جامعة سوهاج تنظم ندوه توعوية عن المشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    محافظ الإسماعيلية يتابع حملات سلامة الغذاء ويؤكد: «صحة المواطن أولوية»    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع رأس الحكمة    وزيرة التضامن تعلن عن دعم مستشفى شفاء الأورمان بالأقصر ب10 ملايين جنيه    فيديو يثير الجدل.. ترامب يغفو خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض    وزير النقل الأمريكي: السفر الجوي سينخفض إلى حد كبير    الأمم المتحدة: ندعم العملية الانتخابية في العراق ونشيد بحسن تنظيمها وإجراءاتها    أبرز ملفات الشرع في واشنطن.. «قانون قيصر» و«التعاون الدفاعي» يتصدران أجندة المباحثات    انطلاق حفل نهائي كأس السوبر المصري 2025 على ملعب محمد بن زايد في أبوظبي    «الداخلية»: ضبط صانعة محتوى رقصت بملابس خادشة على وسائل التواصل الإجماعي    ضبط 2.5 طن دقيق مدعم و2000عبوة عصائر وألبان وبسكويت منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «أطفال بلا مأوى» بالشرقية.. الأم تركتهم أثناء التسول    العثور على جثة شخص بها طلقات نارية في قنا    «الداخلية»: استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025 بجميع المحافظات    وزير الثقافة يلتقي نظيره القطري لمناقشة عدد من المشروعات الثقافية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي «الصحة العالمية» تعزيز جهود مواجهة الكوارث والطوارئ    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية بالخارج    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    مرفت عمر بلجنة تحكيم مهرجان ZIFFA في السنغال    محافظ البحيرة تتفقد مدرسة STEM.. أول صرح تعليمي متخصص لدعم المتفوقين    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر ديسمبر 2025 ل 11 مليون مواطن    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    محافظ المنيا وكابتن منتخب مصر يكرمان الأبطال المتميزين رياضيا من ذوي الهمم (صور)    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    تعزيزات أمنية واسعة استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025 بالفيوم    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية تشعل الشرارة في الوطن العربي
ثورتا اللوتس والياسمين تقتلعان هاجس الخوف الأمني وتزرعان الرغبة في التغيير
نشر في آخر ساعة يوم 15 - 02 - 2011

"الثورة الشعبية".. نوع جديد من الثورات لم تعهده الدول العربية من قبل، رغم أن الأمة العربية ظلت تعيش لقرون طويلة تحت وطأة الحكم الاستبدادي والديكتاتوري، إلا أنها يوماً لم تنتفض بصورة شعبية جماعية لتطالب بإسقاط نظام يحكمها، غير في صورة انقلابات عسكرية وثورات فئوية محدودة، ذلك النوع من الثورات يظهر ولأول مرة في مصر التي أطلق شبابها علي مدار 18 يوماً أكبر ثورة شعبية بيضاء في تاريخ الوطن العربي أدت إلي إسقاط نظامها الحاكم ودفعت الرئيس مبارك لإعلان تخليه عن الحكم.
الثورة الشعبية المصرية التي أطلق عليها ثورة "اللوتس"، سبقتها أخري في تونس سميت ب"الياسمين"، لكنها لم تكن بيضاء بفعل ما وقع فيها من اعتداءات واشتباكات دامية بين الثوار الشعبيين وجنود السلطة راح ضحيتها المئات من الشهداء ورجال الشرطة، كما أن عدد الثوار التونسيين لا يقارن بالطبع بملايين الثورة الشعبية المصرية التي قادت إسقاط النظام في كل ربوع مصر.
الثورة الشعبية في تونس ومصر، وتأييد الشعوب العربية لها تشكلان منعطفاً تاريخياً في المنطقة العربية، وبداية مرحلة جديدة سيكون لها تداعيات علي مستوي المنطقة بأسرها، لا سيما أن أغلب شعوب الوطن العربي تعاني من نفس المشاكل التي أدت لاندلاع الثورة في تونس ومصر، ومنها تهميش المواطن في اتخاذ القرار، وغياب الحريات، وعدم التوزيع العادل للثروة، وارتفاع نسبة البطالة والفقر.
الثورة المصرية تدشن لمرحلة ثورية جديدة غير مسبوقة في العالم العربي بعد أن حققت هدفاً مهماً وهو كسر حاجز الخوف، فلم تعد الجماهير تخاف أو تخشي النظام وأجهزته الأمنية التي كانت تثير الرعب في قلوب الناس، وحلت ثقافة الثورة محل ثقافة الخوف في منعطف تاريخي في مسيرة الشعوب العربية.
أعادت الثورة المصرية الاعتبار للوطن والوطنية وأحيت مجدداً الحديث عن المشروع الوطني في العالم العربي، ليس فقط في الدول الخاضعة للاحتلال كفلسطين والعراق، بل في بقية الدول العربية التي يفترض أنها انتقلت من مرحلة المشروع الوطني لمرحلة الدولة الوطنية.
ما حدث في مصر يمكن توصيفه بالظاهرة غير المسبوقة في التاريخ العربي الحديث من حيث حجم واتساع التحرك الشعبي وقوة المواجهة بين الشعب وأجهزة الأمن، وجاء نتيجة تراكم فشل الديمقراطية الموجهة، فهو حصاد الديمقراطية الشكلية التي غطت علي القضايا الحقيقية للأمة وحالت دون بناء الدولة والمجتمع والنظام علي أسس المواطنة الصحيحة.
وبقدر ما أثار التحرك الشعبي في مصر وقبلها تونس إعجاب الجماهير العربية المقهورة التي تعيش أوضاعاً شبيهة، إلا أنها أيضاً أثارت حفيظة أنظمة عربية وحكومات أجنبية وأصحاب مصالح يتخوفون من انتقال لهيب الثورة لبقية الشعوب العربية، الأمر الذي دفع الحكومات لاستباق الآتي ببعض الإجراءات المعلنة كدعم السلع الأساسية وزيادة الأجور وتليين تعاملها مع المعارضة، والإجراءات غير المعلنة كوضع خطط أمنية وقائية من طرف أجهزة الأمن والمخابرات بتعاون مع دول أجنبية.
لقد زادت الثورة الشعبية المصرية من الحراك الشعبي العربي في الطريق نحو التغيير الحقيقي، وأدت لكسر الشعوب العربية لحاجز الخوف من سطوة أجهزة الأمن، والحراك كان أيضاً في القصور الملكية والجمهورية العربية، إلا أن اللافت للنظر أن الحراك الرسمي العربي جاء لتفادي الثورات الشعبية، وجاء علي شكل رشاوي اقتصادية من الأنظمة السياسية لشعوبها لضمان استمرار صمتهم.
ففي الكويت وزعت الأموال علي المواطنين، وأقرت وجبات طعام مجانية، وفي الأردن سقطت حكومة سمير الرفاعي، وخفضت الأسعار ورفعت الرواتب، وفي اليمن أعلن الرئيس اليمني عن عدم نيته الترشح لفترة رئاسية قادمة، وأعلنت الحكومة عن توظيف 60 ألف خريج جامعي عاطلين عن العمل، وفي البحرين تم توزيع 1000 دينار بحريني علي كل أسرة بحرينية.
هذه الخطوات ما هي إلا سبل إضافية اتخذتها الأنظمة السياسية في العالم العربي لكي تحافظ علي وجودها في هرم السلطة، ومحاولة التخفيف من حدة النقمة الشعبية ضدها، وضد استحواذها علي السلطة وعلي المقدرات الاقتصادية لشعوبها.
اللوتس والياسمين
ما يزيد من توقعات امتداد رياح الثورات الشعبية نحو الكثير من البلدان العربية ليس فقط التشابه بين المطالب والمشكلات التي تعاني منها أغلب هذه الدول، ولكن التشابه أيضاً في شكل اندلاع الثورة بين تونس ومصر، ففي الأولي انطلقت شرارة الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، عندما أقدم شاب في ال26 من العمر علي إحراق نفسه احتجاجاً علي مصادرة البلدية عربة الخضراوات التي يمتلكها ويعيش منها، في منطقة سيدي بوزيد التونسية، مما أشعل البلاد احتجاجاً علي الأوضاع المعيشية في تونس ، وأدت هذه الاحتجاجات إلي الإطاحة بالرئيس بن علي وهروبه تاركاً البلاد في حالة اشتعال.
نفس الأمر تكرر في مصر بعد أن قام مواطن مصري بإشعال النار في جسده أمام مجلس الشعب احتجاجاً علي عدم قدرته علي توفير الخبز للمطعم الذي يعول عليه في الإنفاق علي أسرته، وعدم قدرته علي توفير نفقات الحياة اليومية ومواجهة ارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف، وتبعتها بعد ذلك عدة محاولات للانتحار بالحرق حتي اندلعت الاحتجاجات ووصلت لحد الثورة التي أطاحت بنظام الحكم في مصر في غضون18 يوما.
أيضاً التيمن بيوم الجمعة في كلتا الثورتين التي أطلقت يوم الغضب عنواناً لها جعل العديد من الدول العربية تدعو لإقامة جمعة مماثلة، علاوة علي الشعار الذي انتقل من تونس لمصر وهو"الشعب يريد إسقاط النظام" بدا مسموعاً في أغلب الاحتجاجات العربية الجارية الأن.
وتبقي المطالب المشروعة التي نادت بها الثورتان من توفير فرص عمل ومواجهة الفساد والحد من ارتفاع الأسعار ومعاقبة الوزاراء الفاسدين وغلظة العصا الأمنية هي نفسها المطالب التي تنادي بها أغلب الدول العربية الأن، والتي من المتوقع أن تكون الشرارة التي سيندلع منها الحريق ليقضي علي العديد من الأنظمة العربية الديكتاتورية.
تونس، مصر، لبنان، اليمن، الجزائر، الأردن ودول عربية وإسلامية أخري تختزن منذ عشرات السنين براميل متفجرة اجتماعية وسياسية واقتصادية، تكفي شرارة واحدة منها لتحرقها دفعة واحدة وتحدث اشتعالاً شاملاً فيها.
فاليمن تشهد شوارعها وميادينها مظاهرات غضب عارمة تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتحقيق إصلاحات سياسية واسعة، رغم إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وبدأ تنظيم مسيرات احتجاجية من أسبوعين وانطلقت يوم الجمعة الماضي تحت شعار "جمعة الغضب" تيمناً بالثورة المصرية، وجابت التظاهرات في بعض مناطق جنوب اليمن مطالبة بفك ما أسموه "الحصار العسكري الجائر" الذي تفرضه الحكومة، ورفعت الحشود صور الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض وصور عدد من المعتقلين.
كما احتشد آلاف المتظاهرين الخميس الماضي بالقرب من جامعة صنعاء، ورفعوا شعارات ضد الفقر والحكومة ولم يكتف المتظاهرون بالتعبير عن تضامنهم مع الانتفاضات التي جرت في تونس ومصر، بل طالبوا أيضاً الرئيس علي عبد الله صالح الذي تولي الحكم قبل اثنين وثلاثين عاماً بالتنحي عن الحكم.
وتعامل رئيس الوزراء اليمني علي مجور مع هذه المسيرات التي يربط الكثيرون بينها وبين الثورة المصرية بنفس المنطق الذي تعامل به رئيس الوزراء المصري السابق أحمد نظيف حينما ربط الكثيرون بين المظاهرات المصرية والثورة التونسية، فقال مجور:"لا توجد هناك أسباب تدعو لاندلاع مظاهرات في اليمن كما حدث بمصر، فاليمن ليست تونس أو مصر، اليمن وضعه مختلف، حيث إنه بلد ديمقراطي عبر كل العقود"، واتهم مجور المعارضة بمحاولة استنساخ ما حدث في تونس ومصر لتطبيقه علي اليمن.
أما المغرب فقد بدأت مرحلة التغيير فيها في صورة تظاهرات طلابية تنادي بتوفير الوظائف المناسبة للشباب خريجي الجامعات، وتظاهر نحو 1000 من خريجي الجامعات المغربية في الرباط للمطالبة باستيعابهم فوراً في الوظائف العمومية بعد تعليق تحركاتهم، وكان الشبان المغاربة يتظاهرون بانتظام منذ سنوات في الرباط وأوقفوا حركتهم مؤقتاً قبل 3 أسابيع، بعدما تلقوا تأكيدات من الحكومة بالاستجابة إلي مطالبهم.
ودخلت السعودية في دائرة الحراك السياسي، بإعلان مجموعة من الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام عن تأسيس أول حزب سياسي في المملكة باسم "حزب الأمة الإسلامي" كخطوة في إطار السعي لمواكبة الإصلاحات الجارية بالبلاد وتحقيق انفراجات سياسية لحماية المملكة من الاضطرابات والتوترات التي تعم المنطقة، وتقوم مبادئ الحزب علي الإيمان بالحرية والتداول السلمي للسلطة والمشاركة الشعبية في صنع القرار، وقبل أيام حذر محللون في وكالات استخباراتية دولية متخصصة في المخاطر من أن الانتفاضة التي تشهدها مصر قد تتسبب في تصاعد الاحتجاجات بين سكان المنطقة الشرقية بالسعودية ذات الكثافة السكانية العالية من الشيعة، وهو ما أكده تقرير لمؤسسة "اكسكلوسف اناليسس Exclusive Analysis" وهي مؤسسة أمريكية متخصصة في تحليل المخاطر السياسية، وذكر التقرير أن شرارة الانتفاضة في المنطقة الشرقية السعودية العائمة علي بحيرة من النفط تبدو قائمة وبدعم من إيران.
فساد ملكي
في الأردن تصاعد الجدل حول اتهامات موجهة إلي العائلة المالكة بالفساد، وأصدر الديوان الملكي الأردني بياناً شديد اللهجة رد فيه علي الاتهامات بحق زوجة العاهل الأردني الملكة رانيا بتورطها في فساد إداري ومالي، ونفي الديوان بشكل حازم تلك الاتهامات ملوحاً بإجراءات قانونية ضد مطلقيها، داعياً إلي مراجعة السجلات العقارية العلنية للتأكد من عدم صحة ما ذكر عن نقل أراض ومزارع عامة لملكية الأسرة الحاكمة، ولم يشفع قرار تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة معروف البخيت، والعمل علي خفض الأسعار وزيادة الرواتب في تقليل حدة الاحتقان والمطالبة بالتحقيق في كافة اتهامات الفساد.
وشهدت العاصمة الأردنية عمان العديد من مسيرات الغضب كان من بينها مسيرتان تأييداً للثورة الشعبية في مصر وللمطالبة بإصلاحات سياسية في الأردن الخميس الماضي، فانطلقت المسيرة الأولي من المسجد الحسيني وشارك بها نحو ألف شخص وهتف المشاركون داعين للإصلاح السياسي والاقتصادي، وانطلقت المسيرة الثانية من مسجد صلاح الدين لتتجه نحو السفارة المصرية، وقدر عدد المشاركين بها بحوالي 1500 شخص.
كما شهدت منطقة ذيبان مسيرة من أمام مسجد ذيبان الكبير بعد صلاة الجمعة الماضي بمشاركة نحو 600 شخص للمطالبة بإسقاط حكومة البخيت، وحل مجلس النواب، إضافة الي المطالب الاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة والاحتجاج علي ارتفاع الأسعار، وفي الكرك طالب المئات من المشاركين في مسيرة انطلقت من أمام المسجد العمري وسط المدينة، بإصلاحات سياسية جادة وسريعة، معبرين عن تضامنهم مع ثورة الشعب المصري، وهاجم المعتصمون الحكومة الأردنية الجديدة، وأطلقوا شعارات تؤكد عدم رضاهم عن حكومة البخيت.
وتجمهر المئات من الأردنيين أمام السفارة المصرية في عمان تعبيراً عن تأييدهم للثورة الشعبية في مصر، ورفع المشاركون في الاعتصام الذي دعت إليه النقابات المهنية وبمشاركة حزبية لافتات تأييد للشعب المصري، كما هتف المتظاهرون ضد الحكومة الأردنية الجديدة.
في الخرطوم تعتصم العشرات من نساء أسر معتقلين سياسيين وناشطين أمام مبني جهاز الأمن والمخابرات السوداني مطالبين بإطلاق سراح ذويهن أو تقديمهم للمحاكمة والسماح لأسرهن بمعرفة مكان احتجاز المعتقلين وزيارتهم للاطمئنان علي أوضاعهم الصحية، وهو الاعتصام الذي يأتي ضمن سلسلة مظاهرات صغيرة بالعاصمة الخرطوم بدأت في 30 يناير الماضي احتجاجاً علي ارتفاع أسعار المواد الغذائية وما وصفوه بتضييق الحريات مستجيبين لدعوات بمواقع إلكترونية في الخروج في مظاهرات مماثلة لما حدث في تونس ومصر.
الجزائر هي الأخري من أقرب الدول العربية لانفجار ثوري يطيح بنظامها، فمؤخراً رفض الناشط الحقوقي والباحث الجامعي د.فضيل بومالة أحد قادة قوي التغيير التي دعت إلي المسيرة السلمية التي شهدتها العاصمة الجزائر السبت الماضي توصيف جملة الشعارات التي تحملها لافتات الذين انخرطوا في المسيرة علي أنها مطالب لسبب واحد هو الحوار بينها وبين السلطة التي تري أنها احترفت إدارة ظهرها لأصوات المجتمع ومطالبه، وقال إن المظاهرات لها عشرات المطالب الأخري التي لن تتنازل عنها وعلي رأسها القضاء علي نظام الحكم الحالي.
تبدأ بالانتحار
ولأنها بدأت بمحاولات الانتحار في مصر وقبلها تونس فقد شهدت أيضاً الجزائر محاولات ثلاثة جزائريين من مناطق مختلفة الانتحار بسبب البطالة والحرمان من السكن، وقالت صحيفة "الوطن" الصادرة باللغة الفرنسية علي موقعها إن مواطنا جزائريا يدعي محمد أوشية وهو أب لستة أطفال حاول الانتحار احتجاجاً علي إقصائه من قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي، وأوضحت أنه أقدم علي سكب البنزين وإشعال النار في جسده ولكن تمكن زملاؤه من إطفاء النيران التي اشتعلت في كامل جسمه، كما سجلت مصالح الدفاع المدني الجزائري قيام شابين بإضرام النيران في جسديهما مقدمين علي الانتحار بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة وبسبب البطالة، وقال بيان من الدفاع المدني الجزائري إن الضحية الأولي يقطن في منطقة بوخضرة بولاية تبسة علي الحدود الجزائرية التونسية والثاني في منطقة جيجيل شرقي العاصمة الجزائرية، وأن الشابين لا يتجاوز عمراهما26 سنة تقدما بطلب لرئيس البلدية من أجل الاستفادة من وظيفة في إطار الشبكة الاجتماعية لكن طلبهما رفض من طرف السلطات المحلية، وأنهما أقدما علي استخدام سائل قابل للاشتعال وأشعلا النار في جسديهما وتم نقلهما إلي العناية المركزة.
ولم تكن هذه المرة الأولي التي يقدم فيها شباب جزائريون علي الانتحار بسبب البطالة والحرمان من السكن حيث سبق لشاب أن أقدم علي الانتحار قبل أسبوع في بلدية زموري بولاية بومرداس بعدما ضاقت به السبل في الحصول علي وظيفة، كما أقدم شاب يبلغ من العمر 34 عاماً علي إضرام النار في نفسه أمام مديرية الأمن بولاية مستغانم غربي العاصمة الجزائرية، كما قام شاب آخر عمره 27 عاماً بمحاولة حرق نفسه قبالة مقر الأمن وسط مدينة جيجل وتدخل رجال الأمن لإنقاذه، وأصيب بحروق متفرقة من جسده وتم فتح تحقيق لمعرفة أسباب الحادث فيما حذرت تقارير إعلامية من أن البطالة والمشاكل الاجتماعية تقف وراء إقدام هؤلاء الشباب علي محاولة الانتحار.
كما ألهمت الثورة الشعبية المصرية عددا كبيرا من النشطاء الفلسطينيين للدعوة إلي القيام بثورة فلسطينية شعبية مماثلة من أجل إسقاط السلطة الفلسطينية ورموزها الذين وصفوهم بعملاء الاحتلال، ومتآمرين علي المقاومة، وكذلك إسقاط منظمة التحرير الفلسطينية، وأطلق نشطاء فلسطينيون علي موقع "فيس بوك" حملة للمطالبة بإسقاط سلطة فتح ومنظمة التحرير، تحت عنوان "معاً لإسقاط السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير"، وقالت الحملة في بيان نشرته علي الموقع: "يجب أن يثور وينتفض الشعب الفلسطيني علي عملاء الاحتلال في مقاطعة رام الله الذين يعذبون المقاومين ويتآمرون علي المقاومة، هؤلاء الذين اعترفوا مؤخراً بمساعدتهم في اغتيال المقاوم حسن المدهون، هؤلاء العملاء الذين باعوا مدينة القدس المحتلة وسلموها للاحتلال وتنازلوا عن المسجد الأقصي"، ونشرت الحملة رابطها علي "فيسبوك"، ودعت النشطاء إلي المشاركة في الإطاحة بعباس.
في سوريا لم يستبعد المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا أن تستأنف الجماعة نشاطاتها المعارضة ضد النظام السوري، بعد نجاح الثورات الشعبية في مصر وتونس، وقال علي صدر الدين البيانوني إن الجماعة تتجه إلي إلغاء قرار تعليق أنشطتها المعارضة نتيجة عدم تجاوب السلطة مع هذه المبادرة التي مضي عليها أكثر من سنتين، حيث كانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا قد قررت عام 2009 وقف نشاطها المعارض تضامناً مع دور سوريا خلال الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة، ونفي البيانوني علمه بأن توجه إخوان سوريا لاستئناف أنشطتهم المعارضة يأتي استجابة لمطالب جهات عربية علي علاقة بتطورات الساحة اللبنانية، واعتبر أن الأحداث في تونس ومصر مؤشر علي أن رياح التغيير هبت علي المنطقة، وحذر من أن التغيير في سوريا قادم ولا بد منه، إذا لم تبادر السلطة إلي القيام بإصلاحات حقيقية وانفراج ملموس، وأشار المراقب العام السابق لإخوان سوريا إلي أن الرئيس بشار الأسد يستطيع أن يقوم بهذا التغيير وبأقل قدر من الأضرار إذا بادر فعلاً إلي إصلاحات فورية ولو كانت متدرجة تعيد للناس حريتهم وكرامتهم وتجعلهم يحسون أن هناك تغييراً حقيقياً.
واعتبرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن ما حدث في مصر لحظة تاريخية من أعظم اللحظات في التاريخ الوطني المصري ومن أنصع اللحظات في التاريخ القومي العربي التي تغير مصر والمنطقة والعالم، وذكرت صحيفة "تشرين" في افتتاحيتها أن الثورة في مصر هي الانعطافة الكبري في حياة الأمة ليس في مصر فقط وإنما في الوطن العربي كله بعد أن قرر الشعب المصري تنحية الرئيس حسني مبارك، وقالت إن الشعب المصري أجبر الرئيس مبارك علي التخلي عن السلطة في ثورة شعبية رائدة كان فيها الوطن بكل مقوماته وقدراته ومعانيه السامية الشعلة التي تنير درب المتظاهرين والمعتصمين، بينما قالت صحيفة "البعث" في افتتاحيتها أن بانتصار ثورة مصر العظيمة حدثت المعجزة التي أكدت أن منطق الحق هو الذي يتغلب مهما طال زمن القهر والظلم علي منطق القوة الغاشمة.
العدوي تنتقل
أجمع الخبراء والمحللون السياسيون علي أن انتقال عدوي المظاهرات الشعبية الغاضبة من مصر إلي دول عربية أخري أمر منطقي ومتوقع بشده لما تمثله مصر من ثقل كبير في المنطقة فهي محط أنظار كافة الدول العربية التي تري فيها دائماً القائد والقدوة، وأشار الخبراء إلي نجاح ثورة الإنترنت والمدونات والمواقع وفيس بوك في تعميق الشعور بالاحتجاج لدي الشعب المصري عبر نشر الأخبار والصور والفيديوهات لمشاهد الاحتجاجات وقمع الشرطة للمتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وهو ما كان ينشر علي الفور علي الإنترنت.
السفير هاني خلاف مندوب مصر في جامعة الدول العربية (سابقاً) يري أن المصريين لم يستخدموا أي شعارات سياسية خارجية، أو تعمدوا التوجه بثورتهم إلي دول بعينها، وقال إن مصر لها امتداد فعلي علي مر الزمان، وعندما يحدث بمصر ثورة تتنقل عبر القنوات العادية إلي الدول المحيطة بها.
أضاف: "ليس هناك عمد لنقل الثورة المصرية إلي دول أخري، خصوصاً أن مصر من الدول الحريصة علي احترام حرية الدول، بدليل رفضها للتدخلات الخارجية.
ولفت خلاف إلي أن ثورة مصر أثرت علي السياسة الخارجية لها من حيث تشديد العمل علي عدة نقاط منها ضرورة تطوير بعض آليات وخطوط التحرك الخارجي، وإحداث نوع من الثورة في إدارة العملية السياسية، وتطوير موقف مصر التقليدي فيما يتعلق بالرقابة علي الانتخابات، وإعادة الاعتبار لأبنائنا في الخارج، فضلاً عن تعديل علاقتنا بالأطراف التي أخذت من ثورتنا مادة للتشفي منا".
بينما يقول عمرو الشوبكي الخبير بمعهد الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن رسالة الثورة التونسية كانت قوية للغاية ورغم ذلك كان من الصعب التكهن بأن يحدث مثلها في مصر لكنها حدثت وقامت الثورة المصرية وأسقطت النظام، وهو ربما ما ينذر بحدوث المزيد من الثورات في عدد من الدول العربية التي تشهد توترات واحتقانات عديدة كالجزائر واليمن، ولكن ذلك لا يجعلنا نستطيع أن نقلل من قدرة الأنظمة العربية الدكتاتورية علي التكيف لضمان استمراريتها.
د.حسن وجيه أستاذ التفاوض الدولي بجامعة الأزهر يري أن حركة شباب25 يناير لها جذور عالمية، وأن جميع الحركات الشبابية تتأثر ببعضها البعض، لدرجة أن الصحف في جورجيا تتساءل عن تكرار النمط المصري لديها، وأكد أن الثورة المصرية مختلفة عن التونسية حيث أشعل الأخيرة كل طوائف المجتمع، بينما قاد الشباب ثورة مصر نظراً لارتباطهم فكرياً وإنسانياً، فضلاً عن احترامهم لقيم التقدم.
نموذج رائع
أضاف:"الثورة المصرية نموذج رائع، يجعلنا نرفع رؤوسنا، فما فعله الشباب يمثل ضربة قاضية في ظل الاحتقان الذي كنا نعاني منه جميعاً، وشدد علي أن الثورة تنعش الدور الإقليمي لمصر، وأن هناك أطرافاً خارجية تريد ركوب الموجة، ومنها إيران التي رد عليها شباب التحرير، وأكد وجيه أن السياسة الخارجية لمصر لم تتأثر إلا بشكل مؤقت، وأنه يمكن رأب هذا الصدع بعد انتهاء الأزمة.
ويؤكد د.عبد المعز أحمد نجم أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، أن ما جري في مصر وقبلها تونس هو نتيجة طبيعية للكبت الذي يعاني منه الشعبان والانفجار تولد نتيجة انعدام الديمقراطية وتطويق للحريات وارتفاع نسبة البطالة، وشيوع حكم العائلة وانتشار الفساد والمحسوبية، مضيفاً أن هناك توقعات بانتقال ما حدث في مصر وتونس إلي دول أخري مثل الجزائر والمغرب وغيرهما في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب التنمية الحقيقية وعدم محاسبة الفاسدين.
وقالت د.أماني مسعود أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن ما حدث في مصر ويمتد لكافة أرجاء المنطقة العربية هو ثورة شعبية من جميع الشرائح، إنها ثورة العزة والكرامة والحقوق ضد الظلم والخوف، بسبب الترهيب والتضييق والاستبداد والسجن والذل من قبل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت بقبضة أمنية حديدية سرقت من خلالها البلاد وحطمت روح العباد وجعلتهم مجرد عبيد.
أشارت إلي أن هذه الثورة عودة لروح العزة والإباء للشعوب العربية، وهذه الأحداث جعلت الشعوب أكثر وعياً، ووحدت الأمة تحت راية واحدة، وقضت علي حكومات النظام الواحد والتوريث، ودفنت خطابات الفتن الطائفية التي شغلت الناس ومزقت الأمة، وهي بالتالي ولادة عصر حكومات تمثل إرادة شعوب الأمة العربية المحبة للعدالة والحرية والتعددية وسيادة القانون.
أضافت: ينبغي علي كافة الأنظمة في المنطقة أن تفهم المرحلة والحركة الشعبية، فالتفهم المتأخر لمطالب الشعب كما حدث في تونس ومصر يعني الثورة، وعليها أن تحترم إرادة شعوبها لإقامة دولة القانون، والبعد عن الأعمال البوليسية والاعتقال والتعذيب والتهديد، فمن المستحيل أن يستمر الظلم والحرمان والترهيب للشعوب وإن طال الزمن، وأن الشعوب العربية بعد هذه الثورة حطمت قيود الخوف، وأن هناك بوادر لانتقال الحالة التونسية والمصرية إلي دول المنطقة، والمنطقة الخليجية ليست بعيدة عن رياح التغيير.
واعتبر رئيس حكومة ظل الوفد علي السلمي ما حدث جرس إنذار لكل النظم العربية التي لديها مشكلات مع شعوبها، مشيراً إلي أن وجود الكثير من أوجه التشابه بين الحالة المصرية والعديد من الدول العربية وعلي رأسها مشكلات البطالة والفقر وسوء توزيع الثروة والسلطة الغاشمة وغياب الديمقراطية، ستساهم بصورة فعالة في نقل عدوي الثورة الشعبية إليها.
بينما قال حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع إنه كانت هناك أوجه شبه كبيرة بين الواقع التونسي والمصري أدت لهذه الانتفاضة الشعبية المصرية تتمثل في أن كلا البلدين يحكم بنظام استبدادي غير ديمقراطي، ورغم وجود انتخابات وسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، فإن الحكم في حقيقته هو حكم الفرد الذي يتمتع بسلطات مطلقة، مشيراً إلي أن هذا الواقع تعيشه الكثير من الدول العربية علي رأسها اليمن والجزائر والأردن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.