بعد مرور 52 عامًا على أعظم إنجازاتنا التاريخية، حرب أكتوبر المجيدة، التى هدمنا خلالها أسطورة تفوُّق الكيان الصهيوني، وكسرنا استعلاءه، وداست أقدام جنودنا البواسل على كرامته، وحطَّمنا كبرياءه وغروره، أرى أننا فرطنا فى هذا الإرث العظيم، وتركنا غبار النسيان يزحف ويتراكم على مجد هذه المعجزة المصرية، ليبتعد ويغيب عن الأذهان والأفئدة، ويصبح مجرد ذكريات شاحبة فى عقول بعض الذين عاصروا أيام السادس من أكتوبر، ونسيا منسيًّا فى عقول أجيال جديدة لا تعرف إلا النذر اليسير عن هذا النصر العظيم. اليوم، والكيان الصهيونى يعربد فى المنطقة العربية قتلاً واحتلالاً، تبرز الحاجة إلى أهمية ترسيخ وتجذير ذكرى أكتوبر المجيدة فى أذهان ووعى شبابنا؛ ليتعلموا من دروس هذا الانتصار الخالد أن القوة ليست وحدها السلاح، ولكنها فى التسلح بالعلم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، التى قطع فيها العدو الصهيونى أشواطًا كبيرة، حتى نتمكن من مجابهة التحديات والمخاطر التى تتربص بنا، التى تتمثل فى الحروب السيبرانية وهجمات المسيرات. وفى ظل هذا الانفجار المعلوماتي، الذى أصبحت فيه عقول شبابنا أسرى لكل ما ينشر فى العالم الافتراضى «وسائل التواصل الاجتماعي»، يبقى التحدى الأكبر هو أن نحمى حقائق نصر أكتوبر من محاولات التشويه خاصة فى زمن الكذب والاختلاق والتزييف العميق، وكيف نحول هذا الأرث إلى وقود يضيء مشاعل الفخر والانتماء لشعب لا تتوقف معجزاته؛ لأنه يؤمن تمام الإيمان أن الجيش فى حياته أعظم النعم، وأهم من العيش. الطريق الأمثل لإزالة غبار النسيان عن هذا النصر العظيم أن تتحول سيناء، أرض المعركة، إلى متحف مفتوح تكون زيارته إجبارية لطلاب الجامعات وتلاميذ المدارس، بمصاحبة الخبراء العسكريين، ليعرف شباب هذا الوطن كيف حرر جيل الآباء والأجداد هذه الأرض الغالية المقدسة من دنس الكيان الصهيوني. لماذا لا تصبح الأمجاد التى صنعها شهداء أكتوبر - بطولات إبراهيم الرفاعى والمجموعة 39 قتال وعبد العاطى صائد الدبابات وغيرهم - قصصًا مقررة على تلاميذ مراحل التعليم المختلفة؟! علينا أن نحول «أكتوبر» إلى ثقافة شعبية توارثها الأجيال، وحوار عائلى دائم ومستمر، ينقل جينات البطولة من جيل إلى آخر ليرسخ فى النفوس حقيقة أننا قادرون على هزيمة المستحيل، حتى لو كان هذا المستحيل هو إسرائيل.