هذا الملف صرخة إنذار مبكر.. من العشوائيات سيأتى الانفجار القادم فى مصر.. هذا هو ما يحذر منه بعض الخبراء وأساتذة علم الاجتماع. الأوضاع فى العشوائيات لم تعد تحتمل الضغوط الاقتصادية تتضاءل.. والبعض يرى أنه بعد الثورة لم يبق أمام الناس سوى مزيد من الثورة.. فى هذا الملف يتحدث أهل العشوائيات ويتحدث المسئولون ويتحدث علماء اجتماع واقتصاد.. كاريكاتير انور محمد هو صرخة إنذار لحكومة الثورة تقول تحركوا قبل فوات الأوان. روزاليوسف خلاصة كلامهم تحذير شديد اللهجة إلى القائمين، أن صبرهم نفد، وباتوا ينظرون إلى الموت باعتباره أشرف وأكثر إنسانية وآدمية من الحياة التى تقتل داخلهم كل شىء نقى وجميل، هذا إذا كان لديهم ما يمكن أن يدخل ضمن الجمال.. سكان العشوائيات يبدو أنهم لن يختبئوا فى العشش الصفيح فى انتظار أن تكتشفهم الدولة وتحن عليهم، هم مصرون على الخروج من هذا الواقع الذى تقبل إنسانيتهم فى كل تفاصيله. التحذير يستلزم الدولة أن تنتبه قبل أن تستفيق على غضب عات يتجاوز غضب 28 يناير بكثير خالد محمد سيد : «أوضة وعفشة مية» - سنى «16 سنة» أسكن منطقة أرض الملعب بالدويقة.. تباع على سيارة ميكروباص.. الخناقات والبلطجة شغالة عندنا - عرض مستمر - 24 ساعة يوميا.. إحنا عايشين فى عشش.. والناس إللى بيوتهم ولعت فى الدويقة محدش جابلهم شقق - نفسنا حد يبصلنا ونعيش فى مكان كويس زى باقى البنى آدمين.. أنا معايا إعدادية واستحالة كنت أكمل تعليمى.. الناس هنا غلابة.. صعب يتعلموا. القمامة تملأ الشوارع والأدخنة الضارة تمتزج بهواء الدويقة الملوث.. حلم جماعى فى أذهان أهالى الدويقة بأن تُهدم العشوائيات، ويصبح مكانها منازل تصلح للحياة الآدمية حتى لو أوضة وصالة. مرسى كامل مرسى : دخلى 85 جنيها وإيجار الأوضة 150 جنيها 53 سنة.. نجار باب وشباك تحت الطلب.. أسكن غرفة مترين * مترين «زنزانة» مع عائلتى فى داير الناحية بميت عقبة.. أعانى مرضا خطيرا فى الصدر بسبب التلوث المحيط به، معاشى من الشئون الاجتماعية «85 جنيه».. إيجار الغرفة التى نعيش فيها 150 جنيها شهريا إحنا هنموت من الكتمة.. مش عارف أعيش فى الغلا إللى حوالينا.. «85 جنيه يعملوا إيه بشتغل نجار بس معنديش دكان عشان مقدرش أدفع إيجاره والشغل قليل أوى.. البلطجية ماليين المنطقة عندنا.. مش عارف الحكومة هتاخد بالها مننا إمتى.. لما نموت.. ده حتى الثورة لسة موصلتش عندنا». محمد سمير :إدونا حقنا.. وإلا 22 سنة، عامل، حاصل على دبلوم صناعة قسم «صحى» أسكن اسطبل عنتر بمصر القديمة أعيش فى غرفة صغيرة مع 8 أفراد من عائلتى أجاهد منذ سنوات لأجد أى وظيفة فى أى مكان دون جدوى كنت أتمنى العمل فى أحد الفنادق.. لكن الفنادق طلبت منى شهادة خبرة لا أملكها.. هذه الشهادة تكلفتها 700 جنيه لا أفكر فى الزواج لأنه يحتاج فلوس، لا أستطيع توفيرها ، أعانى من أزمة نفسية بسبب ضابط يدعى «محمد نبيل» كسر المقهى الذى كنت أعمل بها ثم أمسك بطفل من عائلتى وهدد برميه من أعلى سطح المنزل مما أصاب الطفل بحالة عصبية حادة.. هذا الضابط وأمناؤه يعتدون على النساء بشكل فظ من أجل الحصول على الرشاوى.. هذه الحادثة وقعت قبل الثورة ومن يومها توجهت ووالدى لشكوى الضابط فى الجهات المختصة ولا أحد يفعل شيئا. يخرب بيت الذل إللى إحنا عايشين فيه.. ضابط يعتدى على أهلى وأكل عيشى ومش عارف أعمله حاجة.. محدش يلومنا بعد كده :«يا تجبولنا حقنا.. يا متشتكوش مننا» نادية محمد : إللى عايز يعيش فى الدويقة يعيش صايم وابنى المصاب كفر بحكومة الثورة 53 سنة.. ربة منزل.. تسكن فى عشة فى الدويقة: ابنى محمد كان يعمل «نجار مسلح» ذهب لميدان التحرير «فى جمعة الغضب وأصيب بطلقة فى عينيه وأصبح الآن كفيفا، غير قادر على الكسب. الحكومة معملتلناش أى حاجة لحد دلوقتى.. وإحنا بنموت وابنى هو إللى كان بيصرف علىَّ.. آخر جلسة فى قضية الضباط إللى قتلوا وأصابوا الشهداء.. منعونا من الدخول وشتمونا وطردونا.. ابنى قاللى مش هروح تانى وحقى عند ربنا» أعيش وأبنائى الثلاثة وزوجى فى غرفة واحدة.. زوجى يعانى من عجز نظر، نحصل على «160» جنيها شهريا معاشا من الشئون الاجتماعية.. هذا هو مصدر دخلنا الوحيد مفيش عداد نور عندنا كلنا واخدين سلك من العماير الجديدة وكل ما السلك يضرب نقعد باليومين من غير نور.. ومقدمين على العدادات من سنتين، العيش وحش بنلاقى فيه صراصير وقش وبنقف 3 ساعات قدام الفرن عشان ناخده ولو اشتكينا ميرضوش يدونا عيش. وصاحب الفرن بيدى العيش صاحبه وإللى على مزاجه.. الأنبوبة ب 20 جنيه والله.. إللى عايز يعيش، فى الدويقة لازم يعيش صايم مياكلش» مصطفى أحمد محمد نصر : أنام فى حضن العقارب 45 سنة، أستورجى، وأسكن فى عشش الجبل باسطبل عنتر.. لا أجيد القراءة والكتابة.. ليس لى دخل أو معاش.. كنت «ساقط قيد» حتى شهر مايو الماضى ثم استخرجت بطاقة شخصية حتى أتمكن من الحصول على عمل أو معاش.. أعيش وعائلتى المكونة من 5 أفراد فى غرفة فوق الجبل كأننا عايشين فى الترب. ..لو دخلتها تتخنق وتجيلك أمراض الدنيا.. مبنعرفش ننام من التعابين والعقارب .. الأوضة إيجارها 120 جنيه فى الشهر.. ابنى الكبير كان شغال ميكانيكى وبيساعدنى بس دخل الجيش.. وعندى بنت على وش جواز والله ما عارف هجوزها إزاى.. الحياة مش غالية بعقل.. الرغيف بنجيبه بعشرة ساغ ميتاكلش.. والأنبوبة ب 25 جنيه.. رحت آخذ قرض بتاع الحكومة عشان أجيب محل صغير أشتغل فيه قالوا لى القروض وقفت.. أنا شغال أرزقى والمحلات غالية وإيجارها بيوصل 200 جنيه فى الشهر. أنا شاركت فى الثورة عشان الدنيا تتعدل.. بس لسة فى ناس بتتظلم.. والواحد مبقاش طايق.. ضابط إمبارح ظل يشتمنى وكان عايز يحبسنى عشان بصتله بصة لم تعجبه ده الموت أهون للواحد من العيشة دى». أحمد محمد عبد الهادى : أمناء الشرطة بيعاقبونا بسبب الثورة 24 سنة، سائق وحاصل على دبلوم تجارة. أسكن فى عشة فى الدويقة.. مفيش فرصة عمل تناسب الدبلوم.. وأتمنى فرصة جيدة كى أتزوج.. فالزواج بالنسبة لى شىء بعيد المنال.. ليس لدينا ماء ولا كهرباء ولا صرف صحى.. الميه بتشتغل من الساعة 8 بالليل.. والنور سارقينه من العماير الجديدة وبيقطع كل ساعة والعيش بنشتريه بربع جنيه، وأبو شلن ميتاكلش والله.. وأنبوبة الغاز وصلت عشرين جنيه. وكله كوم وأمناء الشرطة كوم تانى.. «دول بيشتموا الثورة».. أنا كنت فى ميدان التحرير ولا أطيق سماع أى نقد أو إهانة للثورة.. أعتبرها أفضل شىء حدث فى حياتى وأنتظر تتغير الأحوال. كريمه محمد عارف : باحلم ب «ثلاجة» 65 سنة، أعيش فى غرفة صغيرة جدا بعشش الغريب بميت عقبة.. أربى أبنائى الأيتام بعد وفاة أبيهم.. أحصل على معاش 200 جنيه عن والدى الذى كان يعمل بشركة هندسية وليس لى أى دخل آخر.. اللحمة غليت أوى.. مبقيناش ناكلها.. بقف فى الطابور بالساعات عشان أجيب بجنيه عيش.. الأنبوبة وصلت عشرين جنيه.. نفسى فى أوضة وصالة نعيش فيها بدل الخنقة والكتمة دى.. والله بنخرج نقعد فى الشارع عشان منتخنقش.. ولادى نفسيتهم بتتعب من الشتايم والخناقات إللى بتحصل كل شوية.. وأنا بحاول أربيهم كويس.. بأحلم ب «ثلاجة» أضع فيها بقايا الطعام حتى لا يفسد وأشرب مية ساقعة فى الصيف القاتل أعانى من مرض السكر ولا أتلقى أى علاج، فالأكل والشرب لأبنائى الأيتام أهم من العلاج. عادل ميخائيل: لولا الزبالة يا حكومة كنت أسكن فى عشش «إمبابة» والآن لا أملك حتى ما يجعلنى أنام فى عشة.. أنام.. فى الشارع ومصدر رزقى الوحيد هو أكوام القمامة.. يبدأ يومى بالبحث داخل القمامة عن أى شىء يصلح للأكل أو الاستعمال أو للبيع.. كنت موظفا فى المطابع الأميرية.. لا أعرف عمرى بالضبط، أعتبرنى فوق الخمسين، تم فصلى من المطابع الأميرية ومن وقتها فقدت السيطرة على حياتى ماليش دخل خالص عايش أدور على اللقمة فى زبالة.. بتمنى الموت كل يوم بس مبيجيش.. وهى الناس عايزة تعيش ليه.. هو فيه حاجة «عدلة».. أنا سمعت عن الثورة بس مشفتهاش وقالوا لى المسيحيين والمسلمين بيتخانقوا.. بيتخانقوا على إيه! شبعانين أوى ولاقيين اللقمة عشان يموتوا بعض؟ كان نفسى أكون موظف كبير بس ربنا يجازى ولاد الحرام». أحمد عبدالفضيل نفسى أتعامل كبنى آدم 22 سنة، حاصل على الإعدادية وأسكن عشش اسطبل عنتر، «فى الجبل» المجارى هنا طافحة كتير أوى والأنبوبة وصلت 25 جنيه.. الناس بتموت بعضها عشان رغيف العيش كل يوم.. والله بنقف فى الطابور من بعد الفجر عشان بجنيه عيش وبيدونا الرغيف بعشرة ساغ مش بخمسة.. السكر وصل 5 جنيهات وقالوا لنا الحاجات هترخص بعد الثورة ومفيش حاجة رخصت والله ما بقينا ناكل اللحمة والفراخ غير مرة واحدة فى الشهر. مفيش تأمين صحى يكفل لنا العلاج.. فعندما أذهب للعلاج على نفقة الدولة فى أحد المستشفيات يعاملوننى بشكل غير آدمى وبأسلوب غير لائق ويطلب منى الطبيب أدوية تتعدى ال 200 جنيه، والدولة لا توفر لنا هذه الأدوية وتتركنا لبشاعة الاستغلاليين والمرتشين.. فقدت الأمل تماما فى حياة كريمة والثورة لم تفعل شيئا.. كل شىء الآن أسوأ، كنت عايز أخش الجيش عشان أرتاح من العيشة اللى أنا فيها دى.. وأحس إنى بعمل حاجة صح.. أنا مبعملش أى حاجة ومش لاقى شغل.. بس للأسف ادونى إعفاء عشان عندى مرض فى عضمى.. ولما عرفت إنى مش داخل الجيش عيطت». محمد زهدى صبرنا نفد 15 سنة، تركت المدرسة منذ سنوات - أسكن فى عشش عزبة خير الله بمصر القديمة. وأعمل سائق توك توك بين العزبة ومحطة المترو لم أر فى التعليم أى فائدة تذكر.. كل من رأيتهم حولى من الحاصلين على دبلومات أو أكملوا تعليمهم إلى النهاية لايفعلون شيئا.. «واحد قريبى معاه معهد فوق المتوسط وفى الآخر نزل يشتغل على توك توك، أنا قولت أقصر المسافة على نفسى وأشتغل على طول.. بلا تعليم بلا تكاليف. نفسى أمتلك سيارة أجرة فى المستقبل وأترك عشش عزبة خيرالله وأسكن عمارة بأسانسير.. أرفع قيمة أجرة التوك توك، حتى أواجه الغلاء، وأساعد أهلى فى المصاريف.. التوك توك غير قانونى وسيلة تساعد الناس فى التنقل بدلا من السير على الأقدام ويعنى هى كل حاجة ماشية قانونى وجت على التوك توك وأنا لو حد فكر يأخذه منى هاكله بأسنانى.. ما احنا عايزين نعيش برضه».