نعم نزلزال أو خضة في النظام الأخلاقي.. تجف روافد المعني, روافد الأخلاق حتي تكاد تجف وتذبل معها إنسانيتنا! لم تعد بيننا المرحمة ولكن شغلتنا الملحمة.. لغة الانتصار والتغالب.. صار يغيب طويلا وجه هذا الشيخ الطيب الذي يمتلئ روحانية تخترقنا وتحتوينا معا! تشعرنا بأن الحياة جميلة وأن المصريين كما هم أبناء النكتة التي أراها عنوان المحبة مازالوا يصنعون الجمال السلوكي وهو شرط الجمال الحضاري والنهضوي الذي وعدنا به الجميع ويطالب به الجميع! بحث ميداني صغير أمارسه كلما كانت زيارتي ل مصر, التي أبدأها من قريتي حيث والدي وذكرياتي, أتأمل فضاء القيم والعلاقات, ومشاكل الناس, التي تتسع عنفا عشوائيا مع سطحية ثقافية ودينية وتعليمية, تجعل علاقاتهم مرتبكة ومسطحة بل وهشة ملؤها الهشاشة ولكن ملؤها المصلحة والغيرة والتنافر لا المحبة! ملتح شاب يعق والديه ويعق من أحسنوا اليه, كما هو آخر مصر علي تشويه كل من لا يستفيد منه, وفتي ناجح لا يجد من يشجعه ويربت علي كتفه, يخبره بلا رحم وبلا هدف انه فخور به لأنه مجتهد! وآخر وضع شماعة الظروف والقدرات مبررا شرعيا لبطء تطوره وتطوير مهاراته, ولكن وهذا حقه يشكو الراتب الضعيف والظروف الصعبة والنظام السابق والنظام اللاحق.. ولكن لا يشكو نفسه إلي نفسه! تكاد تنكسر جسور الثقة بين الناس كما هي مكسورة بين القوي السياسية, الاستنفار والاستئثار والاحتكار والانزواء في زوايا الذات الضيقة التي لا تعرف العدل كما لا تعرف قيم الحرية والاختلاف صار قانون إيمان النجاح الذي يلقنه البعض للبعض! ورذيلة الانتقام والتشفي ليس فقط من الفلول بل أيضا من الآخرين كل الآخرين وخاصة من هم أفضل وأنجح صارت قانون الحل أو الصراع المستمر! أكررها كثيرا ومازلت أكررها لدينا مشكل كبير في روافد القيم, روافد المعني الأخلاقي والعلاقاتي في حياتنا, اهتم الخطباء بحظوظ الدنيا والغنائم أكثر مما اهتموا بأخلاق من يسمعونهم, اهتموا بأهاديج الفتوحات والانتصارات أكثر مما اهتموا بفتوح الناس والأخلاق.. اهتم الجميع بعرض المشاكل دون البحث عن حل عملي قد يكون بسيطا لو تكاتف المجتمع من أجل حل مشكلة معينة! لو غرس كل منا شجرة ونظف أمام بيته لاختلفت شوارعنا.. لو توافقنا علي صناعة الجمال ما أغرقنا القبح وكمنا حتي نكاد نختنق! المدرس لم يعد هذا المعلم.. لم يعد هذا المرشد الأخلاقي الذي يلهم المعني والسلوك.. زلزال في القيم لن نقوم من دون معالجته.. وهذا ما نحتاجه قبل وبعد الثورة.. فلننتبه يا سادتي!