لم أتفاجأ بانسحاب الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من حلبة سباق الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية مثلما حاولت بعض الشخصيات الإعلامية التي حاولت أن تعطي هذا الانطباع للرأي العام. وتعمل علي تحفيزه لأن يهب وينتفض لكي يطلب منه التراجع عن قراره, وبدأت هذه الشخصيات التي دعاها إلي منزله لكي يخبرهم بقراره تكتب في صحفها وتتحدث في الفضائيات الخاصة بدءا من منسق حملته الانتخابية أو ممثلي بعض هذه الصحف أو الفضائيات الخاصة التي دعاها لهذا اللقاء لتصور للرأي العام بأن ما أقدم عليه الدكتور البرادعي حدث جلل قد يحرج المجلس العسكري, ويكشفه أمام الرأي العام كمتهم في عدم مساندة الثورة, ومحاباة رموز النظام السابق, وأنه آن الأوان أن يتخلي فورا عن إدارة أمور البلاد بل إن بعض هؤلاء طالب بقية المرشحين المحتملين الآخرين أن يفعلوا مثلما فعل البرادعي وينسحبوا هم أيضا من سباق الترشح للرئاسة لأن الثورة لم تحقق أهدافها بسبب فشل المجلس العسكري في إدارة أمور البلاد. لكن خاب أمل البرادعي ولم تخرج الجماهير عن بكرة أبيها كما كان يتوقع هو أو بطانته ويطالبون بضرورة التراجع عن قراره لأنه الأمل المنتظر لمصر وأن مصر لا يوجد فيها أحد غيره مع أنه في الحقيقة ليس الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ولا الزعيم الراحل أنور السادات حتي يتصور أن الشعب المصري سيخرج للشوارع يذرف الدموع حزنا عليه, واتضح أن ماحدث من جانبه ليس إلا محاولة منه ليكون محط أنظار أنصاره دون غيرهم لأن الحقيقة هو أن السيد البرادعي فعل ذلك بعد أن وجد أن فرص فوزه في انتخابات الرئاسة قد تضاءلت كثيرا وأن قبوله في الشارع المصري قد تراجع, ونحن قد اعتدنا من البرادعي هذه الضجة الإعلامية في العديد من المواقف بعد أن فوجئنا جميعا به يطرح نفسه كرئيس حكومة إنقاذ وطني بعد أن استقالت حكومة د. عصام شرف وبعد أن تم تكليف الدكتور كمال الجنزوري بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني وكأنه كان يتوقع أن تخرج الجماهير وتطالب به رئيسا لهذه الحكومة ويضع المجلس العسكري في حرج لأنه كلف الدكتور الجنزوري وليس من المعقول وقتها أن يتراجع في قراره عن تكليفه ليكلف الدكتور البرادعي بهذه الحكومة التي كان قد سبق له رفضها. في هذ اللحظة شعرت بأن الدكتور البرادعي يريد أي شيء بعد أن شعر بالفعل بأنه لم يعد مقبولا كمرشح للرئاسة وأن فرص نجاحه قد تضاءلت بشكل كبير. أقول هذا لأنني وجدت الدكتور البرادعي قد أصبح مبرمجا في الفترة الأخيرة لأداء مهمة واحدة وهي الحرص علي شق الصف والتهييج ضد النظام أيا كان بطرق ملتوية وكان آخرها هذه التمثيلية الهزلية حول انسحابه من السباق الرئاسي, وما تبعه من زخم إعلامي مبالغ فيه, لقد كنت أنا شخصيا أحترم البرادعي بشكل كبير لكن إعلانه الانسحاب من سباق الرئاسة غير المبرر أفقده احترامي خاصة بعدما نجحنا في إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة لأول مرة منذستين عاما, وأصبح هناك موعد محدد ومعلن لنقل السلطة. ومع أن انسحاب البرادعي هو حق أصيل له وهو حر فيه لكن أن يتفرغ البرادعي بعدها في تأليب الرأي العام لإحداث فرقة وصدام وتظاهرات ضد المجلس العسكري يوم52 يناير القادم وإفساد حلاوة الاحتفال بأول عيد لثورة25 يناير المباركة فهذا هو المؤامرة بعينها. يادكتور برادعي أرجو أن تنزل وسط الشارع أقصد كل محافظات مصر ولا تتعامل مع الثورة من خلال وسيلة التواصل الاجتماعي الفيسبوك أو تويتر أو الإنترنت, ووقتها ستعرف حقيقة ما تفعله الآن لكن وقتها ستعرف كم هي عدد محافظات مصر التي لم تعرف عددها حتي هذه اللحظة ولا تعرف أماكنها ولا مشاكل من يقيمون بها فمصر ليست هي ميدان التحرير فقط كما تعتقد.