«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية تشعل الشرارة في الوطن العربي
ثورتا اللوتس والياسمين تقتلعان هاجس الخوف الأمني وتزرعان الرغبة في التغيير
نشر في آخر ساعة يوم 15 - 02 - 2011

"الثورة الشعبية".. نوع جديد من الثورات لم تعهده الدول العربية من قبل، رغم أن الأمة العربية ظلت تعيش لقرون طويلة تحت وطأة الحكم الاستبدادي والديكتاتوري، إلا أنها يوماً لم تنتفض بصورة شعبية جماعية لتطالب بإسقاط نظام يحكمها، غير في صورة انقلابات عسكرية وثورات فئوية محدودة، ذلك النوع من الثورات يظهر ولأول مرة في مصر التي أطلق شبابها علي مدار 18 يوماً أكبر ثورة شعبية بيضاء في تاريخ الوطن العربي أدت إلي إسقاط نظامها الحاكم ودفعت الرئيس مبارك لإعلان تخليه عن الحكم.
الثورة الشعبية المصرية التي أطلق عليها ثورة "اللوتس"، سبقتها أخري في تونس سميت ب"الياسمين"، لكنها لم تكن بيضاء بفعل ما وقع فيها من اعتداءات واشتباكات دامية بين الثوار الشعبيين وجنود السلطة راح ضحيتها المئات من الشهداء ورجال الشرطة، كما أن عدد الثوار التونسيين لا يقارن بالطبع بملايين الثورة الشعبية المصرية التي قادت إسقاط النظام في كل ربوع مصر.
الثورة الشعبية في تونس ومصر، وتأييد الشعوب العربية لها تشكلان منعطفاً تاريخياً في المنطقة العربية، وبداية مرحلة جديدة سيكون لها تداعيات علي مستوي المنطقة بأسرها، لا سيما أن أغلب شعوب الوطن العربي تعاني من نفس المشاكل التي أدت لاندلاع الثورة في تونس ومصر، ومنها تهميش المواطن في اتخاذ القرار، وغياب الحريات، وعدم التوزيع العادل للثروة، وارتفاع نسبة البطالة والفقر.
الثورة المصرية تدشن لمرحلة ثورية جديدة غير مسبوقة في العالم العربي بعد أن حققت هدفاً مهماً وهو كسر حاجز الخوف، فلم تعد الجماهير تخاف أو تخشي النظام وأجهزته الأمنية التي كانت تثير الرعب في قلوب الناس، وحلت ثقافة الثورة محل ثقافة الخوف في منعطف تاريخي في مسيرة الشعوب العربية.
أعادت الثورة المصرية الاعتبار للوطن والوطنية وأحيت مجدداً الحديث عن المشروع الوطني في العالم العربي، ليس فقط في الدول الخاضعة للاحتلال كفلسطين والعراق، بل في بقية الدول العربية التي يفترض أنها انتقلت من مرحلة المشروع الوطني لمرحلة الدولة الوطنية.
ما حدث في مصر يمكن توصيفه بالظاهرة غير المسبوقة في التاريخ العربي الحديث من حيث حجم واتساع التحرك الشعبي وقوة المواجهة بين الشعب وأجهزة الأمن، وجاء نتيجة تراكم فشل الديمقراطية الموجهة، فهو حصاد الديمقراطية الشكلية التي غطت علي القضايا الحقيقية للأمة وحالت دون بناء الدولة والمجتمع والنظام علي أسس المواطنة الصحيحة.
وبقدر ما أثار التحرك الشعبي في مصر وقبلها تونس إعجاب الجماهير العربية المقهورة التي تعيش أوضاعاً شبيهة، إلا أنها أيضاً أثارت حفيظة أنظمة عربية وحكومات أجنبية وأصحاب مصالح يتخوفون من انتقال لهيب الثورة لبقية الشعوب العربية، الأمر الذي دفع الحكومات لاستباق الآتي ببعض الإجراءات المعلنة كدعم السلع الأساسية وزيادة الأجور وتليين تعاملها مع المعارضة، والإجراءات غير المعلنة كوضع خطط أمنية وقائية من طرف أجهزة الأمن والمخابرات بتعاون مع دول أجنبية.
لقد زادت الثورة الشعبية المصرية من الحراك الشعبي العربي في الطريق نحو التغيير الحقيقي، وأدت لكسر الشعوب العربية لحاجز الخوف من سطوة أجهزة الأمن، والحراك كان أيضاً في القصور الملكية والجمهورية العربية، إلا أن اللافت للنظر أن الحراك الرسمي العربي جاء لتفادي الثورات الشعبية، وجاء علي شكل رشاوي اقتصادية من الأنظمة السياسية لشعوبها لضمان استمرار صمتهم.
ففي الكويت وزعت الأموال علي المواطنين، وأقرت وجبات طعام مجانية، وفي الأردن سقطت حكومة سمير الرفاعي، وخفضت الأسعار ورفعت الرواتب، وفي اليمن أعلن الرئيس اليمني عن عدم نيته الترشح لفترة رئاسية قادمة، وأعلنت الحكومة عن توظيف 60 ألف خريج جامعي عاطلين عن العمل، وفي البحرين تم توزيع 1000 دينار بحريني علي كل أسرة بحرينية.
هذه الخطوات ما هي إلا سبل إضافية اتخذتها الأنظمة السياسية في العالم العربي لكي تحافظ علي وجودها في هرم السلطة، ومحاولة التخفيف من حدة النقمة الشعبية ضدها، وضد استحواذها علي السلطة وعلي المقدرات الاقتصادية لشعوبها.
اللوتس والياسمين
ما يزيد من توقعات امتداد رياح الثورات الشعبية نحو الكثير من البلدان العربية ليس فقط التشابه بين المطالب والمشكلات التي تعاني منها أغلب هذه الدول، ولكن التشابه أيضاً في شكل اندلاع الثورة بين تونس ومصر، ففي الأولي انطلقت شرارة الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، عندما أقدم شاب في ال26 من العمر علي إحراق نفسه احتجاجاً علي مصادرة البلدية عربة الخضراوات التي يمتلكها ويعيش منها، في منطقة سيدي بوزيد التونسية، مما أشعل البلاد احتجاجاً علي الأوضاع المعيشية في تونس ، وأدت هذه الاحتجاجات إلي الإطاحة بالرئيس بن علي وهروبه تاركاً البلاد في حالة اشتعال.
نفس الأمر تكرر في مصر بعد أن قام مواطن مصري بإشعال النار في جسده أمام مجلس الشعب احتجاجاً علي عدم قدرته علي توفير الخبز للمطعم الذي يعول عليه في الإنفاق علي أسرته، وعدم قدرته علي توفير نفقات الحياة اليومية ومواجهة ارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف، وتبعتها بعد ذلك عدة محاولات للانتحار بالحرق حتي اندلعت الاحتجاجات ووصلت لحد الثورة التي أطاحت بنظام الحكم في مصر في غضون18 يوما.
أيضاً التيمن بيوم الجمعة في كلتا الثورتين التي أطلقت يوم الغضب عنواناً لها جعل العديد من الدول العربية تدعو لإقامة جمعة مماثلة، علاوة علي الشعار الذي انتقل من تونس لمصر وهو"الشعب يريد إسقاط النظام" بدا مسموعاً في أغلب الاحتجاجات العربية الجارية الأن.
وتبقي المطالب المشروعة التي نادت بها الثورتان من توفير فرص عمل ومواجهة الفساد والحد من ارتفاع الأسعار ومعاقبة الوزاراء الفاسدين وغلظة العصا الأمنية هي نفسها المطالب التي تنادي بها أغلب الدول العربية الأن، والتي من المتوقع أن تكون الشرارة التي سيندلع منها الحريق ليقضي علي العديد من الأنظمة العربية الديكتاتورية.
تونس، مصر، لبنان، اليمن، الجزائر، الأردن ودول عربية وإسلامية أخري تختزن منذ عشرات السنين براميل متفجرة اجتماعية وسياسية واقتصادية، تكفي شرارة واحدة منها لتحرقها دفعة واحدة وتحدث اشتعالاً شاملاً فيها.
فاليمن تشهد شوارعها وميادينها مظاهرات غضب عارمة تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتحقيق إصلاحات سياسية واسعة، رغم إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وبدأ تنظيم مسيرات احتجاجية من أسبوعين وانطلقت يوم الجمعة الماضي تحت شعار "جمعة الغضب" تيمناً بالثورة المصرية، وجابت التظاهرات في بعض مناطق جنوب اليمن مطالبة بفك ما أسموه "الحصار العسكري الجائر" الذي تفرضه الحكومة، ورفعت الحشود صور الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض وصور عدد من المعتقلين.
كما احتشد آلاف المتظاهرين الخميس الماضي بالقرب من جامعة صنعاء، ورفعوا شعارات ضد الفقر والحكومة ولم يكتف المتظاهرون بالتعبير عن تضامنهم مع الانتفاضات التي جرت في تونس ومصر، بل طالبوا أيضاً الرئيس علي عبد الله صالح الذي تولي الحكم قبل اثنين وثلاثين عاماً بالتنحي عن الحكم.
وتعامل رئيس الوزراء اليمني علي مجور مع هذه المسيرات التي يربط الكثيرون بينها وبين الثورة المصرية بنفس المنطق الذي تعامل به رئيس الوزراء المصري السابق أحمد نظيف حينما ربط الكثيرون بين المظاهرات المصرية والثورة التونسية، فقال مجور:"لا توجد هناك أسباب تدعو لاندلاع مظاهرات في اليمن كما حدث بمصر، فاليمن ليست تونس أو مصر، اليمن وضعه مختلف، حيث إنه بلد ديمقراطي عبر كل العقود"، واتهم مجور المعارضة بمحاولة استنساخ ما حدث في تونس ومصر لتطبيقه علي اليمن.
أما المغرب فقد بدأت مرحلة التغيير فيها في صورة تظاهرات طلابية تنادي بتوفير الوظائف المناسبة للشباب خريجي الجامعات، وتظاهر نحو 1000 من خريجي الجامعات المغربية في الرباط للمطالبة باستيعابهم فوراً في الوظائف العمومية بعد تعليق تحركاتهم، وكان الشبان المغاربة يتظاهرون بانتظام منذ سنوات في الرباط وأوقفوا حركتهم مؤقتاً قبل 3 أسابيع، بعدما تلقوا تأكيدات من الحكومة بالاستجابة إلي مطالبهم.
ودخلت السعودية في دائرة الحراك السياسي، بإعلان مجموعة من الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام عن تأسيس أول حزب سياسي في المملكة باسم "حزب الأمة الإسلامي" كخطوة في إطار السعي لمواكبة الإصلاحات الجارية بالبلاد وتحقيق انفراجات سياسية لحماية المملكة من الاضطرابات والتوترات التي تعم المنطقة، وتقوم مبادئ الحزب علي الإيمان بالحرية والتداول السلمي للسلطة والمشاركة الشعبية في صنع القرار، وقبل أيام حذر محللون في وكالات استخباراتية دولية متخصصة في المخاطر من أن الانتفاضة التي تشهدها مصر قد تتسبب في تصاعد الاحتجاجات بين سكان المنطقة الشرقية بالسعودية ذات الكثافة السكانية العالية من الشيعة، وهو ما أكده تقرير لمؤسسة "اكسكلوسف اناليسس Exclusive Analysis" وهي مؤسسة أمريكية متخصصة في تحليل المخاطر السياسية، وذكر التقرير أن شرارة الانتفاضة في المنطقة الشرقية السعودية العائمة علي بحيرة من النفط تبدو قائمة وبدعم من إيران.
فساد ملكي
في الأردن تصاعد الجدل حول اتهامات موجهة إلي العائلة المالكة بالفساد، وأصدر الديوان الملكي الأردني بياناً شديد اللهجة رد فيه علي الاتهامات بحق زوجة العاهل الأردني الملكة رانيا بتورطها في فساد إداري ومالي، ونفي الديوان بشكل حازم تلك الاتهامات ملوحاً بإجراءات قانونية ضد مطلقيها، داعياً إلي مراجعة السجلات العقارية العلنية للتأكد من عدم صحة ما ذكر عن نقل أراض ومزارع عامة لملكية الأسرة الحاكمة، ولم يشفع قرار تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة معروف البخيت، والعمل علي خفض الأسعار وزيادة الرواتب في تقليل حدة الاحتقان والمطالبة بالتحقيق في كافة اتهامات الفساد.
وشهدت العاصمة الأردنية عمان العديد من مسيرات الغضب كان من بينها مسيرتان تأييداً للثورة الشعبية في مصر وللمطالبة بإصلاحات سياسية في الأردن الخميس الماضي، فانطلقت المسيرة الأولي من المسجد الحسيني وشارك بها نحو ألف شخص وهتف المشاركون داعين للإصلاح السياسي والاقتصادي، وانطلقت المسيرة الثانية من مسجد صلاح الدين لتتجه نحو السفارة المصرية، وقدر عدد المشاركين بها بحوالي 1500 شخص.
كما شهدت منطقة ذيبان مسيرة من أمام مسجد ذيبان الكبير بعد صلاة الجمعة الماضي بمشاركة نحو 600 شخص للمطالبة بإسقاط حكومة البخيت، وحل مجلس النواب، إضافة الي المطالب الاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة والاحتجاج علي ارتفاع الأسعار، وفي الكرك طالب المئات من المشاركين في مسيرة انطلقت من أمام المسجد العمري وسط المدينة، بإصلاحات سياسية جادة وسريعة، معبرين عن تضامنهم مع ثورة الشعب المصري، وهاجم المعتصمون الحكومة الأردنية الجديدة، وأطلقوا شعارات تؤكد عدم رضاهم عن حكومة البخيت.
وتجمهر المئات من الأردنيين أمام السفارة المصرية في عمان تعبيراً عن تأييدهم للثورة الشعبية في مصر، ورفع المشاركون في الاعتصام الذي دعت إليه النقابات المهنية وبمشاركة حزبية لافتات تأييد للشعب المصري، كما هتف المتظاهرون ضد الحكومة الأردنية الجديدة.
في الخرطوم تعتصم العشرات من نساء أسر معتقلين سياسيين وناشطين أمام مبني جهاز الأمن والمخابرات السوداني مطالبين بإطلاق سراح ذويهن أو تقديمهم للمحاكمة والسماح لأسرهن بمعرفة مكان احتجاز المعتقلين وزيارتهم للاطمئنان علي أوضاعهم الصحية، وهو الاعتصام الذي يأتي ضمن سلسلة مظاهرات صغيرة بالعاصمة الخرطوم بدأت في 30 يناير الماضي احتجاجاً علي ارتفاع أسعار المواد الغذائية وما وصفوه بتضييق الحريات مستجيبين لدعوات بمواقع إلكترونية في الخروج في مظاهرات مماثلة لما حدث في تونس ومصر.
الجزائر هي الأخري من أقرب الدول العربية لانفجار ثوري يطيح بنظامها، فمؤخراً رفض الناشط الحقوقي والباحث الجامعي د.فضيل بومالة أحد قادة قوي التغيير التي دعت إلي المسيرة السلمية التي شهدتها العاصمة الجزائر السبت الماضي توصيف جملة الشعارات التي تحملها لافتات الذين انخرطوا في المسيرة علي أنها مطالب لسبب واحد هو الحوار بينها وبين السلطة التي تري أنها احترفت إدارة ظهرها لأصوات المجتمع ومطالبه، وقال إن المظاهرات لها عشرات المطالب الأخري التي لن تتنازل عنها وعلي رأسها القضاء علي نظام الحكم الحالي.
تبدأ بالانتحار
ولأنها بدأت بمحاولات الانتحار في مصر وقبلها تونس فقد شهدت أيضاً الجزائر محاولات ثلاثة جزائريين من مناطق مختلفة الانتحار بسبب البطالة والحرمان من السكن، وقالت صحيفة "الوطن" الصادرة باللغة الفرنسية علي موقعها إن مواطنا جزائريا يدعي محمد أوشية وهو أب لستة أطفال حاول الانتحار احتجاجاً علي إقصائه من قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي، وأوضحت أنه أقدم علي سكب البنزين وإشعال النار في جسده ولكن تمكن زملاؤه من إطفاء النيران التي اشتعلت في كامل جسمه، كما سجلت مصالح الدفاع المدني الجزائري قيام شابين بإضرام النيران في جسديهما مقدمين علي الانتحار بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة وبسبب البطالة، وقال بيان من الدفاع المدني الجزائري إن الضحية الأولي يقطن في منطقة بوخضرة بولاية تبسة علي الحدود الجزائرية التونسية والثاني في منطقة جيجيل شرقي العاصمة الجزائرية، وأن الشابين لا يتجاوز عمراهما26 سنة تقدما بطلب لرئيس البلدية من أجل الاستفادة من وظيفة في إطار الشبكة الاجتماعية لكن طلبهما رفض من طرف السلطات المحلية، وأنهما أقدما علي استخدام سائل قابل للاشتعال وأشعلا النار في جسديهما وتم نقلهما إلي العناية المركزة.
ولم تكن هذه المرة الأولي التي يقدم فيها شباب جزائريون علي الانتحار بسبب البطالة والحرمان من السكن حيث سبق لشاب أن أقدم علي الانتحار قبل أسبوع في بلدية زموري بولاية بومرداس بعدما ضاقت به السبل في الحصول علي وظيفة، كما أقدم شاب يبلغ من العمر 34 عاماً علي إضرام النار في نفسه أمام مديرية الأمن بولاية مستغانم غربي العاصمة الجزائرية، كما قام شاب آخر عمره 27 عاماً بمحاولة حرق نفسه قبالة مقر الأمن وسط مدينة جيجل وتدخل رجال الأمن لإنقاذه، وأصيب بحروق متفرقة من جسده وتم فتح تحقيق لمعرفة أسباب الحادث فيما حذرت تقارير إعلامية من أن البطالة والمشاكل الاجتماعية تقف وراء إقدام هؤلاء الشباب علي محاولة الانتحار.
كما ألهمت الثورة الشعبية المصرية عددا كبيرا من النشطاء الفلسطينيين للدعوة إلي القيام بثورة فلسطينية شعبية مماثلة من أجل إسقاط السلطة الفلسطينية ورموزها الذين وصفوهم بعملاء الاحتلال، ومتآمرين علي المقاومة، وكذلك إسقاط منظمة التحرير الفلسطينية، وأطلق نشطاء فلسطينيون علي موقع "فيس بوك" حملة للمطالبة بإسقاط سلطة فتح ومنظمة التحرير، تحت عنوان "معاً لإسقاط السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير"، وقالت الحملة في بيان نشرته علي الموقع: "يجب أن يثور وينتفض الشعب الفلسطيني علي عملاء الاحتلال في مقاطعة رام الله الذين يعذبون المقاومين ويتآمرون علي المقاومة، هؤلاء الذين اعترفوا مؤخراً بمساعدتهم في اغتيال المقاوم حسن المدهون، هؤلاء العملاء الذين باعوا مدينة القدس المحتلة وسلموها للاحتلال وتنازلوا عن المسجد الأقصي"، ونشرت الحملة رابطها علي "فيسبوك"، ودعت النشطاء إلي المشاركة في الإطاحة بعباس.
في سوريا لم يستبعد المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا أن تستأنف الجماعة نشاطاتها المعارضة ضد النظام السوري، بعد نجاح الثورات الشعبية في مصر وتونس، وقال علي صدر الدين البيانوني إن الجماعة تتجه إلي إلغاء قرار تعليق أنشطتها المعارضة نتيجة عدم تجاوب السلطة مع هذه المبادرة التي مضي عليها أكثر من سنتين، حيث كانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا قد قررت عام 2009 وقف نشاطها المعارض تضامناً مع دور سوريا خلال الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة، ونفي البيانوني علمه بأن توجه إخوان سوريا لاستئناف أنشطتهم المعارضة يأتي استجابة لمطالب جهات عربية علي علاقة بتطورات الساحة اللبنانية، واعتبر أن الأحداث في تونس ومصر مؤشر علي أن رياح التغيير هبت علي المنطقة، وحذر من أن التغيير في سوريا قادم ولا بد منه، إذا لم تبادر السلطة إلي القيام بإصلاحات حقيقية وانفراج ملموس، وأشار المراقب العام السابق لإخوان سوريا إلي أن الرئيس بشار الأسد يستطيع أن يقوم بهذا التغيير وبأقل قدر من الأضرار إذا بادر فعلاً إلي إصلاحات فورية ولو كانت متدرجة تعيد للناس حريتهم وكرامتهم وتجعلهم يحسون أن هناك تغييراً حقيقياً.
واعتبرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن ما حدث في مصر لحظة تاريخية من أعظم اللحظات في التاريخ الوطني المصري ومن أنصع اللحظات في التاريخ القومي العربي التي تغير مصر والمنطقة والعالم، وذكرت صحيفة "تشرين" في افتتاحيتها أن الثورة في مصر هي الانعطافة الكبري في حياة الأمة ليس في مصر فقط وإنما في الوطن العربي كله بعد أن قرر الشعب المصري تنحية الرئيس حسني مبارك، وقالت إن الشعب المصري أجبر الرئيس مبارك علي التخلي عن السلطة في ثورة شعبية رائدة كان فيها الوطن بكل مقوماته وقدراته ومعانيه السامية الشعلة التي تنير درب المتظاهرين والمعتصمين، بينما قالت صحيفة "البعث" في افتتاحيتها أن بانتصار ثورة مصر العظيمة حدثت المعجزة التي أكدت أن منطق الحق هو الذي يتغلب مهما طال زمن القهر والظلم علي منطق القوة الغاشمة.
العدوي تنتقل
أجمع الخبراء والمحللون السياسيون علي أن انتقال عدوي المظاهرات الشعبية الغاضبة من مصر إلي دول عربية أخري أمر منطقي ومتوقع بشده لما تمثله مصر من ثقل كبير في المنطقة فهي محط أنظار كافة الدول العربية التي تري فيها دائماً القائد والقدوة، وأشار الخبراء إلي نجاح ثورة الإنترنت والمدونات والمواقع وفيس بوك في تعميق الشعور بالاحتجاج لدي الشعب المصري عبر نشر الأخبار والصور والفيديوهات لمشاهد الاحتجاجات وقمع الشرطة للمتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وهو ما كان ينشر علي الفور علي الإنترنت.
السفير هاني خلاف مندوب مصر في جامعة الدول العربية (سابقاً) يري أن المصريين لم يستخدموا أي شعارات سياسية خارجية، أو تعمدوا التوجه بثورتهم إلي دول بعينها، وقال إن مصر لها امتداد فعلي علي مر الزمان، وعندما يحدث بمصر ثورة تتنقل عبر القنوات العادية إلي الدول المحيطة بها.
أضاف: "ليس هناك عمد لنقل الثورة المصرية إلي دول أخري، خصوصاً أن مصر من الدول الحريصة علي احترام حرية الدول، بدليل رفضها للتدخلات الخارجية.
ولفت خلاف إلي أن ثورة مصر أثرت علي السياسة الخارجية لها من حيث تشديد العمل علي عدة نقاط منها ضرورة تطوير بعض آليات وخطوط التحرك الخارجي، وإحداث نوع من الثورة في إدارة العملية السياسية، وتطوير موقف مصر التقليدي فيما يتعلق بالرقابة علي الانتخابات، وإعادة الاعتبار لأبنائنا في الخارج، فضلاً عن تعديل علاقتنا بالأطراف التي أخذت من ثورتنا مادة للتشفي منا".
بينما يقول عمرو الشوبكي الخبير بمعهد الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن رسالة الثورة التونسية كانت قوية للغاية ورغم ذلك كان من الصعب التكهن بأن يحدث مثلها في مصر لكنها حدثت وقامت الثورة المصرية وأسقطت النظام، وهو ربما ما ينذر بحدوث المزيد من الثورات في عدد من الدول العربية التي تشهد توترات واحتقانات عديدة كالجزائر واليمن، ولكن ذلك لا يجعلنا نستطيع أن نقلل من قدرة الأنظمة العربية الدكتاتورية علي التكيف لضمان استمراريتها.
د.حسن وجيه أستاذ التفاوض الدولي بجامعة الأزهر يري أن حركة شباب25 يناير لها جذور عالمية، وأن جميع الحركات الشبابية تتأثر ببعضها البعض، لدرجة أن الصحف في جورجيا تتساءل عن تكرار النمط المصري لديها، وأكد أن الثورة المصرية مختلفة عن التونسية حيث أشعل الأخيرة كل طوائف المجتمع، بينما قاد الشباب ثورة مصر نظراً لارتباطهم فكرياً وإنسانياً، فضلاً عن احترامهم لقيم التقدم.
نموذج رائع
أضاف:"الثورة المصرية نموذج رائع، يجعلنا نرفع رؤوسنا، فما فعله الشباب يمثل ضربة قاضية في ظل الاحتقان الذي كنا نعاني منه جميعاً، وشدد علي أن الثورة تنعش الدور الإقليمي لمصر، وأن هناك أطرافاً خارجية تريد ركوب الموجة، ومنها إيران التي رد عليها شباب التحرير، وأكد وجيه أن السياسة الخارجية لمصر لم تتأثر إلا بشكل مؤقت، وأنه يمكن رأب هذا الصدع بعد انتهاء الأزمة.
ويؤكد د.عبد المعز أحمد نجم أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، أن ما جري في مصر وقبلها تونس هو نتيجة طبيعية للكبت الذي يعاني منه الشعبان والانفجار تولد نتيجة انعدام الديمقراطية وتطويق للحريات وارتفاع نسبة البطالة، وشيوع حكم العائلة وانتشار الفساد والمحسوبية، مضيفاً أن هناك توقعات بانتقال ما حدث في مصر وتونس إلي دول أخري مثل الجزائر والمغرب وغيرهما في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب التنمية الحقيقية وعدم محاسبة الفاسدين.
وقالت د.أماني مسعود أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن ما حدث في مصر ويمتد لكافة أرجاء المنطقة العربية هو ثورة شعبية من جميع الشرائح، إنها ثورة العزة والكرامة والحقوق ضد الظلم والخوف، بسبب الترهيب والتضييق والاستبداد والسجن والذل من قبل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت بقبضة أمنية حديدية سرقت من خلالها البلاد وحطمت روح العباد وجعلتهم مجرد عبيد.
أشارت إلي أن هذه الثورة عودة لروح العزة والإباء للشعوب العربية، وهذه الأحداث جعلت الشعوب أكثر وعياً، ووحدت الأمة تحت راية واحدة، وقضت علي حكومات النظام الواحد والتوريث، ودفنت خطابات الفتن الطائفية التي شغلت الناس ومزقت الأمة، وهي بالتالي ولادة عصر حكومات تمثل إرادة شعوب الأمة العربية المحبة للعدالة والحرية والتعددية وسيادة القانون.
أضافت: ينبغي علي كافة الأنظمة في المنطقة أن تفهم المرحلة والحركة الشعبية، فالتفهم المتأخر لمطالب الشعب كما حدث في تونس ومصر يعني الثورة، وعليها أن تحترم إرادة شعوبها لإقامة دولة القانون، والبعد عن الأعمال البوليسية والاعتقال والتعذيب والتهديد، فمن المستحيل أن يستمر الظلم والحرمان والترهيب للشعوب وإن طال الزمن، وأن الشعوب العربية بعد هذه الثورة حطمت قيود الخوف، وأن هناك بوادر لانتقال الحالة التونسية والمصرية إلي دول المنطقة، والمنطقة الخليجية ليست بعيدة عن رياح التغيير.
واعتبر رئيس حكومة ظل الوفد علي السلمي ما حدث جرس إنذار لكل النظم العربية التي لديها مشكلات مع شعوبها، مشيراً إلي أن وجود الكثير من أوجه التشابه بين الحالة المصرية والعديد من الدول العربية وعلي رأسها مشكلات البطالة والفقر وسوء توزيع الثروة والسلطة الغاشمة وغياب الديمقراطية، ستساهم بصورة فعالة في نقل عدوي الثورة الشعبية إليها.
بينما قال حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع إنه كانت هناك أوجه شبه كبيرة بين الواقع التونسي والمصري أدت لهذه الانتفاضة الشعبية المصرية تتمثل في أن كلا البلدين يحكم بنظام استبدادي غير ديمقراطي، ورغم وجود انتخابات وسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، فإن الحكم في حقيقته هو حكم الفرد الذي يتمتع بسلطات مطلقة، مشيراً إلي أن هذا الواقع تعيشه الكثير من الدول العربية علي رأسها اليمن والجزائر والأردن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.