جامعة الأقصر تفتتح مركز لخدمة الطلاب ذوي الإعاقة.. صور    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    عمرو جلال يكتب: أوسكار أفضل مشروع قومي    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    القمة العربية الأهم    اشتباكات عنيفة بين الاحتلال والمقاومة في رفح (فيديو)    الإسماعيلي يقتنص تعادلًا ثمينًا من الطلائع بهدف في الدوري    «التعليم» تنشر طريقة مفصلة للإجابة على امتحانات الثانوية العامة    ضبط شخص بالمنوفية لقيامه بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب    5 معلومات عن إميلي شاه خطيبة مينا مسعود.. تعشق الرقص والسفر    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    الزعيم يضىء شاشات العرب| احتفالية سينمائية بأعمال عادل إمام    حكم وجوب الحج على المسلم: متى يصبح الحج فرضًا؟    تخصيص 248 مليون جنيه لميزانية «صحة قنا» بالعام المالي الجديد    وزير الصحة يشيد بالدمج بين الخدمات الطبية والتكنولوجيا المتطورة بمستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»    أسهل طريقة لعمل الكرواسون بالجبنة في المنزل.. وجبة خفيفة للفطار والعشاء    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    بعد تصدره مؤشر جوجل.. أعمال كريم قاسم الفنية    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    المشدد 3 سنوات ل6 أشخاص بتهمة حيازة أسلحة واستعراض قوة بشبرا الخيمة    بيخوفني.. لهذا السبب كريم قاسم يتصدر مؤشر جوجل    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    دولة أوروبية تنوي مضاعفة مساعداتها للفلسطينيين 4 أضعاف    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    يخدم 50 ألف نسمة.. كوبري قرية الحمام بأسيوط يتجاوز 60% من مراحل التنفيذ    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    مريم الهضيبي تهزم هنا جودة وتتأهل لنهائي بطولة أفريقيا    التشكيل الرسمي لمباراة الاتحاد السكندري وسموحة في الدوري    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    مهرجان الإسكندرية يعلن تفاصيل المشاركة في مسابقة أفلام شباب مصر    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    موقف الخطيب من رئاسة بعثة الأهلي في نهائي دوري أبطال افريقيا    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    الأمم المتحدة: نحو 360 ألف شخص فروا من رفح منذ صدور أوامر الإخلاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمعاتنا لا تفقه معنى تحولات الحياة

من أسوأ العادات التى ابتليت بها مجتمعاتنا العربية، وبطبيعة الحال ما عكسته تصرفات الناس فى كل منها، منها عدم تقبل كل الآراء عندما تطرح، بل وممارستها، أى المجتمعات، القمع فى كل جزئيات الحياة وكل ما يعين ذلك التسلط من وسائل وأدوات سواء كانت مادية أم معنوية، ومما يزيد فى الطين بلة، ما يطغى على حياتنا فى عالمينا العربى والإسلامى من ضيق فى الأفق، ومحدودية فى الرؤية، وضعف فى الإمكانات، وهشاشة فى التعامل، والتراخى فى الأعمال الجمعية، وبلادة الساسة والمتحزبين، وانشغال الزعماء والمسئولين وحتى سذاجة بعض المثقفين فى المجتمع..
ناهيكم عن المساهمات القميئة نتيجة الجهل فى المعلومات! وطغيان المفبركات والأكاذيب، وطغيان المصالح الشخصية النفعية على أغلب المواقف والخطابات من أجل تغييب الحقائق! وهناك: هياج العواطف بعيداَ عن وازع العقلانية والتفكير! وشراسة الأيديولوجيات والمعتقدات والشعارات على فرص التعايش السياسى والدينى والاجتماعى والثقافى المعاصرة، وانتشار الآراء والأحكام السريعة التى تحكمها المطلقات من دون تحديد للمشكلات ومعالجات هادئة للجزئيات! إننا نراقب ما الذى يسود فى مجتمعاتنا من فقدان للثقة بين مجتمعاتنا وحكوماتها.. للأسباب كلها أعلاه!
إن ما وصلت إليه حياتنا اليوم هى مدعاة للتفكير والمعالجة، بعيداً عن شعارات لا أساس لها فى الواقع! إن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى تبديل مطلقاتها إلى تفكير نسبى للأشياء، والخروج من عالم الأوهام الذى يعتبرونه حقائق قائمة بذاتها، وإذا بدأ الإنسان يفكر قليلاً ضمن آليات الشك كالتى قال بها ديكارت ونسبية القياس من خلال التجربة والبرهان لما تكونت فى ذهنه تراكيب راسخة، فربما يغير ذلك من قناعاته ومطلقاته لكل الأمور.. ويبدأ يتنازل رويدا عن أبراجه العاجية التى ستحطمه فى يوم ما! حتى يجعل كل الأطراف تتحرك فيما يسمى بشفافية التفكير، من أجل كسب شفافية سياسية تستند أساساً على تغيير الذهنية ومرونة الأشياء والإيمان بنسبية الحياة.
* مجتمعاتنا لا تتعلم من الصدمات شيئاً!
إن صدمات تاريخية قوية جدا لم تؤثر أبدا، كما يبدو فى شرائح مجتمعات عربية متنوعة حتى إن غدا بعضها جاليات فى عالم الغرب الذى يحفل بمكونات وتشيؤات وموروثات ومكتشفات.. إلا أنها جميعها لم تؤثر أبداً فى الذهنيات الصلدة التى لم تتقبل أبدا حتى هوامش الأمور فكيف تتقبل أنصاف الحلول؟ وكيف تقبل أن تتعايش مع المستحدثات الجديدة ومع الآخر برغم استخدامها الأعمى لكل وسائله وآلياته وتكنولوجياته وإبداعاته وإعلامياته..؟
لقد انتهت مراحل زمنية متنوعة لم تعرف فيها أبدا قيم المرونة والوسطية والاعتدال بسبب ما فرض علينا من شعارات دموية، وخطابات مخيفة، وإعلاميات صارخة وضمن أساليب سموها بالثورية والعنف الثورى وصولا إلى التكفير الجمعى، وطغيان الهمجيات القاسية للمؤدلجات العقيمة التى ترسبت فى مذاهب سياسية وتحزبات شوفينية متشبعة بأغرب الأصوليات الشرسة من دون أى وازع للتسامح وبلا مقابلة الرأى بالرأى، ولا الحجة بالحجة كما فعل الآباء الأولون.. لقد ساهمت فى صناعة ذلك كله: الأجهزة التربوية والتعليمية والإعلامية، إذ تتحمل مجتمعاتنا نفسها القسط الأوفر من نتاج تلك الصناعة التى أفرزت ظواهر مخيفة لا يمكنها أن تجعلنا نمضى لا فى صراعنا المصيرى ضد أخطبوط التخلف والبدائية، ولا فى بناء مستقبلنا الحضارى من أجل أن نتعامل مع العالم بنفس الصيغ الذكية العلمية والسايكولوجية والإعلامية والفكرية التى يتعامل بها معنا! إن شراسة ما هو متأصل من تقاليد مقيتة، وأعراف صلدة، وقيم بالية فى مجتمعاتنا، تجعل كل الأجيال لا تتأثر أبداً بالصدمات الصعبة والمريرة التى يمكنهم من خلالها تقويم إعوجاجهم والسير قدما فى طريق المستقبل.
* حقوق الإنسان: أين هى؟
- السؤال: هل باستطاعة مجتمعاتنا أن تتمتع بحقوقها كاملة والتى تضمنتها القوانين وتكفلتها الدساتير بعيدا عن أية ممارسات كاذبة باسم الدين مرة وباسم الديمقراطية مرات..؟ وكلها تمثل حالات محتقنة واتجاهات عقيمة لا تؤمن هى الأخرى لا بالحريات ولا بالرأى الآخر ولا بالديمقراطية.. وهنا أحب القول، أن كل المنظمات والهيئات والأحزاب والجماعات التى تنادى بمثل هذه الأفكار التى تعتبر وليدة نتاج تاريخ أوروبا السياسى والفكرى الحديث لا يمكنها أبدا اعتبار مرجعياتها عربية أو إسلامية، وإلا تكون قد سجلت نوعا غريبا من الهراء الذى لا يمكن أن يتقبله العالم اليوم أبداً.
عندما نفكر فى حقوق الإنسان والديمقراطية فى عالمنا الذى يقدمه أبناؤه اليوم لقمة سائغة للآخرين.. علينا أن ندرك بأن الحقوق السياسية تأتى فى نهاية السلم، إذ تسبقها حقوق متنوعة فى التربية، والتفكير، والمجتمع، والعمل، وتكافؤ الفرص، والعائلة، والمرأة، والمواريث، والدراسة، وصنع الإرادة، والتعبد والدين، وإحقاق الحق، والتملك، وتوزيع الواجبات، وصنع القرار.. إلخ إننا نقفز قفزات عالية تحت ذرائع ومسميات عريضة للدفاع مثلا عن سجناء الرأى السياسى من دون أن نعمل على تحرير سجناء أحرار المجتمع المقموعين ظلما وعدوانا وراء أبوابهم المقفلة وذهنياتهم المركبة، ذلك أن البعض منا قد لا يهاب ما تصدره الدولة من قرارات، ولكنه يخشى ما يفعل به المجتمع إن حاول الخروج عن تقاليده العمياء وأساليب رجال التابو البليدة.
مجتمعات شتى كان عليها أن تتقدم جدا بمشروعاتها، وإبداعات أبنائها، لتوظف مؤسساتها المدنية والأهلية فى الإنتاج كى تؤثر فى العالم كله.. ولكنها للأسف بقيت أسيرة منظوماتها الفكرية، وسجينة تقاليدها، وقد كبلها المتخلفون والمهرجون والأغبياء والمتكلسون والمتحذلقون والشعاراتيون.. بالأغلال الحديدية تحت حجج واهية وتسويق أوهامها المميتة التى لا تعترف مطلقا بحرية الإنسان وتفكيره وسماحة دينه وسمو عقائده.. ويا ويل من يخرج عن تلك الأطواق والأقفاص الحديدية حتى لمجرد تعبير عن رأى جديد، أو بيت شعر، أو فكر جديد..!! حقوق الإنسان ضائعة فى مجتمعاتنا العربية كلها! فالإنسان لم يتمتع بحقوقه المادية ولا المعنوية.. وكم زهقت أرواح بشر من دون مبرر، وأعدم وقتل واغتيل وفقدت الألوف المؤلفة بلا حق! وكم ضاع من الأطفال، وانحرف من النساء، وكم تراكمت من سيئات فى حياتنا على امتداد القرن العشرين؟؟
* وأخيراً: انتظروا ماذا سيحدث؟
لقد نشرت مطلع عام 2002 النص التالى: «أقول بكل جرأة أن واقعنا المهترئ والذى لا يريد البعض أو الكل الاعتراف باهتراءاته سيغدو لا محالة على المشرحة الأمريكية، إذ ستجد أمريكا نفسها باسم النظام العالمى الجديد أن الشراكة ملزمة بهندسته على مزاجها! نعم، هندسته ليس سياسيا كما يصرخ البعض، بل الأخطر من ذلك هندسته اجتماعيا وفكريا وتربويا وتعليميا وثقافيا وإعلاميا.. وأعتقد أن الكل سيرضخ بفوضى هذا القادم الجديد ويعمل بنصائحه ويقر ويصفق له.. فهل من معترض؟ إننى أشك فى ذلك!».
إن آخر ما يمكننى قوله: إننى لا أدين الآخر بما يفعله فينا، بل لابد من إدانة أنفسنا عما جنيناه بحق أنفسنا على امتداد القرن العشرين.. لقد بدا واضحا جدا أن دولنا ومجتمعاتنا قاطبة كانت لا تفقه معنى تحولات التاريخ والزمن والحياة، فبدل أن تستوعب تلك التحولات وتعرف حجومها وأثقالها وقدراتها وتسرع الخطى فى التفاعل معها برؤية واقعية ومستقبلية، فإنها تراجعت لتمشى متصادمة مع هذا وذاك، إذ إنها كانت ولما تزل تمشى وعيونها إلى الوراء فهى كانت، ولم تزل ماضوية التفكير باسم التراث مرة، وباسم المذهبية مرة، والسلفية مرة والطائفية مرة.. وباسم الماضى التليد مرات، وهى تتصور نفسها أكبر من حجمها كثيرا.. فهل ستغير الأجيال الجديدة من واقعها وتفكيرها وتراعى حقوقها وحرياتها وتصبح هى سيدة مستقبلها فى القرن الواحد والعشرين؟
ربما نعم إن أخذت بالقطيعة، وربما لا إن بقيت تراوح فى مكانها.. كى أصرخ قائلاً: ربما سنكون وربما لا نكون!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.