تمر الأيام وترحل السنون وتبقى كوكب الشرق منيرة فى سماء القلوب غناءة فى حدائق الوجدان صادحة فى ربوع العاشقين . ورغم اختلاف الأمزجة والمشارب وتنوع الثقافات وتباين النوتات الموسيقية فى كل عصر من العصور يظل الجميع فى أسر ذلك الصوت الراقى المبهر الممتع الذى كان ومازال فريد عصره وكل العصور التى تلته . ولدت أم كلثوم على قول المؤرخين الثقاة فى 30 ديسمبر 1898 بينما التاريخ المشهور والمثبت فى السجلات هو 4 مايو 1908 لأنه لم يكن هناك توثيق رسمي وشهادات ميلاد في هذا الوقت لذا اعتمد تاريخ التسنين – طبيًا – دخلت إلى عالم الحياة الخارجى في قرية طماى الزهايرة – مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية -لمؤذن القرية إبراهيم البلتاجي . كانت تحفظ وتغني القصائد والتواشيح هي وأخاها خالد إبراهيم البلتاجي. وفي حدود سن العاشرة كانت قد أصبحت تغني أمام الجمهور في بيت شيخ البلد في قريتها. بدأ صيتها يذيع فى صغرها إلى أن التقى أبوها بعد عام 1916 بالشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد اللذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان . أقنع الشيخان الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه أم كلثوم. حيث أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجرا لها. فى عام 1921 استقرت نهائيا بالقاهرة وبدأت تغنى فى حفلات الكبار من المسئولين وعلية القوم حتى تعرفت فى عام 1924 على الشاعر أحمد رامى والملحن الدكتور أحمد صبرى النجريدى . والبداية الحقيقية كانت على يد الملحن محمد القصبجى الذى ساهم فى إعداد أم كلثوم معنويا وفنيا حيث كون لها فرقتها الموسيقية الخاصة . وفى عام 1928 بزغ نجمهابعد غنائها مونولوج " إن كنت أسامح وأنسى الآسية " لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق ويدوي اسم أم كلثوم بقوة في الساحة الغنائية . وكان لقائها مع الموسيقار رياض السنباطى نقلة مهمة فى حياتها الفنية حيث غنت له أغنية " على بلد المحبوب " عام 1935 والذى ظل يلحن لها طيلة 40 عاما . شاركت بالتمثيل والغناء فى ستة أفلام مابين 1936 و 1947 من بينها " وداد " و " دنانير " و " وسلامة " و " فاطمة " و " نشيد الأمل " و " عايدة " . وفي عام 1951 تغني (مصر تتحدث عن نفسها)، ليأتي بعدها بعام واحد ثورة يوليو ويصدر قرار عسكري بمنع أم كلثوم من الغناء.. ويصل الخبر عن طريق الصحفى مصطفى أمين فى سبتمبر 1952إلى جمال عبد الناصر شخصيا الذى يأمر بإلغاء هذا القرار. وعلى إثر نزاع على منصب النقيب يتم إلغاء انتخابات النقابة، ويتم تعيين محمد عبد الوهاب نقيبا للموسيقيين. على إثر هذا الموقف وما تردد عن مساندة بعض الضباط الأحرار لعبد الوهاب؛ تُبَلِغ أم كلثوم قرار اعتزالها إلى الصاغ أحمد شفيق الأبو عوف. الذي نقله إلى مجلس قيادة الثورة، فذهب إليها وفد مكون من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم لإقناعها بالعدول عن رأيها . بعد هذا الموقف حملت إعجابا جارفا بعبد الناصر وبمواقفه ككل الشعب آنذاك، وعبرت عن هذا الإعجاب بعدة أغان منها "بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال " و " حققنا الآمال برياستك يا جمال " و " يا جمال يا مثال الوطنية..أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية" وفىعام 1954 تزوجت أم كلثوم من حسن السيد الحفناوي أحد أطبائها الذين تولوا علاجها واستمر الزواج حتى وفاتها. وفي 29 أكتوبر عام 1956 غنت أم كلثوم نشيد صلاح جاهين "والله زمان ياسلاحي" الذي أصبح نشيدا قوميا. من ألحان كمال الطويل وحفظت النشيد على ضوء الشموع نظرا للغارات الإسرائيلية على مصر وقتها . أنهت أم كلثوم عام 1959 بأغنية هجرتك من كلمات أحمد رامى وألحان رياض السنباطى وافتتحت عام ا960 بأغنيتها الشهيرة " حب إيه " من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان الموسيقار بليغ حمدى " الذى قدمه لها الموسيقار محمد فوزى صاحب شركة مصر فون قبل تأميمها . وأنهت أم كلثوم عام 1961 بأغنيتها " هوه صحيح الهوى غلاب " من كلمات بيرم التونسى الذى توفى قبل الحفلة ومن ألحان زكريا أحمد الذى رحل بعد الحفلة بشهر واحد . وفى عام 1962 افتتحت التليفزيون بأغنية أنساك من كلمات مأمون الشناوى ولحن مذهبها زكريا أحمد قبل وفاته ثم أسندت لحين باقى الأغنية إلى الموسيقار الشاب بليغ حمدى . وفى عام 1964التقت فى عمل رائع مع الموسيقار محمد عبد الوهاب وهو " إنت عمرى " الذى أطلق عليه وقتها لقاء السحاب ، وقيل أن اللقاء تم بإيعاز من الزعيم جمال عبد الناصر . وكانت أغنية " أوقاتى بتحلو معاك " آخر أغنيات أم كلثوم التى قامت بعمل بروفاتها التى وقعت أثناءها صريعة للمرض ولم يمهلها القدر لغنائها . وفى 22 ينايرعام 1975 في 22 يناير 1975 تصدرتْ أخبار مرض أم كلثوم الصحف وكانت الإذاعة تستهل نشراتها بأخبار مرض أم كلثوم وعرض الناس التبرع بالدم لأم كلثوم. و في 3 فبراير 1975 في القاهرة تلف ملامح عدم التصديق وجوه الجميع.. تندمج اذاعات الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب في موجة واحدة لتعلن الحقيقة. ظهر يوسف السباعي في تمام السادسة مساءا ليلقى النبأ بينما وقف المهندس سيد مرعي رئيس مجلس الشعب دقيقة حدادا. مع أبيها فى طفولتها فى صباها فى شبابها مع أفراد التخت فى قصر عابدين مع الشيخ أبو العلا مع رياض السنباطى فى إحدى الروفات مع الزعيم جمال عبد الناصر ومحمد عبد الوهاب مع بليغ حمدى فى إحدى البروفات