سحبت الشمس خيوطها مودعة السماء وانكسرت ظلالها علي البيوت الملتصقة وبدا واضحا من بعيد وسط الزروع وبجوار إحدي الأشجار ظل محمود وهانم العاشقين وهما يتهامسان وكانت الفتاة تلح عليه أن ينفذ وعده ويتقدم لخطبتها وكانت ردوده أشبه بالمياه المتسربة بين الأصابع وهو يعلم أن ذات العشرين ربيعا مغرمة إلي أبعد الحدود. وبعد مناجاة استمرت أقل من ساعة أمسك العاشق يد الفتاة وقلبها وهو يحفر كلماته في أذنيها سأموت لو تزوجت غيري وكانت هذه عبارة الوداع عقب كل لقاء وما أن تسمعها هانم حتي تسري في كيانها موجة كهربية تدغدغ حواسها فتسير مسرعة عائدة إلي بيتها وهي تفكر في الحجج التي ستسوقها لذويها بالبيت مبررة التأخير هذه المرة. وما إن أقسمت علي المصحف انها لم تجد صديقتها وجلست تنتظرها حتي تعود حتي انطلت الكذبة علي الام المسكينة واختلت هانم بغرفتها تحصد ما بقي في ذاكرتها من عذب الكلمات التي يعرف محمود كيف يصل بها إلي مبتغاه في لقاءاتها وتعلقت عيناها بسقف الحجرة تلعن فقر حبيبها وتحلم بعش يجمعها معا في القريب العاجل وأغلقت عينيها وهي تستعيد وجهه في خيالها قبل أن تغيب في أحلامها.. ومرت الاحداث بأسرع مما توقعت وتعددت لقاءات وخلوات العاشقين واستترا عن الاعين في إصرار لا يوصف, وفي إحدي الليالي بمجرد عودتها من احضان العاشق فوجئت بأمها تنهرها بشدة والدموع في عينيها فجزعت وخجل قلبها وظنت ان مكروها قد حدث إلا انها وجدت نفسها بين احضان امها بعنف وترتب عل ظهرها وهي تزف إليها أن شابا مهذبا قد تقدم لخطبتها, تضاربت الافكار بسرعة في رأس هانم وتسلل إليها فرح مكتوم وهي تتصور أن محمود قد سبقها وفاتح الام في الخطوبة وسرعان ما تبدد الحلم. بشرتها الام بأن العريس الجديد موظف في بداية حياته ويساعده اهله وأخته الثرية في إعداد عش الزوجية. وأوصت الام العروس أن تتزين لأستقبال العريس وأهله القادمين بعد ليلتين. ولم تنم هانم وفي الصباح تعللت بانها تشعر بتعب في معدتها وستتوجه إلي الوحدة الصحية واتصلت بالعاشق واخبرته بما حدث وهي تبكي وطمأنها محمود بأنهما لن يفترقا ولا توجد قوة تستطيع فعل ذلك, وأعاد علي مسمعها تأكيده أنه سيموت لو تزوجت غيره, وخرجت هانم من أمام المرآة عروسا تخطف العيون وقبلتها أم العريس واوصتها بإبنها خيرا وذكرتها انه طيب القلب صادق اللسان مشهور بتدينه وأكدت لها أنها ستكون الام والاب والاخت لها في أي شيء ولن تكون حماه في حياتها, جمعت هانم وصايا الام والقت بها أسفل اقرب مقعد بالقرب منها وابتلعت الاماني والدعوات علي مضض وهي تفكر في محمود واستقبلت كريم عريسها بود مصطنع وقد عزمت في رأسها أمرا كتمته. ومرت الايام سريعا وحضر النسوة يجاملن العروس وأهلها وأحضرت الحناء يخضبن أكفهن ويرسمن الزخارف والوشم ودوت الضحكات والقفشات في الآفاق معلنة أن الغد يوم الزفاف لكريم و هانم. وبعد محاولات تجاوزت العشر ساعات استطاعت الفتاة ان تختلي بهاتفها تنقل عبرات الحزن والشؤم إلي محمود الذي حاول تهدئتها ووعدها بأنه سيتصرف ولكنها كانت منهارة. ونفذت هانم ما وصتها به أمها ومرت ساعات الزفاف بما لايعكر الصفو وشعر الجميع بالهناء إلا هانم التي أسرعت ألي الحمام تهاتف محمود وتخبره انها أصبحت لغيره وجن جنون الشاب وصرخ فيها انه يحبها بكل كيانه إلا أنه استعصي عليه الاتيان بشقة الزوجية وهذا ما منعه من الاقتران بها وهي تعرف ذلك. وقبل أن يمر شهر علي زفاف هانم كان الشيطان يستعيذ مما اتفقت عليه مع محمود عشيقها الذي استجاب لهانم في ضرورة التخلص من كريم. حتي استل مطواته وانهال علي رقبة كريم بعدة طعنات حتي شعر أن روحه غادرت جسده ثم قام بخنقه خوفا من اي علامة لعودته للحياة ثم أقترب من الطريق الصحراوي وألقي بحثته ولكن الاجهزة الامنية بمباحث الشرقية كانت لها بالمرصاد, وكان اللواء محمد كامل مدير أمن الشرقية قد تلقي إخطارا من العميد إبراهيم سليمان مدير فرع البحث الجنائي بالعاشر من رمضان بالعثور علي جثة كريم السيد22 سنة موظف في صحراء في إحدي المناطق الصحراوية بالعاشر من رمضان وبها عدة طعنات وعلامات اختناق, وبتكثيف التحريات واستخدام التقنية الحديثة في التتبع التي أشرف عليها اللواء علي أبو زيد مدير المباحث الجنائية والمقدم أحمد غازي رئيس مباحث قسم اول العاشر أكدت التحريات وجود علاقة عاطفية بين زوجته هانم. ص.م20 سنة وبين السائق محمود. ف والمقيمين بشطنوف بالمنوفية. حيث اتفقا معا علي التخلص من زوجها من خلال توصيله إلي منزله بطريق العاشر من رمضان.