507 مدارس بالوادي الجديد جاهزة لانطلاق العام الدراسي    تضامن الإسماعيلية توزع حقائب ومستلزمات مدرسية لذوي الهمم    "ليكن نور".. المؤتمر الأول لذوي الهمم بإيبارشية حلوان والمعصرة    507 مدارس بالوادي الجديد جاهزة لانطلاق العام الدراسي الجديد (صور)    4 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    فتح الحركة جزئيًا بالدائري الإقليمي بعد انتهاء المرحلة الأولى من أعمال التطوير والصيانة    تداول 19 آلاف طن و952 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    السبب الحقيقي لاتفاقية السعودية وباكستان!    بالصور - ملك إسبانيا وزوجته في أحضان حتشبسوت بالأقصر    زلزال بقوة 8 ,7 درجة قرب الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية    وزيرا خارجية مصر وباكستان يبحثان هاتفيًا اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني والتطورات الإقليمية    ميرتس: ألمانيا ستحدد موقفها من عقوبات الاتحاد الأوروبي على إسرائيل بحلول أكتوبر    محمد يوسف يتلقى عرضا لقيادة الاتحاد السكندري    "تعرض للضرب".. فيريرا يكشف كواليس حديثه مع خوان بيزيرا    الداخلية تضبط المتلاعبين بأسعار الخبز وتصادر 32 طن دقيق مدعم    بسبب اضطراب حالة البحر.. غلق كلى لشواطئ الإسكندرية    بالصور - حملة مكبرة بأسواق الخارجة تضبط سلعًا فاسدة ومخالفات    ميراث النهر والبحر، فعالية تراثية تنطلق بدمياط تحت مظلة "البشر حراس الأثر"    أول ظهور للفنانة رنا رئيس بعد تماثلها للشفاء من أزمتها الصحية.. صورة    ما حكم الصلاة مع ارتداء ثياب الرياضة؟.. الإفتاء توضح    أستاذ بالأزهر يوضح حكم استخدام السبحة: إظهارها حرام شرعًا في هذه الحالة    قبل ساعات من انطلاق العام الجامعي.. جامعة القاهرة تتزين لاستقبال طلابها (صور)    %56 منهم طالبات.. وزير التعليم العالي: المنظومة تضم حاليًا ما يقرب من 4 ملايين طالب    أول تصريح لعائلة الناجية من «مذبحة أسرة نبروه»: طلبت الطلاق فطعنها وقتل أطفاله    خدعة كاميرات المراقبة.. أبرز حيل سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    افتتاح الملتقى الدولي التاسع لفنون ذوي القدرات الخاصة بحضور 3 وزراء    وزير الخارجية: نُحضر لمشروع سعودى تنموى عقارى سياحى للاستثمار بمنطقة البحر الأحمر    غادة عادل تكشف عن علاقتها ب محمد محمود عبدالعزيز    بلال: فقدان الأهلي لأي نقطة أمام سيراميكا سيفتح باب الأزمات بقوة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    يوم الجمعة: فضل عظيم وسر قراءة سورة الكهف تعرف على الأدعية المستجابة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    السيطرة على حريق شب في سيارتين على الطريق الدائري بالقليوبية    ترامب: أريد استعادة قاعدة «باجرام» في أفغانستان.. تبعد 60 دقيقة عن نووي الصين    التضخم في اليابان يصل إلى أدنى مستوى له في عشرة أشهر    يسرا اللوزي: نفسي أقدم عمل فني يناقش معاناة الآباء والأمهات مع أطفالهم من ذوي الهمم    أفكار تسالي للمدرسة.. اعملي الباتون ساليه بمكونات على قد الإيد    وفاة شقيقة الفنان أحمد صيام.. والجنازة ظهر اليوم من مسجد عمرو بن العاص    التعليم: حملة موجهة من مراكز الدروس الخصوصية لإبعاد الطلاب عن اختيار البكالوريا    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    مستشفيات جامعة المنوفية تنجح في إنقاذ حياة مريض وإزالة ورم ضخم بالرئة    الذهب يواصل التراجع في مصر متأثرًا بالأسعار العالمية    ياسر ريان: الزمالك قادر على الفوز بالدوري بشرط الاستمرارية.. وعمرو الجزار أفضل مدافع في مصر    الصحفيين تكرم المتفوقين دراسيا من أبناء صحفيي فيتو (صور)    طريقة عمل الناجتس في البيت، صحي وآمن في لانش بوكس المدرسة    فلسطين.. قوات الاحتلال تداهم منزلًا في بلدة كفر قدوم شرق قلقيلية    رسميًا.. الاتحاد السكندري يعلن إنهاء تعاقد أحمد سامي وإيقاف مستحقات اللاعبين    مصطفى عسل يعلق على قرار الخطيب بعدم الترشح لانتخابات الأهلي المقبلة    واشنطن تجهز مقبرة «حل الدولتين»| أمريكا تبيع الدم الفلسطيني في سوق السلاح!    نقيب الزراعيين: بورصة القطن رفعت الأسعار وشجعت الفلاحين على زيادة المساحات المزروعة    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    خليكي ذكية ووفري.. حضري عيش الفينو للمدرسة في المنزل أحلى من المخبز    أوفر وخالٍ من المواد الحافظة.. طريقة تجميد الخضار المشكل في البيت    شروط النجاح والرسوب والدور الثاني في النظام الجديد للثانوية العامة 2026-2025 (توزيع درجات المواد)    الدفعة «1» إناث طب القوات المسلحة.. ميلاد الأمل وتعزيز القدرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد زكريا دون كيشوت الثقافة وإرث الخسارة
نشر في الأهرام المسائي يوم 15 - 03 - 2010

من المؤسف حقا ان يرحل المفكر الكبير الدكتور فؤاد زكريا استاذ الفلسفة بجامعة عين شمس دون ان يجد خبر رحيله اهتماما يستحقه في وسائل الاعلام المصرية اذ لم تبادر أي جهة ثقافية رسمية برثائه‏,‏ بينما تسابقت صحف ومؤسسات علمية عربية لوداع الفقيد والتأكيد علي الدور الكبير الذي لعبه في خدمة الثقافة العربية وارساء مبدأ التفكير العلمي فيها‏.‏
وقد يكون المبرر الوحيد لهذا التجاهل تلك العزلة التي عاشها الراحل في سنواته الاخيرة بسبب شيخوخته التي حالت بينه وبين المشاركة في قضايا عدة دار حوله جدل كبير ومن المؤسف ان جميع برامجنا الفضائية وصفحاتنا الفكرية لم تفكر في اقتحام عزلته واعادة تسليط الضوء عليه وعلي افكاره القيمة‏.‏
وبالنسبة لي كما لاجيال اخري سبقتني كان فؤاد زكريا رمزا ثقافيا كبيرا يصعب ان يذكر اسمه دون ان يأتي محاطا بالجلال الذي يضعه في مكانه لاتقل ابدا عن تلك المكانة التي شملت مفكري جيله الذهبي من أمثال لويس عوض وزكي نجيب محمود وحسين فوزي ومثل هؤلاء الكبار كان الراحل من دعاة الدولة المدنية ولم تثنه التحولات السلبية التي مرت بها المجتمعات العربية والمتمثلة في صعود الاصوليات عن الترويج لتلك الدعوة والدفاع عنها من مبدأ علماني صرف يقوم علي الفصل التام بين الدين والدولة‏.‏ فهو الذي رفع مبكرا في واحد من مقالاته شعار العلمانية هي الحل ووضعه في مواجهة شعار الاسلام هو الحل وبسبب هذا النوع من القناعات تعرض الراحل لحملات تشويه قاسية شنها ضده دعاة الدولة الدينية بضراوة حتي ان اي محاولة للبحث عن اسمه علي شبكة الانترنت لابد وان تأتي مصحوبة بفيض من التعليقات والمقالات النقدية التي وجهها ضده غلاة المتعصبين وبعض فقهاء الظلام‏.‏
والحقيقة ان فؤاد زكريا لم يغضب يوما من تلك الحملات وانما عدها دائما دليل حيوية ومؤشرا علي حالة من حالات الحوار التي لم يكن يكف عن الدعوة اليها بأمل خلق مجتمع تعددي يقوم علي التنوع الخلاق ويحترم حرية الاختلاف والاعتقاد‏.‏
وفي حياته التي امتدت ل‏83‏ عاما كان الراحل طرفا في مساجلات فكرية وسياسية تركت للمجتمع الثقافي العربي رصيدا هائلا من المعارك الفكرية التي يجدر استعادتها والتعلم منها في سنواتنا العجاف التي يندر ان نجد فيها معركة ثقافية واحدة تستهدف الدفاع عن قيمة او النقاش عن معني وذلك بعد ان تم تشويه كافة الرموز وشخصنة كافة المعارك لتتفتت الجماعة الثقافية الي ميليشيات كاملة العدة والعتاد لها اسلحتها من العنف الرمزي واللفظي‏.‏
ويكفي اليوم ان نستعيد معركة خاضها الراحل مع الكتاب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل حول كتاب خريف الغضب الذي كرسه هيكل لتناول حياة الرئيس السادات وقد اسفرت تلك المعركة عن كتاب بالغ الاهمية اعده بعنوان‏:‏ كم عمر الغضب لم يقتصر علي فكرة الرد علي هيكل وانما امتد ليشمل تقييما عقلانيا للحقبة الناصرية بكاملها ولعل البعض منا لايزال يتذكر موقفه المبدئي الرافض للغزو العراقي للكويت في العام‏1990‏ وهو موقف تعرض لتشويه وابتذال اذ ظن خصومه ان موقفه من ديكتاتورية صدام حسين هو موقف مدفوع الاجر نتيجة لارتباط الراحل الطويل بالعمل مع مؤسسات تعليمية وثقافية في الكويت لكن الحقيقة التي لم يذكرها احد من خصومه انه كان دائما ضد ثقافة الاستبداد بكل صورها ولم يكن صدام الذي واجه أفكاره الا احد وجوه تلك الثقافة العربية السائدة‏.‏ والمتأمل في كتابات زكريا حول ظاهرة الصحوة الاسلامية يدرك كيف انه بدأ في وقت مبكر الدفاع عن الدولة المدنية منطلقا من قناعة فكرية خالصة لم تكن بأمل الحصول علي مكسب او موقع كتلك المواقع التي نالها مثقفون استدعتهم الدولة لخوض معاركها بالوكالة‏,‏ والمدهش حقا انه تقدم لمناظرة انصار الدولة الدينية في مواقعهم دون ان يخشي خطرا علي حياته علي الرغم من ان تلك السنوات شهدت اغتيال الكاتب الراحل فرج فودة لكن زكريا كان دائما مستعدا لدفع الثمن خلافا لغيره من مفكري الصالونات الذين فضلوا الابقاء علي افكارهم محاطة بأسوار النخبة‏.‏
يرحل فؤاد زكريا وهو في صورة أقرب ماتكون لصورة الدون كيشوت او رجل المعارك الخاسرة‏,‏ فالتفكير العلمي الذي سعي الذي ترسيخه لامجال له الان في مجتمع يقدس الخرافة ويستعيد ميراثا من التخلف‏,‏ وظاهرة الاصولية التي ناهضها لم تعد مقصورة علي الاسلاميين وانما امتدت لتشمل فصائل وتيارات اخري بما في ذلك الليبراليون واليساريون فالاصولية التي حذر منها تنمو علي حساب الجميع وتلتهم كل ماحولها بما في ذلك ارث فؤاد زكريا نفسه الذي يحتاج الي اعادة قراءة ولا مجال لتلك المراجعة من دون اتاحة اعماله للقراء ومن المؤسف فعلا ان كتاباته كلها لا أثر لها في المكتبات فكتاباته القديمة ومنها التفكير العلمي‏/‏ التعبير الموسيقي‏,‏ الموسيقي والحضارة‏/‏ وآفاق الفلسفة وغيرها نشرت في مكتبة مصر التي اختفت من سوق النشر الادبي والفكري في مصر لاسباب تتعلق بمشكلات ورثتها وهي مشكلات راح ضحيتها رصيد هائل من الاعمال الابداعية والفكرية والسؤال الان‏:‏ هل توجد جهة ثقافية في مصر تستطيع ان تنهض بمهمة اعادة نشر اعمال فؤاد زكريا الكاملة وهل ينجح المركز القومي للترجمة في اعادة نشر ترجماته المهمة التي قدمها لاعمال هربرت ماركيوز وبرتدانر راسل؟ نطرح السؤال فهل من مجيب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.