بمصرع القذافي، انتهت حقبة من أسوأ فترات الحكم، في بلدان العالم الثالث بصفة عامة، والبلدان العربية بصفة خاصة، دامت أكثر من أربعين عاما متواصلة، شهدت قدرا هائلا من الممارسات الكارثية، والديكتاتورية المتسلطة، والتخبط السياسي، والجنون الإنساني، الذي يتعدي حدود المنطق والخيال. وما كان القذافي يستحق بمؤهلاته الإنسانية، أن يكون في يوم من الأيام زعيما لدولة، أو قائدا لشعب عظيم مثل الشعب الليبي، الذي قاتل أبشع استعمار في العالم، وهو الاستعمار الايطالي، وسجل تحت قيادة البطل الأسطوري »عمر المختار« مثالا رائعا وشجاعا لرفض الشعوب لمهانة الاحتلال، وتطلعها للحرية والكرامة، والاستقلال. وأحسب أن العقيد القذافي الذي راح ضحية جنونه، وتسلطه علي شعبه، واصراره المريض والأعمي علي القذف ببلده في آتون النار المشتعلة، وحرق وتدمير كل ركن وكل مدينة فيها، من أجل بقائه في سدة الحكم، وسوف يحتل إلي حين مكان الصدارة بين الحكام المجانين الذين ابتليت الشعوب والدول بهم في غفلة من الزمن فما كان منهم إلا أن تسلطوا عليها، وقهروها ودمروها تدميرا. ولكن رغم القدر الكبير والضخم من السوء، والجنون، والجهالة الذي كان عليه العقيد القذافي، ورغم استحقاقه أن يكون في مزبلة التاريخ بالنسبة لقادة الشعوب ورؤساء الدول، وبالرغم من أنه لا يستحق من وجهة نظر الكثيرين أي شفقة أو رحمة، إلا أننا لا نستطيع علي الاطلاق القبول بمشهد النهاية لحياته، والذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، رغم تعدد الروايات وتضاربها، أنه قد تم قتله، بعد الامساك به حيا، وهذا مخالف لجميع القواعد الدينية والإنسانية والأخلاقية، وما كان يجب أن يكون،..، ولكن هكذا قدر الله، وما شاء كان. ونحن في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ الشعب الليبي الشقيق، نتمني له الانتصار في سعيه للحرية والكرامة الإنسانية، وأيضا العدالة الاجتماعية، ونأمل أن تنتصر ثورته علي جميع عوامل الفرقة والاختلاف وأن تقوم في ليبيا الشقيقة دولة ديمقراطية حديثة موحدة. محمد بركات [email protected]