مصطفى الفقي: هندسة المشهد السياسي ليست أمرًا سلبيًا وهذا ما فعله مبارك    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء فرز أصوات الناخبين بالفيوم.. صور    البترول تحقق في واقعة سقوط برج أحد أجهزة الحفر بالصحراء الغربية    ضياء السيد: توروب صنع منظومة دفاعية ذكية، والسوبر جاء في وقته للأهلي    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب"مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    من هو أحمد تيمور عريس مى عز الدين؟.. صور    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة ل كلمة أخيرة: المرأة تصدرت المشهد الانتخابي    «هيبقى كل حياتك وفجأة هيختفي ويسيبك».. رجل هذا البرج الأكثر تلاعبًا في العلاقات    بالصور.. مي عزالدين تحتفل بزواجها من رجل الأعمال أحمد تيمور    كريم عبدالعزيز يوجّه رسالة مؤثرة لوالده: «اتعلمنا منه الفن»    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    فتح: فرنسا تلعب دورا مهما فى دفع جهود حل شامل للقضية الفلسطينية    هل يشارك الجيش التركي ب«عمليات نوعية» في السودان؟    تقرير لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر يؤكد فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية    كريم عبدالعزيز يوجه رسالة لوالده عن جائزة الهرم الذهبي: «علمني الحياة وإن الفن مش هزار»    رئيس العربية للتصنيع: شهادة الآيرس تفتح أبواب التصدير أمام مصنع سيماف    تهديد ترامب بإقامة دعوى قضائية ضد بي بي سي يلقي بالظلال على مستقبلها    هند الضاوي: أبو عمار ترك خيارين للشعب الفلسطيني.. غصن الزيتون أو البندقية    ضبط أخصائي تربيه رياضية ينتحل صفة طبيب لعلاج المرضى ببنى سويف    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    الوطنية للانتخابات": بدء غلق بعض اللجان الفرعية وانطلاق الفرز.. وإصابة موظف بالنيابة الإدارية بإعياء شديد    الجارديان: صلاح خطأ سلوت الأكبر في ليفربول هذا الموسم    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    إبداعات مصرية تضىء روما    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    مأساة على الطريق الزراعي.. سيارة تدهس عابر طريق وتودي بحياته في لحظات    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    بث مباشر | مشاهدة مباراة السعودية ومالي الحاسمة للتأهل في كأس العالم للناشئين 2025    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي تنتظر الجنزوري‏(3)‏
العشوائيات‏...‏ سواد العسل

فيه ملايكة؟‏!‏ ولا غابوا‏....‏ فيه شياطين؟‏!‏ ولا تابوا لما شافوا التابعين‏......‏ شرهم زاد عن جهنم شر‏..‏... لا يمكن حسابه‏......‏ دين أبوهم اسمه إيه؟‏!‏.
لا ندري لماذا كانت كلمات الشاعر جمال بخيت حاضرة تلح بقوة علي أذهاننا ونحن وسط برك مياه المجاري وتلال القمامة وناس عايشين ومش عايشين علي الخريطة مش موجودين كما قالوا ولسان حالهم يتساءل صارخا المسئول عن هذه المأساة اسمه ايه؟
في الدويقة‏:‏
الحياة موصولة بحبال الغسيل‏!‏
إنها صاحبة واقعة الصخرة‏..‏ الدويقة التي لن تدهشك فيها مشاهد بعينها فالواقع أليم في أماكن كثيرة وسواد العسل يتجرعه المصريون في أنحاء المحروسة لكن في الدويقة حتما ستجذبك العيون التي تحمل نظراتها سهاما حادة موجهة لكل من يقترب منهم سواء كان مشفقا أو متأففا أو غير عابيء بأناس نسيهم المسئولون عن أمورهم فباتوا في عالم أخر منتظرين فرج الخالق القريب هكذا قال كل من قابلناه في زيارتنا لأرض أم حيرم بالدويقة‏.‏
بداية زيارتنا في الدويقة جاءت من منطقة لم نكن نعلم اسمها عندما بدأنا السؤال عن مساكن الإيواء القديمة فقد كانت وجهتنا الحقيقية قبل أن تتحول لأرض أم حيرم وتحديدا من شارع طلعت الذي لم نستطع الوصول إليه بسهولة بسبب تلال القمامة المنتشرة بجانب برك مياه المجاري التي يتحتم لعبورها المشي فوق الطوب والحجارة وانت ونصيبك لو خانتك قدميك فوق احدها فالمصير لن يكون سارا علي الاطلاق‏.‏
رايحين فين‏..‏ في حد مستنيكم هنا؟ سؤال جاء من أحد الصنايعية الجدعان بالمكان فجاء جوابنا بسؤال عن منطقة الوحايد التي وصفها لنا أحد سكان الدويقة قبل وصولنا إلي هناك فأجاب الشاب انتوا هنا في الاتنينات‏(‏ سعد المصري‏)‏ عند الصيدلية المهدودة تركناه بعد حديث قصير أصر خلاله أن يستضيفنا عنده في الورشة ويشربنا شاي واجب الضيافة‏..‏ وهنا سمعنا صوتا ينادينا من بعيد تعالوا صورونا هنا هذا الصوت الذي صدر عن سيدة مسنة بمجرد رؤيتها لعدسة التصوير التي كانت تلتقط مشاهد أخري وحرصا علي تلبية ندائها كان علينا العبور فوق الطوب والحجارة والأخشاب الموجودة وسط مياه الصرف الصحي في مشهد اعتاده سكان المكان الذين اعتبروا واقعهم قدرا لن يتغير الا بإرادته سبحانه كما قالت لنا حنان عبد التي تعيش هناك منذ‏13‏ عاما والسبب كما أوضحته جاء ناس كتير صورونا واتكلموا معانا زيكم كده وبيروحوا لحالهم ومفيش حاجة بتتغير‏.‏
ورغم نبرة اليأس التي تحدثت بها حنان التي لم تكن الوحيدة التي حدثتنا عن أنه لا فائدة مما نقوم به لكن حماسنا لم ينكسر لنسأل بما اننا في وقت الماراثون البرلماني والدعاية لجذب الناخبين إذا كان موقف المسئولين لا يحتاج لشرح فالصورة خير معبر فما هو موقف المرشحين وأعضاء مجلس الشعب السابقين منكم فأجابت محدش بيجيلنا غير مرة واحد جه وصعبنا عليه لكن مانجحش‏!.‏
قادنا القدر بعد ذلك إلي أميرة ياقوت التي اعتبرناها أيقونتنا طوال الزيارة فقد فتحت لنا دهاليز وأسرار ومخالفات وتحايلات مواطنين منعهم المسئولون حق المواطنة مع سبق الإصرار إلا أنهم لم يستسلموا لواقع يراه الكثيرون غيرهم أليما وبإبتسامة لم تغادر وجهها قالت مستحملين الوضع الإجباري‏..‏ مفيش غيره ولازم نستحمل هنعمل ايه؟ في‏2004‏ رئيس الحي اعتبرنا سكان عشش مايقدرش يهدمها في الوقت اللي هدم البيوت بالأدوار العالية وكأنه اعتبرنا مش مصريين مسئول عنهم ما احنا فعلا مش علي خريطتهم‏.‏
سؤال ساذج لكنه ملح‏..‏ هل تقدمتم بشكاوي رسمية لإيصال صوتكم وتغيير حالكم؟ فجاءتنا الإجابات من جميع الموجودين حولنا من سكان أرض أم حيرم وكانت أغربها من أميرة التي قالت اشتكينا ومبناخدش غير أرقام‏!‏ طلبنا ايضاح الأمر فقالت ماخليناش مكان سواء في الحي أو جهاز الإسكان والتعمير إلا واشتكينا فيه وكل مرة نقدم شكوي مرفق معاها الأوراق اللازمة أخذ رقم الشكوي‏,‏ ولما نروح بعدها نسأل عن النتيجة يقولولنا ورقكوا ضاع قدموا شكوي جديدة وخدوا رقما جديدا وضحكت أميرة ثم قالت من بداية الحصر في‏2002‏ ولغاية دلوقت معايا‏13‏ رقما‏!‏
التقطت زوجة أخيها طرف الحديث قائلة في واحدة من حالات ازالة البيوت من حوالينا وقعوا بيتنا وكسروا العفش وعندما تقدمنا بشكوي في قسم شرطة منشأة ناصر برضه مخدناش غير رقم جديد هو رقم المحضر هو‏1272‏ وارد بتاريخ‏2005/4/27.‏
ومع أميرة استمرت الرحلة وسط البيوت الموصولة ببعضها بحبال الغسيل ومن تحتها الصرف الصحي الذي يستطيع تجاوز عقباته أهل المنطقة لأنهم اتعودوا عليه علي حد قولهم‏..‏ بيوت أغلبها من دور واحد واذا جازف ساكنوها بزيادة دور إضافي فليتحملوا العواقب ولا تزيد علي غرفة واحدة وصالة ملحق بها دورة مياه الصرف الصحي الناتج عنها موجها للخارج حيث الشوارع جميعها يتوسطها مجري المياه تصب في النهاية بجانب بلوكات العمارات المجاورة في رسالة قوية فهمناها واستوضحنا فقالت نجاة علي السيد البلوكات دي كانت من حقنا لكن كانوا قافلينها وسايبينها ووقت الثورة البلطجية استولوا عليها وبعد ستة أشهر جاء الجيش وأخرجهم منها وكان معاهم رئيس الحي واشتكينا له واصطحبناه للبيوت ليري الحال بنفسه قالنا تعالولي المكتب وفيه ناس راحت وعرضوا عليه الوضع بالتفصيل قالهم بعد شهر هاعمل لكوا اللازم ولغاية دلوقتي مشفناهوش‏.......‏
اوعي أخوك يتوه في المجاري الجملة نطقتها مدام هاني النجار وعندما رأت الدهشة علي وجوهنا قالت أيوه طبعا احنا هنا بنشوف العذاب ألوان من اللي تعرفوه واللي متعرفهوش‏..‏الواد ايده اتكسرت لما وقع في المجاري ليبدأ أحمد سيد‏9‏ سنوات في الصف الثالث الابتدائي حديثهأنا ايدي مكسورة وقبل أن نسأله عن السبب بادر قائلا كنت رايح المدرسة ووقعت في المجاري واحنا المفروض ناخد الشقق اللي في العمارات اللي قدامنا نعيش فيها بدل ما احنا عايشين في المجاري والقرف ده‏..‏في المدرسة بيكلمونا عن النظافة وأهميتها وأصحابنا بيسألونا أنتوا عايشين في المكان ده ليه وازاي؟‏.‏
لنستكمل مدام هاني حديثها كل شويه عيل دماغه تتكسر أو رجله بسبب المجاري والطوب‏..‏ومش بس كده شوفوا الشقوق في الحيطان بتدخل الحشرات والثعابين والرجل اللي بيلف لما بييجي بيطلع كل مرة ثعبانين أو ثلاثة‏!‏
نجاة محمد أو أم إسراء كما يناديها جيرانها هذه السيدة التي تسكن حارة محمد شاهين وجاءت إلينا وبيدها طفلها الصغير أحمد اكرامي الذي أشارت اليه قائلة ابني عنده حساسية من المجاري والزبالة وكل يومين بروح بيه جلسات تنفس لتوسيع صدره وأبكي عندما يدخل في نوبة يكون فيها صدره مقفولا ويسمع جيراننا صوت الكحة والسعال والخنقة التي يعاني منها وقتها‏..‏وبنبرة غلب عليها البكاء مش عارفه أعمل ايه‏..‏ذنبه ايه الواد يعيش هنا‏..‏حتي الميه التي بنشربها مخلوطة بالمجاري وأضافت زوجي معاق ومن حقه علي الدولة شقة سكنية من‏13‏ سنة مخدنهاش لحد دلوقتي ويعمل في وزارة التربية والتعليم بنصف أجرقيمته‏150‏ جنيها ننفق منها علي أربعة أفراد من زوج وزوجة وطفلين اضطررت بعدها أتعلم الخياطة واشتريت ماكينة لأساعد في مصروف المنزل ومن ضيق المكان بشتغل برة البيت في الشارع اللي ممكن تلاقي الناس بتاكل فيه وقاعدة فيه كمان أيقونتنا أميرة ياقوت سارت معنا وأشارت لمنزل يبدو عليه اثار الهدم والبناء وقالت ده بيت رشاد حسب النبي وقع عليه من فترة وهو وعياله اللي قاموا ببنائه بايديهم واحنا هنا كلنا بنساعد بعض كأننا عيلة وعايشين في بيت كبير من غرف متفرقة وأهي حيطة وبنكمل عليها ومن كتر مشاركتنا بعض للأحزان والأفراح بنتجوز من بعضنا وعلشان كده مستحملين وعايشين‏.‏
فجأة سألناها بتقولوا ايه عن العصابة اللي كانت حاكمانا قبل الثورة أجابت بسلام شديد وتصالح مع النفس الله يسامحهم وعندما رأت الدهشة علي وجهي أضافت كده ربنا سبحانه وتعالي هيديلهم جزاءهم اللي يستحقوه يعني هناخد ايه من الدعاء عليهم ربنا يعوضنا خير‏.‏
وهنا انتقلنا إلي أحمد محمود هذا الرجل الذي طلبت منا أميرة الحديث معه لأنه مريض فذهبنا اليه وبدأ حديثه بصوت خافت تسمعه بصعوبة أنا عايش هنا من‏1993‏ وعندي امراض جلدية بتعالج منها من‏3‏ سنين بسبب المجاري ولإثبات مرضه كشف عن ذراعيه الذي لن تستطيع النظر اليهما والسبب ببساطة ان جلده بيقع‏..!‏ وقال أنا عندي‏40‏ سنة والمفروض كنا هنسكن قبل الصخرة ما تقع لأن جوابتنا كانت جاهزة لحد ما وقعت الصخرة‏..‏ كل حاجة ضاعت بعدها‏.‏
لنعود مرة أخري ل أميرة التي حاولت تلخيص أزمتها في سؤالطب هما ليه مانعينا نبني ونزود المساحة بيقولوا دي أرض ملك الدولة‏..‏ طب هي الدولة لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تنزل حيث قالت انه تم تحرير محضر ضدها بعد قيامها ببناء أوضة زيادة رغم مشقة بناء مثل هذه الغرفة علي حد وصفها عملنا جمعية أنا واخواتي وجوزي ب‏2000‏ جنيه وجبنا رمل وطوب وأسمنت وبنينا‏..‏ انا بوسع علي عيالي حد يقولي بقي ان كده غلط‏.‏
وتحدثت عن الكهرباء المسروقة وقالت ضاحكة بصراحة وعلي بلاطة كده احنا بناخد الكهرباء والميه من جامع قريب هنا‏...‏ ورغم الإبتسامة التي لم تفارق وجهها إلا أنك تشعر بمرارة حديثها عندما ذكرت مصدر رزق أسرتها قائلة حد يقولي مين يقدر يأكل عياله ب‏40‏ جنيها‏..‏ لتختم حديثها بضحكتها الصافية والله هم يضحك وهم يبكي‏..‏ حتي واحنا بنشتغل عشان نعيش مش عايزين يسيبونا في حالنا‏,‏ ثم عادت لتتحدث من جديد وكأنها لا ترغب في التوقف عن الحديث احنا عند المسئولين مش باينين ولو باينين بيعملوا عميان عشان ميشوفناش والدليل علي ذلك كما أوضحته ما قاله لهم رئيس الحي الذي قال لهم بالحرف الواحد مثلما حفظته أميرة مش هنظر في أمركم إلا لما يقع منكم ضحايا وتابعت يا نهار أسود يعني لازم نموت علشان يحسوا بينا وساعتها يا عالم كمان هنكون برضه أرقام‏..‏ مجرد أرقام‏.‏
ومن الوحايد تحدثنا مع أسرة مكونة من ثلاثة أشقاء لم يتحملوا الفقر وحده أو مرارة العيش في بيت مفتوح علي الشارع أو حتي في الشارع نفسه بل تحملوا البلطجة التي لم ترحم معاناتهم وفقرهم حيث تساءل حسن أحمد شحاته عن الشقق الموجودة بأكتوبر والنهضة وغيرهما من الوحدات السكنية الخالية التي تبحث عن ساكن وقال معقول يكون في شقق فاضية واحنا ننام في الشارع أنا عايز عشة بس تكون بتاعتي ومحدش يطردني منها‏.‏
وبعد يوم شاق علي النفس قبل الجسد غادرنا أهل الدويقة التي شعرنا معهم بالطيبة والسكينة والرضا بالمكتوب ومع كلمات الوداع كانت دعواتهم بأن يروا نتيجة لما فعلناه وإلا كالعادةلا هنكون أول اللي راحوا ولا آخرهم ليأت الختام علي لسان أحدهم لو اللي احنا فيه ده يرضي ربنا احنا راضيين‏.‏
ولكن لم تنته الرحلة بعد‏..‏ ففي المساء فوجئنا باتصال من أم إسراء حيث أكدت لنا أنها تتحدث للإطمئنان علينا بسبب ما أصابنا من سعال شديد بسبب رائحة الصرف الصحي التي اعتادوا هم عليها علي حد قولها وتابعت بكلمات لن ننساها انا كنت عايزة اطمن بس لأن زي ما قولتلكوا احنا اتعودنا علي الناس اللي بتيجي وتصور وتنزل في التليفزيون كمان ومفيش حاجة بتتغير‏...‏ هذه الكلمات جعلتنا نخجل من انفسنا ونتمني ان يخجل المسئولون الذين يجب ان يكونوا مسئولين ووجهنا لها الشكر وانتهي الاتصال ولم ينته رجاؤنا بأن تصل رسالة أم إسراء وأميرة وحنان وغيرهن كثيرات إلي مسامع المسئولين في حكومة الإنقاذ وحتي يحدث ذلك تظل الدويقة في انتظار زيارة‏(...)‏ عسي ان تكون قريبة‏.‏
دينا‏:‏ زمايلي في المدرسة
بيعايروني بحتتنا‏!‏
بخجل شديد لون وجهها البريء بلون بيجامتها الحمراء وحزن كسا ملامح عمرها الذي لم يكمل العشر سنوات رغم لمسات الأناقة البناتي التي زادت جمالها وقفت بجانبنا لتري ماذا يحدث وماذا نفعل فرغم ان المشهد مألوف لها من كثرة ما شاهدت من أهل الاعلام الذين يجدون في حتتها علي حد وصفها أرضا خصبة لموضوعات وخبطات صحفية وتليفزيونية يجرونها ثم يذهبون لحال سبيلهم تاركين أهل المكان في انتظار الفرج الذي طال أمد قدومه‏.‏
دينا‏..‏ طفلة مثل ملايين الأطفال في مصر المحروسة تدرس في الصف الرابع الابتدائي ويكلمها مدرسوها عن النظافة وأهميتها وضرورة الحرص عليها في الوقت الذي تمتليء فيه زوايا نظرها بالقمامة وبرك الصرف الصحي والحياة تحت صخور تحصد أرواحا حولها تسمع صراخهم وصراخ ذويهم ولا تعرف السبب في ذلك‏.‏
شعرنا بخجلها ورغبتها في الحديث فسألناها عن رأيها في الحياة هنا قالت عايزين نمشي من المكان ده علشان صحابي في المدرسة بيعايروني ويقولوا انتوا حتتكوا وحشة وعايشين في المجاري ومحدش فيهم بيزورني‏..‏ وعلي فكرة البلد كلها مش عاجباني دا حتي بعد الثورة كل الناس اللي بتيجي في التليفزيون قاعدين يتخانقوا وخلاص بدل ما يشوفوا لنا حل والبلد تمشي كويس‏!.‏
الطريق
إلي عشوائيات الدويقة
لو سيادتك جاي من رمسيس‏..‏ هاتركب أتوبيس من رمسيس لمنشية ناصر ومن هناك هتركب عربية‏(‏ مشروع‏)..‏ وبعد كده لازم تسأل عشان توصل‏..‏ أول حاجة تسأل عليها هي الصيدلية المهدودة ودي مشهورة هناك يعني لو سألت أي حد هيوصفهالك بسهولة وهي علي بعد خطوات من مدرسة محمد نجيب للبنين وبعد كده ممكن تلف مع أهل الدويقة اللي هياخدوك بعد كده لحارة محمد شاهين والاتنينات وسعد المصري والوحايد ولكن خلي بالك لأن الوسيلة الوحيدة للانتقال بين كل هذه المناطق هناك هي التنطيط بين الصخور والطوب والحجارة عشان توصل‏..‏ بس يارب توصل سليم‏!!.‏
بالأرقام
وقع انهيار صخري بتاريخ‏6‏ سبتمبر‏2008‏ في الدويقة علي طول منحدر امتد لنحو‏140‏ مترا وبعرض يبلغ‏25‏ مترا‏.‏
وبحسب مصادر الهيئة القومية للاستشعار من بعد وعلوم الفضاء بلغ وزن الكتل الصخرية التي سقطت علي تجمعات البيوت التي تحتها ما لا يقل عن‏18‏ ألف طن‏,‏ وطالت آثارها مساحة لا تقل عن‏6‏ آلاف و‏500‏ متر مربع‏.‏
ويقول أهالي المنطقة المضارة‏:‏ إن حوالي نصف المباني ال‏97‏ التي أحصتها الهيئة القومية علي أنها قد دمرت مستخدمة في ذلك صور الأقمار الصناعية كانت بيوتا من الطوب تتألف من طابقين أو ثلاثة طوابق‏.‏
وكل ما تبقي عبارة عن غرف صغيرة‏,‏ معظمها مقام بالقرب من جدار الهضبة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.