الفريق أحمد خليفة يشهد انطلاق المؤتمر الدولى للاتصالات    مدبولي: معدلات استهلاك وإنتاج الكهرباء في مصر سجلت أرقامًا غير مسبوقة    جامعة القناة تواصل تمكين شبابها عبر "كن مستعدا" لتأهيل كوادر مراكز التوظيف    بدء تسليم أول وحدة صحية بمنطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة.. استعدادا لتشغيلها    وزير الخارجية والهجرة يلتقي الكاتب الأمريكي توماس فريدمان    ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب    نادي الشمس يهنئ ياسر إدريس بعد فوزه بمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للألعاب المائية    الزمالك يعلن رسمياً التعاقد مع محمد إسماعيل لمدة 5 مواسم    محمود بنتايج يعود لتدريبات الزمالك بعد التعافي من الإصابة    النيابة تعلن انخفاض نسبة المخالفات المرورية 25% وحوادث الطرق 37%    السجن المؤبد لمعلم هدد وتعدى على 10 طالبات داخل مدرسة بالإسكندرية    تحرير 182 مخالفة وضبط 7 أطنان دقيق وزيت وسكر بحملة تموينية بالدقهلية    وزارة التعليم ردا على إدعاء طالب تغيير إجابته بالثانوية: إجراءات التصحيح لا تقبل مجالا للشك    تجديد الثقة في اللواء مصطفى إبراهيم مديرًا للإدارة العامة لمرور الجيزة    وداعًا لطفى لبيب    أمير المصرى فى مهرجان فينيسيا    أمين الجبهة الوطنية: الرئيس السيسى يبذل كل ما يملك فى سبيل الدفاع عن قضية فلسطين    زياد الرحباني والتعبير عن هموم لبنانية وعربية    ساموزين.. يطلق «باب وخبط» ويعود إلى الإخراج بعد غياب 15 عامًا    خدمة طبية متكاملة داخل المنازل    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    "مدبولي": مصر تكبدت خسائر كثيرة منذ بدء الأزمة في قطاع غزة    الكرملين ردا على تعليقات ترامب: روسيا اكتسبت مناعة من العقوبات    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث عن حرب عالمية في سوريا.. مبالغة وتهويل
نشر في المساء يوم 22 - 02 - 2016

تعالت في الآونة الأخيرة نغمة الحديث عن قرب نشوب حرب عالمية ثالثة. نتيجة لتصاعد وتيرة الأحداث في سوريا. بعد التدخل الروسي المباشر في القتال. وبعد أن أعلنت كل من السعودية وقطر استعدادهما لإرسال قوات برية لمحاربة قوات داعش. حسبما تقول الدولتان. أو للقتال إلي جانب ما يسمي بجماعات المعارضة السورية ضد نظام الأسد. حسبما يري النظام السوري وحلفاؤه.
ويري البعض أن المبادرة السعودية. بالإعلان عن الاستعداد لإرسال قوات برية لسوريا. قد جاءت بعد أن لقيت الجماعات الجهادية الموالية للسعودية وأمريكا وحلفاؤها في سوريا هزائم متلاحقة أمام قوات نظام الأسد بغطاء من الغارات الجوية الروسية التي قلبت موازين القوي علي أرض المعارك.
يضاف لما سبق ما يجري من حشود تركية علي الحدود السورية والهجمات التي تشنها تركيا ضد القوات الكردية شمال حلب. حتي لا تتمكن هذه القوات من السيطرة علي المنطقة. فتصبح رأس حربة لحزب العمال الكردستاني التركي. الذي يسعي للانفصال عن تركيا وإقامة دولة كردية مستقلة.
ولعل التفجيرات الأخيرة في تركيا. وما نتج عنها من مئات القتلي والجرحي تحمل مغزي عميقا لعواقب التدخل التركي في سوريا. خصوصا بعد العداء السافر بين روسيا وتركيا منذ إسقاط الطائرة الروسية علي حدود تركيا الجنوبية مع سوريا وتوعد الرئيس بوتين بالانتقام من أنقرة. علاوة علي فرض عقوبات اقتصادية وسياحية عليها.
وسواء أكانت التفجيرات الأخيرة من تدبير عناصر حزب العمال الكردستاني التركي أو من تدبير تنظيم داعش. أو جهات أخري. حسبما يردد البعض. فإنه يصعب الفصل بينها وبين ما يجري علي الساحة السورية وما حولها.
ولا يمكن استبعاد وجود تنسيق أمريكي-روسي تتولي بموجبه موسكو الحرب ضد التنظيمات والجماعات الدينية المعارضة للأسد. والتي تتلقي الدعم والمساندة من بعض دول الخليج. فالمعروف أن هذه الجماعات هي من صنع أمريكا وحلفائها في الخليج. ومن غير المنطقي أن تقوم الطائرات الأمريكية بقصف هذه الجماعات. حتي لا تغضب واشنطن حلفاءها الخليجيين. وبالتالي يمكن أن تنيب موسكو للقيام بذلك بدلا منها. بدليل تغاضي أمريكا والناتو عن التدخل الروسي وعدم اتخاذ إجراء حاسم إزاء هذا التدخل. فلا مبادئ في السياسة ولا أخلاق.
يضاف لما سبق أن الغرب لا يريد الإطاحة بالأسد. لسبب بسيط وهو أن البديل لا يزال غير معروف. خصوصا وأن غالبية الجماعات التي تقاتل الأسد متهمة بالإرهاب.
ولكي نلم بالوضع علي الأرض. ينبغي إدراك أنه قبل التدخل الروسي. كانت هناك أربعة أطراف تزعم السيطرة علي سوريا المقسمة. فقوات الحكومة تسيطر علي قلب معظم المدن الكبري. وكانت هناك قوات لمختلف أطياف المعارضة في الشمال والشمال الشرقي. وكان تنظيم داعش يسيطر علي أغلب الشريط المحاذي لنهر الفرات. أما القوات الكردية فتوجد شمال سوريا بامتداد الحدود مع تركيا.
جماعات مسلحة
والوضع الداخلي فائق التعقيد فقد ظهر أكثر من 7آلاف جماعة مسلحة خلال خمس سنوات من الحرب الأهلية. وفقا لمركز كارتر للأبحاث. وجميعها تحارب نظام الأسد وتنظيم داعش. ولكن اختلاف الأيديولوجيات السياسية والانقسامات الإقليمية أدي لتشرذم المعارضة وانقسامها لعدة جبهات.
في حلب توجد جماعتان تقاتلان القوات الحكومية وتنظيم داعش. فغرفة عمليات "فتح حلب" تعمل علي إقصاء الجماعات المتشددة. بينما تم تشكيل غرفة عمليات "أنصار الشريعة". ردا علي "فتح حلب" وهي تعمل مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
وحول إدلب واللاذقية وحماه. هناك جماعة جيش الفتح". والتي تعرضت لأكبر قدر من الغارات الجوية الروسية. وحسبما تشير التقارير. فجيش الفتح عبارة عن تحالف فضفاض يضم فصائل إسلامية. ومنها جبهة النصرة. وأحرار الشام. وفصائل أخري "أكثر اعتدالا" تتلقي تسليحا سريا من وكالات الاستخبارات التابعة للولايات المتحدة وحلفائها.
وفي منطقة دمشق أعلن ما يسمي ب"جيش الإسلام" الحرب علي روسيا. ويقال إنه يتلقي الدعم المالي من المملكة العربية السعودية. ويعمل ضمن عدة جماعات تشكل مجلس شرق الغوطة.
وفي الجنوب توجد الجبهة الجنوبية. وهي تحالف علماني يضم عدة جماعات صغيرة مسلحة تعمل بالتنسيق مع أمريكا أيضا.
إذن. والحال هذه. هل يقامر الناتو وأمريكا بالتضحية بالأسد ونظامه مقابل المجهول. أم سيغلب الرأي القائل بالإبقاء علي نظام الأسد بشرط أن يظل ضعيفا لا يشكل خطرا علي إسرائيل؟
في ضوء ما سبق. وفي سياق الأحداث والتصريحات. هل يمكن التحدث ببساطة عن حرب عالمية ثالثة واللجوء للسلاح النووي حسبما يردد البعض؟ وهل يمكن لبعض دول الخليج الحرب علي جبهتين في وقت واحد: اليمن وسوريا؟ وما هي السيناريوهات المحتملة في الفترة المقبلة؟
يقول ميتشيل تشوسودوفسكي. الكاتب والمفكر الكندي وأستاذ علم الاقتصاد في جامعة اوتاوا الكندية. في مقال له علي موقع جلوبال ريسيرش: إن استراتيجية واشنطن تتلخص في قيادة حرب إقليمية واسعة النطاق عن طريق تحريض تركيا وإسرائيل و"بعض دول الخليج".
وحتي وقت قريب. ظلت القوات السورية وحلفاؤها "روسيا وإيران وحزب الله" يواجهون متمردي المعارضة والذين يضمون بعض الجماعات الدينية المتطرفة والمرتزقة من الإرهابيين التابعين للقاعدة وقوات تنظيم داعش الذين يتلقون الدعم من أمريكا والناتو وإسرائيل وحلفائهم في الخليج. بجانب استخبارات الناتو وأمريكا والقوات الخاصة التي تعمل سرا بين صفوفهم.
ويقول تشوسودوفسكي: "حتي الآن فإن الحرب بالوكالة في سوريا لم تسفر عن مواجهة مباشرة بين القوات الحليفة لأمريكا-الناتو-إسرائيل وقوات الحكومة السورية المدعومة عسكريا من روسيا وإيران".
وهناك تحول كبير يحدث حاليا في الحرب ضد سوريا. فالجماعات المسلحة المدعومة أمريكيا وخليجيا تواجه هزائم متلاحقة أمام القوات الحكومية السورية. المدعومة من روسيا. والحرب بالوكالة "التي تجري تحت لافتة "الحرب ضد الإرهاب"" وصلت إلي ذروتها.
ووفقا للسيناريو الأمريكي. فالمواجهة البرية يفترض أن تكون بين القوات السعودية وقوات النظام السوري. حيث تجد الأولي دعما من أمريكا والناتو. بينما يدعم النظام السوري روسيا وإيران.
ويخشي البعض في حالة تطبيق هذا السيناريو - من حدوث مواجهات عسكرية بين القوات السعودية والتركية من جهة والقوات الروسية والسورية من جهة أخري. فيفتح ذلك الطريق أمام دوامة خطيرة من التصعيد العسكري. خصوصا وأن تركيا عضو في حلف الأطلسي. وهو حلف عسكري بالدرجة الأولي.
وهنا يثور التساؤل: هل بمقدور السعودية خوض غمار حربين في وقت واحد؟ أي في اليمن وسوريا؟
وإجابة هذا السؤال يجب أن تكون لدي المسئولين السعوديين أنفسهم. لأنهم هم الذين أعلنوا استعدادهم لإرسال قوات برية للقتال في سوريا.
لكن هناك بعض المحللين يرون أن مثل هذا القرار ينطوي علي مخاطر جمة.
الكاتبة السعودية مضاوي الرشيد أستاذ التاريخ الإنساني الاجتماعي. والأستاذ الزائر في مركز دراسات الشرق الأوسط بمدرسة لندن للعلوم السياسية نشرت مقالا علي موقعها في 10فبراير جاء فيه:
"إن السعودية عضو في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش منذ سبتمبر 2014. ومع ذلك فعندما شنت الحرب في اليمن ضد المتمردين الحوثيين. تغيرت أولوياتها وهدأت غاراتها الجوية علي تنظيم داعش. وفي ديسمبر شكلت تحالفا إسلاميا جديدا ضد داعش. لكن هذا أيضا لا يزال غامضا كاستراتيجية. ويمكن تفسيره كمحاولة من قبل النظام السعودي للحصول علي دعم إسلامي في مواجهة الخصم والعدو اللدود. إيران. ومن المهم تفهم سبب استعداد السعودية للمغامرة بالخوض في المياه الموحلة بسوريا وإرسال قوات برية. بدعوي محاربة تنظيم الدولة الإسلامية أو "داعش"".
والآن لا توجد نهاية في الأفق المنظور للتدخل العسكري السعودي في اليمن. فهل الرياض مستعدة للمخاطرة بتحمل خسائر بشرية كبيرة بإرسال قواتها إلي سوريا؟
وتقول الرشيد ضمن تحليل مطول: "إن الغارات ضد داعش ظلت تمثل أولوية هامشية بالنسبة للنظام السعودي مادام مشغولا بحرب اليمن. الأكثر أهمية في جنوب البلاد. وكان اعتلاء الملك سلمان بن عبد العزيز عرش البلاد في يناير 2015 بمثابة تدشين لعهد جديد من التدخل العسكري المباشرفي اليمن. وأصبح هذا التدخل الشغل الشاغل لابنه محمد بن سلمان الوزير الشاب المعين حديثا وزيرا للدفاع ونائبا لولي العهد.
وهي تشكك في قيام السعودية بنشر قوات برية في سوريا رغم الوعود المعلنة والتي تم التركيز عليها في وسائل الإعلام. وتذكر الرشيد بأن النظام السعودي كافح كثيرا لتجميع تحالف عربي لديه الإرادة لإرسال قوات برية لليمن وبدا أن السعودية لا تنوي الذهاب للحرب في اليمن بمفردها. وقد اعتمد السعوديون علي الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي. وعدد قليل فقط من الدول خارج المجلس التي وعدت بالمساعدة. ويبدو أن السعوديين لم ينجحوا في إقناع دول عربية كبري مثل مصر بالمشاركة. بصورة فعالة. في أي هجوم بري باليمن. وبالمثل أبدت باكستان ترددا في الانضمام للأعمال العسكرية. لأسباب داخلية. لذا انتهي الأمر بالسعودية لخوض الحرب بمساعدة الإمارات العربية المتحدة وقطر ودول في أفريقيا. وظلت الاستراتيجية الأساسية لهذه الحرب تعتمد علي الضربات الجوية بدلا من الهجمات البرية. ربما خوفا من وقوع خسائر بشرية كبيرة. في حال نشر أعداد كبيرة من القوات علي الأرض. ومن دون وجود كبير للقوات البرية. لا تزال الأهداف المعلنة للحرب في اليمن بعيدة عن التحقيق. وعلي رأسها عودة حكومة المنفي إلي صنعاء. والقضاء علي التمرد الحوثي المدعوم من إيران. وبدلا من ذلك أدت الحرب إلي سقوط أعداد كبيرة من القتلي في صفوف المدنيين والتدمير الشامل تقريبا للبنية التحتية اليمنية.
وتشير الرشيد إلي أن أي شخص ليس بحاجة لأن يكون خبيرا استراتيجيا عسكريا ليعرف أن أي جنود سعوديين علي أرض سوريا سيجدون أنفسهم وجها لوجه أمام ما تبقي من جيش بشار وقوات حزب الله والجماعات الشيعية الأخري المؤيدة لنظام بشار. كما سيجدون أنفسهم تحت القصف العنيف من قبل المقاتلات الروسية. ومثل هذا التدخل سيكون داميا بدرجة تفوق الوصف. في ظل ارتفاع حدة التوتر بين السعودية من جهة وإيران والشيعة من الجهة الأخري. خصوصا بعد قيام السعودية بإعدام المعارض الشيعي نمر النمر مؤخرا.
وتخلص الرشيد إلي استبعاد احتمال حدوث تدخل سعودي مباشر لصالح المتمردين السوريين أو لمحاربة تنظيم داعش. خصوصا وأن احتمال حسم الحرب في اليمن لا يزال بعيدا.
ويري تيم اندرسون المؤلف والمحاضر المرموق في علم الاقتصاد السياسي بجامعة سيدني الأسترالية "إن السعوديين والأتراك ربما يتعاملون مع الأزمة دون النظر في العواقب. بعد فشل تقسيم سوريا. فكلا الدولتين هددت بغزو سوريا. للدفاع عن "أصولهم" من هزيمة حتمية أمام التحالف القوي الذي أقامته سوريا مع روسيا وإيران والعراق وحزب الله اللبناني.
ويقول إن كل جماعة من الجماعات المسلحة المعادية للحكومة السورية قد أسستها واشنطن وحلفاؤها بالمنطقة. وأن هذه الحقيقة اعترف بها العديد من المسئولين الأمريكيين أنفسهم. وظل تغيير النظام السوري دوما من أهداف الحكومة الأمريكية. مع ذلك فمسرحية "الحرب علي داعش" لا تزال مستمرة. مع توافق وسائل الإعلام الغربية علي عدم الرغبة في الإشارة إلي أن "الإمبراطور الأمريكي أصبح عاريا من ملابسه".
هل تسمح واشنطن لأردوجان والسعودية بالمبادأة بتصعيد جديد. دون موافقة الولايات المتحدة؟ يستبعد أندرسون ذلك. ويشير إلي أن أوباما قاوم الضغوط الإسرائيلية والسعودية عند توقيع الاتفاق مع إيران.
يري بعض المحللين أن استمرار حلف الناتو بعد انتهاء منافسه "حلف وارسو" في 1991. يمثل جنونا سيقود البشرية. لا محالة. نحو حرب عالمية ثالثة.
ويقال إن تركيا ضغطت الآن زناد هذه الحرب. حيث تسعي أنقرة لغزو جارتها سوريا. وتجد تركيا الدعم والمساندة من دول الخليج ومن بينها أكبر الدول استيرادا للسلاح الأمريكي. وهي السعودية. وتحشد هاتان الدولتان الجند والسلاح علي الحدود الجنوبية لتركيااستعدادا للغزو سوريا.
ولو حدث غزو من الأراضي التركية فهل يكتفي الجيش السوري وحليفه الروسي بصد الهجوم داخل الأراضي السورية فقط؟
يري المحللون أنه لابد من هجوم مضاد للتمكن من صد الغزو. الذي تشنه تركيا العضو في حلف الناتو. ولو حدث غزو مضاد دفاعا عن سوريا. فسيكون ذلك دافعا لنشوب حرب نووية.
والمادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي تنص علي: "الدفاع الجماعي". بمعني أن "أي هجوم علي أحد أعضاء الحلف يعد هجوما علي جميع الحلفاء". وبمعني آخر فلو ردت سوريا وروسيا علي عدوان تركي بغزو مضاد لتركيا. فجميع أعضاء الناتو ملزمون بالدفاع عن تركيا.
وفي هذه الحال ربما يؤدي تدخل الناتو إلي نشوب حرب عالمية ثالثة. فهل تقتصر مثل هذه الحرب علي استخدام الأسلحة التقليدية. أم يستخدم فيها السلاح النووي كملاذ أخير في حالة وصول أي من الأطراف المتحاربة إلي حافة الهزيمة؟ وهل تقتصر ساحة المعارك علي الأراضي السورية أم تمتد نيران الحرب لتشمل أراضي الدول الكبري المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر؟
أغلب الظن. ووفقا للمعطيات الاستراتيجية وقواعد الجغرافيا السياسية. والمصالح الوطنية. لا أعتقد أن حربا عالمية ثالثة يمكن أن تنشب وتتورط فيها أمريكا وروسيا وجها لوجه.
القدرة علي الردع
معني ذلك أن الدولتين العظميين أحرص ما تكونان علي تجنب المواجهة المباشرة فيما بينهما. وأي مواجهة من هذا القبيل يمكن أن تتطور إلي صراع نووي لا يبقي ولا يذر!
والظروف الاستراتيجية والعسكرية الآن تختلف تماما عما كانت عليه إبان الحرب العالمية الثانية عندما ضربت أمريكا كلا من مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بالقنبلة الذرية عام 1945. والسبب أن اليابان وقتها لم تكن تملك سلاحا ذريا يمكنها من ردع أمريكا في حال تعرضها لهجوم نووي. وهو ما أغري واشنطن بالإقدام علي ضرب اليابان. وهذا بخلاف روسيا اليوم التي تملك قوة الردع أوما يسمي ب "إمكانية الضربة الثانية". بمعني أنها يمكن أن تتلقي الضربة النووية الأولي من أمريكا وتستطيع أن ترد عليها بضربة نووية ثانية.
يضاف لما سبق أنه لو كانت هناك نية. أو استعداد. لدي روسيا وأمريكا لشن حرب عالمية ثالثة. يستخدم فيها السلاح النووي لكان ذلك قد حدث إبان الأزمة الأوكرانية عندما قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم في البحر الأسود إلي أراضيها. ساعتها حدثت أزمة دولية كبري. كانت أدعي لنشوب حرب نووية. مقارنة بما يجري في سوريا الآن. ومن ينظر إلي الموقع الجغرافي للقرم يجد أنها تواجه السواحل التركية الشمالية علي البحر الأسود. وهو أشبه ببحيرة مغلقة. من حيث الشكل والحجم. مقارنة بتسميته كبحر.
كما أن روسيا. رغم تدخلها المباشر في سوريا تجنبت الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا التي أسقطت طائرة عسكرية روسية علي حدودها. ولم يكن تجنب المواجهة من قبل موسكو خوفا من تركيا كقوة عسكرية. فذلك غير وارد بالمرة. ولا وجه للمقارنة ين القوتين. وإنما سعيا من موسكو لعدم الدخول في مواجهة مع دولة عضو في حلف الناتو. المعروف بأنه حلف عسكري بالدرجة الأولي.
معني ذلك أن الدولتين العظميين أحرص ما تكونان علي تجنب المواجهة المباشرة فيما بينهما. مواجهة من هذا القبيل يمكن أن تتطور إلي صراع نووي لا يبقي ولا يذر!
وحتي بوش الابن لم يستطع الاندفاع في مواجهة مع روسيا عندما دعاه ميخائيل سكاشفيلي رئيس جورجيا للتدخل إبان الأزمة في جورجيا.
من هنا يتضح أن أي حرب في المنطقة. ربما تقتصر علي الأطراف الإقليمية. لتشمل إيران وسوريا من جهة. وتركيا والسعودية من جهة أخري. هذا لو كانت الرياض تعتزم فعلا خوض غمار الحرب والدخول بقوات برية إلي الأراضي السورية. أما الحديث عن حرب عالمية. بالمعني الراسخ في الأذهان. علي الأراضي السورية فهو ينطوي علي كثير من المبالغة والتهويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.