يتصريحات في غاية الخطورة تلك التي أدلي بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الأربعاء الماضي والتي حذر فيها من عواقب انتصار المعارضة السورية علي نظام الرئيس السوري بشار الأسد.. حيث أكد أنها ستؤدي إلي زعزعة الاستقرار في المنطقة وخلق ملاذ آمن لمن وصفهم بالمتطرفين وستشعل حربا أهلية في لبنان وأخري طائفية في العراق وستؤدي إلي انقسام في الأردن! ودعم وجهة نظره وزير النقل العراقي هادي العامري الذي كان يتولي قيادة منظمة بدر الشيعية قبل حلها بقوله: إن دعم تركيا وقطر للمعارضة المسلحة في سوريا يرقي إلي حد إعلان حرب علي العراق مبررا رأيه بأن هذا السلاح بالتأكيد سيصل إلي صدر العراقيين! الورق أصبح مكشوفا, ولم تعد النوايا سرية. المالكي ووزيره يتحدثان عن صراع دموي قادم لا محالة بين السنة والشيعة في المنطقة, وإرهاصاته بدت واضحة في العراق, حيث يشكو سنة العراق من التهميش السياسي والإقصاء عن دوائر صنع القرار وهو ما أدي إلي مظاهرات حاشدة ومتواصلة منذ شهور من جانب العراقيين السنة احتجاجا علي سياسات حكومة المالكي, تلك الإرهاصات التي عبرت عن نفسها في لبنان باشتباكات عنيفة بين السنة والعلويين في طرابلس, فضلا عما يجري من حرب طاحنة بين النظام الأسدي العلوي في سوريا وبين المعارضين السنة. المطلوب من المعارضة السورية المسلحة وفقا للمالكي تسليم سلاحها والاستسلام لحرب الإبادة التي يديرها بشار الأسد حتي نتجنب ويلات حروب أهلية في سوريا ولبنان والعراق والأردن وقد تتورط فيها تركيا كطرف أصيل من وجهة نظر رئيس الوزراء العراقي الشيعي. فات المالكي أن تحذيراته لن تأتي بأي نتيجة لا في سوريا ولا في أي من الدول المذكورة, لأن استسلام المعارضة السورية وهو أمر مستحيل من الناحيتين العملية والنظرية لن تأتي إلا بمزيد من إراقة الدماء السنية كما أنها ستؤدي إلي انفراد الأسد تماما بالسلطة وممارسة المزيد من القمع والتنكيل والقتل والتشريد للشعب السوري الذي يعيش كابوسا أسود منذ ما يقرب من عامين, بما يعني أن الفتنة والحروب الأهلية قادمة لا محالة, لأن الأطراف المساندة للمعارضة السورية السنية المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي أما القمع الأسدي, مثلما لن تتوقف احتجاجات السنة في العراق طالما استمر المالكي في سياسة إقصائهم من العملية السياسية هناك.علي المالكي أن يتجنب وقوع الفتنة في العراق قبل أن يملي تصوراته علي جيرانه, والتي يبدو أنه حتي الآن يسهم في تأجيجها بفشله في تجنبها. [email protected] رابط دائم :