لم تكن الرياضة في يوم من الأيام بمعزل عن النظام السابق الذي أفسدها كما أفسد كل شيء في البلد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا, بل كانت يده التي يصفق بها حتي يتوه بالشعب عن حقيقة مرة. أو يصرف نظره عن قرار خطير أو قانون مشبوه, وكانت أيضا فاترينة العرض التي يظهر فيها رموزه أنفسهم في صورة الزعماء الذين يهتمون بكل شيء حتي الرياضة, كما كانت أيضا المكافأة التي يقدمها النظام لرجاله من أجل وجاهة اجتماعية ومكاسب مادية بلا حساب حتي أصبح كل ناد واتحاد رياضي أومديرية للشباب والرياضة وحتي مركز شباب وكرا لرجال الحزب الوطني المنحل بحكم قضائي الذين يأتون بالتعيين الانتخابي عن طريق الأوامر التي كان يصدرها جهاز أمن الدولة المنحل وضباط المباحث في كل محافظة ومدينة! وفي الأيام الأخيرة من عهد النظام السابق أصبحت الرياضة أفيون الشعب بحكم حصول المنتخب الوطني علي بطولة كأس الأمم الافريقية ثلاث مرات متتالية, وكان هذا مبررا كافيا لأن يتدخل النظام في كل شيءمن الإبقاء علي مجالس إدارات فاسدة حتي تعيين المدربين في الوقت الذي غاب فيه عن دوره الحقيقي الذي كان يمكن أن يعود بالخير علي البلد كتنظيم نهائيات كأس العالم التي حصل ملفنا فيها علي صفر في منافسة مع المغرب وجنوب افريقيا في وقت يتغني فيه إعلام النظام بالريادة الأفريقية, وكان من رابع المستحيلات المنافسة علي تنظيم دورة أوليمبية دولية, وكل الذي فعلوه هو التقدم علي استحياء لاستضافة دورة البحر المتوسط حتي نهائيات كأس العالم للشباب انسحبوا منها قبل أن تأتي إلينا بالأمر المباشر من الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا. وغابت الرياضة عن ثورة25 يناير, بل إن الكثير من النجوم والمدربين سارعوا إلي البرامج والصحف لإعلان الولاء التام وخرجوا في مظاهرات لتأييد النظام الفاسد والنيل من المتظاهرين الذي قدموا أرواحهم ثمنا لهواء نقي يتنفسه الشعب المغلوب علي أمره, ورغيف عيش لم تطله يد العبث والإهمال, وشربة ماء لم تعكرها مياه الصرف الصحي! وبقيت الرياضة المكان الوحيد الذي لم تطله يد التطهير والتغيير, بل تحولت إلي ملاذ آمن لأعضاء الحزب الوطني ولجنة السياسات يمارسون فيه الدور القديم, بل يدعون من خلاله لنظام سقط ولن يعود, مع أنها أكثر الديار عبثا وفسادا وإهدارا للمال العام في الوقت الذي لا تأتي فيه البطولات والميداليات الأوليمبية الدولية إلا مصادفة, وما أصغر ما حصلنا عليه من بطولات وما حققناه من انجازات في وقت نرمي فيه الملايين تحت أقدام الفاشلين وتشتعل أسعار اللاعبين والمدربين وتتضخم مرتباتهم! من يقول بأن يستمرحسن صقر حتي الآن رئيسا للمجلس القومي للرياضة وهو ابن النظام وصديق أحمد نظيف رئيس الوزراء سابقا وسجين طرة الآن وهو الذي كان تعيينه دليلا قويا علي الفساد إذ فشل في أن يحصل علي ثقة الجمعية العمومية لناد وهو الزمالك كنائب للرئيس إذا بهم يولونه أمر الرياضة كلها, وكانت النتيجة انتكاسة ما بعدها انتكاسة معرجل كل مؤهلاته أنه لاعب كرة يد, وكان يحلم بصورة مع حسن شحاتة عندما كان لاعبا.. ومن يقول بأن يستمر في إدارة الكرة المصرية مجلس إدارة يقوده سمير زاهر ويشكل كتيبة متحركة من الحزب الوطني المنحل حتي لو قالوا إن الاتحاد الدولي سيعاقبنا لو قمنا بتعيين مجلس جديد.. ألم تسحب الجمعية العمومية الثقة من هذا المجلس.. ألم يضحكوا علي الفيفا بخطاب لا يقول الحقيقة.. ألم يتباهوا بتحذير عدم التدخل الحكومي.. ألا يعاني الاتحاد الدولي من فساد رهن التحقيقات حاليا.. ثم ماهي العقوبة التي نخشاها.. الاستبعاد من تصفيات كأس العالم.. فمنذ متي ونحن نلعب في كأس العالم.. ألم نخرج من تصفيات كأس الأمم الافريقية في الجابون وغينيا الاستوائية العام المقبل علي يد منتخبات جنوب افريقيا والنيجر وسيراليون ؟! لماذا يبقي سمير زاهر ومجلسه وهو الذي ارتكب كل الخطايا قبل الثورة وبعدها فأفسد كل شيء ويكاد يعود بالمنتخب الأول إلي التصنيف القديم قبل الانتصارات الإفريقية.. لماذا لا يرحل مهما كان الثمن بعد أن قضي علي أجيال كاملة وخسف الأرض بكل المنتخبات من ناشئين إلي شباب إلي أوليمبي إلي أول.. لماذا يبقي وهو منقسم ومتصارع وقد ارتكبت فيه أشياء مخجلة مثل تزوير خطابات وخلع بنطلونات.. لماذا لم تناقش الاستقالات المسببة من بعض الأعضاء.. ولماذا الصمت ومنهم من اتهم في سمعته وسيره وسلوكه ومنهم من دخل النيابة العامة تارة في مخالفات مالية وإدارية وتارة أخري في قضية نواب العلاج.. ومنهم من منعه الاتحاد الافريقي من دخول الملاعب لأنه قبض البدل واختفي.. ومنهم من هرب السيجارالكوبي ؟! وفي الشهور القليلة الأخيرة لعب اتحاد الكرة بالبيضة والحجر رافضا أن يتخلي عن أسلوبه القديم في الكذب والمناورة والاحتماء في النظام الحاكم حتي أنه لم يخجل في أن ينسب القرار المشبوه بإلغاء الهبوط إلي المجلس العسكري لدواع أمنية كما كان يحتمي بجمال وعلاء مبارك بل والرجل الكبير مع أن المجلس العسكري عندما أعاد الدوري بكل درجاته تكفل بتوفير الأمن وتعهد باستئناف المسابقات باللوائح التي بدأت بها ردا علي مجلس زاهر الذي سرب للإعلام نيته إلغاء الهبوط فهاجت الأندية وجاء في البيان العسكري: بناء علي تعليمات المجلس العسكري بعودة نشاط كرة القدم, وافق المجلس علي التالي: * بداية فعاليات القسم الأول اعتبارا من13 أبريل. * بداية فعاليات الدرجات: الثانية والثالثة والرابعة اعتبارا من الأول من مايو. * استمرار المسابقة في القسم الأول بنفس الشروط التي بدأت بها صعود هبوط وخلافه. * في حالة اعتذار أي ناد عن عدم الاشتراك في المسابقات المذكورة تطبق عليه اللائحة التي تنص علي هبوطه للدرجة الأدني. * في حالة حدوث تجاوزات من جماهير الأندية المشتركة, سوف تطبق عليها العقوبات التالية: إقامة المباريات بدون جمهور. نقل المباريات خارج ملاعبها. تطبيق اللائحة. أما بالنسبة لنادي الاتحاد السكندري فسوف تقام مبارياته إما علي استاد برج العرب أو المكس. ولأنهم مغرضون ومستفيدون ماطلوا وجادلوا وألغوا الهبوط ضاربين باللوائح عرض الحائط ولم يقف لهم أحد لأن الأهلي فاز بالدوري وهذا ما يهمه وإدارته مشغولة بلائحة صقر الجديدة التي تطيح بمجلس الإدارة بالكامل في أول انتخابات, والزمالك يديره مجلس معين غارق في الديون وينتظر حكم القضاء بشأن المجلس المنتخب, والإسماعيلي حدث ولا حرج عن أزماته ومجالسه التي تعين بالليل وتستقيل أو تقال بالنهار, وبقية الأندية مغلوبة علي أمرها لأنها إما تابعة لهيئات أو شركات, والغالبية العظمي في عرض3 آلاف جنيه ورءوسائها لا يهمهم غير الترضية والشيكات التي لا يعلم أحد أين تذهب ومن يصرفها وأي قانون يحكمها, ويدورون رافعين شعار سلفني3 جنيه مع كل الاحترام للراحل العظيم علي الكسار ؟! وجاءت الكارثة في دورة الترقي المزعومة التي لعبوها بلوائح لا توجد في أشد البلاد تخلفا ومن سوء نواياهم لم ينجح أحد, وكان لابد من إعادتها ولكن أندية المنصورة والترسانة وأسوان رأتها فرصة أن تلعب جميعها في الممتاز والأمر لن يكلفها أمام هذا الاتحاد الضعيف إلا وقفة احتجاجية وشكوي وتحريضا جماهيريا, و كانت النتيجة تعليق الأمور حتي إننا لا نعرف حتي الآن هل الدوري في الموسم الجديد19 ناديا أم20 أم22 و كله ماشي مع اتحاد الكرة الذي لا تقف أمامه مشكلة ما دامت الفهلوة هل التي تحكم, وما دام قادرا علي الترضية والدفع وشراء المعارضين أو لنقل النصابين بالمناصب والمرتبات الشهرية وغيرها, وما دام الخير كثيرا في العزبة يوزعه علي من يشاء في أي وقت يشاء, فهو الذي يعين في المناطق واللجان حسب المزاج والهوي والمصلحة, وهو الذي يفتح القوائم و يقدم ويؤجل في مواعيد القيد, وهو الذي يرفع عدد الناشئين لضمان ولاء الأهلي, وهو الذي يحول المسابقات إلي سوق عكاظ بزيادة عدد المجموعات, وهو الذي يرفع العقوبات ويلغي الغرامات علي الأندية, وهو الذي يفعل كل شيء وكأن نظامه المخلوع مازال موجودا, وكأن الحزب الوطني المنحل الذي عادت مقاره إلي الدولة استلم مقر اتحاد الكرة ليمارس منه دورا معلنا وآخر سريا! وإذا كان اتحاد الكرة عاجزا عن تنظيم المسابقات, وإذا كان غير قادر علي اختيار مدير فني للمنتخب الوطني.. مرة وطني وأخري أجنبي.. وثالثة يستدعون أربعة مدربين للقاهرة للدردشة والتفاوض في عصر التقدم التكنولوجي و كل عضو يدخل الجلسة ومعه اسم مدرب وطبعا العمولة تحكم.. وإذا كانت المنتخبات الوطنية طريحة الفراش.. وإذا أصبح الحكام في خبر كان علي المستوي الدولي والأفريقي والعربي بل والمحلي.. وإذا كانت التصريحات كاذبة وخادعة.. وإذا كانت كل القضايا خسرانة.. وإذا كانت تمثيلية الجزائر لم تكن أكثر من كيد النسا.. وإذا كانت الرائحة فاحت, والثقة سحبت.. وإذا كان نائب الرئيس استقال.. فلم البقاء.. ولم السكوت.. هل من مجيب.. هل من مستقيل.. هل من قرار يخلصنا من الفساد ؟!