الذي يدخلنا القبور ليس آخر المطاف لنا ولكنه بداية الطريق الي الحياة الأبدية والمرحلة التي تسبق هذه الحياة. ولو سأل أحد إن وجد الخلق قبل هذه الحياة فأقول أن لا بد أنه كان لنا وجود والدليل علي هذا الله سبحانه وتعالي قال: " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَي أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَي شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ". الأعراف 172 فالخلق كان موجودا في ظهور الآباء بداية من آدم عليه السلام ثم من تبعه من البشر، وأعطي كل مخلوق شهادته بأن الله تبارك وتعالي ربه، وكان ذلك قبل أن يخلق حيا، بل كان في مرحلة الموت التي سبقت خلقنا الخلقة الأولي لنعيش في هذه الحياة الدنيا. وهذا واضح في قوله تعالي: " كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يمِيتُكُمْ ثُمَّ يحْييكُمْ ثُمَّ إِلَيهِ تُرْجَعُونَ". البقرة 28 والموت هو موت الجسد وعدم وجوده , فالموت هو عدم وجود جسد حي والحياة تكون بالروح، فالروح بلا جسد موت , والروح مع جسد حي هي وجود. لذلك فللإنسان موتتان , موته قبل ولادته ثم موتة تنتهي بها حياته علي الأرض وتسبق البعث في يوم القيامة. فهناك موتتان وأيضا حياتان، حياة في الدنيا وهي مؤقته وحياة في الأخره وهي الحياة الأبديه , لا نهاية لها. فهناك إذن موتتان تسبقان حياتين وهذا في قوله تعالي: "قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَينِ وَأَحْييتَنَا اثْنَتَينِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَي خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ". غافر 11 وكل حياة يسبقها موت , فالموت يسبق الحياة، وهو مخلوق كما أن الحياة مخلوقة، فقد قدم الله سبحانه وتعالي ذكر الموت علي ذكر الحياة في الآيات السابقة كما في قول الله سبحانه وتعالي: " تَبَارَكَ الَّذِي بِيدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيبْلُوَكُمْ أَيكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ". الملك 12. فالأرواح موجودة قبل ولادة البشر كما أنها تظل موجودة بعد الموتة الثانية موتة الحياة الدنيا ونري هذا في قوله تعالي: " حَتَّي إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَي يوْمِ يبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَينَهُمْ يوْمَئِذٍ وَلا يتَسَاءَلُونَ". "المؤمنون" 99-101 فالأرواح توجد في فيما يسمي البرزخ بعد الموتة الثانية الي يوم البعث. وجود الإنسان قديم ويسبق ولادته ولكن ليس كل موجود حيي , فالوجود بلا حياة هو الموت , وهو يسبق ولادة الإنسان وحياته في الحياة الدنيا , ثم يتبع هذه الحياة موت , ولكن الروح تكون في البرزخ , ثم يتبع هذه الميتة البعث في يوم القيامة والحياة الأبدية التي لا تتوقف ولا تنتهي. فوجود الإنسان لا يتوقف بين الموت والحياة ميتتين وحياتين.