هل كان القذافي مختلا عقليا أم عبقريا؟ هل كان زعيما وطنيا أم عميلا خائنا بامتياز؟ هل انتهي حكمه أم أنه مازال يتحكم في مقاليد الأمور؟ ابتلي الشعب الليبي بحكم الرجل لمدة42 عاما, تحمل خلالها ديكتاتوريته وقمعه واقصاءه لمعارضيه ونزقه وجنونه وإساءة تصريفه للأمور, ليس عن سذاجة ولا انبطاح ولا استسلام وطيبة قلب, ولكنهم كانوا مكرهين تحت ضغط قبضة حديدية قوامها بطانة موالية ومستفيدة وجهاز أمني متسلط لا يرحم, وممالأة دولية من القوي الكبري, ما ينفي عن الرجل أن يكون مختلا, فالمختل لا يمكنه البقاء علي سدة الحكم طيلة أربعة عقود متصلة قابضا علي السلطة بإحكام حتي اندلاع الثورة. في ذات الوقت, هو لم يكن عبقريا, وإلا لما بدد ثروات بلاده في لا شيء فيما. كان باستطاعته تحقيق أعلي معدلات التنمية في العالم اذا استثمر موارد ليبيا الهائلة في تطوير التعليم والصناعة والزراعة, وكل مناحي الحياة في بلاده! مات القذافي بعد أن أثبت للعالم كله أنه خائن لأفراد شعبه بعد أن قرر إبادتهم لمجرد مطالبتهم بالحرية, وتجاوز بذلك مرحلة العمالة والخيانة الي الإجرام, ليثبت أن التخريب الذي مارسه علي مدي حكمه كان متعمدا ولكن.. هل انتهي حكم القذافي لليبيا فعلا؟ أتصور أن الإجابة بالنفي. فكميات السلاح الهائلة الموجودة في أيدي الليبيين والتي قام العقيد بتوزيعها بغرض القضاء علي الثوار, والتي تقدر قيمتها ب27 مليار دولار بحسب الخبراء دفعها من ميزانية بلاده والتي تكفي لتسليح عدة جيوش تشكل خطرا داهما علي الثورة وعلي وجود ليبيا لأنها ستظل لعقود طويلة وقودا دائما للصراعات القبلية, وستغذي الخلافات في الرأي بين الأشقاء لأنها قد تصبح لغة الحوار الأكثر تأثيرا. واذا كانت التقديرات المبدئية تؤكد أن أكثر من150 ألف ليبي يحملون السلاح, فلنا أن نتصور عواقب هذه الحقائق علي الأرض ليس في ليبيا وحدها, ولكن قد تنكوي بنيرانها دول الجوار, بعد أن عرف المهربون طريقهم لبيعها وتهريبها عبر الحدود الي مصر وتونس والسودان. الأمر شديد الخطورة.. وبصمات القذافي مازالت مؤثرة برغم مقتله, ولا أحد يعلم بالضبط أين ومتي تنفجر الألغام التي زرعها وفي وجه من؟