أشعر بحالة اليتم التي أصبح عليها الشعب الفنزويلي. أتمثل تماما إحباطهم بعد وفاة القائد والأب والمثال والمحارب الشرسه والمناضل النبيل. مات الزعيم الذي نذر حياته للدفاع عن حقوق الفقراء. مات هوجو شافيز كما يموت كل الرجال المحترمين. كشجرة سنط عملاقة سقطت أوراقها وفروعها لاتزال تطاول عنان السماء بينما جذورها راسخة في الأرض.. مات البطل. صراعه مع المرض لم يكن أكثر من محطة أخيرة توجت رحلة طويلة من الكفاح الذي خاضه علي مدي سنوات حياته ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها داخل فنزويلا وخارجها. لاتقاس قيمة شافيز بما حققه من طفرات هائلة في مستويات دخول الفقراء الفنزويليين منذ انتخابه رئيسا لبلاده عام1999, ولا بتضييق المسافة بينهم وبين الأغنياء, ولكن في مواقفه المشرفة في مواقف عديدة أبرزها قطع علاقات فنزويلا الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل ردا علي جرائمها في لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة, وهو ما لم تجرؤ عليه حكومة واحدة من حكومات العالم. قيمته أنه قاد أمريكا اللاتينية نحو التحرر من الإمبريالية العالمية ن خلال ما أطلق عليه( اشتراكية القرن الحادي والعشرين). قيمة شافيز أنه يفعل ما يقول ولا يفعل ما يعتقد أنه خطأ. اتهمته وسائل الإعلام الغربية بالدكتاتورية رغم اعتلائه سدة الحكم في بلاده عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة, لم يسجن معارضية الديمقراطيين, ولم يقمع خصومه الرأسماليين.. وصبيحة وفاته لم يلعنه معارضوه, خصومه.. بل بكته فنزويلا كلها وذرفت دموعا ساخنة لدي تلقيها النبأ الصدمة. أخبار فنزويلا قبله كانت تنحصر في فوز حسناواتها بمسابقات الجمال, لتتحول بعد رئاسته إلي تصدير أفكار التكامل والتحرر بين دول أمريكا اللاتينية. كتبت في هذا المكان قبل أسابيع أن شافيز رجل يجبرك علي احترامه وتقديره حيا وميتا. وبعد وفاته أتصور أن أفراحا ستقام في البيت الأبيض وتل أبيب.. فشافيز هو القائل: ينبغي جر الرئيس الإسرائيلي إلي محكمة دولية ومعه الرئيس الأمريكي, لو كان لهذا العالم ضمير حي.. يقولون إن الرئيس الإسرائيلي شخص نبيل يدافع عن شعبه! أي عالم عبثي هذا الذي نعيش فيه؟. كانت هذه كلمات شافيز تعليقا علي الاعتداءات الإسرائيلية علي قطاع غزة قبل سنوات كل الاحترام لروح شافيز المناضل الحر.. الذي رحل رحيل الأبطال. رابط دائم :