كشف الدكتور إبراهيم العسيري كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا والمستشار النووي لهيئة المحطات النووية ان نقل المشروع النووي من موقعه الحالي بالضبعة إلي أي موقع بديل سيكلف مصر خسائر باهظة تصل إلي نحو50 مليار دولار. وأكد في حوار صريح ل الأهرام المسائي انه إذا تم اجهاض المحاولة الحالية للبرنامج النووي فيمكننا ان نقول: علي حد قوله انسوا مستقبل الطاقة في مصر لافتا النظر إلي انه لا توجد أية عداءات بين المحطات النووية واهالي الضبعة فلسنا الجهة المنوط بها تقدير التعويضات واننا نتفهم حقهم في هذا الشأن جيدا ولكننا لسنا جهة تقدير. وقال العسيري إن مناقصة المحطة الأن جاهزة للطرح امام الشركات العالمية إلا ان القرار في يد البرلمان. * في البداية قلنا الدكتور إبراهيم العسيري, إن ما يتردد حول خسائر مصر من بديل آخر للضبعة ليست ارقاما مبالغا فيها.. فقال: لغة الأرقام لا تكذب فبالورقة والقلم يتم الحساب كالأتي: ان موقع الضبعة يتسع لعدد من4 إلي8 محطات نووية بقدرات ما بين900 إلي1650 ميجاوات للمفاعل الواحد ولايجاد موقع بديل لاقامة هذا العدد من المفاعلات فإن التكلفة تتضمن ملياري دولار تكلفة البنية الأساسية, كما أن دراسة الموقع البديل تستغرق4 سنوات وبفرض تصاعد تكاليف بناء المحطة الواحدة مليار دولار في4 سنوات فإن تكلفة الأسعار للمفاعلات المستهدفة في هذا البند تصل إلي ما بين8 إلي16 مليار دولار. واشار إلي أنه يضاف إلي ذلك تكلفة الطاقة البديلة من( غاز طبيعي وبترول) تصل إلي4 مليارات دولار للمحطة الواحدة لأربع سنوات لتصل تكلفة الطاقة البديلة للمفاعلات ما بين16 إلي32 لترتفع التكاليف الكلية لنقل المشروع لموقع بديل ما بين26 مليار دولار في حال اقامة4 مفاعلات ترتفع إلي50 مليارا في حالة اقامة8 مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء, لافتا النظر إلي أنه يضاف إلي هذه التكلفة الخسائر الناجمة عما تم من تدمير موقع الضبعة, وفقدان التميز في التعاقد مع الموردين إلي جانب فقدان الريادة في المنطقة وهجرة العلماء المصريين. * أعود بك إلي سؤال قديم جديد.. هل مصر في حاجة فعلا إلي محطات نووية لإنتاج الكهرباء؟ ** علينا أن نعي جيدا ان هذه هي المحاولة الرابعة لانشاء مفاعلات نووية مصرية وانه في حال فشل هذه المحاولة اقول وبكل حسرة: انسوا مستقبل الطاقة في مصر. واشار إلي أن هناك10 اسباب جوهرية تحتم علي مصر الدخول في النادي النووي منها: محدودية مصادر الغاز والبترول وترشيد استخدامها وعدم إمكانية الاعتماد فقط علي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لأسباب فنية واقتصادية وبيئية, وكذلك استنفاد استخدام مصادر انتاج الطاقة المائية وضرورة اتباع استراتيجية تنويع مصادر انتاج الطاقة ورخص تكاليف انتاج الكهرباء من المحطات النووية مقارنة بأنواع المحطات الأخري لانتاج الكهرباء, اضاف ان من اسباب حتمية استخدام مصر للمحطات النووية ايضا, البديل الأساسي الوحيد والمتاح لتلبية الطلب المتزايد علي الطاقة لتزايد السكان ولأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية, المحطات النووية من أنظف وسائل توليد الطاقة وأقلها تلويثا للبيئة, وأهمية امتلاك التكنولوجيا النووية وتطويعها لخير المجتمع, رفع مستوي وجودة الصناعة المحلية, تشجيع السياحة, استثمار التصديق علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية واستثمار ثقة المجتمع الدولي في النهج السلمي للسياسة المصرية. وقال العسيري إن المتابع لتصاعد استهلاكات الطاقة الكهربائية في مصر يجد ان قدرات التوليد المركبة زادت من4900 ميجاوات عام1981 إلي28860 ميجاوات عام2011 بما يقارب500% خلال30 عاما, اصبحت الكهرباء متاحة لما يقرب من99% من سكان جمهورية مصر العربية. تم وضع خطط لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد نمو الطلب علي الكهرباء. من المتوقع ان يستمر نمو الطلب علي الكهرباء بمعدل سنوي7%. * اعلم انكم في المحطات النووية لكم مطالب ملحة من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية حيال ما تم في الضبعة.. هل لنا ان نتعرف علي أهم هذه المطالب. ** يأتي في مقدمة هذه المطالب سرعة اتحاذ القرار بالبدء في تنفيذ المشروع النووي المصري والمتمثل في اقامة من4 8 محطات نووية لتوليد الكهرباء( ومستقبلا لتحليل مياه البحر عند الحاجة) وذلك علي كامل مساحة أرض الضبعة المخصصة بالقرار الجمهوري الصادر عام1981 بهذا الشأن والتحقيق مع المتسببين في تدمير سور موقع الضبعة وسلب محتويات الموقع من أجهزة ومعدات. والتحقيق مع المتسببين في سلب محتويات موقع الضبعة من أجهزة ومعدات وأجهزة الحاسب الآلي ومماثل المفاعل للتدريب وبرج الأرصاد وحتي الأثاث والمكاتب والتحقيق مع المتسببين في نسف منشآت الضبعة ومبانيها وتدمير سور الموقع. والتحقيق مع مروجي الشائعات بعدم الجدوي من المشروع النووي ومروجي معلومات مغلوطة وخاطئة لأهل الضبعة مؤاداها اصابتهم بالسرطان وتلوث مياههم الجوفية بالمواد المشعة و غيرها من عوامل إثارة العداء للمشروع النووي, ومنهم الجيولوجي ومنهم الطبيبة ومنهم القانوني وغيرهم. وأكاد أجزم ان أيا منهم لم ير في حياته مفاعلا نوويا أو عمل فيه أو أن يكون دارسا لأي من علوم الطاقة النووية.. أرجو التحقيق معهم ومعرفة دوافعهم إلي ذلك وهل كان ذلك عن عمد منهم أم لا؟ وإن كان كذلك فلماذا؟ هل ابتغاء شهرة زائفة؟ أم تلبية لرغبات أناس آخرين؟ أم ابتغاء مقابل من دولة أجنبية تقدر ما يفعلونه وربما تشجعهم عليه؟ أم ماذا؟ وأكد الدكتور إبراهيم العسيري إننا في مطالبنا نؤكد أنناايضا مع إنصاف أهل الضبعة في تقدير وصرف التعويضات المناسبة لهم دون افراط أو تفريط, وإن كانوا هم أول المستفيدين من إقامة المشروع سواء مباشرة بالعمل فيه أو بصورة غير مباشرة من الاستفادة من الأنشطة المصاحبة للمشروع من أسواق تجارية ومدارس وكليات جامعية ومراكز تدريب ومستشفيات ونهضة اجتماعية واقتصادية شاملة. والاستمرار في حملات رفع مستوي التفهم الجماهيري لأهمية استخدام الطاقة النووية في مصر لانتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لهذا البلد. * هناك من يشيع انه من الممكن اختزال مساحة ال50 كيلو المخصصة للبرنامج النووي بالضبعة.. وانتم تصرون علي عدم تقليص هذه المساحة لماذا؟ ** هذه المساحة ليست مخصصة لإقامة محطة نووية واحدة ولكن كما اوضحنا لنحو من4 إلي8 محطات نووية اضافة إلي أن مصر تضع في دراستها في هذا الشأن امكانية إنشاء مصنع للوقود النووي محليا إلي جانب اقامة مجتمع سكني بكل مشتملاته وميناء بحري وجوي مما يحتم ضرورة الاحتفاظ بهذه المساحات. * وماذا نقول لهؤلاء الذين يضغطون بورقة إن معظم الدول تتخلي عن انشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء؟ ** هذا كلام حق يراد به باطل فهناك بالفعل دول أوروبية وصلت إلي درجة من الرفاهية التي لا تحتاج معها إلي مزيد من الطاقة لأغراض التنمية الاجتماعية والاقتصادية, بالإضافة إلي أن عددا من سكان هذه الدول يميل إلي التناقص, كما انه في حال احتياجها للكهرباء فإنه من السهل الحصول عليها عن طريق استيرادها من الدول المجاورة. اضاف العسيري, اما الدول التي تحتاج إلي تنمية اجتماعية واقتصادية فهي تحتاج لمزيد من الطاقة الكهربائية فهذه الدول وهي كثيرة لا تزال تنشئ وتخطط لاقامة المزيد من المحطات النووية ومنها علي سبيل المثال الصين التي تبني حاليا25 محطة نووية في نفس الوقت إلي جانب سوريا التي تضم حاليا5 محطات نووية, والهند التي تنشئ5 مفاعلات وروسيا تنشئ حاليا10 محطات نووية.. فلماذا وكما يقول د. العسيري ولا تأخذ هذه الدولة نماذج وامثلة لأهمية الطاقة النووية. * يروج من يمكن ان نطلق عليهم اعداء الحلم النووي المصري.. ان قامة محطة نووية في مصر ما هو إلا قنبلة موقوتة. ** علي مسئوليتي هذا كلام فارغ واجزم علي حد قوله إنه لا يمكن لأي دولة في العالم ان تهاجم محطة نووية في أي دولة أخري ايا كانت الدولة المعتدية أو الدولة المعتدي عليها لأنه في هذه الحالة فإن الدولة المعتدية ستكون هي أول المتضررين من اثار قصف هذه المحطة النووية سواء كانت هذه الدول في أسيا أو إفريقيا أو أوروبا. أضاف أما ما يثار حول خطورة المحطة النووية من جهة أمان تشغيلها فمصر اختارت مفاعلات نووية من الجيل الثالث وتكنولوجيا الماء الخفيف تختلف تماما عن التكنولوجيا التي كانت مستخدمة في مفاعلات فوكوشيما في اليابان وتشرنوبل في الا تحاد السوفيتي, مشيرا إلي أن النوع الذي اختارته مصر لم ينجم عنه حتي هذه اللحظة اية آثار بيئية سواء علي الانسان و البيئة المحيطة بالمحطة, كما لم تحدث عنه أي تسريبات حتي تاريخه. * وعن المحاولة الحالية التي بدأت منذ عام2006 للدخول في النادي النووي. ** قال الدكتور إبراهيم العسيري, إن التنفيذ يتم وفق3 مراحل شملت الأوبي منها: الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحصول مصر علي الدعم الفني للاعداد للبرنامج النووي لانشاء المحطات النووية في المجالات التالية: تحديث دراسة جدوي استخدام المحطات النووية, ومراجعة مشروع قانون تنظيم الانشطة النووية والإشعاعية, ومراجعة المواصفات لطلب مكتب استشاري لهيئة المحطات النووية, وعمل خطة التدريب للكوادر البشرية, واعداد تقرير خاص بتخطيط الطاقة لمنظومة الكهرباء, وقد انتهت هذه المرحلة بصدور القرار التنفيذي بالبدء في الاعداد للمشروع. اما المرحلة الثانية فقد نص دعم البنية التحتية التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية للعمل في مجال الطاقة النووية من خلال تكوين مجلس أعلي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وإصدار القانون النووي رقم7 لسنة2010 لتنظيم العلاقات والأنشطة بين الجهات العاملة في الطاقة النووية والإشعاعية وتم اعتماد اللائحة التنفيذية للقانون, وسوف يتبع ذلك إنشاء هيئة رقابية وتنظيمية مستقلة عن الجهات المعنية بالنشاط النووي والاشعاعي. ويجري حاليا بمركز الأمان النووي إعداد وإصدار متطلبات الأمان الخاصة بمراحل إقامة المحطات النووية وتشغيل معامل القياسات البيئية وشبكة الرصد الإشعاعي علي مستوي جمهورية مصر العربية. كما يتم إعداد الكوادر البشرية بالتعاون مع كل من الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية وبعض الدول المتقدمة نوويا. كما شهدت عمليات دعم القدرات الفنية والبشرية لهيئة المحطات النووية ولمركز الأمان النووي من خلال عدة آليات منها التعاون مع المنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الأوروبي. وقد تم تنظيم العديد من البرامج التدريبية وورش العمل والزيارات الفنية للخبراء والمختصين المصريين للدول المصدرة للتكنولوجيا النووية, شملت مجالات إدارة المشروعات النووية والامان الأمني النووين وإعداد فريق المشروع واعداد الخطاب الإعلامي والاتصال. ورصد الاتحاد الأوروبي مبلغ مليوني يورو لتقديم الدعم الفني لأنشطة الأمان النووي وتم تنفيذ المرحلة الأولي بمبلغ1 مليون يورو لإعداد الكوادر البشرية العاملة وحاليا يتم تنفيذ المرحلة الثانية لباقي ماتم رصده. تم تدريب42 مهندسا بدولة روسيا لبرنامجين تدريبيين ضمن برنامج متكامل علي مدي10 أسابيع عمل بخلاف زيارات مواقع محطات نووية ويشتمل علي البرامج التدريبية في مجالات وضع المواصفات للمحطة النووية, اختيار وتأهيل المواقع, تصميم وخواص الوقود النووي والأمن النووي والحماية المادية. التعاون مع المكتب الاستشاري العالمي ورلي بارسونز وهيئة المحطات النووية لتدريب العديد من كوادر الهيئة والعاملين الجدد في المكتب الاستشاري داخليا وخارجيا. * ذهب البعض إلي أن الاستشاري العالمي يحصل علي مليار جنيه في10 سنوات بدون فائدة ويري أصحاب الاتجاه أنه لم يضف أي جديد علي دراسات موقع الضبعة في حقيقة الأمر؟ ** قام الاستشاري بمساعدة خبراء هيئة المحطات النووية في مراجعة الدراسات السابقة وتقييم موقع الضبعة وإعداد التقرير الأمان لاصدار اذن قبول الموقع ديسمبر2009 ومراجعة التقرير من قبل لجنة قومية تضم خبراء من مختلف التخصصات مع العاملين بهيئة المحطات النووية وتم استيفاء الملاحظات وإرسال الوثائق إلي المركز القومي للامان النووي في23 فبراير2010 وفي أكتوبر2010 أصدر المركز القومي للأمان النووي تقريره بصلاحية الموقع وعدم وجود موانع لإقامة محطات نووية. * ألم يكن من الأفضل التوسع في استراتيجية استخدام الطاقة المتجددة؟ ** لايمكن الإغفال عن أهمية نشر الطاقة المتجددة ومصر قطعت بالفعل في السنوات الاخيرة شوطا كبيرا في هذا المجال حيث تستهدف زيادة الطاقة المولدة من الطاقات المتجددة إلي20% من اجمالي الطاقة الكهربائية المولدة في مصر عام2020 مشيرا إلي أن طاقة الرياح تسهم بحوالي12% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة عام2020 باجمالي قدرة مركبة7200 ميجاوات. تساهم الطاقات المتجددة الأخري وفي مقدمتها الطاقة المائية والطاقة الشمسية بالنسبة الباقية( حوالي8%) إلا أن هذه الطاقات مكلفة بشكل كبير. واختتم الدكتور ابراهيم العسيري حواره الشامل في الأهرام المسائي بقوله نتفهم جيدا مطالب أهالي الضبعة ومستعدون لدفع ماتقرره جهات تقدير قيمة التعويضات فكلنا مصريون.