تتزامن هذه الأيام ذكري ميلاد واحدة من أجمل وأعظم من أنجبت مصر والتي ظلت محط اهتمام الملايين واستحوذت علي عقولهم وقلوبهم منذ أن شدت بصوتها القوي الجميل الذي لامثيل له في وطننا العربي الي الآن. فهي صاحبة الموهبة ذات الذكاء الفطري الحاد الذي استطاعت من خلاله أن تصبح سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم. وقد نشأت الطفلة أم كلثوم لأسرة متواضعة في ريف مصر وبالتحديد في قرية طماي الزهايرة مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وكان والدها ابراهيم البلتاجي مؤذن القرية مما شجعها علي غناء التواشيح الدينية والقصائد وحفظها بصحبة أخيها خالد, وفي سن العاشرة تقريبا بدأت تواجه الجمهور في منزل شيخ البلد وأصبحت هي مصدر دخل اضافي لأسرتها والتقي والدها بالشيخ زكريا أحمد والشيخ أبو العلا محمد اللذين عملا علي اقناعه للانتقال الي القاهرة وبالفعل كانت هي الخطوة الأولي لاكتشاف هذه العبقرية المذهلة ووضعها علي بداية طريق النجومية, واستطاعت هذه الأسطورة الغنائية خلال فترة بسيطة أن تتربع عرش الغناء لكل هذه السنوات وأن تصبح أم كلثوم سفيرة لبلدها في الداخل والخارج مستغلة هذه المقدرة الغنائية في لعب بعض الأدوار السياسية لما كان لها من تأثير علي الجمهور الذي عشق صوتها وفنها عبر رصيدها للأغاني الوطنية التي كانت خير معبر عن انتمائها للتربة المصرية الصميمة وشعورها الغريزي بوطنها الذي أثارت عزيمة شعبه بتلك الأغنيات الرائعة التي تحيا في وجداننا جميعا. وكانت أم كلثوم حالة غنائية فريدة في مواجهة كل الأصوات المعاصرة حيث الهبت وأشعلت نيران الحب والوهج في نفوس كل المحبين و العاشقين, وظلت أ كثر من نصف قرن من الابداع الفني والتميز حققته من خلال اختياراتها للكلمات والألحان الذي أثر بشكل كبير علي استمرار فنها الي وقتنا هذا من خلال مشاركتها لقمم المبدعين من الشعراء والملحنين الذين تعاونت معهم وحققت نجاحا مدويا جعلها ملكة لفن الغناء الشرقي طيلة عمرها الفني, فضلا عن دوام هذا التألق الفني والغنائي الي الآن اعتقد أن أم كلثوم ستظل خالدة الي الأبد بكل ماقدمته من انتاج فني ضخم وغزير يتسم بالرقي والتحضر كما أنه يحمل بين ثناياه العديد من الرسائل الهادفة المعنوية أو السياسية أو حتي الاقتصادية فيما بذلته بعد نكسة عام1967 في التبرع بأجر حفلاتها للمجهود الحربي وكان صوتها يتميز بحلاوة وطلاوة كما كانت ذواقة للكلمة ولديها حسن اختيار للتعبير الجذاب وسحر الألفاظ العربية, أما شخصيتها فتتميز بالمرح والنشاط وكانت مملوءة بالحيوية وتقف علي المسرح شامخة بكبرياء وخلفها عظماء الموسيقين في هذا الوقت, وكانت تحرص كل الحرص علي فنها وعلي هؤلاء الموسيقيين مما دعاها لتأسيس نقابة للموسيقيين عام1943 وترأستها لمدة عشرة أعوام وذلك للوقوف علي مصالحهم.