مجتمعاتنا أصبحت ضعيفة بعد أن ابتعد أبناؤنا عن المساجد والكنائس وأضحوا - بأيديهم - ألعوبة فى يد التقليد الأعمى لشباب أوروبا وأمريكا وعوجوا ألسنتهم بإنجليزية ركيكة أو فرنسية كليلة مريضة.. وما دخول ضعف مجتمعات بسبب تباعد الشباب عن الدين؟ إن مجتمعاتنا تستمد قوتها وأمنها - على مر العصور - من أديانها، لأن هذه الأديان - فى شرقنا المتعانق- هو نظامها، ومصدر رخائها وتقدمها، حينما يرتبط الناس بدينهم ويتم مراعاة الحقوق والواجبات وتطبق الحدود والعقوبات، فيسكت صوت الباطل، ويعلو صوت الحق، وتموت الفوضي، ويحيا الناس، وتطفئ نار الظلم. مازلت أسأل عن العلاقة بين الشباب والقيم المستوردة والقيم المستوحاة من الأديان؟! أديان الله السماوية - جميعها - تحض على مكارم الأخلاق، وترفض التجاوز وتكره مساوئ الأخلاق، تنسج وشائج المحبة بين أبناء الدين الواحد وبينهم وبين مخالفيهم، وتمنع القتل واللصوصية والسرقة، وتنتقص من المجاهرة بالسوء، توصى بالمحبة والود والتسامح، وتعلى من قدر صلة الرحم وحسن الجوار، وقول الحق والصدق بعيداً عن الهمز واللمز والجهر بقول الزور والتزوير، ولا تقبل بالزنى ولا بمقدماته ولا بمغرياته وتحرم الاغتصاب بكل صوره. إذن الأديان السماوية كلها متفقة على نمط واحد من التعايش داخل المجتمع ترفع الظلم عن المظلوم، وتخرس الجريمة ومقدماتها والدعوة إليها. وعليه.. فإن المجرم يتوقف عن مجرد التفكير فى الجريمة، وستكون السوق رائجة. لاشك أن أعداء الحق، يجدون فى ابتعاد الناس عن الدين - بغيتهم المنشودة فى إضعافهم ووضعهم فى ذيل الأمم، إنهم يوصون الحكام وأصحاب السلطان بإقصاء الدين عن نظام الحياة وبنيانها، فإن المجتمعات تضعف وتضعف وتتهاوى حتى تسقط، فتعم الفوضي، ويفقد فيها الأمن، فإن عادت إلى ربها، عاد إليها أمنها وطمأنينها ورخاؤها ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فالذين يفسدون فى المجتمعات هم معاول هدمها وتحطيم أمنها.. فالقتلة الذين يحصدون الأرواح البريئة، والزناة الذين يهدمون البيوت، واللصوص الذين يعتدون على الممتلكات ويقطعون الطريق أو ينهبون البنوك ويحصدون أموال الناس تحت دعاوى التنمية أو التجارة كذباً وسرقة وسوء نية.. كذلك أصحاب الفساد فى الأرض الذين يقومون بالتفجيرات أو ترويع الآمنين، وينقضون العهود والمواثيق، وناقصو التدين، بعيدون عن الدين، منحرفون عن سبيل المؤمنين. - إن التخلق بخلق الرحمة، يمنح الصفاء فى النفس والطهارة فى الروح، فيبتعد الناس عن الجريمة والفساد فى الأرض أو الظلم.. إن الرحمة والمحبة والتعاون على البذل الإنسانى لا تفارق قلب المؤمن فهو يحب الرحمة ويبذلها ويوصى بها (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، أولئك أصحاب الميمنة). البلد (17 - 18) عودة للقوة والأمن والأمان، عودة للمحبة وصلة الرحم، عودة للتراحم بين المواطنين، عوداً حميداً إلى دور عبادتنا إلى مساجدنا وكنائسنا إلى ديننا الواحد الذى أوصى بالحق والخير والجمال.. عندها سينصلح حالنا الأعوج، ونعود كما كنا فى مقدمة الأمم علماً وفناً وقيادة بالخلق الرشيد.. نعم فإن دينى ودينك دعامة القوة والأمن.