يلعب الإنتاج الزراعي دورا مؤثرا في تحقيق الأمن الغذائي القومي وزيادة معدل النمو الاقتصادي وزيادة الدخل القومي وامتصاص البطالة وزيادة الصادرات ودعم ميزان المدفوعات وتوفير مستلزمات الانتاج للقطاع الصناعي, كماتمثل الأرض الزراعية العنصر الحيوي للبنيان الزراعي المصري. ولقد تحدثنا من قبل عن الخطر القادم والمتمثل في حدوث أزمة مائية كبري مرتقبة خلال السنوات العشر القادمة في دول شمال إفريقيا ومنها مصر. وهذه الدول أكثر دول إفريقيا فقرا في الموارد المائية المتجددة حيث تقع تحت خط الفقر المائي. ونتحدث الآن عن خطر آخر يهدد أمن مصر الغذائي للأجيال القادمة والمتمثل في تآكل الرقعة الزراعية بمعدل1.1 فدان كل ساعة بفعل عمليات التعدي بالبناء علي الأرض الزراعية لمواكبة الزيادة السكانية في الريف وتزايد الطلب علي المساكن في ظل غياب الرقابة من الأجهزة الأمنية والمحليات وأجهزة الإزالة. إن التآكل الحادث في أخصب الأراضي الزراعية علي مستوي العالم في الوادي والدلتا التي تكونت بفعل عوامل الطبيعة عبر آلاف السنين ولن يتكرر ذلك مرة أخري في عمر البشرية. إن الخطر القادم في الأزمة المائية والخطر القادم من تآكل الأرض الزراعية يتضافران معا لتهديد أمن مصر الغذائي القومي. ويعني معدل التآكل1.1 فدان كل ساعة بحساب بسيط أن أرض مصر الزراعية سوف تختفي تماما في مدي زمني نحو تسعمائة عام وهو مدي زمني قصير في حياة الشعوب والأمم. إن الأرض الزراعية التي تكونت عبر آلاف السنين سوف تختفي في أقل من ألف عام. إن تدمير الأرض الزراعية يقع علي عاتق الجيل الحالي. وبدلا من أن يقوم البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي بتقديم قروض ميسرة للمزارعين لتعدد الزوجات والمساهمة في زيادة معدل نمو السكان, كان عليه تقديم هذه القروض لتنمية الأرض الزراعية والمحافظة علي خصوبتها. وكيف لنا أن نبني الأرض الزراعية الخصبة ونعمل جاهدين علي زراعة الصحراء؟ كيف لنا أن نؤثر الحاضر علي المستقبل؟, كيف لمصر أن تنهض بأجيالها القادمة في ظل تزايد سكاني وتآكل الأرض الزراعية وتزايد اعتمادنا وتبعيتنا للعالم الخارجي؟. إن تزايد السكان وتآكل الأرض الزراعية يعني ببساطة انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي من الغذاء وبالتالي زيادة الاعتماد علي استيراد الغذاء من الخارج, ومع تباطؤ نمو موارد النقد الأجنبي وندرته النسبية يتزايد الاقتراض بالعملات الأجنبية وتزايد الاعتماد والتبعية للعالم الخارجي. إن الوضع جد وخطير وها نحن ندق ناقوس الخطر عسي أن يسمع أو يتنبه أحد من المسئولين ويتحرك لاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ علي أرض مصر الزراعية من الضياع. يتحتم علي القائمين علي إدارة الدولة وضع قانون صارم لإزالة المباني المقامة بالمخالفة علي الأرض الزراعية ووقف أي عمليات بناء جديدة وتعزيز الجهات التنفيذية للقيام بدورها في تنفيذ القانون واعتبار ذلك قضية أمن قومي لا تحتمل التراخي أو التهاون أو التأجيل. رابط دائم :