رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    عاجل- وزارة البترول تكشف الحقيقة الكاملة حول جودة البنزين في الأسواق المصرية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى الثلاثاء 6 مايو 2025 (قبل بداية تعاملات)    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 (بداية التعاملات)    "المالية" تعلن عن نظام ضريبى مبسط ومتكامل لأى أنشطة لا تتجاوز إيراداتها 20 مليون جنيه سنويًا    أورنچ تعلن تعيين ياسر شاكر رئيسًا تنفيذيًا لإفريقيا والشرق الأوسط    النائب أحمد مقلد: لن نصل للفسخ التلقائي لعقود الإيجار القديم بين المالك والمستأجر    8 مليارات دولار في الطريق.. تفاصيل الدفعة الجديدة من الاتحاد الأوروبي لمصر    رئيس وزراء هنغاريا يعلنها حربا مفتوحة مع زيلينسكي    إكسيوس: إسرائيل تحدد زيارة ترامب كموعد نهائي للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة    طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على الحدود الشرقية اللبنانية - السورية    رئيس وزراء رومانيا يعلن استقالته وسط تصاعد الاضطراب السياسي    وزير السياحة والآثار يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في الاجتماع الوزاري الرابع لوزراء السياحة للدول الأعضاء بمنظمة ال D-8 بالمتحف المصري الكبير    حالة واحدة لإلغاء عقوبة إيقاف قيد الزمالك.. خبير يوضح    جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    المصري 2007 يختتم مشواره بدوري المحترفين بالفوز على بلدية المحلة بهدف    الأهلي يحدد سعر وسام أبو علي بعد تلقيه عروض مغرية    وكيله: عقد عطية الله مع الأهلي ينتهي بنهاية المونديال.. ولدينا عروض عربية    طارق مصطفى: أنتظر تدريب منتخب مصر.. والزمالك فريق كبير    تعرف على.. جدول الشهادة الاعدادية التيرم الثاني بمحافظة القاهرة    عودة الموجة الحارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025    "عيون ساهرة لا تنام".. الداخلية المصرية تواجه الجريمة على السوشيال ميديا    انقلاب سيارة يودي بحياة مسن في الوادي الجديد.. ونيابة الداخلة تباشر التحقيقات    الطب الشرعي يعيد فحص الطالبة كارما لتحديد مدى خطورة إصاباتها    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    رغم هطول الأمطار.. خبير يكشف مفاجأة بشأن تأخير فتح بوابات سد النهضة    بالصور.. انطلاق فعاليات المؤتمر العام العاشر لمنظمة المرأة العربية    الحكومة الفلسطينية: نرفض الآلية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة    إعلام عبري: الحكومة بدأت حساب تكاليف توسيع الحرب    ضبط طفل تحرش بكلب في الشارع بالهرم    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جداول امتحانات نهاية العام للصف الأول والثاني الإعدادي بمدارس الجيزة 2025 - (مستند)    لماذا رفضت "العدل الدولية"دعوى الإبادة الجماعية التي رفعها السودان على دويلة الإمارات    موعد مباريات يوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    رياضة ½ الليل| مصائب تغزو الزمالك.. انقلاب على بيسرو.. موقف محرج للأهلي.. وبطولة قتالية لمصر    عمرو أديب: قانون الإيجار القديم يحتاج "نواب الرحمة"- تفاصيل    25 صورة من عزاء المنتج وليد مصطفى زوج الفنانة كارول سماحة    بالفيديو.. رنا رئيس ترقص مع زوجها في حفل زفافها على أغنية "بالراحة يا شيخة"    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    ليلى علوي تقدم واجب العزاء في المنتج الراحل وليد مصطفى    جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 في القاهرة لطلاب الابتدائية    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي تنتظر الجنزوري‏2‏

نبدأ من حيث ينتهي الآخرون‏...‏ بحثا عن مآسي الحياة نطرق أبواب الموت‏...‏ من المقابر‏...‏ حيث البشر بلا حراك تحت الأرض‏...‏ بلا أمل فوق الأرض‏...‏
مساكن الجبانات‏..‏ مدن الموت المسكونة بشبح الفقر الممسوسة بعفاريت الإهمال‏..‏ من هنا ننبش وراء العشوائيات‏...‏ من جبانات البساتينأموات علي الصفين‏...‏ هذا هو المشهد باختصار ما أن تطأ قدماك أرض البساتين إلا وتري المقابر يمينا ويسارا وتشعر من هدوء المكان أنه ملك للأموات فقط وعليك استكمال السير في صمت فهيبة الموت ستسيطر عليك‏,‏ ولكن ينبغي أن تتوقف لأن جيران الأموات في حاجة للحديث‏...‏ في حاجة لكسر الصمت للخروج للدنيا التانية مثلما وصفوها لأنهم يشعرون بالعزلة والانفصال عن عالمنا المليء بالضجيج‏,‏ لن نصفهم كغيرنا بالأموات الذين يعيشون فوق الأرض لأنهم أحياء مثلنا ولكنهم فقط خارج نطاق الحياة أو بالأحري الحياة التي نعلمها ونعيشها نحن‏...‏ لايريدون الحديث مع أحد إلا من أهل المكان جيران يعرفون بعضهم البعض جيدا للدرجة التي تمكنهم من التعرف علي أي غريب ينزل ضيفا علي عالم الأموات مثلما حدث معنا عندما لمحنا عم رمضان هذا الرجل الذي كان يجلس بجوار الفاكهة مصدر رزقه بجانب العمل الرسمي لمعظم الرجال هناك من خلال المساعدة في دفن الأموات أو عند زيارة ذويهم لهم‏...‏ عم رمضان الذي بدت عليه ملامح الغضب من وجودنا حيث بادر بسؤال عايزين ايه؟ وعندما تبادلنا أطراف الحديث بدأ يتحدث شيئا فشيئا لنجلس سويا ويبدأ في تفسير موقفه اصلي تعبت من كتر اللي بييجوا هنا وبيوعدونا اننا هنمشي من هنا‏...‏ ومفيش حاجة بتحصل ولكن سرعان مابدأ عم رمضان الفضفضة وكأنه غريق قرر يتعلق تاني بالقشاية‏...‏ لتتحول مشاعر الغضب أو ربما النفور إلي ود وترحيب شديد بل والحزن لمجرد أنه معملش معانا أي واجب‏!.‏
ليبدأ الحديث عن حياته قائلا أنا ساكن هنا من‏40‏ سنة‏...‏ معرفش مكان غير هنا حتي شغلي هنا والرزق بتاع ربنا في الآخر ليقرر أخيرا أن يصحبنا إلي عالمه الذي لم يكن يريد إطلاعنا عليه في البداية‏...‏ عالمه مجرد أوضه جوه حوش مثل جميع سكان المقابر ليفتح لنا باب الحوش لتشعر بضربات قلبك تزداد ليس خوفا ولكنك تسير وسط الأموات ولكن سرعان ماانتهي وتلاشي هذا الشعور عندما استقبلتنا أم تغريد شقيقة زوجة عم رمضان التي تسكن هناك منذ‏8‏ سنوات منذ قدومها من المنوفية والتي بادرتني بالإجابة قبل السؤال عايشين هنا عشان لقمة عيشنا‏...‏ جوزي بيشتغل هنا زي رمضان فوجدتني أسألها دون تفكير عايشين هنا ازاي؟ فقالت بنبرة واثقة زي أي عيشة‏...‏ ده رضا من عند ربنا‏..‏ احنا احسن من غيرنا بكتير‏...‏ في ناس عايشين في الشارع انما أنا عندي متوي لتبدأ أم تغريد في رواية تفاصيل ليل المقابر قائلة بتحصل حاجات وحشة بالليل‏...‏ بسمع أصوات بتناديني بعدها باخد البت في حضني وانام‏,‏ لتعود وتردد من جديد نفس الكلمات هنعمل ايه بقي‏...‏ دي إرادة ربنا
سألتها إيه رأيك في اللي بيحصل في البلد؟ ردت بسمع بلاوي في التليفزيون وعرفت ان الجنزوري عايز يعمل الحكومة‏...‏ ياريت يعملها عشان الدنيا خربت وبقت غلا اوي حتي بعد الثورة والناس بقت بتفتري علي بعضها‏...‏ والله كل ده غضب من ربنا علينا‏.‏
لولا أن ربنا بيكرم جوزي بقرشين كنا ضعنابهذه الكلمات استكملت أم تغريد حديثها عن العيشة الصعبة اللي عايشينها فقالت أنبوبة البوتاجاز بنجيبها ب‏20‏ جنيه‏...‏ والميه بنجيبها في جرادل من الحنفية اللي بره وأشارت إلي بانيو بلاستيك وقالت وبنستحمي هنا بقي ونرمي الميه بره أما دورة المياه الخاصة بهم فهي أي مكان بعيد عن الأموات عشان حرام علي حد قولها‏...‏ اما الكهرباء مسروقة طبعا وموصلين لكذا بيت‏.‏
سألناها بإلحاح في سماع الإجابة طب نفسك في ايه؟ قالت نفسي في شقة‏...‏ وعلي فكرة ده حلم أي حد ساكن هنا وختمت حديثها بعد وضع رؤيتها حول كيفية التخلص من محنتها ومحنة البلد التي ستنتهي بوجود ريس عدل وابن حلال يمسكنا‏...‏ وأن محدش يسرقنا تاني‏.‏
لننتقل بعد ذلك لحجرة عم رمضان هذه الحجرة التي اختصر آثاث ومستلزمات أي شقة في داخلها واستقبلتنا زوجته التي تحدثت بنبرة حادة وبقوة غريبة لاتعلم مصدرها ولكنك تشعر بها في كل نفس طالع‏..‏ هي أم محمد التي عبرت عن لسان حال معظم نساء المقابر هذه السيدة التي شعرنا معها ب مرارة العيشة ولكن أيضا برضا تحسد عليه حيث بدأت حديثها كان نفسي في أوضة بس تستر عيالي‏...‏ غلطانة انا كده؟
واختصرت لنا تفاصيل‏11‏ عاما هي المدة التي قضتها مع زوجها في مقابر البساتين في عبارات سريعة حبيت اروح الدويقة قالولي لازم امضي علي نفسي وصل أمانة ب‏15‏ ألف جنيه‏..‏ واشتكينا كتير قبل كده وقدمنا طلبات كلها بتترمي في الزبالة‏...‏ الناس هنا تعبانة اوي من العيشة والغلا وكل حاجة‏...‏ علي الأقل احنا لاقيين لقمة عيش غيرنا نايم في الشارع
ثم فاجأتنا بالسؤال وسط حديثنا انتوا بتاخدوا الكلام بتاعنا ده ليه بقي؟ ليأتي الرد منها أيضا أصل في ناس كتير زيكم كده قعدوا معانا وسمعونا وبرضه ماشفناش حاجة‏...‏ ويمكن كمان هما بيستفادوا مننا من كلامنا وبعدها بينسونا وملهمش دعوة بينا ليلتقط منها زوجها الحديث متزعلوش منها بس أصل اللي بنبات فيه بنصبح فيه‏...‏ وكل شويه يوعدونا ومفيش حاجه بتحصل‏.‏
لنعود مرة أخري للحديث عن العيشة هنا ولكن هذه المرة بدأت بالحديث عن أطفالها الأولي نورهان في الصف الخامس الابتدائي ومحمد في الصف الرابع وبسنت صاحبة الشهور الثمانية واللي كان نفسها تتولد في مكان أحسن من هنا أما بالنسبة للي كبروا لقوا نفسهم هنا تعبوا من معايرة اصحابهم ليهم لأنهم ساكنين في مكان وحش وبياخدوا مجاميع في المدرسة عشان محدش يستقصدهم وهو نفس المدرس بيديهم درس خصوصي
ليدخل في هذه الأثناء محمد الذي تسببت احد عقارب المنطقة في تشويه ذراعه وبعدها قال لي احنا بقي عايشين هنا ليقاطعه عم رمضان قائلا أنا ومراتي وعيالي وأمي عايشين هنا‏..‏ كلنا بنام علي الأرض وأمي بتنام علي السرير عشان ست كبيرة والسرير صغير وعندما سألت عنها قال أنها لم تعد بعد من عملها حيث تعمل في احدي شركات النظافة من‏6‏ صباحا حتي الثالثة عصرا يوميا‏.‏ وعادت أم محمد للحديث من جديد الحكومة مش شايفانا ولا سامعانا بيقولوا علينا عايشين وخلاص هنعملهم ايه يعني‏..‏ والناس اللي بتاخد شقق كتير منهم عنده شقق قبل كده‏..‏ طب الغلابة اللي زينا معندهمش خالص وتحدثت عن الحال بعد الثورة ووصفته بالأسوأ لأن البلطجية كانوا بيستخبوا في المقابر وكنا بنقفل الأنوار عشان مياخدوش بالهم ويهجموا علينا‏...‏ ومش بس كده أي حاجه تتخيلها ممكن تحصل هنا بالليل‏...‏ حتي البلطجية مستكترين علينا العيشة هنا‏!!‏ وفي حوار قصير مع زوجها قالت حتي في الانتخابات استغلونا جالنا مرشحين كانوا عايزينا نروح ننتخب وفيه واحد وعدنا يجيبلنا شقق ونزل الانتخابات قبل كده ونجحناه ليرد عم رمضان سقط خلاص فقالت أحسن‏...‏ ماهو كان بيضحك علينا وانتخبناه اخر مرة ومعملش حاجة أيام ما كان ينفع تدخل تنتخب كذا مرة‏!!‏
لتنهي حديثها قائلة أنا عارفه إن السكن في المقابر حرام‏...‏ بس مفيش حل تاني وبعدين هما اللي سايبين ناس عايشة زي الفل وناس تانية بتموت ومش عايزة اتنقل لشقه عشاني ده عشان خاطر العيال الغلابة دول اللي بيعيطوا من كلام الناس عن عيشتنا
وهنا وصل حديثنا إلي آخره مع عم رمضان الذي قرر إدخالنا إلي عالمه يمكن تيجي المرة دي علي أهون سبب‏...‏ هذا الرجل الذي شعرت معه برضا غريب لا أعلم مصدره ولكن يبدو أنه تعلم كثيرا من عيشة الأموات والدليل علي ذلك أنه يري أنه مازال أفضل كثيرا من حال غيره‏...‏ وهنا أخالف المثل البرازيلي القائل أسوأ الفقراء من يعتقد فعلا أنه فقير لأن عم رمضان أدخل عليه تعديلا جديدا لنشعر معه أنه أحسن الفقراء لأنه ورغم مايعانيه لا يجد نفسه فقيرا‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.