تأثرت السينما في العشر سنوات الماضية بمجموعة من المخرجين ساهموا في صناعة أنماط مختلفة, فحاول بعضهم صناعة لغة سينمائية جديدة, والبعض الأخر اكتفي بمداعبة شباك التذاكر, لذلك حاولنا في الحلقة الثانية من كشف حساب السينما معرفة رؤية صناع هذه السينما عن طريق تحليل النقاد لبعض المخرجين الذين ساهموا في صناعتها. الناقد أحمد يوسف: السينما تحديدا من عام97 وهي في حالة يطلق عليها في علم النفس النكوص ومعناه العودة إلي الوراء, ويحدث ذلك نتيجة انتشار المسرح التجاري في فترة من الفترات, حتي فقدت السينما لغتها, كما أصبح كل ممثلي المسرح التجاري نجوما في السينما, ونقلوا تقاليد هذا المسرح إلي السينما. كما ضاعت شخصية المونتير, ومدير التصوير, والمخرج, وظهر ما يسمي( بالنجم), وكل ذلك أثر بشكل سلبي علي مستوي السينما, إلا أن هناك محاولات قليلة جرت للحفاظ عليها من الضياع, وعلي مستوي الصناعة تراجعت دور العرض فأصابها ذلك بالضرر وجعلها في حالة متردية, ففي الثمانينات كان عدد الافلام التي تنتج في العام أكثر من70 فيلما أما الأن فالانتاج ضعيف جدا, كما أن عدد المشاهدين للسينما لا يتناسب مع عدد السكان وهذا ما أكدته الاحصائيات الأخيرة, فالسينما الأن عبارة عن( أفلام مقاولات) والمنتج تحول لمقاول يتعاقد علي الفيلم بالقطعة بدون خطط أو رؤية فنية. أما عن المخرجين فالمخرج شريف عرفة بدأ بداية طموحة خاصة مع السيناريست ماهر عواد, وحاول تقديم شكل معاصر للكوميديا الموسيقية, ثم انتقل شريف لمرحلة أخري وهي تكنيك المونتاج الإيقاعي وهو بارع فيه, وظهر في أفلامه مع عادل أمام, لينتقل بعد ذلك إلي السينما التجارية, واختفت فيها شخصية شريف عرفة, لكنه مخرج علي مستوي حرفي عال, ونفذ فيلم الجزيرة بشكل جيد, وفيلم ولاد العم يراه المشاهدون فيلما جيدا, ولكني أعتقد أن السينما التجارية جعلته يفقد طموحه. أما المخرج أسامة فوزي فهو مخرج جيد ينقصه سيناريو جيد, كما أنه يملك رؤية بصرية واضحة, ويهتم بالصورة, وحركة الكاميرا, وهو من المخرجين القلائل الذين أعادوا الكرامة للسينما. كذلك المخرجة كاملة أبو ذكري فهي تمتلك حيوية الشباب, وتتعامل بحياديه دون تعصب كإيناس الدغيدي, كما أنها تلميذة لجيل مهم من المخرجين كمحمد خان, وعاطف الطيب, وخيري بشارة. أما المخرج وائل أحسان فهو مخرج تليفزيوني دخل عالم السينما بالخطأ, ويظهر ذلك باستخدامه لتكنيك التليفزيون في التصوير بكاميرتين حتي لايقوم بعمل ديكوباج للمشهد, وأعتقد أن شهرته جاءت بفيلم اللمبي ليس أكثر, وائل ابن التليفزيون( وكبيره يعمل فوازير مش سينما). كذلك المخرج سامح عبدالعزيز فالحظ لعب دورا مهما في حياته, وأعتقد أن هذه الخبطات لن تتكرر معه مرة أخري. أما المخرج خالد يوسف فهو محتاج أن يبذل مجهودا أكثر حتي أشعر بالصدق في أفلامه. والمخرج أحمد البدري اعتقد أن هناك الكثير من مساعدين المخرجين جيدين جدا في أماكنهم, أما المخرج علي رجب فلا تعليق. ومحمود كامل: للأسف لم أشاهد أعماله. أما الناقدة ماجدة موريس فهي لا تري السينما قاتمة وتري أن المخرج شريف عرفة ينتمي لجيل سابق, فهو مخرج كبير ينتقل من أسلوب لأسلوب, متمكن من أدواته ويجمع بين الاستعراض, والأكشن, والقضايا المهمة في المجتمع المصري. كذلك المخرج خالد يوسف فهو مخرج هذا الجيل, وقدم خلال العشر سنوات عددا كبيرا من الأفلام, ويمتلك فكرا سياسيا ولا يخفي انتماءه, ويهوي تقديم القضايا المسكوت عنها, ويهتم بالمهمشين, وأسلوبه علي قدر عال من الإثارة. أما المخرج وائل أحسان فهو من أهم المخرجين الذين قدموا سينما تجارية, وهو مخرج حرفي, وبعد نجاحة الكثير من النجوم يطلبون العمل معه, لكنه يحتاج لرؤية مستقلة. كذلك المخرجة كاملة أبو ذكري فهي تمتلك حرفية عالية, ورؤيه, ومن فيلم لفيلم تتخلص من آثار السينما التجارية, وتقدم موضوعات شائكة, بمعالجات مختلفة وبسيطة. فهي تسيطر علي كافة عناصر العمل, وتقدم ممثليها بشكل مختلف. أما المخرج علي رجب فهو في منطقة الوسط, يتقدم من فيلم لفيلم, يهتم بالمناخ خاصة اسكندرية, وظهر ذلك بوضوح في فيلم( بلطية العايمة), كما أنه يهتم بحياة المهمشين في المجتمع. كذلك المخرج أحمد البدري فهو يسير علي نمط واحد, ولا نستطيع التوقف علي مستواه كمخرج, لأن اهتماماته ومعالجاته السينمائية يسيطر عليها الشكل التجاري. أما المخرج سامح عبدالعزيز في آخر فيلمين ظهرت امكانياته كمخرج قادر علي تقديم العديد من الشخصيات والنماذج في فيلم واحد, فهو يهتم بالشخصية, والحبكة الدرامية كذلك المخرج اسامة فوزي فهو الآخر مخرج هذه الحقبة فقد قدم أربعة أفلام في خمسة عشر عاما, فهو يقف في مكان لوحدة تماما, اعماله صادمة عنده قدرة عالية علي تقديم مناطق شائكة في الحياة فكأنه يطالب المجتمع بعدم دفن رأسه في الرمال. أما المخرج محمود كامل فهو وجه جديد ويمتلك طموح الشباب. بينما يري الناقد كمال رمزي أن هناك العديد من الاسماء اللامعة في العشر سنوات الماضية تبشر بأن صناعة السينما مازالت بخير, فالمخرج شريف عرفة أحد الأسماء الكبيرة في عالم الإخراج, فهو مخرج متعدد الاتجاهات, وله بصمة قوية, وقدم أفلاما موسيقية, واستعراضية, وأفلاما سياسية مهمة كذلك المخرج أسامة فوزي فهو من المخرجين الراسخين, ويملك قدرا كبيرا من الشجاعة والجرأة لمواجهة المشاكل الشائكة الموجودة في المجتمع, وكل فيلم من أفلامه جرس إنذار. أما المخرج خالد يوسف فهو مخرج مهم لا يمكن إغفال طموحه, رغم أني ضد إظهار العشوائيات في المجتمع المصري بهذا الشكل, كذلك المخرجة كاملة أبو ذكري فهي مخرجة حساسة, وتمتلك خيالا خصبا, ومعها يكون الممثل في أفضل أحواله, وأفلامها تجمع بين الرقة والعمق. أما المخرج وائل إحسان فهو مخرج متعدد المستويات أحيانا يبدو لامعا, وأحيانا يبدو منطفئا, وإجمالا أفلامه تحقق نجاحا جماهيريا, وكذلك المخرج سامح عبد العزيز قدم معادلة جيدة بين المستوي الفني والنجاح الجماهيري. والمخرج محمود كامل في فيلم ميكانو كان معقولا, أما عزبة آدم فلا تعليق. كذلك تري الناقدة خيرية البشلاوي ان السينما لن تذهب إلي الهاوية, فهي لا تكف عن الانجاب, وهناك نماذج جيدة في السينما المصرية, وتري أن المخرج خالد يوسف يقدم سينما ترفيهية بها مقبلات سياسية وجنسية, والمخرج اسامة فوزي يحطم كل التابوهات المتفق عليها, كذلك المخرجة كاملة أبو ذكري فهي نتاج لكل ما هو إيجابي ولكل ما هو حصاد طيب في السينما المصرية, والمخرج وائل إحسان حرفي جيد وليس مهموما اجتماعيا وهمه الوحيد شباك التذاكر, أما المخرج سامح عبد العزيز فهو كيماوي شاطر قدم معادلة تجمع بين الجد و(الهلس) والمخرج شريف عرفة, هو افضل ما أنجبته السينما في السنوات الماضية, أما المخرج أحمد البدري فهو يهتم بالترفيه ويمتلك مقومات مخرج جيد, كذلك المخرج علي رجب فهو ابن بلد اسكندراني جدع, مهتم بالمهمشين, ويحمل بحري معه أينما ذهب. بينما يري الناقد هاشم النحاس: أن السينما المصرية مازالت بخير, وهناك كفاءات لا يمكن انكارها, وهناك محاولات جريئة تتجاوز الشكل النمطي بعيدا عن السينما الماضية, وتتميز عنها بأنها عصرية سواء في الشكل أو المضمون, كذلك المونتاج والتروكاج علي مستوي عال ومتقدم عن العشرين عاما الماضية. كذلك التصوير, وأداء الممثلين, وذلك يرجع إلي وعي المخرج في تحريك الممثل, والثقافة السينمائية التي أصبحت تجري في دماء صناع السينما, فالأفلام السينمائية حاليا أقرب للغة السينمائية عن الأعوام السابقة, وينطبق ذلك علي الأفلام الجيدة, أما الأفلام الرديئة فلن اتحدث عنها لان التاريخ لا يذكر إلا الأفلام الجيدة فقط, ورغم ذلك لا أنكر وجود أزمة في السينما وأفلام هابطة, وعن المخرجين يقول هاشم: شريف عرفة يقدم سينما مختلفة عن الجيل السابق, وهي أكثر تعبيرا, وعصرية سواء في الموضوعات, أو التكنيك, ومستوي التصوير فيها عال جدا. المخرج خالد يوسف: مجتهد, وله أفلام طموحه مثل دكان شحاته فقد قدم فيه التاريخ المصري بشكل مختلف حتي لو اختلفنا معه, فهو مخرج مجتهد ولا تحكمه مسليات السينما. اما المخرج اسامة فوزي: فقد قدم فيلما عظيما( بحب السيما) ووضع الشخصية القبطية المصرية بشكل اجتماعي حقيقي علي الشاشة أكثر من أي فيلم سابق. كذلك سامح عبد العزيز: قدم فيلم( الفرح) بشكل سردي رائع, وغير تقليدي, كما قدم خالد الصاوي, وسوسن بدر في أدوار بسيطة ولكنها مختلفة, الفيلم اجتماعي بسيط به قدر من الفهم,( والفرجة). أما وائل أحسان: فهو في مقدمة المخرجين الذين قدموا الكوميديا في الأعوام الماضية, بتقديمه( اللمبي, وثارت حوله معركة كبيرة من النقاد وكنت من المدافعين عنه. كذلك المخرج علي رجب: فيلم صايع بحر كان فيلما بسيطا وجميلا, لكني لم أشاهد بلطية العايمة. أما أحمد البدري: فلا تعليق أعتقد ان فيلم عمر وسلمي الجزء الأول, لم يشجعني علي رؤية الجزء الثاني رغم نجاح الفيلم جماهيريا. أما كاملة أبو ذكري: فهي شخصية ممتازة, ومخرجة كبيرة, وتتقدم مع كل فيلم, وفيلم( واحد صفر) رائع, وبسيط, وفكرته جديدة, ويستحق ما حصل عليه من جوائز.