عندما خرج رجب إلي الدنيا مساء يوم من أيام عام1966 بمدينة كوم أمبو في أسوان, ارتفعت أيادي أبيه إلي السماء داعيا الله عز وجل بأن يكون ذرية صالحة يحفظ له عرضه وماله وسمعته الطيبة التي اكتسب بها حب الناس. لم يبخل الأب علي طفله الوليد فأقام له عقيقة كما جرت العادة عند أهل الصعيد, واجتمع وقتها المشايخ والكبار ولم يفارقهم الدعاء بأن يكون رجب هو خير خلف لخير سلف. عندما بلغ الولد سن الصبا, أصبح مثالا ونموذجا للالتزام الأخلاقي والديني, حتي فجع بوفاة والده الذي كان يمثل له كل شيء في الحياة فتغيرت أحواله تماما ولم يعد الطفل الوديع الذي كان ينال عطف وحب أهل القرية, فهجر مدرسته وانضم إلي مجموعة من الأطفال الشريرين, فتارة يضرب هذا وأخري ينطلق ليسرق وينهب من المزارع والمحال التجارية. ومع شكاوي أهل القرية المتكررة من تصرفات رجب الذي دخل في مرحلة المراهقة, حاول أعمامه وأخواله أن يقوموه ويعيدوه إلي الطريق الصحيح, فعاد مرة أخري إلي المدرسة منازل وظل أكثر من عام مستقيما وملتزما حتي جاءته البشري الحرام من خلال صديق مجرم هو في الحقيقة ليس بصديق فنصحه بأن يترك دراسته التي لن تقدم أو تأخر معه إذا ما أراد أن يحقق حلمه بالثراء السريع الذي بسببه هرب من قريته ليكتسب لقب شقي. وعندما بلغ رجب أشده وخطت به خطوات العمر إلي مرحلة الأربعينيات مارس كل أنواع الجرائم مابين سرقة ومخدرات وعنف وترويع ليطلق عليه زملاؤه لقب رجب فوق صفيح ساخن, حيث كان مطاردا من رجال الأمن في كل مكان يذهب إليه, وفي كل مرة لا يمكث في مكانه إلا أياما معدودا كان خلالها يحوم كالفراشة ويلدغ بجرائمه كالنحلة لدرجة أن اسمه تردد في معظم تلك الجرائم التي حيرت رجال المباحث سنوات طويلة, حتي وقع خلال الفترة التي تلت ثورة يناير في قضايا متعددة تم ضبطه خلالها ولكن بثغرات القانون وألاعيب المحامين كان يخرج منها كالشعرة من العجين ليخطو خطوة أخري في عالم الجريمة ليصبح مطاردا من جديد. ومع أحلامه التي زادت ونمت, وبعد أن أصبح السجن بالنسبة له زيارة لا تمثل عبئا ثقيلا في ظل وجود من يدافع عنه ويستغل عيوب وخبايا وثغرات القوانين, فكر رجب في تنشيط تجارته في المخدرات مستغلا مجموعة جديدة من رفقاء السوء, حيث اتفق معهم علي صفقة ربما ينهي بها مشواره في هذا العالم الذي لا تنتهي جرائمه, خاصة بعد أن بلغ من العمر52 عاما وأصبح منهك الجسد تنال منه الأمراض الواحد تلو الآخر, وبالفعل تسلم الرفقاء شحنة من البانجو تم توزيعها ولم يتبق معه سوي كمية قليلة لا ترقي لطموحه, وكان غريبا أن تكون هذه الكمية البسيطة هي المصيدة التي نصبها له رجال مباحث مركز كوم أمبو لاصطياده. وبعد أن استوفي رجال المباحث كل التحريات والمعلومات التي تؤكد وجود رجب في احدي القري متخفيا نهارا داخل الزراعات التي يحتمي بها ويخرج منها كالخفاش ليلا, وضع العميد محمود عوض مدير المباحث الجنائية هذه المعلومات أمام اللواء فتح الله حسني مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن الذي وجه علي الفور بتنفيذ خطة ضبطه التي قادها المقدم أحمد مهران رئيس مباحث مركز كوم أمبو الذي تحرك إلي هناك بناء علي إشارة متفق عليها مع رجال الشرطة السريين, وعلي مسافة قليلة من الكمين المنصوب خرج رجب مطمئنا ليجد نفسه في قبضة الحملة التي ضبطته وبحوزته ما تبقي معه من صفقة البانجو و بندقية آلية, حيث تم مواجهته بأنه مطلوب علي ذمة17 قضية متنوعة, ليمثل أمام النيابة العامة التي قررت حبسه علي الفور.