بدأ الربيع العربي يطرق أبواب الجزائر بعد أن مر بتونس ومصر وليبيا، فتوفير فرص العمل والإطاحة برئيس الوزراء الجزائري هو أحد مطالب الشعب الجزائري الذي سوف يتظاهر غدا الخميس في محافظة ورقلةجنوبالجزائر. وأكد منظمي المظاهرات أن المظاهرة السلمية التي تم التخطيط لها في محافظة ورقلةالجنوبية الصحراوية، تأتي ردا على سلال الذي وصف جمع من المشاركين في اعتصامات 24 شباط ب"الشرذمة"، ولتأكيد تشبثهم بمطالبهم المتعلقة بحل جذري وشفاف لملف التشغيل.
إلى ذلك.. أصدرت محكمة مدينة الاغواط، الواقعة جنوبالجزائر، اليوم الثلاثاء، أحكاما بالسجن بحق أربعة متظاهرين، فيما برأت 13 آخرين لمشاركتهم في تظاهرة للمطالبة بتوفير فرص عمل.
وذكرت وسائل الإعلام الجزائرية أن "المحكمة أصدرت حكما بالسجن لمدة شهرين واحد منهما نافذ بحق 4 متظاهرين، بتهم التجمهر غير المسلح والتحريض على التجمهر والاعتداء على رجال الشرطة فيما برأت 13 متظاهرا آخرين".
ونقلت وسائل الإعلام عن ممثل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في الاغواط فاروق سليمانى قوله إن "المحكوم عليهم بالسجن النافذ سيطلق سراحهم خلال أيام بما أنه ألقى عليهم القبض، وأودعوا السجن في 20 فبراير الماضي".
وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت اتخاذ سلسلة عاجلة من الإجراءات لتشغيل الشباب في الجنوب تحسبا للمظاهرات ضخمة يعتزم آلاف الشباب تنظيمها للمطالبة بفرص عمل يوم الخميس القادم في خمس ولايات.
وكشف مصدر مقرب من الحكومة - في تصريحات له يوم الاثنين - النقاب عن أنه "تم اتخاذ هذه الإجراءات عقب مجلس وزاري مشترك ترأسه الوزير الأول عبد المالك سلال أول أمس الأحد بالجزائر العاصمة.
وأشارت تقارير صحيفة محلية إلى أن "السلطات الجزائرية وضعت أجهزتها الأمنية في خمس ولايات بجنوب البلاد في حالة استنفار تحسبا للمظاهرات ضخمة يعتزم آلاف الشباب تنظيمها للمطالبة بفرص عمل بعد غد الخميس".
استرجاع الكرامة وقال المنظمون إن المسيرة التي ستقام بساحة التحرير وسط مدينة ورقلة تحت شعار "استرجاع الكرامة"، ستشهد مشاركة الآلاف من أبناء مختلف محافظات الجزائر.
ويقول مراقبون إن إرهاصات التحركات الشبابية والشعبية في ورقلةبجنوبالجزائر الخزان الرئيسي للثروة النفطية والغازية في البلاد، تذكر ببدايات التحركات في عدد من الدول العربية، والتي سرعان ما تحولت إلى عزم شعبي قاطع على تغيير الأوضاع في تلك البلدان، انتهى بإزاحة الأنظمة القائمة في أكثر من دولة عربية، ودفع دول أخرى إلى حالة من الفوضى الشاملة.
وتثير هذه التحركات الشعبية مخاوف حقيقية لدى السلطات الجزائرية التي نجحت في أكثر من مرة في تفادي مصير نظامي الدولتين المجاورتين تونس وليبيا وكذلك مصير النظام المصري، بضخ مبالغ طائلة من أموال النفط على صناديق دعم أسعار المواد الأساسية أو عبر تيسير شروط حصول عدد كبير من الجزائريين على مساكن في بلد يعاني سكانه من تواضع دخلهم السنوي.
وقال مصدر نيابي مقرب من السلطة الجزائرية إن ما يشاع حول مسيرة مليونية بالجنوبالجزائري، تمّت فبركته من قبل أياد حاولت خلط الأوراق في بلاد القبائل قبل سنوات، وفشلت ثم انتقلت إلى العاصمة ولاقت المصير نفسه، وهي تحاول حاليا مع الجنوبالجزائري.
استغلال البطالة وتتهم السلطات الجزائرية المحرضين على التظاهر في ورقلة، بمحاولة “استغلال مشكل البطالة لخدمة أجندة خارجية”، مؤكدة مثل كل مرة أن المخططين لن “ينجحوا”.
وتقول مصادر جزائرية مسئولة إن "الوضع الذي تمر به دول المنطقة خصوصا الدول المجاورة، تجعل الإنسان الجزائري يتريث قبل القيام بأية خطوة"، قبل أن تستطرد إذا كانوا يعتقدون أنهم سينجحون في خلق سوريا بالجنوب فهم مخطئون، ونحن لن نفرط في أي شبر من هذا الوطن".
واتهمت مصادر جزائرية السلطات التونسية بقيادة حركة النهضة الإسلامية بتكوين شبان جزائريين في إدارة الحركات الاحتجاجية والتحريض ضد السلطات المحلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي فبراير، قالت صحيفة "الفجر" الجزائرية إن حزب حركة النهضة الحاكم في تونس وبالتنسيق مع منظمة "فرويدم هاوس" الأميركية، يعمل على تكوين 200 شاب جزائري على التدوين والنضال في مواقع التواصل الاجتماعي، ومنتديات افتراضية حول تضييق للحريات بالجزائر، وتوثيق أزمة العشرية السوداء ضمن برنامج جيل جديد من نشطاء الديمقراطية بالجزائر. وأضافت أن البرنامج يهدف لزعزعة استقرار الجزائر على حد تعبيرها.
وتقول السلطات الجزائرية إن من يتحدثون باسم أبناء الجنوب لا يمثلون الجنوب، وأن الأمر محصور في مطالب مشروعة لشباب ورقلة، تتعلق بالحصول على مناصب شغل وتنمية المنطقة، وهي مطالب سيتم حلها”. وتعترف هذه السلطات بأزمة البطالة في الجنوب وبتقصيرها في حلها، غير إنها تدعو إلى "عدم السماح لمن يريد زعزعة استقرار البلاد بتنفيذ مخططه".
وتضيف إن "الجزائر مستهدفة وهناك تحركات تسعى لاستغلال المشاكل الداخلية لمضايقة استقرار البلاد"، قبل أن يضيف "لم نسمع أي مواطن من الجنوب نادي بالانفصال بل هي كذبة ودعايات أطلقها من حرّضوا على الاحتجاج".
ودعا نواب برلمانيون مقربون من الحكومة "أبناء الجنوب من أجل الالتحام لتفويت الفرصة على" أعداء الجزائر". وقالوا إن "مشكل البطالة يمكن أن يحل في سياقه دون اللجوء إلى أي تصعيد أو القيام باحتجاجات غير محمودة العواقب".
وتشهد الجزائر أزمة بطالة خانقة، يعمقها فشل السلطات في هذا البلد رغم ما تملكه من ثروات تدر عليها عائدات مالية ضخمة، في وضع إستراتيجية تنموية تحد من تفاقم أعداد العاطلين عن العمل وتوزع خيرات الجزائر بالعدل بين مختلف أقاليمها الشاسعة.
ويقول محللون إن السلطات الجزائرية تعودت دائما على لعب دور رجل المطافئ في معالجة الأزمات المتواترة، حيث لا تتحرك إلا عندما ترى الخطر وقد أصبح يهدد وجودها بشكل جدي.
فساد يهز الجزائر وعلى صعيد متصل، لا تزال قضية الفساد في أكبر شركات البترول في الجزائر تصنع الحدث بين الرأي العام هناك، فالسلطات الجزائرية، حسب قول مصادر إعلامية، تكون قد باشرت تحقيقات جدية في القضية التي هزت الرأي العام وأرسلت اثنين وعشرين محققاً لجمع المعطيات حول القضية.
ومن سويسرا ودول خليجية وإيطاليا، حيث يرتبط اسم شركة سايبام بشبهة الفساد مع وزيرين جزائريين سابقين عندما قدرت التحقيقات الأولية وجود فساد بمبلغ يتجاوز مئتي مليون دولار.
ووفقا للعربية نت يكشف أول التحقيقات أن الأموال التي دفعتها شركة سايبام للمسئولين الجزائريين مقابل حصولها على مشاريع في قطاع الطاقة، قد حولت إلى سويسرا واستثمر بعضها في قطاع العقارات في دول خليجية.
وتتحدث وسائل إعلام جزائرية عن استدعاء مسئولين كبار في شركة سوناطراك لتقديم إيضاحات تقنية مرتبطة بكشف تفاصيل قضية الفساد، غير أنها لا تزال تحاول في المقابل إيجاد مخرج لتجاوز مبدأ ازدواجية التقاضي، حيث حركت المحاكم الإيطالية أيضاً القضية نفسها.
القضاء الإيطالي كان قد اتهم مسئولين جزائريين ورئيس شركة سايبام باولو سكاروني المقرب من رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني بالضلوع وراء قضية الفساد التي تصنع الحدث في إيطاليا أيضاً.