قامت الدنيا ولم تقعد بسبب التفجيرات النووية التي أجرتها كوريا الشمالية, والصواريخ الباليسيتية التي تطلقها من وقت لآخر, رغم أن ما تحاول بيونج يانج امتلاكه وتتحمل في سبيله حزم العقوبات تلو الأخري, رغم وجوده لدي الخمس الكبار بشكل معلن ورسمي منذ عقود! الموقف نفسه يتكرر مع إيران منذ ما يقرب من13 عاما, تجري المفاوضات والمساومات لوقف البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية, بهدف التأكد من سلميته, وتؤخذ الاحتياطات, ويخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لينتقد بقوة الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع طهران بعد عشرات الجلسات, فقط لمنعها من امتلاك ما تمتلكه غيرها! ليس المقصود من طرح القضية علي هذا النحو الدعوة إلي التوسع في نشر الأسلحة النووية لمن يريد, ولا تبرير انضمام المزيد من الدول إلي النادي النووي, ولكن المقال الذي نشره موقع جلوبال ريسيرش منذ أيام للكاتب والأكاديمي الكندي اليهودي مايكل تشوسودوفسكي أثار القضية في مقال بعنوان المعايير المزدوجة.. الدول الخمس غير المعلنة للأسلحة النووية في أوروبا.. بلجيكا, هولندا, ألمانيا, إيطاليا, تركيا تحدث فيه عن ازدواج المعايير الدولية, وتساءل عن هذه الدول الأوروبية التي ينتشر فوق أراضيها أسلحة نووية تابعة لحلف الناتو موجهة لضرب روسياوإيران ودول شرق أوسطية في حال الضرورة, وهي المرة الثانية التي يثير فيها هذه القضية, التي كتب عنها مقال في2010 تحت عنوان العسكرة وأسلحة الدمار الشامل..خطة الحرب الأمريكية مع الناتو. يقول تشوسودوفسكي: ظلت وسائل الإعلام والسياسيون والعلماء صامتين, وكان التركيز منصبا علي الأسلحة النووية غير الموجودة في إيران, والآن التركيز علي كوريا الشمالية, مشيرا إلي المعايير المزدوجة, وأضاف: كل العيون علي كوريا الشمالية. الأسلحة النووية الموجودة في كل من بلجيكاوهولنداوألمانياوإيطالياوتركيا موثقة بشكل واف, ومنشورة تحت تصرف هذه الدول. وعقب الانقلاب العسكري الفاشل الذي وقع في تركيا في يوليو2016, أثارت وسائل الإعلام قضية الأسلحة النووية التركية المخزنة والمنتشرة في قاعدة أنجرليك الجوية. وأكد مجلس الدفاع الوطني الأمريكي في تقرير صدر في فبراير2005 نشر90 سلاحا نوويا تكتيكيا من طرازB61 في تركيا, جاهزة للإطلاق. ولا يخفي الكاتب دهشته من محاولات وسائل الإعلام علي مدار عشر سنوات القول إن تركيا دولة غير نووية رغم وجود تلك القنابل فوق أراضيها. وكشف تشوسودوفسكي الارتباك الذي وقعت فيه وسائل الإعلام وقت نشرها تقارير عن طبيعة القنابل النووية المخزنة والموزعة في قاعدة إنجرليك في وقت لاحق حيث وصفتها بأنها شديدة الخطورة وتصل قدرتها التفجيرية إلي170 كيلوطن( أي أنها تفوق ب12 مرة قنبلة هيروشيما), وإن كان عدد القنابل المنشور يحتاج إلي مزيد من التدقيق التي أوقف بعضها, واستبدلت بأجيال أحدث منها وهيB61-12, من المقرر نشرها في أوروبا الغربية بما في ذلك تركيا. ويقول المحلل السياسي إن الأسلحة النووية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار مطروحة علي الطاولة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية. ويتساءل تشوسودوفسكي: هل هذه الدول الخمس دول نووية غير معلنة؟ هل ينبغي أن نشعر بالقلق؟ يذكر أن عدد القنابل النووية التي تم نشرها في الدول المذكورة أكبر بكثير من عدد القنابل النووية في كوريا الديمقراطية التي تتعرض لعقوبات اقتصادية وتهديدات بالحرب الشاملة والتدمير الكامل.