السينما الجيدة تواجه العديد من الصعوبات لكي تخرج للنور, سواء كان ذلك في الدول المتقدمة أو تلك التي يطلق عليها دولا في طريق النمو. تيكاشو كيتانو واحد من أهم المخرجين في تاريخ السينما الياباني. وهو أحد المخرجين اليابانيين القلائل اللامعين والمشهورين عالميا الباقين علي قيد الحياة, لمع في أفلام تقترب من أفلام الحركة و العنف الأمريكية ولكنه قدمها بشكل فني راق. بل بأسلوب رومانسي جعل الكثيرين يطلقون علي أفلامه شاعرية الدماء, وهي لاتخلو من بعض الكوميديا التي تقطر سوادا نال جائزة أسد فينسيا الذهبي عن فيلمه( حنا بي), وبدأت معرفة العالم به عام1997, وعاد في عام2003 ليحصل علي الأسد الفضي من نفس المهرجان علي فيلمه زاتواشي والذي يذكرنا بأفلام عبقري السينما اليابانية( أكيرا كوريساوا) بالرغم من شهرة كيتانو في كل الأوساط السينمائية في العالم وبالتحديد الغربي منه, وتحول الخمسة عشر فيلما التي أخرجها الي أيقونات في تاريخ السينما العالمية ألا أنه يعاني أشد المعاناة من أجل أن يجد من يمول له فيلمه الجديد. تيكاشي كيتانو مخرج مجهول في اليابان وأفلامه لاجماهيرية لها, ومع ذلك فهو شخص مشهور في اليابان..... ماهذا التناقض؟ شهرة كيتانو تأتي من كونه واحدا من أشهر مقدمي برامج الكوميديا في التليفزيون الياباني.... فهو يقوم بالرقص والغناء والتهريج والعزف علي البيانو والعمل كأراجوز من أجل أن يتكسب عيشه,كيتانو يقدم ثماني حلقات أسبوعيا تحقق مشاهدة مابين10 وخمسة عشر مليون مشاهد. كيتانو يحتفل به اليوم في فرنسا وألمانيا مع تقديم عروض لأشهر أفلامه. في حديث معه بمناسبة الاحتفال به صرح بأنه قد يكون مشهورا في الخارج بشهرة كيراساوا وأوزو مخرجي اليابان المشهورين ولكنه في اليابان لايعرف أحد شيئا, سوي كونه مهرج التليفزيون الذي يضحك الكثيرين. ولد كيتانو في عام1947 في يابان ما بعد الحرب....يابان محترقة بالطاقة النووية, ولد لأب سكير يعمل مبيضا أو عامل دهان للمباني, وهي المهنة التي كان يعاني منها كيتانو في المدرسة حيث كان كل زملائه في الصف يسخرون من مهنة أبيه, عاني كيتانو الحرمان في طفولته وعمل في كل المهن في فترة شبابه وترك دراسته الجامعية, وشاءت الظروف أن يعمل عامل مصعد في أحد الفنادق الكبري والتي كان بها ملهي ليلي, علاقته بالعاملين في الملهي الليلي مكنته من حضور التدريبات علي فنون الاستعراض, ليحل محل أحد الممثلين, غاب لمرضه, في اسكتش كوميدي, نال شهرة كبيرة وبدأ عمله كممثل كوميدي, أصبح لكيتانو برنامج في الإذاعة يقدم فيه النكات والقفشات, شهرة كيتانو جعلته يشترك في مسابقة نظمها التليفزيون مابين الممثلين الكوميديين ليحرز المركز الأول, ويتم التعاقد معه علي تقديم برنامجه التليفزيوني لأول مرة في عام1980, لتأخذ شهرته في الزيادة في عام1983 يعرض عليه المخرج الياباني ناجيزا أوشيما دورا في فيلم فوريو أمام المطرب الإنجليزي الشهير ديفيد بويل, وتبدأ في داخله شعلة حب السينما, ليقرر كتابة وإخراج الأفلام السينمائية التي لم تنل أي إقبال جماهيري في اليابان باستثناء فيلم زاتواشي ولكنه كان يستخدم مايكسبه في التليفزيون ليقدم السينما التي يحبها والتي تعالج قضايا المهمشين و الراغبين في الانتحار( وهي ظاهرة في المجتمع الياباني) والخارجين عن القانون. الغريب أن كيتانو كان قد تعرض لحادث دراجة بخارية أدي الي فقدان الاحساس و التحكم في نصف وجهه ومع ذلك يمثل في أفلامه مستخدما النصف الأخر من وجهه علي أعلي مستوي شهدت له به المهرجانات العالمية اليوم يدير كيتانو منظمة يابانية لمساعدة شباب بنين الافريقية لتلقي التعليم في اليابان, هذا الممثل المخرج الياباني الكبير هو فنان تشكيلي بارع أيضا لم تمنعه ظروف الحياة في ممارسة مايحب, وعندما أرادت له الحياة أن يكون مشهورا كأراجوز لم يستكن لسجن الشهرة والثراء الذي وفرته له مهنة الأراجوز بل استخدمها من أجل صناعة فن راق ليصبح أهم مخرجي اليابان في العصر الحديث.