ارتفاع الأسهم الأوربية وسط تفاؤل بمصير الفائدة الأمريكية    محافظ مطروح: استقبلنا 3.3 ألف طن قمح بصومعة الحمام    مصدر رفيع المستوى: الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    محافظ المنوفية يعلن جاهزية المراكز التكنولوجية لبدء تلقى طلبات التصالح غدا الثلاثاء    محافظ الغربية يتابع استمرار الأعمال بمشروع محطة إنتاج البيض بكفر الشيخ سليم    ارتفاع الأسهم الأوروبية بقيادة قطاع الطاقة وتجدد آمال خفض الفائدة    وزير فلسطيني: مكافحة الفساد مهمة تشاركية لمختلف قطاعات المجتمع    من يعيد عقارب الساعة قبل قصف معبر كرم أبو سالم؟    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    بالأرقام والتفاصيل.. خطة لتحويل "مناخ" بورسعيد إلى حي أخضر    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    6 عروض مسرحية مجانية في روض الفرج بالموسم الحالي لقصور الثقافة    «شقو» يحقق 62 مليون جنيه إيرادات في شباك التذاكر    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    بعد نفي علماء الآثار نزول سيدنا موسى في مصر.. هل تتعارض النصوص الدينية مع العلم؟    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    انتصار السيسي: عيد شم النسيم يأتي كل عام حاملا البهجة والأمل    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    طريقة عمل سلطة الرنجة في شم النسيم    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي تنتظر الجنزوري‏(3)‏
العشوائيات‏...‏ سواد العسل

فيه ملايكة؟‏!‏ ولا غابوا‏....‏ فيه شياطين؟‏!‏ ولا تابوا لما شافوا التابعين‏......‏ شرهم زاد عن جهنم شر‏..‏... لا يمكن حسابه‏......‏ دين أبوهم اسمه إيه؟‏!‏.
لا ندري لماذا كانت كلمات الشاعر جمال بخيت حاضرة تلح بقوة علي أذهاننا ونحن وسط برك مياه المجاري وتلال القمامة وناس عايشين ومش عايشين علي الخريطة مش موجودين كما قالوا ولسان حالهم يتساءل صارخا المسئول عن هذه المأساة اسمه ايه؟
في الدويقة‏:‏
الحياة موصولة بحبال الغسيل‏!‏
إنها صاحبة واقعة الصخرة‏..‏ الدويقة التي لن تدهشك فيها مشاهد بعينها فالواقع أليم في أماكن كثيرة وسواد العسل يتجرعه المصريون في أنحاء المحروسة لكن في الدويقة حتما ستجذبك العيون التي تحمل نظراتها سهاما حادة موجهة لكل من يقترب منهم سواء كان مشفقا أو متأففا أو غير عابيء بأناس نسيهم المسئولون عن أمورهم فباتوا في عالم أخر منتظرين فرج الخالق القريب هكذا قال كل من قابلناه في زيارتنا لأرض أم حيرم بالدويقة‏.‏
بداية زيارتنا في الدويقة جاءت من منطقة لم نكن نعلم اسمها عندما بدأنا السؤال عن مساكن الإيواء القديمة فقد كانت وجهتنا الحقيقية قبل أن تتحول لأرض أم حيرم وتحديدا من شارع طلعت الذي لم نستطع الوصول إليه بسهولة بسبب تلال القمامة المنتشرة بجانب برك مياه المجاري التي يتحتم لعبورها المشي فوق الطوب والحجارة وانت ونصيبك لو خانتك قدميك فوق احدها فالمصير لن يكون سارا علي الاطلاق‏.‏
رايحين فين‏..‏ في حد مستنيكم هنا؟ سؤال جاء من أحد الصنايعية الجدعان بالمكان فجاء جوابنا بسؤال عن منطقة الوحايد التي وصفها لنا أحد سكان الدويقة قبل وصولنا إلي هناك فأجاب الشاب انتوا هنا في الاتنينات‏(‏ سعد المصري‏)‏ عند الصيدلية المهدودة تركناه بعد حديث قصير أصر خلاله أن يستضيفنا عنده في الورشة ويشربنا شاي واجب الضيافة‏..‏ وهنا سمعنا صوتا ينادينا من بعيد تعالوا صورونا هنا هذا الصوت الذي صدر عن سيدة مسنة بمجرد رؤيتها لعدسة التصوير التي كانت تلتقط مشاهد أخري وحرصا علي تلبية ندائها كان علينا العبور فوق الطوب والحجارة والأخشاب الموجودة وسط مياه الصرف الصحي في مشهد اعتاده سكان المكان الذين اعتبروا واقعهم قدرا لن يتغير الا بإرادته سبحانه كما قالت لنا حنان عبد التي تعيش هناك منذ‏13‏ عاما والسبب كما أوضحته جاء ناس كتير صورونا واتكلموا معانا زيكم كده وبيروحوا لحالهم ومفيش حاجة بتتغير‏.‏
ورغم نبرة اليأس التي تحدثت بها حنان التي لم تكن الوحيدة التي حدثتنا عن أنه لا فائدة مما نقوم به لكن حماسنا لم ينكسر لنسأل بما اننا في وقت الماراثون البرلماني والدعاية لجذب الناخبين إذا كان موقف المسئولين لا يحتاج لشرح فالصورة خير معبر فما هو موقف المرشحين وأعضاء مجلس الشعب السابقين منكم فأجابت محدش بيجيلنا غير مرة واحد جه وصعبنا عليه لكن مانجحش‏!.‏
قادنا القدر بعد ذلك إلي أميرة ياقوت التي اعتبرناها أيقونتنا طوال الزيارة فقد فتحت لنا دهاليز وأسرار ومخالفات وتحايلات مواطنين منعهم المسئولون حق المواطنة مع سبق الإصرار إلا أنهم لم يستسلموا لواقع يراه الكثيرون غيرهم أليما وبإبتسامة لم تغادر وجهها قالت مستحملين الوضع الإجباري‏..‏ مفيش غيره ولازم نستحمل هنعمل ايه؟ في‏2004‏ رئيس الحي اعتبرنا سكان عشش مايقدرش يهدمها في الوقت اللي هدم البيوت بالأدوار العالية وكأنه اعتبرنا مش مصريين مسئول عنهم ما احنا فعلا مش علي خريطتهم‏.‏
سؤال ساذج لكنه ملح‏..‏ هل تقدمتم بشكاوي رسمية لإيصال صوتكم وتغيير حالكم؟ فجاءتنا الإجابات من جميع الموجودين حولنا من سكان أرض أم حيرم وكانت أغربها من أميرة التي قالت اشتكينا ومبناخدش غير أرقام‏!‏ طلبنا ايضاح الأمر فقالت ماخليناش مكان سواء في الحي أو جهاز الإسكان والتعمير إلا واشتكينا فيه وكل مرة نقدم شكوي مرفق معاها الأوراق اللازمة أخذ رقم الشكوي‏,‏ ولما نروح بعدها نسأل عن النتيجة يقولولنا ورقكوا ضاع قدموا شكوي جديدة وخدوا رقما جديدا وضحكت أميرة ثم قالت من بداية الحصر في‏2002‏ ولغاية دلوقت معايا‏13‏ رقما‏!‏
التقطت زوجة أخيها طرف الحديث قائلة في واحدة من حالات ازالة البيوت من حوالينا وقعوا بيتنا وكسروا العفش وعندما تقدمنا بشكوي في قسم شرطة منشأة ناصر برضه مخدناش غير رقم جديد هو رقم المحضر هو‏1272‏ وارد بتاريخ‏2005/4/27.‏
ومع أميرة استمرت الرحلة وسط البيوت الموصولة ببعضها بحبال الغسيل ومن تحتها الصرف الصحي الذي يستطيع تجاوز عقباته أهل المنطقة لأنهم اتعودوا عليه علي حد قولهم‏..‏ بيوت أغلبها من دور واحد واذا جازف ساكنوها بزيادة دور إضافي فليتحملوا العواقب ولا تزيد علي غرفة واحدة وصالة ملحق بها دورة مياه الصرف الصحي الناتج عنها موجها للخارج حيث الشوارع جميعها يتوسطها مجري المياه تصب في النهاية بجانب بلوكات العمارات المجاورة في رسالة قوية فهمناها واستوضحنا فقالت نجاة علي السيد البلوكات دي كانت من حقنا لكن كانوا قافلينها وسايبينها ووقت الثورة البلطجية استولوا عليها وبعد ستة أشهر جاء الجيش وأخرجهم منها وكان معاهم رئيس الحي واشتكينا له واصطحبناه للبيوت ليري الحال بنفسه قالنا تعالولي المكتب وفيه ناس راحت وعرضوا عليه الوضع بالتفصيل قالهم بعد شهر هاعمل لكوا اللازم ولغاية دلوقتي مشفناهوش‏.......‏
اوعي أخوك يتوه في المجاري الجملة نطقتها مدام هاني النجار وعندما رأت الدهشة علي وجوهنا قالت أيوه طبعا احنا هنا بنشوف العذاب ألوان من اللي تعرفوه واللي متعرفهوش‏..‏الواد ايده اتكسرت لما وقع في المجاري ليبدأ أحمد سيد‏9‏ سنوات في الصف الثالث الابتدائي حديثهأنا ايدي مكسورة وقبل أن نسأله عن السبب بادر قائلا كنت رايح المدرسة ووقعت في المجاري واحنا المفروض ناخد الشقق اللي في العمارات اللي قدامنا نعيش فيها بدل ما احنا عايشين في المجاري والقرف ده‏..‏في المدرسة بيكلمونا عن النظافة وأهميتها وأصحابنا بيسألونا أنتوا عايشين في المكان ده ليه وازاي؟‏.‏
لنستكمل مدام هاني حديثها كل شويه عيل دماغه تتكسر أو رجله بسبب المجاري والطوب‏..‏ومش بس كده شوفوا الشقوق في الحيطان بتدخل الحشرات والثعابين والرجل اللي بيلف لما بييجي بيطلع كل مرة ثعبانين أو ثلاثة‏!‏
نجاة محمد أو أم إسراء كما يناديها جيرانها هذه السيدة التي تسكن حارة محمد شاهين وجاءت إلينا وبيدها طفلها الصغير أحمد اكرامي الذي أشارت اليه قائلة ابني عنده حساسية من المجاري والزبالة وكل يومين بروح بيه جلسات تنفس لتوسيع صدره وأبكي عندما يدخل في نوبة يكون فيها صدره مقفولا ويسمع جيراننا صوت الكحة والسعال والخنقة التي يعاني منها وقتها‏..‏وبنبرة غلب عليها البكاء مش عارفه أعمل ايه‏..‏ذنبه ايه الواد يعيش هنا‏..‏حتي الميه التي بنشربها مخلوطة بالمجاري وأضافت زوجي معاق ومن حقه علي الدولة شقة سكنية من‏13‏ سنة مخدنهاش لحد دلوقتي ويعمل في وزارة التربية والتعليم بنصف أجرقيمته‏150‏ جنيها ننفق منها علي أربعة أفراد من زوج وزوجة وطفلين اضطررت بعدها أتعلم الخياطة واشتريت ماكينة لأساعد في مصروف المنزل ومن ضيق المكان بشتغل برة البيت في الشارع اللي ممكن تلاقي الناس بتاكل فيه وقاعدة فيه كمان أيقونتنا أميرة ياقوت سارت معنا وأشارت لمنزل يبدو عليه اثار الهدم والبناء وقالت ده بيت رشاد حسب النبي وقع عليه من فترة وهو وعياله اللي قاموا ببنائه بايديهم واحنا هنا كلنا بنساعد بعض كأننا عيلة وعايشين في بيت كبير من غرف متفرقة وأهي حيطة وبنكمل عليها ومن كتر مشاركتنا بعض للأحزان والأفراح بنتجوز من بعضنا وعلشان كده مستحملين وعايشين‏.‏
فجأة سألناها بتقولوا ايه عن العصابة اللي كانت حاكمانا قبل الثورة أجابت بسلام شديد وتصالح مع النفس الله يسامحهم وعندما رأت الدهشة علي وجهي أضافت كده ربنا سبحانه وتعالي هيديلهم جزاءهم اللي يستحقوه يعني هناخد ايه من الدعاء عليهم ربنا يعوضنا خير‏.‏
وهنا انتقلنا إلي أحمد محمود هذا الرجل الذي طلبت منا أميرة الحديث معه لأنه مريض فذهبنا اليه وبدأ حديثه بصوت خافت تسمعه بصعوبة أنا عايش هنا من‏1993‏ وعندي امراض جلدية بتعالج منها من‏3‏ سنين بسبب المجاري ولإثبات مرضه كشف عن ذراعيه الذي لن تستطيع النظر اليهما والسبب ببساطة ان جلده بيقع‏..!‏ وقال أنا عندي‏40‏ سنة والمفروض كنا هنسكن قبل الصخرة ما تقع لأن جوابتنا كانت جاهزة لحد ما وقعت الصخرة‏..‏ كل حاجة ضاعت بعدها‏.‏
لنعود مرة أخري ل أميرة التي حاولت تلخيص أزمتها في سؤالطب هما ليه مانعينا نبني ونزود المساحة بيقولوا دي أرض ملك الدولة‏..‏ طب هي الدولة لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تنزل حيث قالت انه تم تحرير محضر ضدها بعد قيامها ببناء أوضة زيادة رغم مشقة بناء مثل هذه الغرفة علي حد وصفها عملنا جمعية أنا واخواتي وجوزي ب‏2000‏ جنيه وجبنا رمل وطوب وأسمنت وبنينا‏..‏ انا بوسع علي عيالي حد يقولي بقي ان كده غلط‏.‏
وتحدثت عن الكهرباء المسروقة وقالت ضاحكة بصراحة وعلي بلاطة كده احنا بناخد الكهرباء والميه من جامع قريب هنا‏...‏ ورغم الإبتسامة التي لم تفارق وجهها إلا أنك تشعر بمرارة حديثها عندما ذكرت مصدر رزق أسرتها قائلة حد يقولي مين يقدر يأكل عياله ب‏40‏ جنيها‏..‏ لتختم حديثها بضحكتها الصافية والله هم يضحك وهم يبكي‏..‏ حتي واحنا بنشتغل عشان نعيش مش عايزين يسيبونا في حالنا‏,‏ ثم عادت لتتحدث من جديد وكأنها لا ترغب في التوقف عن الحديث احنا عند المسئولين مش باينين ولو باينين بيعملوا عميان عشان ميشوفناش والدليل علي ذلك كما أوضحته ما قاله لهم رئيس الحي الذي قال لهم بالحرف الواحد مثلما حفظته أميرة مش هنظر في أمركم إلا لما يقع منكم ضحايا وتابعت يا نهار أسود يعني لازم نموت علشان يحسوا بينا وساعتها يا عالم كمان هنكون برضه أرقام‏..‏ مجرد أرقام‏.‏
ومن الوحايد تحدثنا مع أسرة مكونة من ثلاثة أشقاء لم يتحملوا الفقر وحده أو مرارة العيش في بيت مفتوح علي الشارع أو حتي في الشارع نفسه بل تحملوا البلطجة التي لم ترحم معاناتهم وفقرهم حيث تساءل حسن أحمد شحاته عن الشقق الموجودة بأكتوبر والنهضة وغيرهما من الوحدات السكنية الخالية التي تبحث عن ساكن وقال معقول يكون في شقق فاضية واحنا ننام في الشارع أنا عايز عشة بس تكون بتاعتي ومحدش يطردني منها‏.‏
وبعد يوم شاق علي النفس قبل الجسد غادرنا أهل الدويقة التي شعرنا معهم بالطيبة والسكينة والرضا بالمكتوب ومع كلمات الوداع كانت دعواتهم بأن يروا نتيجة لما فعلناه وإلا كالعادةلا هنكون أول اللي راحوا ولا آخرهم ليأت الختام علي لسان أحدهم لو اللي احنا فيه ده يرضي ربنا احنا راضيين‏.‏
ولكن لم تنته الرحلة بعد‏..‏ ففي المساء فوجئنا باتصال من أم إسراء حيث أكدت لنا أنها تتحدث للإطمئنان علينا بسبب ما أصابنا من سعال شديد بسبب رائحة الصرف الصحي التي اعتادوا هم عليها علي حد قولها وتابعت بكلمات لن ننساها انا كنت عايزة اطمن بس لأن زي ما قولتلكوا احنا اتعودنا علي الناس اللي بتيجي وتصور وتنزل في التليفزيون كمان ومفيش حاجة بتتغير‏...‏ هذه الكلمات جعلتنا نخجل من انفسنا ونتمني ان يخجل المسئولون الذين يجب ان يكونوا مسئولين ووجهنا لها الشكر وانتهي الاتصال ولم ينته رجاؤنا بأن تصل رسالة أم إسراء وأميرة وحنان وغيرهن كثيرات إلي مسامع المسئولين في حكومة الإنقاذ وحتي يحدث ذلك تظل الدويقة في انتظار زيارة‏(...)‏ عسي ان تكون قريبة‏.‏
دينا‏:‏ زمايلي في المدرسة
بيعايروني بحتتنا‏!‏
بخجل شديد لون وجهها البريء بلون بيجامتها الحمراء وحزن كسا ملامح عمرها الذي لم يكمل العشر سنوات رغم لمسات الأناقة البناتي التي زادت جمالها وقفت بجانبنا لتري ماذا يحدث وماذا نفعل فرغم ان المشهد مألوف لها من كثرة ما شاهدت من أهل الاعلام الذين يجدون في حتتها علي حد وصفها أرضا خصبة لموضوعات وخبطات صحفية وتليفزيونية يجرونها ثم يذهبون لحال سبيلهم تاركين أهل المكان في انتظار الفرج الذي طال أمد قدومه‏.‏
دينا‏..‏ طفلة مثل ملايين الأطفال في مصر المحروسة تدرس في الصف الرابع الابتدائي ويكلمها مدرسوها عن النظافة وأهميتها وضرورة الحرص عليها في الوقت الذي تمتليء فيه زوايا نظرها بالقمامة وبرك الصرف الصحي والحياة تحت صخور تحصد أرواحا حولها تسمع صراخهم وصراخ ذويهم ولا تعرف السبب في ذلك‏.‏
شعرنا بخجلها ورغبتها في الحديث فسألناها عن رأيها في الحياة هنا قالت عايزين نمشي من المكان ده علشان صحابي في المدرسة بيعايروني ويقولوا انتوا حتتكوا وحشة وعايشين في المجاري ومحدش فيهم بيزورني‏..‏ وعلي فكرة البلد كلها مش عاجباني دا حتي بعد الثورة كل الناس اللي بتيجي في التليفزيون قاعدين يتخانقوا وخلاص بدل ما يشوفوا لنا حل والبلد تمشي كويس‏!.‏
الطريق
إلي عشوائيات الدويقة
لو سيادتك جاي من رمسيس‏..‏ هاتركب أتوبيس من رمسيس لمنشية ناصر ومن هناك هتركب عربية‏(‏ مشروع‏)..‏ وبعد كده لازم تسأل عشان توصل‏..‏ أول حاجة تسأل عليها هي الصيدلية المهدودة ودي مشهورة هناك يعني لو سألت أي حد هيوصفهالك بسهولة وهي علي بعد خطوات من مدرسة محمد نجيب للبنين وبعد كده ممكن تلف مع أهل الدويقة اللي هياخدوك بعد كده لحارة محمد شاهين والاتنينات وسعد المصري والوحايد ولكن خلي بالك لأن الوسيلة الوحيدة للانتقال بين كل هذه المناطق هناك هي التنطيط بين الصخور والطوب والحجارة عشان توصل‏..‏ بس يارب توصل سليم‏!!.‏
بالأرقام
وقع انهيار صخري بتاريخ‏6‏ سبتمبر‏2008‏ في الدويقة علي طول منحدر امتد لنحو‏140‏ مترا وبعرض يبلغ‏25‏ مترا‏.‏
وبحسب مصادر الهيئة القومية للاستشعار من بعد وعلوم الفضاء بلغ وزن الكتل الصخرية التي سقطت علي تجمعات البيوت التي تحتها ما لا يقل عن‏18‏ ألف طن‏,‏ وطالت آثارها مساحة لا تقل عن‏6‏ آلاف و‏500‏ متر مربع‏.‏
ويقول أهالي المنطقة المضارة‏:‏ إن حوالي نصف المباني ال‏97‏ التي أحصتها الهيئة القومية علي أنها قد دمرت مستخدمة في ذلك صور الأقمار الصناعية كانت بيوتا من الطوب تتألف من طابقين أو ثلاثة طوابق‏.‏
وكل ما تبقي عبارة عن غرف صغيرة‏,‏ معظمها مقام بالقرب من جدار الهضبة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.