لم يعد أمام محور "تركيا والسعودية وقطر" الكثير بشأن الأزمة السورية، فالخيارات كلها باتت مفتوحة وسقف المطالب يرتفع يوما تُلو الآخر، إصرار تركي-سعودي على رحيل الأسد، وتأكيدات بعملية عسكرية جديدة للقضاء على الإرهاب داخل سوريا. الأيام الأخيرة شهدت تلويحات عديدة حول التدخل العسكري للمحور "تركيا والسعودية وقطر" في سوريا، فمن تركيا إلى قطر والسعودية، الجميع يُلوح قرب تدخل قوات بلاده في دمشق، يتزامن معه حشد دبلوماسي دولي لإرغام روسيا وقف عملياتها العسكرية ضد المدنيين. فالمشهد السوري بات مفتوحا للجميع، حرب أهلية ونظام يترنح واحتلال روسي يقتل ويقصف الأبرياء ويتحرش بدول جوار دمشق، وجماعات مُسلحة لا تعرف سوى الرصاص، ومعارضة تتقدم في بعض المناطق، وسيناريوهات تنذر قرب اندلاع حرب عالمية ثالثة على أرض دمشق بين قوتين قد تكون نهاية العالم. الصراع الإقليمي حول سوريا ربما دخل مراحله الأخيرة بعد تصريحات رئيس الحكومة التركية أحمد داوود أوغلو وإعلانه عملية عسكرية جديدة لمحاربة "الإرهاب" داخل سوريا بمشاركة مع السعودية ودولة أخرى، يتوقع أن تكون قطرأوباكستان والذي يعد بمثابة تصعيد تركي جديد ضد النظام السوري وحليفه الروسي فلاديمير بوتين. تصعيد عسكري التصعيد العسكري التركي يدفع الباب أمام تغير جديد تسعى إليه تركيا وحلفائها "الناتو" في منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأنه جاء عقب اجتماع جمع أوغلو بالأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج في بروكسل. المعارض السياسي السوري عمر الحبال قال إن ستون يوما مرت على بداية التدخل الروسي ضد الثورة السورية ودعما لعصابات الأسد بحجة محاربة داعش التي لم تقترب منها إلا نادرا، ولم تحقق روسيا حتى اليوم أية تقدم كانت تنشده ولا أية تغيير في موازين القوى على الأرض. وأضاف المحلل السياسي السوري في تصريحات ل"مصر العربية"، أنه في نفس الوقت مازالت روسيا تحشد مزيدا من قواتها الجوية والبحرية إضافة للبرية ولم تصل حتى الآن إلى ذروة حشدها المستمر والمتصاعد، وأتى إسقاط الطائرة الروسية سوخوي 24 لتعلن روسيا عن وجود منظمومة صواريخ المضادة للطائرات S 400 الأحدث في ترسانتها العسكرية كما أعلنت اليوم عن وصول طائرتها الاستراتيجية سوخوي 34 إلى الأراضي السورية لتقول إنها في طور الإعلان سيطرتها الكاملة على الأجواء السورية قريبا رغم تلميحها بذلك، إلا أن التحالف الأمريكي يقول أن هناك نوع من الاتفاق على تقاسم الأجواء السورية لكنه تم حظر تركيا التي هي الجزء الأهم من هذا التحالف كما هي الجزء الأهم في ما يحدث في سوريا لوجودها على الحدود السورية بطول يزيد عن 900 كيلو مترا وكونها معنية بما يحدث في سورية بشكل مباشر. مناخ عسكري وتابع: في ظل هذا التصعيد تجد تركيا والسعودية نفسيهما قد دخلتا في دائرة الخطر المتزايد بسبب الغزو الروسي لسوريا الذي لابد من إيجاد مناخ عسكري مقابل لوقف تصاعده ومنعه من الوصول إلى حد يصعب لاحقا منعه من فرض رؤيته على سوريا وثورتها. واستطرد الحبال كلامه، "من هنا نجد طموح متسارع من قبل تركيا والسعودية لإيجاد تحالف قوة عسكرية قوامها من هاتين الدولتين بشكل أساسي والذي لايمكن له أن يخرج إلى حيز التنفيذ دون موافقة ومشاركة حلف الناتو، لكن حلف الناتو يعاني من الموقف الأمريكي اللامبالي كثيرا أو الأشبه بالنأي بالنفس حاليا بما يحدث أو أنه مقصودا، لتوريط روسيا أكثر. وبين أن أمريكا قد تبدأ بإظهار نواياها فقط عندما تصل روسيا إلى الحد الأقصى الممكن لها عسكريا كي تكون هزيمتها ذات وقع كبير أشبه بانهيار يشابه انهيار الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، اذ لم تتدخل أمريكا هناك إلا بعد تعمق التورط السوفييتي هناك بسنوات بادرت بعدها بدعم المقاتلين هناك بأحدث مضادات الطيران إضافة للتدريب وحث دول الخليج على دعم تمويل طالبان وتشكيل القاعدة بشريا وماليا من شباب المملكة العربية السعودية. حلف الناتو ولفت إلى أن اليوم تم الإعلان كما أعلن سابقا أن باكستان تدعم تحالفا عسكريا تركيا سعوديا مع حلف الناتو للتصدي للغزو الروسي ولإسقاط الأسد، ولاشك أن دخول باكستان في حلف من هذا النوع ذو مغزى كبير ليس لكونها دولة علمانية إسلامية فقط، بل كونها دولة نووية ومصنعة للصواريخ والمعدات الحربية المتطورة ليكون رسالة إلى روسية أن تقاعس أمريكا وبعض دول حلف الناتو لن يكون له أثر كبير بوجود باكستان النووية أيضا ضمن هذا التحالف. وفي الوقت ذاته، أشار الحبال إلى أن تركيا كعضو مهم في حلف الناتو يضع حلف الناتو أمام استحقاقات لايمكنه التغاضي عنها حسب بنود نص هذا التحالف التضامني الذي يوجب كل دوله الدفاع عن أي دولة تتعرض حدودها إلى هجوم من دولة أخرى تحاول تركيا أن تثبت أنها معتدى عليها في الوقت الذي تحاول روسيا إظهار نفسها أنها هي من تعرضت للاعتداء لتحييد حلف الناتو عن الصراع التركي الروسي ونجحت إلى حد ما في استقطاب إحدى دول الحلف ( فرنسا بحجة محاربة داعش التي أثمرت جهود من أدار هجمات داعش في باريس وحقق أهدافه ). وتبقى قوى الثورة الصامدة والمتقدمة على الأرض يوميا الرقم الأساسي الصعب في المعادلة وتقترب يوما بعد يوم من إظهار روسيا كدولة فاشلة عسكريا وسياسيا. بدوره قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء عادل سليمان، إن طائرات إف 15 الأمريكية وصلت بالفعل لقاعدة أنجرليك التركية، مضيفا أن تلك القاعدة من أكبر القواعد العسكرية التركية، فهي ضخمة جدا. وأوضح الخبير العسكري في تصريحات سابقة ل"مصر العربية" أن الجانب التركي له مصلحة في سوريا تتلخص في كونه يستقبل على أرضه قرابة ال2 مليون لاجئ، وأيضا حدوده متوترة أمنيا بسبب الكرد وداعش، لذلك تسعى أنقرة لإنهاء الأزمة السورية بأي شكل. وتابع: أنقرة تنسق مع واشنطن والناتو منذ فترة طويلة من أجل إقامة منطقة عازلة محظورة الطيران، لكنها لم تنجح في ذلك بسبب رفض الغرب لهذا الأمر، والآن تسعى لإقرار منطقة آمنة تستوعب اللاجئين السوريين، وبالفعل بدأ الغرب يقتنع بذلك. وأنهى الخبير العسكري كلامه، أن تركيا قد تتدخل عسكريا في إطار حماية أمنها القومي، لكن عن طريق التحالف الدولي الأمريكي. وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن تركيا ستبدأ عملية جديدة مع السعودية ودولة أخرى لمكافحة الإرهاب في سوريا وبدعم إقليمي، وأكد أن حدود تركيا مع سوريا هي حدود حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقال أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج في بروكسل إنّ تركيا ستبدأ عملية جديدة مع السعودية ودولة أخرى لمكافحة الإرهاب في سوريا، لذلك نحتاج إلى قنوات دبلوماسية. وخلال المؤتمر الصحفي أكد ستولتنبرج أن الحلف يقف إلى جانب تركيا، وأن أنقرة لديها الحق في الدفاع عن أمنها وعن أجوائها. سوخوي روسيا وأضاف أن تركيا أطلعت الحلف على كل المعلومات بشأن "انتهاك الطائرة الروسية المجال الجوي التركي، وفي نفس الوقت حصلنا على معلومات من مصادر أخرى" كانت متطابقة مع المعلومات التركية. يذكر أن المحور "تركيا والسعودية وقطر" عمل منذ فترة طويلة على إنهاء الصراع المسلح في سوريا عبر الحلول السياسية، وأبعاد الأسد عن الحكم، عبر عدة اجتماعات في فيينا والتي جاءت على هوى الدب الروسي، واللعب بورقة الانتخابات الرئاسية والتي أعلن عن إقامتها بعد 18 شهرا. لكن ومع قيام روسيا بعمليات عسكرية داخل سوريا ومناصرتها للأسد، ازدادت الأزمة تعقيدا، وبات الدب في مواجهة صريحة مع المحور "تركيا السعودية قطر" ودول جوار سوريا. ومع مرور الأيام واستمرار التصعيد الروسي، تعقدت الأزمة أكثر، بعد التحرش الروسي المستمر بتركيا واختراق طائراته أجواء أنقرة لمرات عديدة، أعقبها إسقاط سلاح الجو التركي للمقاتلة الروسية سوخوي 24، أعقبه تحديات وقطع للعلاقات بين البلدين. ومع استمرار المقاتلات الروسية سوخوي بضرب الحدود التركية السورية في جبل التركمان، بدأت حدة التصعيد التركي تزداد إلى أن وصلت بقرب عملية عسكرية لدول المحور "تركيا والسعودية وقطر" في سوريا. وتدور في سوريا معارك واشتباكات مسلحة وأعمال عنف منذ قرابة الخمس سنوات بين قوات بشار الأسد، والمعارضة السورية، والعديد من المجموعات المسلحة. وأسفرت المواجهات، حتى الآن وفقاً للإحصائيات الصادرة عن الأممالمتحدة، عن سقوط قرابة 300 ألف قتيل، فيما وثقها البعض ب400 ألف قتيل، إضافة إلى نزوح الملايين من السوريين داخل سوريا ولجوء مثلهم خارجها. في حين لاتزال روسيا تقصف مناطق سيطرة المعارضة السورية والأحياء المدنية منذ نهاية سبتمبر الماضي، والتي خلفت بحسب الإحصاءات قرابة ال 4ألآف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال.