يبدو أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحظي بتأييد واسع النطاق في حملته الكبيرة وغير المسبوقة ضد الفساد في المملكة, لكن يبدو أن مفاوضات لجنة الشفافية التي يرأسها مع المحتجزين الذين زادت أعدادهم عن300 معتقل لن تكون سهلة. بدلت الحملة مواقف الكثيرين في المملكة كما يشير الدكتور أنور عشقي الكاتب السعودي القريب من دوائر صنع القرار. ويضيف: لن أذكر أسماء, فهم يعلقون علنا في حساباتهم في تويتر وفيس بوك... هذا فضلا عن قطاعات واسعة من الشعب. ويتفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية مع هذا, حيث أشارت إلي أن الحملة لاقت استحسان الكثير من السعوديين الغاضبين من سنوات طويلة من الفساد الذي شارك فيه أمراء ورجال أعمال مرتبطون سياسيا بهم. ويتساءل الدكتور تركي الحمد الكاتب والمفكر السعودي: لماذا يتحمل الفقراء وحدهم تكلفة التقشف, هناك فاسدون تسببوا فيما نحن فيه. لكنها أفادت بأن قلقا ينتاب المستثمرين الأجانب من أن تكون الحملة انتقائية. لم يقف التأييد للحملة التي بدأت تؤتي ثمارها عند المواطنين السعوديين, بل تعدتهم لشخصيات عامة, مثل الصحفي السعودي الشهير جمال خاشقجي الذي قال في تدوينة له علي حسابه في تويتر تسويات مالية مع عدد من الموقوفين بقضايا الفساد أعادت لخزينة الدولة( الشعب) مليارات حتي الآن..لكن الشفافية وإعلان ذلك أهم للمستقبل, حتي لا يتكرر فساد العقود الماضية. ولم تشر أي جهة مستقلة أو حكومية إلي الشخصيات التي توصلت إلي تلك التسويات. ونصح خاشقجي, المقيم حاليا في الولاياتالمتحدة خوفا من الاعتقال كما أشار في وقت سابق من هذا الشهر, ولي العهد السعودي بأن يتحالف مع الإخوان المسلمين وأن يتخلي عن الحساسية تجاههم فهم حليف طبيعي ضد الفساد علي حد تعبير خاشقجي. وتابع خاشقجي: تجري الآن وبهدوء تسويات مليارية مع عدد من كبراء الأمراء غير الموقوفين يتم بموجبها تسديد مبالغ لوزارة المالية ونقل أسهم وممتلكات وأراض للدولة. وبحسب رويترز فإن السلطات أوقفت أكثر من2000 حساب مصرفي, لمتهمين بالفساد وأفراد عائلاتهم, فيما قالت تغريدات علي تويتر إن الحسابات بلغت9 آلاف, لكن لم يفصح أي جهة حكومية عن أعداد الحسابات بدقة حتي الآن. وكانت فايننشال تايمز قد نقلت عن مصادر لم تسمها أن التسويات وصلت في بعض الحالات للتنازل عن70% من ممتلكات أحد رجال الأعمال الكبار الذين لم تكشف الصحيفة عن هويته. وتعتقد فايننشال تايمز أن الملبغ المستهدف من هذه التسويات يمكن أن يصل إلي300 مليار دولار, وهو أقل بكثير من تقديرات وول ستريت جورنال التي وصلت بالرقم إلي800 مليار, وهو ذات المبلغ تقريبا الذي قدرته تغريدات( ما بين2 إلي3 تريليونات ريال سعودي). ومع ذلك, فإن بيانا صدر عن مكتب النائب العام السعودي أفاد بأن التحقيقات تجري حول مبلغ يصل إلي100 مليار دولار. لكن من ناحيتها, كشفت رويترز في تقرير حصري, أن المملكة القابضة المملوكة للأمير المعتقل الوليد بن طلال, كانت قد حاولت التقدم للحصول علي قروض من ثلاثة بنوك سعودية, بهدف تنفيذ استثمارات جديدة. وأضاف تقرير رويترز أن البنوك علقت العملية لتخوفها من وضع مالك المؤسسة الاستثمارية الأكبر في السعودية, التي فقدت19% من قيمة أسهمها في السوق السعودي منذ اعتقال مالكها, وهو أغني رجال الأعمال العرب بحسب فوربس. في المقابل, قالت الحكومة السعودية إن الاستثمار في البلاد لن يتأثر بسبب اعتقال أي فرد كان, وبإمكان شركاتهم الاستمرار بالعمل بشكل طبيعي. ونقلت فايننشال تايمز المقربة من أوساط الاستثمار العالمي مخاوف مستثمرين, إلا أن خاشقجي قال: الآن هناك بعض التخوفات, لكن هذه الخطوة من شأنها خلق طبقة وسطي كبيرة في السعودية, لأن الأمراء سبب الفساد. وتداولت تقارير غير مؤكدة عن هروب رءوس أموال من السعودية منذ بدء الحملة علي الفساد, إلا أن سلطة النقد السعودي( البنك المركزي) نفت ذلك في بيان نهاية الأسبوع الماضي.