تحت عنوان هل تتحول الجزائر إلي سوريا جديدة نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا أمس اشارت فيه إلي ان خروج الجزائريين في مليونية اليوم للمطالبة بإسقاط الحكومة وعلي رأسها عبد المالك سلال, ينذر بوصول رياح التغيير إلي الجزائر التي استشعرت الخطر منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا وسوريا وعمدت إلي اجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية علي مستوي الاحزاب. ورغم ان النظام الجزائري تمكن من إخماد فتيل الثورة الذي كاد يشتعل في الجزائر اكثر من مرة حتي لايلقي مصير الانظمة التي سقطت في مصر وتونس وليبيا, إلا ان النظامم ادرك ان مظاهرات اليوم جاءت مختلفة, ولذلك اعلن حالة الاستنفار, مهددا بالضرب بيد من حديد لكل من يحاول ان ينشر الفوضي والعنف في البلاد حتي لاتتحول الجزائر إلي سوريا جديدة, وهو ما يعني ان الشعب سيواجه تحديات كبيرة اذا تصاعدت مطالبه لاسقاط النظام. وتحت شعار استرجاع الكرامة ينطلق الجزائريون من كل المحافظات باتجاه ساحة التحرير بوسط مدينة, ورقلة الجنوبية للمطالبة برحيل الحكومة وبمثابة الانذار الاخير للنظام الذي وعد بالاصلاحات وبالقضاء علي البطالة التي يعاني منها سكان الجنوب علي الاخص, في حين انه اهان الشباب العاطلين الذين خرجوا الشهر الماضي في مظاهرات ضخمة للمطالبة بفرصة عمل. ويري المحللون ان الوضع اخطر مما يمكن تصوره حيث ان الجزائر باتت امام مفترق طرق, اما ان تنجح عزيمة شبابها وارادتهم في الاطاحة بنظام عاشوا تحت مظلته سنوات من الديكتاتورية والظلم والفساد, كما حدث في ثورتي مصر وتونس او يقودون حربا شرسة ضده وهو ما نشاهده في سوريا التي راح ضحيتها الالاف خلافا للمشردين واللاجئين او البحرين التي نجح الخليج وعلي رأسه السعودية في إخماد ثورتها التي خرجت لتطالب بالاصلاحات ورحيل النظام والسماح بالتحول الديمقراطي في البلاد. ويضيف المحللون ان البطالة قد تكون سببا اساسيا في الإطاحة بالنظام الذي استخدام سياسة غسل العقول لشعبه طوال السنوات الماضية الا انه افاق علي اوضاع اجتماعية مزرية وظروف اقتصادية صعبة والبطالة التي غزت بيوتهم, وانتشار الرشوة والفساد في كل مؤسسات الدولة, وكذلك غياب الدور الجزائري علي الساحة السياسية وهو ما ادركوه حينما فتحت أجواءها للطائرات الفرنسية في حربها علي مالي بدعوي وقف زحف المسلحين. وتستغل الجزائر حالة الخوف التي تنتاب مواطنيها من قيام ثورة يحصدون ثمارها عنفا وفوضي, كما يحدث في بلدان الربيع العربي, خاصة وانهم تذوقوا نيران الحرب الاهلية التي راح ضحيتها الالاف, لذا فالنظام يلعب علي وتر التخويف لإرهاب المواطنين الذين لن يجدوا امامهم سبيلا سوي التخلي عن ارساء نظام ديمقراطي حقيقي من اجل الحفاظ علي حياتهم وليحافظ هو علي بقائه. والسؤال: هل ستصمت بلد المليون شهيد علي ظلم واستبداد النظام؟ وهل سينجح الشعب في إحداث تغيير حقيقي أم سينزلق إلي حرب أهلية جديدة؟ وأجاب احد الجزائريين قائلا: ان الوضع معقد للغاية, حيث ان الأمر يختلف كثيرا عن تونس وليبيا حيث ان بوتفليقة نجح بدهائه في استغلال احداث الماضي كورقة لتخويف الجزائريين من النزول إلي الشارع للمطالبة بإصلاحات, واسس نظاما ديكتاتوريا تحت القناع الديمقراطي الذي سقط اخيرا ليفضح الاعيب النظام, وذلك من خلال اعتماده علي ثروات البلاد في شراء ذمم وضمائر الأحزاب والجمعيات التي تشاركه في امتصاص الغضب الشعبي, ولذلك فسيكون من الصعب علي الجزائريين العيش في بلد ديمقراطي حقيقي الا بعد تقديم الكثير من التضحيات والتي تتمثل للاسف في ارواح الشباب في وقت يسعي فيه النظام إلي ان يصور للعالم ان تلك المظاهرات ليست لأهداف سياسية لكنها للمطالبة بالإصلاحات فقط وعلي الشعب ان ينتظر الوعود الوهمية. رابط دائم :